حكايات حارتنا

مؤسسة هنداوي مؤسسة هنداوي

الحكاية رقم «٢٩»

علي البنَّان صاحب محل البُنِّ في حارتنا صديق، يموت أبوه فيحل مكانه وهو في طور المراهقة.

وذات يوم يسألني وأنا أجالسه في المحل: هل تعرف أنيسة بنت أمينة الفرَّانة؟

فأجيبه ورائحة البُنِّ الصارمة تسيطر على حواسي: أعرفها طبعًا، حارتنا كلها تعرفها!

– ما رأيك فيها؟

– بنت فائقة الجمال وهي تشارك أمها في العمل.

– ماذا تعرف عن أخلاقها؟

فأضحك قائلًا: ما أكثر ما يُقال!

– ولكنني متأكد من الكثير!

ويُحكِم العمامة فوق رأسه، ويقول: أعرف أنها سقطت أول ما سقطت مع حمدان صبي الفرَّان.

أهز رأسي موافقًا، فيمضي هو قائلًا بنبرة اعترافية ثقيلة: ضُبِطَت أيضًا مع الحنفي صبي محل الطرشي تحت القبو.

– إنك تتكلم بلهجة حزينة أكثر من الضروري!

– وقيل كلام أيضًا عن علاقتها بخفير الدرك!

فأسأله ضاحكًا: هل تنوي كتابة سيرة لها؟

– وأيضًا مع حسنين السقَّاء!

فأغرق في الضحك وأقول: إنه لسلوك يستحق التأمُّل.

– ولعلَّ ما خفي كان أعظم.

– مَن يدري فلعلها ليست الوحيدة في حارتنا!

فيتنهَّد قائلًا: ولكنها الوحيدة التي أحبها!

فأخرجُ دفعةً واحدة من جو المرح وأسأله: أتريد أن تنضم إلى طابور العشاق؟

فينظر إليَّ طويلًا ثم يقول: كلَّا، لقد قررتُ أن أتزوجها!

– لا أصدِّق!!

فيقول بجدٍّ وتجهم: إنه قرار اتُّخِذ بعد عذاب طويل، ولا رجعة فيه، ولا يهمني ما يُقال!

وينفِّذ علي البنَّان قراره.