عصر البيزانطيين
لا يوجد لدينا أي دليل نسترشد به بطريقة عامة في معرفة الخراج أو المساحة التي كان مربوطًا عليها في هذا العهد، فيكفينا أن نقنع ببعض معلومات جزئية في هذا الشأن.
ونتج من قاعدة تقسيم ضريبة الخراج إلى فئات متفاوتة حسب خصب التربة أن صار في حيِّز الإمكان تخفيض خراج قرية كذا أو كذا من قرى الولاية، سواء أكان ذلك بصفة نهائية أو استثنائية أم بسبب رداءة المحصول، وكان متى تَمَّ تقدير الخراج على كل قسم من أقسام الولاية لا يبقى لأجل تعيين الخراج الذي يُفرَض على كل قرية إلا تقدير مساحة أراضيها.
عندما يترك ذوو الأطيان أرضًا عديمة الإنتاج ليضعوا خراجها على كاهل أهل القرية كانوا يفقدون بعملهم هذا حقوقهم في جميع ممتلكاتهم بها، وبما أن السكان الآخرين الباقين في تلك القرية كانوا مُلزَمين بدفع خراج الأرض المتروكة، كانت الحكومة تعوِّض هؤلاء بعض التعويض بمنحهم الأراضي الخصبة التي أُلزِم ملاكها بالتنازل عنها. ا.ﻫ.
ويُستخلَص مما سبق إيضاحه أن ضريبة الخراج كانت تُجبَى كما كان الحال في كل الأزمان نقدًا وعينًا.
أما بلدة أفروديتو (كوم أشقاو من قرى مديرية جرجا مركز طهطا) التي يتظلم سكانها من ربط قيراطين (٨ قروش) على كل أرور (١٥ قيراطًا و١٨ سهمًا) من أرض الزراعة (أيْ بواقع ١٥ قرشًا عن الفدان الواحد تقريبًا)، فكان معدن ترتبتها كما يُفهَم من هذه الشكوى أدنى من المتوسط العام لأطيان القُطْر.
وأما ناحية أنطايوبوليس (قاو الكبيرة من قرى جرجا مركز طهطا) فكانت الضريبة العينية على كل أرور من أراضيها الزراعية إرتبًّا وربع إرتب من القمح (٣ كيلات تقريبًا)، أيْ بواقع خمس كيلات عن الفدان الواحد بوجه التقريب، فإذا فرضنا أن ثمن الإردب ٣٥ قرشًا كان خراج الفدان الواحد أيضًا ١٥ قرشًا.
ويظهر أن أراضي هاتين الناحيتين الواقعة كلتاهما على تخوم الأخرى لم تكن معدودة من الأراضي التي بلغت من الجودة مبلغًا كبيرًا، كما يتبيَّن ذلك من تظلُّم أهالي الناحية الأولى، بل كانت أحط من المتوسط العام، وإنْ كانت تُعَدُّ في أيامنا هذه من الأطيان الجيدة.
وعلى ذلك نرى أن متوسط جباية الخراج عن الفدان الواحد في ذلك الوقت كان نحو الثلاثين قرشًا، وبضرب هذا المتوسط في ٦٠٠٠٠٠٠ فدان مساحة الأراضي المزروعة، يكون الناتج ١٨٠٠٠٠٠ج.م وهو جملة الخراج في هذا العهد.