الاضطهادات الكبرى
الإمبراطور داقيوس والنصارى (٢٤٩–٢٥١)
وبوصول داقيوس إلى منصة الحكم دخلت الكنيسة في دور جديد من حيث علاقاتها بالدولة الرومانية، فداقيوس اقتدى بتريانوس وحمل اسمه، فأحب أن يعود برومة إلى ما كانت عليه في أيام عزها، واستمسك بدين الآباء والأجداد، فأعلنا حربًا لا هوادة فيها على مَن آمَن بيسوع إكليروسًا وشعبًا، وقد مرَّ بنا أن الأباطرة السابقين اعتبروا الدين المسيحي دينًا غير شرعي، واكتفوا أولًا بالنظر في الحوادث لدى ظهورها، ثم منعوا التبشير واتخذوا بعض الإجراءات ضد مَن اشتهر في اجتذاب الناس إلى الكنيسة؛ أما داقيوس فإنه جعل السلطة المركزية في الدولة تأخذ قمع النصرانية على عاتقها، فتتخذ إجراءات معينة للتفتيش عن النصارى ومجازاتهم في جميع أطراف الدولة.
مرسوم التحريم (٢٥٠)
تنفيذ التحريم
وأُلِّفت اللجان وبدأت أعمالها في منتصف السنة ٢٥٠، فطلبت إلى جميع المواطنين أن يتقدموا من الآلهة بالسجود والإكرام؛ فامتنع معظم المسيحيين فحل بهم العقاب، وارتد بعضهم ثم عادوا فاهتدوا، ودام العذاب سنة كاملة.
استشهاد بابولا أسقف أنطاكية
عذاب ألكسندروس أسقف أوروشليم
دور أوريجانس العظيم
القديس خريستوفوروس
وجاءَ في التقليد في سير القديسين أن خريستوفوروس الذي كان قد تقبَّل النعمة على يد بابولا أسقف أنطاكية، ونال شهرة واسعة في التدين والورع والتقوى، لقي حتفه في عهد داقيوس في إقليم ليقية في جنوبي آسية الصغرى، فجُلِد بقضبان من حديدٍ حتى تناثَرَ لحمه واستحم بدمه، ثم طُرِح في لهيب النيران، ولما نجا منها عُرِّضَ لسهام الجنود فلم يَمُتْ، فجزَّ رأسه جزًّا.
غالاكتيون وزوجته
وفي حمص أُلقِي القبض على غالاكتيون وزوجته أبستيمي، فجُلِدَا ثم قُطعت أيديهما وأرجلهما، ولكنهما لم ينكرا يسوع فقُطِّعت هامتاهما ففازَا بإكليل الشهادة.
الإمبراطور غالوس والطاعون (٢٥١–٢٥٣)
الإمبراطور فاليريانوس (٢٥٣–٢٦٠)
فاليريانوس والنصارى (٢٥٧–٢٦٠)
وجاء في التقليد أن الحاكم الروماني في أنطاكية قبض في السنة ٢٥٨ على الكاهن الأنطاكي سبيريكيوس، وأمره أن يقدِّم الذبائح للآلهة، فرفض بجرأة ودافع دفاعًا مجيدًا عن النصرانية، فصدر أمر الحاكم بضرب عنقه، وفيما هو ذاهب ليلقى حتفه اعترض سبيله صديق قديم اسمه نيقيفوروس، وطلب إليه أن يصفح عن الماضي ويغفر له، غير أن الكاهن لم يكترث فرافقه نيقيفوروس إلى موضع النطع، وكرَّرَ رجاءَه قائلًا: «يا شهيد المسيح سامحني؛ لأني أخطأت إليك.» ولكن سبيريكيوس لم يصفح، فركع نيقيفوروس على قدمي الكاهن، والدمع يبلل وجهه وأعاد الكرة، ولكن سبيريكيس لم يفه بكلمة واحدة، ثم أُمِرَ سبيريكيوس أن يركع لينفذ فيه الحكم، فاستولى عليه الخوف وجحد النعمة، وقال إنه مستعِدٌّ لتقديم الذبائح للآلهة، وعندئذٍ صاح نيقيفوروس بالجلادين قائلًا: «أنا مسيحي وإني أؤمن بالسيد المسيح الذي أنكره هذا، فاقتلوني بدلًا منه.» فمات شهيدًا!