عصر البطالسة
إن المعلومات التي نقلها إلينا المؤرخون عن الإيرادات في هذا العصر، وإن كانت قليلة، إلا أنها أحكم وأضبط من معلومات العصر السابق.
ولما كان الفرق بين هاتين القيمتين ضئيلًا فيستصوب التعويل على متوسطهما الذي هو ٩٩٠٠٠ج.م فيكون مجموع الدخل في عهد ذلك الملك ٣٢٩٥٨٠٠ج.م.
ونقل ديودور عن كَتَبَة السجلات الديوانية في ذلك العهد أن الإيرادات بلغت في عهد هذا الملك أكثر من ٦٠٠٠ تالان (١٢٩٦٠٠٠ج.م).
فيعلم مما تقدَّم أن سيسرون نظرًا لمركز موكله لا بد أن يكون قد حصل على معلومات أوفى من التي نقلها ديودور، لا سيما إذا راعينا أن هذا الأخير لم يمدنا بمعلوماته إلا عندما أتى على وصف مدينة الإسكندرية.
ويلوح لنا علاوة على ما ذكر أن دخل هذين الملكين اللاجيديين كان ضئيلًا جدًّا بالقياس إلى ما كانت تجبيه العرب في عصرهم (كما سيتضح ذلك فيما بعدُ)، كما أن عصر هؤلاء كان بلا جدال أقل يسارًا من عصر البطالسة.
إن أملاك الحكومة وأراضي الملك كانت متسعة الأرجاء، لا تكاد تخلو منها ناحية من نواحي القُطْر كله. ا.ﻫ.
كانت أرض الملك يُسخَّر في فلاحتها أناس مخصوصون، وتُوزَّع فيما بينهم حسب منطوق الأمر الملكي، كلٌّ بحسب قدرته وقوته. ا.ﻫ.
إن المزارعين كانوا يستأجرون الأراضي الخصبة التي في حوزة الملوك والكهنة والجند بقيم مرتفعة، ويقضون جل حياتهم في فلاحتها. ا.ﻫ.
كان كل شيء في القطر المصري في الزمن القديم من رجال ومتاع ملكًا للملك، وكان سائر رعيته عبيدًا له، وكذلك كانت الأرض والتجارة والصناعة من ممتلكاته، فلا الزمن ولا الثورات ولا الفتوحات أمكنها أن تنتزع شيئًا من هذه الحقوق.
أما ملوك اليونان فكانوا يحتفظون بهذه الحقوق أيضًا، ويضعون أيديهم على جميع ما يرون منه فائدة لهم ويزيد في ثرائهم، وبهذه الكيفية كانوا يحتكرون مادتين عظيمتين هما الأرض والصناعة.
وعلى هذا كان في حوزة الملك خاصة ما يقرب من نصف المملكة، كما كان في حوزته وحده دون سواه جميع التجارة والصناعة تقريبًا، فالزيت والجعة (البيرة) والملح ومعظم الأشياء الهامة التي كانت تُستهلك في القطر، وبالأخص القمح والنبيذ والعسل والثياب الثمينة الفاخرة التي كانت تُصدَّر إلى الخارج بكميات وافرة، كل هذه أصناف كان يحتكرها الملك، ويكوِّن إيرادُ هذه المحتكرات الهامة (أي احتكار الأراضي والصناعات … إلخ) دخل التاج، وأما الضرائب فيتكوَّن منها دخل المملكة. ا.ﻫ.
فنستنتج مما تقدَّم أن البطالسة كانوا يمتلكون أراضي شاسعة منبثة في جميع أرجاء القطر، وهي من الأراضي الخصبة، ولما كانت تلك الأراضي معفاة من الضرائب انحطت بالطبع إيرادات الدولة، وعلى النقيض نمت موارد الملك الخاصة ورَبَتْ.
ويتلخص ما ذكر في أن الإيرادات التي ذكرها المؤرخون محصورة في الموارد العمومية، وأنه كان يوجد بجانب هذه الإيرادات دخل الملك الخاص، وأنه لا بد أن يكون هذا الدخل جسيمًا.
-
بطليموس فيلادلف (سنة ٢٤٧ق.م).
١٤٨٠٠ تالان و١٥٠٠٠٠٠ إرتب قمح، وقيمة ذلك بالجنيهات المصرية ٣٢٩٥٨٠٠.
-
بطليموس أوليت (سنة ٥٢ق.م).
١٢٥٠٠ تالان، وهي تساوي بالجنيهات المصرية ٢٧٠٠٠٠٠.