الفقر والثراء: الهند في مقابل هونج كونج
تتحكم حكومة الهند في كل شيءٍ تقريبًا؛ لذا فالتقدم محدود للغاية. بينما في هونج كونج، لا تتدخل الحكومة كثيرًا … وبفضل ذلك تَضاعف مستوى المعيشة.
من هند بائسة …
أما الهند، فهي قصة مختلفة كليًّا، فلا يزال سكانها البالغ عددهم مليار نسمةٍ فقراءَ نسبيًّا. غير أن الهند، على عكس هونج كونج، تمتلك موارد طبيعية قيِّمة، من ضمنها الغابات، والأسماك، والنفط، والحديد الخام، والفحم، والمنتجات الزراعية، من بين موادَّ أخرى. وقد حققت الاكتفاء الذاتي من الغذاء منذ استقلالها في عام ١٩٤٧، ولكن ظل الفقر الشديد سائدًا.
في الواقع، خلال العقد الذي أعقب الاستقلال، تأثَّر نهرو وزعماء هنديون آخرون تأثرًا شديدًا بهارولد لاسكي بمدرسة لندن للعلوم الاقتصادية وزميله فابيانز، اللذين أيدا التخطيط المركزي على النهج السوفييتي؛ فتبنَّت الهند خططًا خمسية، وقامت بتأميم الصناعات الثقيلة، وفرضت قوانين إحلال الإنتاج محل الاستيراد. والأسوأ من ذلك ما قامت به من الإبقاء على تقليد الخدمة المدنية البريطانية من فرض ضوابطَ وقيودٍ على تداول النقد الأجنبي واشتراط الحصول على تراخيص لبدء المشروعات الخاصة.
… إلى هند جديدة
غير أن هناك أملًا يلوح في الأفق؛ ففي عام ١٩٩١، وعلى أثر مواجهة فوائد تأخير على الدَّين الخارجي، طوت الهند أربعة عقودٍ من العزلة الاقتصادية والتخطيط الاقتصادي، وقامت بتحرير رواد الأعمال؛ فقامت ببيع العديد من شركاتها الحكومية، وخفض التعريفات الجمركية والضرائب، والقضاء على معظم ضوابط الأسعار وتداول العملة؛ ونتيجةً لذلك، أصبحت الهند واحدًا من أسرع الاقتصادات نموًّا في العالم منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، بمعدل نموٍّ بلغ نحو ١٠ بالمائة سنويًّا. والأهم من ذلك أنه بينما ازداد الأثرياء ثراءً، انخفضت معدلات الفقر بشكلٍ حادٍّ في الهند.