عصر الرومان
لما فتح الرومان ديار مصر أخذوا يبذلون غاية جهدهم لإنتاج أكبر محصول منها، وهذا كان ديدنهم في جميع البلاد التي دانت لسلطانهم؛ ولذلك رأينا أغسطس واضعًا نصب عينيه من غداة يوم الفتح الاشتغال بالأشياء التي تدرُّ على البلد الخير والثراء، فالترع التي كان أهملها البطالسة أخذ في إعادة حفرها بأيدي جنوده الظافرين.
وبما أن أفخر السلع وأنفسها كانت تَرِد في الواقع من إقليمي التروجلودتيك إلى مصر أولًا، ثم تُصدَّر منها إلى سائر أنحاء العالم، فكانت هذه تحصل منها رسومًا مزدوجة؛ أيْ رسم الوارد ورسم الصادر، وكلما كانت تلك البضائع غالية الثمن زادت بحكم الطبيعة رسومها، هذا بصرف النظر عن الفوائد التي تلازم كل احتكار؛ وذلك لأن الإسكندرية كانت المستودع الوحيد لهذه البضائع، وأنها وحدها التي كان في استطاعتها تموين البلاد الأخرى. ا.ﻫ.
ومما يؤسف له جد الأسف أن كلام استرابون هذا لم يُقرَن بالأرقام، الأمر الذي كان يهمنا كثيرًا الوقوف عليه، وفضلًا عن هذا فإن إيرادات الجمارك التي ذكرها استرابون كانت توجد بجانبها إيرادات أخرى، مثل: الخراج والجزية وغيرهما من الإيرادات التي لا تخفى أهميتها، ولا نعلم مع الأسف قيمتها إلى الآن.