من النص إلى الواقع: محاولة لإعادة بناء علم أصول الفقه (الجزء الثاني): بنية النص

مؤسسة هنداوي مؤسسة هنداوي

المقدمات النظرية

أولًا: من تكوين النص إلى بنية النص

قد لا يحتاج هذا الجزء الثاني (بنية النص)، إلى مقدمةٍ نظرية أخرى للكتاب كله، والتي جاءت في الجزء الأول (تكوين النص)، ومع ذلك تحتوي هذه المقدمات النظرية على كيفية العمل والتدوين، أكثر منها نظرية عامة عن المنهج والموضوع.

(١) الشكل والمضمون

جاء الجزء الأول (تكوين النص) أقرب إلى الشكل منه إلى المضمون؛ لمعرفة كيفية تكوين النص باعتباره شكلًا، أما هذا الجزء الثاني (بنية النص)، فهو أقرب إلى المضمون منه إلى الشكل؛ لمعرفة بنية النص خارج الشكل وخارج اللغة، إلى بنية الشعور في علاقته بالعالم، فالشعور شعور بشيء، والوجود وجود في العالم.

وقد كُتب الجزءان في عامين نظرًا لحضوره في الذهن منذ حوالي نصف قرن، كما أن حدسه الرئيسي ما زال في الذهن، وهموم قِصر العمر ما زالت مستمرة.

(٢) النص تجربة شعورية

والنص الأصولي ليس نصًّا صوريًّا خالصًا، بل إنه يُعبر عن تجربةٍ شعورية حية عند صاحبه، ينشغل به في مقتبل العمر أو في آخره كنوعٍ من المران، ويتم التصنيف فيه وفي غيره من العلوم، مثل علوم التصوف في مرحلةٍ أخرى من العمر.١
وتظهر التحليلات الشعورية عند القدماء في الأسلوب، التعبير بالأسلوب الشخصي بضمير المتكلم الفرد.٢

والزمن الأصولي تجربة معيشية عند الأصولي الحديث عندما يعيش النص، ويعرف مدى دلالته للعصر، فالنص تجربةٌ مشتركة بين الأصولي الأول القديم، والأصولي الثاني الحديث الذي يقوم بالقراءة، وهو المؤلف، لصالح قارئٍ ثان يئنُّ من الفقه القديم الذي تضيع فيه مصالحه، وتتعقد فيه أزماته. وإذا كان القدماء قد اتبعوا طريقتين في تدوين علم الأصول، طريقة المتكلمين وطريقة الفقهاء، فإن بنية النص تتبع طريقة المحدثين؛ تحليل النص باعتباره تجربةً شعورية.

وليس تحليل الشعور من آثار الوافد الخارجي، بل هو استمرار للموروث الداخلي في تحليل الكلام النفسي، وزمان الفعل، وشعور الراوي لضبط خبر الآحاد، ومراحل نقل الرواية، السمع والحفظ والأداء، والتجربة المشتركة، وهي تجربةٌ شعورية عامة. والشعر تجربة شعورية مثل الفعل وموضوع علم الأصول،٣ ويبدو هذا التحليل النفسي صراحةً في بعض المتون القديمة؛ من أجل تأسيس علم أصول الفقه على تحليل النفس الإنسانية وقواها النظرية والعلمية.٤ العدل يزين لها الإنصاف ويحبِّب إليها موافقة الحق، وفَهْم يلوح الحق من خلاله والتمييز، وهي أوائل المنطق، وقوة العقل التي تعين النفس على نصر العدل.
ليس التحليل الشعوري للخطاب إذن تطبيقًا لمنهجٍ خارجي، عادةً ما يُوصف باسم المنهج «الظاهرياتي» وسعيًا إلى تطبيقه، بل هو ما يعرِّفه القدماء باسم الكلام النفسي، ليس فقط في قضية خلق القرآن كحل لقضية القِدم والحدوث، والتوسط بينهما، المعنى القديم واللفظ حادث، بل في كل تحليلات الخطاب في كل العلوم النقلية والعقلية، والنقلية الخالصة، والعقلية الخالصة. المنهج الظاهرياتي الوافد من الخارج جزء من علم الاستغراب، أي تحليل التراث الغربي داخل إطاره التاريخي.٥ وتتقارب الحضارات في المناهج والموضوعات، والحضارة الأقوى على الانتشار تصبح الحضارة المبدعة، وغيرها من الحضارات السابقة عليها خاوية من أي إبداع، وغيرها من الحضارات التالية متأثرة بها، وامتدادات حضارية لها خارجها عند غيرها.٦

(٣) النص الأول

وقد تمت قراءة «المستصفى» أولًا، فهو النص التكويني الأول. يتسم بالدقة والحجة والوضوح والبنية المحكمة. وبعد ذلك تتوالى المصادر زمانيًّا من «الرسالة» حتى «الموافقات»، النص التكويني الثاني حتى لا تطغى البنية على التاريخ، ولا التاريخ على البنية، وتتوالد النصوص فيما بنيهما على طريقة الجمع. «المستصفى» جامع بين «التقريب والإرشاد» للباقلاني و«البرهان» للجويني، و«المحصول» للرازي جامع بين «البرهان» و«المستصفى» و«العمد» للقاضي عبد الجبار وشرحه «المعتمد» لأبي الحسين البصري. وجمع «الإحكام في أصول الأحكام» نفس المتون الأربعة.٧

وتأتي أولوية «المستصفى» لأنه يمثل التراكم الأصولي حتى القرن الخامس، ومن أجل بيان تطابق النص مع العقل، وهو آخر ما دوَّن الغزالي، والنص الأصولي الوحيد الذي لخصه ابن رشد في «الضروري في أصول الفقه»، وميزته الهدوء العقلي والاعتدال، بعد أن وصل صاحبه إلى الكشف والإلهام، كما دونه في «إحياء علوم الدين»، والذي يشير إليه. ربما جمع فيه بين علوم العقل وعلوم الذوق لكثرة التحليلات النفسية؛ إذ يقوم على تحليل العقل والنقل الخالص دون إحالة إلى مصادره، وربما تم الاعتماد فيه على الذاكرة الخالصة التي قوَّتها علوم الذوق عن طريق الاستبطان.

ثم تأتي أولوية «الموافقات» الذي يدل على التراكم الأصولي حتى القرن الثامن، ويقوم على اتفاق النص مع المصلحة، وبالتالي يتم التوحيد بين النص والعقل والمصلحة، أي بين الوحي والعقل والطبيعة، وهو الحدس الرئيسي للحضارة الإسلامية. «المستصفى» و«الموافقات» هما النصان الرئيسيان التكوينيان قبل هذا النص الأصولي الثالث من النص إلى الواقع.٨
كانت تلك سُنة القدماء، فقد يعجب المؤلف أو غيره بنصه، ويجعله النص الأوحد والأكمل، ويقرض في محاسنه الشعر.٩
في «بنية النص» تم التعامل مع النصوص وحدها دون الشروح والملخصات؛ لأنه يتعامل مع أفكارٍ ونصوص أولى، وليس مع تفاصيل نصوص ثانية. يؤول النص الأصلي دون النص الفرعي، فالشروح والملخصات والحواشي والتقارير موضوع دراسة وليست دراسة لموضوع.١٠ ويُتعامل فيها مع النص على مستوى اللغة والمعنى والشيء، في حين أن «بنية النص» يُتعامل فيها مع الشيء وحده، ويعاد فيها إلى الأشياء ذاتها قدر الإمكان بالرغم من صعوبة الغطاء اللغوي.

(٤) الأصل الأول

وكثرة الأدلة والحجج والشبهات، والتقسيمات والمقدمات والبيانات والأقسام، والخطب والأقطاب والدعامات والفنون، والامتحانات والفصول والأصول والأبواب والمسائل عند القدماء؛ تقضي على وحدة الموضوع ورؤيته رؤية مباشرة عند المحدثين، ويمكن ضمها إلى الموضوع ذاته بحيث تبدو جوانبَ له أو وجهات نظر فيه.

في «بنية الأصل» لا تهمُّ الخلافات والفروع التي لا حدود لها، بل الإبقاء على الأصل حتى يمكن اكتشاف التجربة الحية المطابقة له. وعلم أصول الفقه هو في النهاية علم الأصول وليس علم الفروع. والأصل ما يتفق عليه الناس، وليس ما يختلفون عليه،١١ وخصص القسم التاسع للأصول. وقد كتب الدبوسي «تأسيس النظر» لرصد الخلاف بين أبي حنيفة وصاحبَيه أبي يوسف ومحمد، ثم مع زُفر ومالك وأبي ليلى والشافعي، في حين خصص «تقويم الأدلة» لبنية العلم ذاته.١٢

وتم إسقاط أسماء الأعلام بمنهج تحليل المضمون، لكل متنٍ وشرح حاشيةٌ وتقرير، بعد أن أُسهب في ذكرها في «تكوين النص»؛ من أجل الإبقاء على النص المستقل، أي الأصل، ثم الكشف عن بنيته في الشعور، باستثناء الفرقتين الكلاميتين المعتزلة والأشاعرة، والمذاهب الفقهية الأربعة لمواقفها المتعددة في الأصول، وإعادة الاختيار بينها طبقًا لتحديات العصر دون الالتزام بأحدٍ منها.

ظل القدماء في النصوص، والمطلوب التحول من النص إلى الواقع، ومن الصياغة إلى المصالح العامة؛ لذلك لم تتكاثر الأدلة النقلية، ولم توضع إلا في الهوامش؛ لأن صدق الدليل النقلي في تحليل التجربة البشرية. وضعت في الهوامش حتى لا ينكسر الخطاب العقلي الذي يحتوي على براهينه في ذاته.

(٥) دلالات النصوص

والنصوص القديمة على نوعين من حيث دلالاتها. النصوص الدالة، وهي التي تثير في النفس المعاني، وتبعث على الحوار، وتستدعي تغيير المنظور طبقًا لظروف النص. ونصوص أخرى استدلالية صورية لا تجارب فيها ولا مواقف ولا حدوس. الأولى هي التي يتم التوقف عندها للتفاعل معها، والثانية هي التي لا تثير في النفس أي دلالات، وتبقى نموذجًا للاستدلال النظري القديم، عندما انعزل النص عن الواقع، وأصبح فارغًا من غير مضمون.

والنصوص الدالة على نوعين: نصوص تثير في النفس مواقف سلبية، تدعو إلى الرفض والتفنيد، ويُشار إلى أصحابها في الهوامش دون ذكرها نصًّا، حتى لا تمتلئ الهوامش بنصوصٍ سلبية، وإن كانت مفيدة للقراء لإثارة غضبهم، ودفعهم إلى مراجعة المواقف القديمة.١٣ ونصوصٌ أخرى تثير في النفس مواقف إيجابية، وتتفق مع تحليلات المؤلف، وهي التي يمكن ذكر بعضها لتدعيم التحليلات الجديدة، وبيان أنها مواقفُ قديمة طواها النسيان.

والنصوص المقتبسة في الهوامش ثلاثة أنواع:

  • الأول: النصوص التي في حاجةٍ إلى إعادة نظر وتأويل، وقلبها من جنبٍ إلى جنب، والتي تمنع العلم من التطوير، وهي النصوص التي قد تثير في الوجدان المعاصر بعض الرفض أو التساؤل أو الاستدراك، وهي النصوص الأكثر.
  • والثاني: النصوص المؤيدة للتحليلات الجديدة، لتدل على أن الجديد له أيضًا جذوره في القديم، وأن «من النص إلى الواقع» ليس بدعًا بين القدماء، بل له جذوره لديهم، إنما طواه النسيان وسط النص الغالب، الأشعري الشافعي؛ كما اتضح في تحليل الوعي التاريخي من خلال «الشروح والملخصات»، عندما ثبتت البنية، بالرغم من محاولة أصول الفقه الشيعي تحريكها، وهي النصوص الأقل.
  • والثالث: النصوص المحايدة التي تبين قسمة العلم وموضوعاته ومناهجه، وهو ما يمكن التواصل معه دون تغيير كبير فيه، سلبًا أم إيجابًا، وهي النصوص الأندر.

(٦) المصطلح الأصولي والمادة الفقهية

ومعظم مصطلحات علم الأصول مصطلحات شرعية، ولكنها تتميز بقدرٍ كبير من العقلانية والعموم، فالمصادر الأربعة (الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس) ألفاظٌ شرعية، ومباحث الألفاظ، مثل الأمر والنهي أيضًا، ألفاظٌ شرعية، وأحكام التكليف الخمسة، وأحكام الوضع الخمسة أيضًا، ألفاظٌ شرعية، فلا تحتاج إلى تبديل بألفاظ جديدة كما اقتُضي ذلك في علم أصول الدين في «التبديل اللغوي».١٤ وبعض المصطلحات القديمة يمكن إعادة قراءتها من منظورٍ حديث، مثل النفس والذات، بتغيير مستواها من الطبيعي إلى الإنساني.١٥

وما زالت أمثلة الفقه التقليدية الخاصة بالعبادات واردةً في علم الأصول، في حين تغير العصر من العبادات إلى المعاملات، بل إن المعاملات نفسها قديمةٌ خاصة بالعبودية والغنيمة، أو موضوعات لا دلالة لها، مثل مس الذكر هل ينقض الوضوء، والنكاح والزواج والقتل والدية، وبيع أمهات الأولاد أو الجارية المشتراة إذا وطِئها المشتري، ثم وجد بها عاهةً هل يردُّها للبائع؟

وبدلًا من الفقه القديم يذكر الفقه الجديد من احتلال للأرض، وقهر للمواطن، وفقر وحرمان؛ نظرًا للتفاوت الشديد بين الأغنياء والفقراء، ووحدة الأمة ضد مخاطر التجزئة، والتنمية المستقلة من التبعية والانخراط في النظام الدولي، واقتصاديات السوق التي عُرفت أخيرًا باسم العولمة، والتأكيد على الهوية من الاغتراب وإنكار الذات والتبعية للآخر، وحشد الجماهير ضد تغييبها باللامبالاة والفتور، أو العجز واليأس والقنوط.١٦
وأحيانًا يطغى علم أصول الدين على علم أصول الفقه، وتدخل الإلهيات في تأسيس العلم السلوكي، فتضرب الأمثلة بالإلهيات دائمًا، ففي تحديد اللفظ يُضرب المثل باللفظ في كتاب الله، فتزداد الأمور صعوبة، فالأمور المتعالية (الإلهية) مثل الأمور المتدانية (المادية) بين قوسين. كما يدخل العلم الإلهي في العلم الإنساني عن طريق الأسباب، وخلق العلم النظري في القلب عن طريق العادة والتعاقب أو التزامن بين الأحداث. والحديث عن الحضرة الإلهية التي تنعكس في مرآة النفس، أقرب إلى تشبيهات الصوفية منها إلى التحليل العلمي، الذي يقوم على البرهان العقلي.١٧ والمادة اليوم من العلوم الاجتماعية أصول المجتمعات، الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية.

ثانيًا: المقدمات الأصولية القديمة

(١) موضوع المقدمات

لكل كتاب أصولي مقدمة نظرية قبل الدخول فيه، وتأسيس أصوله ووضع قواعده، وكما هو الحال في المقدمات النظرية لعلم أصول الدين. وبعض المتون على وعي بأهمية المقدمات النظرية،١٨ وتشتمل المقدمات:
  • (أ)

    بين الإيمانيات الخالصة التي تضع المطلوب إثباتُه في البداية، وتجعل النتائج هي المقدمات.

  • (ب)

    ظروف التأليف والدافع عليه والسائل عنه، والغرض منه، والمنهج المختار، والمصادر التي اعتمد عليها التأليف، والأسلوب، ثم الأبواب والفصول، وظهور الوعي الثلاثي، ركيزة العلم.

  • (جـ)

    تحديد العلم؛ موضوعه وغايته ومنهجه ومصطلحاته، ومرتبته في منظومة العلوم، وفضله.

  • (د)

    وضع علم أصول الفقه داخل منظومة العلوم الإسلامية كلها، العقلية أو النقلية والعقلية النقلية.

  • (هـ)

    مضادات العلم مثل الاعتقاد والجهل، والشك والظن، والوهم والسهو، والإلهام والتقليد والخبر.

  • (و)

    نظرية العلم، حدُّه، قسمته إلى ضروري وكسبي، والضرورة الحسية والعقلية، والنظر وصحته.

  • (ز)

    الدلالة وأنواع الأدلة وطرق الاستدلال.

  • (ﺣ)

    تحليل اللغة باعتبارها مادة مباحث الألفاظ مع نشأة اللغة، والمعاني الثلاثة للَّفظ، والكلام والأصوات والمعاني، ومعاني الحروف.

  • (ط)

    تأسيس نظرية العلم في الاستدلال والنظر؛ كما هو الحال في علم أصول الدين.

  • (ي)

    التحول من اللغة إلى المنطق، باعتبار أن علم أصول الفقه هو منطق الاستدلال على الأحكام الشرعية من أدلتها اليقينية، فالمنطق هنا جزء من نظرية العلم وليس منطقًا مستقلًّا بذاته من حيث هو علم، والصلة بين اللغة والنحو والتصورات، واللفظ والمعنى (الحدود)، والقضايا والبرهان.

  • (ك)

    المادة الأصولية القديمة واعتمادها على علم أصول الدين وعلوم الحكمة وعلم التصوف وبعض العلوم النقلية؛ القرآن والحديث والتفسير والسيرة والفقه.

  • (ل)

    التحول إلى النزعة العملية للعلم، والبداية بالمصالح العامة وبالعلوم الإنسانية وبالواقع المعاصر في الدورة الثانية للحضارة الإسلامية.

وقد يكون للمتن الواحد أكثرُ من مقدمتين، البسملات والحمدلات، وطبقات الناس، وقسمة العلوم، ونظرية العلم، وأنواع الأدلة.١٩
لم تظهر المقدمات النظرية في الرسالة للشافعي؛ لأن «الرسالة» نفسها مقدمة نظرية لهذا العلم الجديد، قبل أن يُسمى علم أصول الفقه. تبدأ الرسالة بالجزء الأول مباشرة دون مقدمة نظرية سابقة عليها، فكلما زاد الاتجاه نحو العلم قلَّ الإيغالُ في الإيمان.٢٠
ومع ذلك يمكن اعتبار مقدمة الجزء الأول عن «البيان» مقدماتٍ نظريةً «للرسالة» كلها، وهي مقدماتٌ إيمانية تحمد وتستعين وتستغفر وتشهد، وتبين أن الله بعث الرسول إلى المؤمنين؛ وهم أهل الكتاب، والكفار المشركين؛ وهم العرب والعجم؛ تقليدًا للقدماء، واعتمادًا على القرآن أكثر من الحديث.٢١ والرسالة عامة للناس جميعًا؛ ابتداءً من الرسول ذاته وعشيرته الأقربين. ومِن ثَم لزمت ضرورة فهمه وتفسيره طبقًا لدرجات الناس في العلم. والدليل من النص وليس من العقل.٢٢

(٢) البسملات والحمدلات الخالصة

وقد تخلو بعض المتون من المقدمات النظرية، وتبدأ الموضوع مباشرة من البسملات والحمدلات.٢٣ وقد تبدأ متون قصيرة بالبسملات وحدها.٢٤ وقد تقتصر بعض المقدمات على البسملات والحمدلات وحدها، دون إفاضة في الإيمانيات واسترسال في العذابات، وتدخل في الموضوع مباشرة.٢٥ وقد تُشفع البسملات والحمدلات بالصلاة على الرسول وآله والتابعين لهم إلى يوم الدين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين.٢٦
وقد تقترب مقدمات علم أصول الفقه من علوم أصول الدين، فالموضوع هو الله ذاتًا وصفات وأفعالًا بتعبيراتٍ صوفية، وعلم أصول الدين وعلوم التصوف مستقلان عن علم أصول الدين، «هو خالق النسم، ورازق القسم، مبدع البدائع، وشارع الشرائع، منه يطلب الرضوان ونيل الغفران.»٢٧ وكلما تأخر المتن في الزمان زادت الابتهالات الصوفية، وكثرت الدعوات وطلب الهداية والرشاد، وتوالت التشبيهات والمحسِّنات اللفظية والتضرع والابتهال. وتضيع بعض القيم الإسلامية الحديثة وسط هذا الزخم من الابتهالات الدينية، التي تلفُّها ألوان السجع والبديع؛ مثل «الدنيا مطيَّةُ عمل لا مطية كسل»، ومثل «الوحي علم ونور للهداية»، وكلما زادت الإشراقيات عمَّت السجعيات.٢٨
وبعد البسملات والحمدلات والدعوات لله، تأتي المدائح النبوية للرسول؛ كما هو الحال في علم أصول الدين، عندما دار حول القطبين في العصور المتأخرة؛ عصر قواعد العقائد، حول قطبين: الله والرسول.٢٩ وقد يشفع بعده بالصحابة أولي الإجماع والقياس والاتباع.٣٠
وتتسرب بعض التشبيهات الشعبية داخل المقدمات الإيمانية؛ أن الدنيا دار عبور، ومحل تجارة تقوم على تحقيق المكسب وتفادي الخسارة.٣١
ويأتي الدعاء بالتوفيق والتقرب إلى الله.٣٢ ويكون ذلك بأقل العبارات، وطلب الهداية والإرشاد، والبعد عن الشطط والزلل، ويتم ذلك عن طريق الرسالة التي تهدي كافة الخلق إلى مناهج الحق، وهو ما يحاوله علم أصول الفقه.
وإذا كانت الحمدلات والبسملات أو الابتهالات والدعوات الأولى شكرًا على نصر، فإن النصر يتم بشجاعة الجنود، وحسن تخطيط القادة، ووضوح الهدف، وقوة الدافع. أما إذا كانت تعويضًا عن هزيمة، فإنها تكون عزاءً للنفس، ورفعًا لمعنوياتها. في الحالة الأولى يكون نشيد «الله أكبر فوق كيد المعتدي» له دلالة، وفي الحالة الثانية الموشحات الدينية مثل: «أغثنا يا رسول الله، أعِنَّا يا رسول الله» تكون بغير ذي دلالة، إِن تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ.٣٣
وقد تشفع الابتهالات بالخوف من الله، ورجاء النجاة من العذاب، والدعوة على الظالمين «ولا عدوان إلا على الظالمين»؛ مما يعكس الظروف النفسية لعلماء العصر، وعادةً ما تكون هذه البسملات والحمدلات عنوانَ أو قصة الكتاب.٣٤

(٣) العلم

وقد تدور المقدمات الإيمانية على العلم، وأحكام الكتاب، وصحته المطلقة، والطاعة، وعدم الشقاق والتفرق، وهو علمٌ فاعل يحمي الأمة من الضياع، والعلم أنفس الأخلاق.٣٥ والتفقه في الدين من أشرف الأمور،٣٦ فقد جعل الله التقوى أصل الدين، وبيَّن مجمل الكتاب، وأبدع أنواعه وأجناسه، المانع من الجهل والمانع من العلم.٣٧ كما تعبر بعض المقدمات عن الإحساس بالمسئولية تجاه العلم في الدنيا والآخرة؛٣٨ لذلك نزل الوحي وبُعث الرسل، فالعلم أجمل سخايا الإنسان، وأجزل العطايا، علم الشريعة لتحقيق سعادة الإنسان في الدارين.٣٩

(٤) العلم والعمل

كما تظهر قيمة الربط بين العلم والعمل؛ العلم عمل القلب وسعي العقل.٤٠ وتتحول إلى جزء من المقدمات النظرية مثل: «كل مسألة مرسومة في أصول الفقه لا ينبني عليها فروع فقهية أو آداب شرعية، أو لا تكون عونًا في ذلك، فوضعها في أصول الفقه عارية.٤١ فالأصول تؤسس النظر، والفقه الفرع؛ أي الممارسات العملية. الأصول مستقرات من الفروع، والفروع تقوم على الأصول؛ لذلك تخرج كثيرٌ من المسائل النظرية الخالصة، التي لا ينتج عنها أثر عملي من علم الأصول؛ لأنها أقرب إلى فلسفة الأصول أو ميتافيزيقا الأصول أو أصول الأصول، وهي المسائل التي انشغل بها علم الأصول المتأخر: ابتداء الوضع، الإباحة تكليف أم لا؟ الأمر المعدوم، تعبُّد النبي بشرع سابق، عدم التكليف إلا بفعل.٤٢ كما تخرج كثير من المسائل النظرية الخالصة الآتية من علوم أخرى؛ مثل علوم النحو واللغة والاشتقاق والتعريف والمعاني والسياق والعدد والمساحة والحديث … إلخ.٤٣ تخرج مسائل كثيرة من النحو؛ مثل معاني الحروف وتقاسيم الاسم والفعل والحرف، والكلام عن الحقيقة والمجاز، والمشترك والمترادف والمشتق … إلخ. وقد تدخل مسائلُ أخرى في علم الأصول؛ مثل أن القرآن عربي والسنة عربية، في ألفاظه ومعانيه وأساليبه، لا بمعنى وجود ألفاظ أعجمية فيه، وهو موضوع أدخلُ في علوم النحو واللغة، وهو ما يؤثر في طرق الاستنباط والاستدلال. واللغة ليست فقط عقلًا بل هي أيضًا وضْع.
والأمور النظرية الخالصة طريقة الفلاسفة «الذين يتبرأ المسلمون منهم؛ لتعلقهم بما يخالف السنة، فاتباعهم خطأ عظيم وانحراف عن الطريق المستقيم، والنظر في حقيقة الموجودات على الإطلاق، من حيث دلالتها على الصنائع، زعم مجرد.» صحيح أن العلم مطلوب في ذاته، وجاء الأمر به على الإطلاق، البعض نظري خالص كالعلوم الرياضية، والبعض عملي خالص كالحِرَف والصناعات، والبعض نظري يؤدي إلى عملي كالأخلاق. فالعلم فرض كفاية على الجميع، بما في ذلك العلوم التي لا نفع منها كالسحر والطلسمات، وعلوم التفسير للفهم والمعرفة، ولبيان ما أجمله النصُّ وتوضيحِ ما غمُض منه. ومع ذلك طلب العلم مجمل، ولكنه تحقيقه مقيد بالمنفعة، «أعوذ بالله من علم لا ينفع».٤٤ والأمة الإسلامية أمَّة لا تقرأ ولا تكتب؛ لم يتعلم موسى السحر وأبطله. علوم التفسير مطلوبة، لكن الزيادة منها تكلف وتقعُّر وتفيْهُق.٤٥ والعودة إلى التجربة الشعرية طريق إلى فَهم الكتاب.٤٦ وعلم الهيئة ليس ضروريًّا لمعرفة بناء السموات، وهو تكلف لم تأْلفه العرب. ولا لزوم لعلم العدد لفَهم فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ، ولا لعلم الهندسة لفَهم أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا، ولا لعلم التنجيم لمعرفة الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَان، ولا للمنطق وأن نقيض الكلية السالبة جزئيةٌ موجبة لفَهم آية إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى بَشَر مِّن شَيْء قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ، أو الحملية الشرطية في أَوْ أَثَارَة مِّنْ عِلْم. التدبر في الكون لا يعني علوم الفلسفة التي لم يعرفها العرب، والفلسفة على فرض أنها جائزة الطلب صعبة المآخذ، وَعْرةُ المسلك بعيدة الملتمَس؛ لا يليق الخطاب بتعلمها، كي تتعرف آيات الله ودلائل توحيده للعرب الناشئين في محض الأمية، فكيف وهي مذمومة على لسان أهل الشريعة؟!٤٧
الجمهور جزء من الخطاب وليس لفقط الأسلوب.٤٨ والمطلوب ما يليق بفهمه مع استعمال الصور الأدبية والأساليب البيانية، وليس الأساليب العويصة الصعبة على الفهم، فالتصورات الشرعية تقريبات بالألفاظ. عبارات الفلاسفة صعبة على الجمهور قبل تعريف المكان بأنه «السطح الباطن من الجِرم الحاوي المماس للسطح الظاهر من الجسم المحوي»؛ هي أمورٌ لا تعرفها العرب. وكل مباحث الحدود والتصديقات لم تزد الفلسفة إلا غموضًا — على عكس أساليب القرآن المنطقية الواضحة، والتي استخرج منها المناطقة البراهين النظرية.٤٩ وطريق القياسات المركبة ليس طريق الشرع. هي خارج الزمان والمكان، مطالب الشرع في الزمان والمكان، والقياس عام، والتكليف خاص.

والعلم الباعث على العمل هو الذي يتجاوز الهوى، فالعلم على ثلاث مراتب: الأولى التقليد تكليفًا أو ترغيبًا وترهيبًا، وهو العلم المنقول. والثانية العلم البرهاني الذي يتجاوز التقليد إلى البرهان، والتصديق بالعقل وليس بالنفس، بالنظر لا بالحدس مثل علم السحرة. والثالثة العلم النفسي الذي يتحول فيه العلم النقلي والعقلي إلى تصديق بالنفس، وتجربة حية مثل علم موسى. والرسوخ في العلم يقتضي العمل به بالأدلة التجريبية، ويمنعه العناد والغفلة أو دنو المرتبة في العلم، على الضد من الراسخين في العلم الذين يعملون بما يعلمون. علماء السوء الذين لا يعملون بما يعلمون.

وكلما اقترب علم أصول الفقه من علوم التصوف، شمل العمل أعمال الجوارح وأعمال القلوب، وهو ما يخرج عن منظور علم الأصول طبقًا لقاعدة: كل مسألة لا ينبني عليها عمل، فالخوض فيها لم يدلَّ على استحسانه دليلٌ شرعي. وأعني بالعمل عمل القلوب وعمل الجوارح من حيث هو مطلوب شرعًا.٥٠ فالشريعة ذات توجه عملي، والسؤال عن موضوع نظري تكون إجابته إجابة عملية.٥١ كما يُتوقف في الإجابة عن الأمور النظرية الخالصة.٥٢ وكل سؤال قد تضر إجابته يكون خارج علم الأصول، الذي يهدف إلى تحقيق المصالح العامة.٥٣ وقد يكون في الإجابة على سؤال مَزيدٌ من التضييق؛٥٤ لذلك يُكره السؤال من هذا النوع، بل إن السؤال في الآخرة عن الأعمال وليس عن الأمور النظرية.

(٥) العلم والعمل والمصالح العامة

وهي نفس مراتب العلم الثلاث طبقًا للتشبيه بين ما هو من صلب العلم، وما هو من مُلَح العلم، وما ليس من صلبه ولا مُلَحه.٥٥ صلب العلم ما ينتهي إليه الراسخون في العلم، والعلم الراسخ هو الحفاظ على ضروريات الشريعة ومقاصدها، الضروريات والحاجيات والتحسينات، وكل ما هو متمم لها. وقد قام البرهان على أنها العلم الراسخ، ثابت الأركان، وهو علم وضعي مستفاد من استقراء الشريعة، يفيد القطع مثل العلم العقلي، ويتحول إلى كليات مطردة ثابتة حاكمة، مثل الكليات العقلية. يتميز هذا العلم بالعموم والاطراد، والثبوت وعدم الزوال، وأنه حاكم لا محكومٌ عليه. ومُلَح العلم هو العلم الظني الذي لا يرجع إلى أصل قطعي. لا يتصف بالعموم والثبوت والحكم، وهو مما يتعلق بالحكم المستخرجة مما لا يُعقل معناه خاصة في التعبدات، وعلم الآثار والأخبار، والتأنق في استخراج الحديث، وعلوم الرؤيا دون بشارة أو نذارة، والمسائل المختلف عليها، والأشعار، والاستدلال بأفعال الصالحين بناء على تحسين الظن، وكلام أرباب الأحوال، وحمْل بعض العلوم على بعض. وما ليس من صلب العلم ولا من مُلَحه هو ما لا يرجع إلى أصل قطعي أو أصل ظني مما يمكن إبطاله، وإنما يعتمد على مجرد القبول، مثل العلوم الباطنية والسفسطة.٥٦
ويؤخذ العلم عن طريق المتحققين به على الكمال والتمام، فالإنسان يعلم من خلال المحسوسات والمعقولات والمشاهدات والمجرَّبات والمتواترات، وليس من الإمام المعصوم؛ يتعلم من العلماء.٥٧ ولا يُشترط فيه السلامة عن الخطأ. فالمهم في العلم المنهج وليس الموضوع، الطريقة وليس الصواب.
وللعالم المتحقق أمارات ثلاث: العلم بما يعمل، والعلم من الشيخ كما يتعلم المريد وكما علم الصحابة من الرسول، والاقتداء بمن أخذ عنه. لذلك يؤخذ العلم إما بطريقة المشافهة أو بمطالعة كتب المصنفين ومدونات المدونين. وهو نافعٌ؛ شرط معرفة مقاصد العلم ومعرفة كتب المتقدمين، وهي أفضل من كتب المتأخرين، فالتجربة أفضل من الخبر، والصحابة أفضل من التابعين.٥٨
وغاية الشرع كمال الإنسان على الأرض وليس الشارع، إذ إن المنفعة تعود على المكلَّف، وليس على المكلِّف. والتعبد لا يكون للشارع مباشرة ولكن عن طريق التكليف؛ أي العمل بالشرع. فالوحي قصدٌ من الشارع إلى المكلف، ومن «الله» إلى الإنسان، ومن النظر إلى العمل، ومن الكلمة إلى التحقق. ويُسأل الإنسان في اليوم الآخر عن علمه ماذا عمل به؟٥٩ صحيح أن للعلم فضله، وأن العلماء ورثة الأنبياء، ولكن الفضل من حيث العمل، والوراثة في الشهادة. فمداد العلماء مثل دماء الشهداء. العلم تصديق، والتصديق فعل، وكثيرٌ من الناس يعرفون الحق ولا يعملون.٦٠
القصد الأول للعلم هو العمل، والقصد الثاني شرف العلم. كما أن للعلم لذة، وهي تابع، وليست قصدًا أوليًّا، وهو العمل. ليس العمل للتفاخر والتباهي والتعالم بل للتحقيق والعمل. ويتم العمل بناء على العلم على مجرى العادات؛ سواء كانت الأعمال بالقلب أم باللسان أم بالجوارح. والعادات هي الأعراف أو عادات اللسان. ويتم تحقيق الأعمال أيضًا عن طريق الاستحسان والمصالح المرسلة بعيدًا عن أخطاء التشابه والتعارض والترجيح. والورع شرط العلم لأنه يؤدي إلى خلو النفس من الأهواء.٦١

(٦) وحدة الأمة

وقد ينشأ عن السؤال عن المسائل النظرية تعدُّدُ الإجابات ثم التشعب والتفرق والتمذهب والتعصب والتشيع. ويصبح العلم فتنة، ويعطل الزمان عن التحصيل.٦٢ لا يضع علم الأصول إلا الأصول المتفق عليها بين المذاهب، والتي لا ينتج عنها خلاف في الفروع. أما وضع أصول ينبني عليها سجالُ المذاهب، فإنه خارج عن موضوع علم أصول الفقه؛ طبقًا لقاعدة: «كل مسألة في أصول الفقه ينبني عليها فقه، إلا أنه لا يحصل من الخلاف فيها خلاف في فرع من فروع الفقه، فوضْع الأدلة على صحة بعض المذاهب أو إبطاله عارية أيضًا.»٦٣ ومن ثم تخرج كل المسائل الكلامية عن علم أصول الفقه، ويكون وضعها في علم أصول الدين.٦٤
لذلك تبدأ بعض المقدمات الإيمانية بنبذ الفُرقة والاختلاف في الدين، وتدعو إلى الاعتصام بحبل الله.٦٥ ثم تصف المقدمة، تاريخيًّا، التحول من الوحدة إلى التفرق قرنًا وراء قرن؛ بسبب القياس والرأي والاستحسان والتقليد والتعليل، أي إعمال الرأي أو التخلي عنه اعتمادًا على المنقول، وكأن إعمال العقل وافدٌ من الخارج، فقد حدث الرأي في عصر الصحابة، وهو حكم في الدين بغير نص، ويراه المفتي أحوط وأعدل في التحريم والتحليل.
ثم حدث القياس في القرن الثاني، ونشأ صراع حوله بين إنكار وإثبات. ثم حدث الاستحسان في القرن الثالث، وهو فتوى المفتي بما يراه حسنًا، وهو اتباع هوًى، وقول بلا برهان. ثم حدث التعليل والتقليد في القرن الرابع، وهما تياران متعارضان. التعليل إجبار للشارع في الحكم، والتقليد اعتقاد بلا برهان. وهو وصف تاريخي غير دقيق، فالتعليل عند الشافعية في القرن الثاني. وبعد العرض التاريخي الذي يضم تفنيد حجج إثبات القياس والرأي والاستحسان والتعليل، يأتي عرضٌ نظري ثانٍ في الإبطال.٦٦ وقد يُكتفى بذكر تصانيف المتقدمين والمتأخرين.٦٧

(٧) تعظيم المذهب والدعاء إلى السلطان

وابتداءً من القرن الخامس يبدأ تعظيم الأصوليين.٦٨ ويُقلد التاريخ. وينظر علم الأصول إلى الماضي وليس إلى الحاضر أو المستقبل. وفي نفس الوقت يبدأ احتقار الذات.٦٩ وتبدأ عبارات «ليس في الإمكان أبدعُ مما كان.» «ما ترك الأولون للآخرين شيئًا.»
قد تبدأ المقدمة بالبسملة والحمدلة، ثم تكريم الأمة بالخطاب، أي بالوحي المنزل وفَهْم معانيه وأصحابه المستنبطين، ثم السلام أيضًا على الرسول والأصحاب، ثم على مؤسس المذهب؛ أبي حنيفة والأحباب.٧٠ ويُضاف إليهم الصحابة والتابعون والعاملون بالكتاب والسنة والإجماع والقياس. ويتم «تنميط التاريخ» وخطه في مسار واحد، مسار الفرقة الناجية في علم أصول الدين.٧١ وتبدأ بعض المقدمات منذ القرن السابع بإعلان الحقيقة مسبقًا، وأن هدف المتن هو القضاء على البدع.٧٢
ومن داخل الإيمانيات يقسم الناس صنفين: أحدهما أهل كتاب، بدَّلوا أحكامه، وكفروا بالله، وصاغوا الكتب بألسنتهم، وخلطوه بالحق. وثانيهما كفروا بالله أيضًا، وابتدعوا ما لم يأتِ به الله، وصنعوا بأيدهم حجارةً وخشبًا وصورًا استحسنوها وعبدوها؛ وهم العرب ومعهم طائفةٌ من العجم. ثم جاء الإسلام فهدى الجميع؛ ابتداءً من عشيرة الرسول. وتبدأ موجات التكفير للفرقة الهالكة، وتنتهي التعددية الفكرية إلى المذهب الواحد، كما انتهت في أصول الدين إلى العقيدة الواحدة.٧٣
ثم تبدأ الدعوة للسلاطين ابتداء من القرن الثامن، فالسلطان «مدوخ العرب والعجم، وصاحب السيف والقلم، وجامع كلمات الأمة، وقامع الفجَرة، بسَط سلطانه على الرعية، وأشبع حاجاتهم المادية. هو مولى الأنام، الخليفة الإمام، أمير المؤمنين، المتوكل على رب العالمين، أبو عنان.» يُصعِده القدر، وتسعده الأعصار، صاحب الذهن الثاقب، والرأي الصائب، جالي المشكلات، وكاشف الحجبات. والهدف من المتن اكتساب القربة إليه، لعله يحظى القبول، ويبلغ المأمول.٧٤

ثالثًا: ظروف التأليف

(١) النص الأمثل

وقد تتضمن المقدمة الدافع على التأليف، وهو التركيز، وتفادي التكرار بعد شرح «كتاب العهد»، الذي اتبع المتن الأصلي في أبوابه، وحذف الأبواب في «دقيق الكلام»، الأدخل في علم أصول الدين، وحتى يصبح المتن أكثر تركيزًا واختصارًا، وتجنب نفس ألفاظ المتن والإطالة في تأويلها، وإلا ملَّ القارئ وعظُم ضجرُه، وإضافة ما يفيد ويلزم.٧٥ وقد يكون الدافع المساهمة في إحكام طرق المجادلة والمناظرين، بعد أن تنكَّب علماء العصر عنها.٧٦ وقد كان التأليف بناءً على رغبة الأصحاب في الحصول على متن غير مخلٍّ ولا ممل، أو طلب للهداية والاسترشاد في مسالك التعليل من المناسب والمؤثر والشبه والطرد والمخيل؛ وذلك يتطالب كمال آلة الدرك، واستكداد الفهم، والانفكاك عن داعية العناد، والارتياض بمجاري الفقهاء.٧٧ والاعتماد على متن عمدة.٧٨ وقد يكون أحد وسائل تثقيف الأبناء.٧٩
وكل نص يريد أن يكون متوسطًا بين الإخلال والإملال؛ خاصةً لو كانت للمصنف متون سابقة مثل «تهذيب الأصول»، الذي يميل إلى الاستقصاء والاستكثار، و«المنخول» الذي يميل إلى الإيجاز والاقتصار. فالمطلوب متن يتجنب الإملال والخلل؛ مثل «منتهى الأصول والأمل في علمَي الأصول والجدل».٨٠
وقد يكون التأليف طبقًا لطالب الاختصار، اختصار «التبصرة» في «اللمع» و«الإحكام» في «النبذ»؛ لذلك يسمى التأليف أحيانًا «المختصر» عكس «المبسوط».٨١ وقد يكون التأليف بناءً على طلب معرفة الحقيقة أو فتوى من المجتهد. ولما كان السائل من العلماء المبرزين، فقد أتى الجواب على نمط علم المناظرة.٨٢
وقد يعي المؤلف تكراره وتقليده لعادة العصر مع الاختصار، كما يدل على ذلك العنوان «المختصر»، دون أن يكون اختصارًا لنص سابق، ومن ثم يحذف التعليل والدلائل، مع بيان الاتفاق والاختلاف في المسائل، واتباع الترتيب طبقًا لأهل الزمان، حتى ولو أدَّى ذلك إلى تكرار الأسئلة.٨٣
وكل مصنف دالٌّ بعنوانه «المستصفى»؛ أي الخلاصة والزبدة.٨٤ «ميزان الوصول في نتائج العقول» ليزن العاقل قضايا العقول، «تقريب الوصول إلى علم الأصول» للتقريب والتمهيد. «جمع الجوامع» الذي حوى كل المتون، وحتى يكون السجع كاملًا «منع الموانع عن جمع الجوامع».٨٥ وقد يأتي العنوان من حلم شيخ، فبعد أن كان عنوان «الموافقات»: «التعريف بأسرار التكليف» عنوانًا معرفيًّا، رأى الشيخ في المنام أن المؤلف بيده كتاب «الموافقات»، توفيقًا بين مذهبَي أبي القاسم وأبي حنيفة، أي بين المالكية والحنفية، بين الواقع والعقل، بين المصلحة والقياس، وهما دعامتا الوحي. والمؤلف على وعي بالعنوان الذي يعبر عن مقصد الكتاب.٨٦

(٢) النص الجديد

كان الدافع إلى التأليف هو تجاوز تأليف القدماء والمحدثين، والابتعاد عن الغرائب وغير المألوف وما فيها من خلل وزلل. ويربو على المائتين.٨٧ ويؤرخ لعلم الأصول في مرحلته المتأخرة، ويبرز الوعي التاريخي بالعلم منذ الرسالة، لمعرفة تطور النص الأصولي ومراحل الإبداع فيه.
وتحدد المقدمة منهج الكتاب، فتدوين علم الأصول تتعدد مناهجه وقسمته. والغالب على منهج القدماء هو التلفيق؛ أي التجميع من مصادر سابقة، سواء مع الإعلان عنها أو الصمت عليها. وهي طريقة التدوين في كل العلوم. لما كان العلم مشاعًا بين الناس، لم يخضع بعدُ لمنظومة الملكية الفكرية وحقوق النشر الوافدة من الحضارة الغربية الحديثة. وهو تلفيق بين القدماء وحدهم، وليس تلفيقًا بين القدماء والمحدثين. جمع من الموروث وليس من الموروث والوافد، كما هو الحال في علوم الحكمة، فعلم أصول الفقه علم إبداعي خالص، في حين أن علم أصول الدين أنظار من النِّحل والملل القديمة.٨٨ ويعني التلفيق إعادة ترتيب المادة الأصولية من المصادر السابقة، والتحقق من أحكامها ومواقفها، فهو ليس مجرد جمع وتحصيل، كما هو الغالب في الشروح والحواشي والتقارير.٨٩ التأليف اختصار من متون سابقة؛ من أجل التسهيل على المبتدئ، وضبط العلم وحفظه بعيدًا عن الإطناب والتطويل، فخير الكلام ما قل ودل.٩٠ وقد تم «جمع الجوامع» من «شرح المختصر» و«المنهاج».
وفي بعض المتون إحساس بالإبداع والتميز عن التراث الأصولي السابق.٩١ ومع ذلك، الإبداع تجربة مشتركة بين المؤلف والقارئ، ويستطيع القارئ إدراك إبداع المؤلف بنفسه وبتجربته الخاصة.٩٢ وهو إبداع مرتبط بالأصول، فلا إبداع إلا من روح النص مع متطلبات الواقع.٩٣ وهو تطوير لإبداع السالفين واستمرار لجهودهم. وإبداعٌ مثل هذا لا يمكن إنكاره أو رفضه، بالرغم مما يطرأ على المجتهد من خطأ.٩٤ والإبداع متصل من القدماء إلى المحدَثين، ومستمر من المحدَثين إلى القادمين.٩٥

(٣) إحكام الاستدلال

والدافع على التأليف هو ظروف التأليف في العصر ومناهجه. هو اتباع أقوال القدماء والتسليم لهم وكأنها قواعدُ مقررة، وهي الحق اليقين القائم على الحجج النقلية والعقلية. كما تم الخلط بين النقل والعقل والرواية والنظر.٩٦ لذلك كان هذا التأليف الجديد عقليًّا خالصًا. الدافع على التأليف أهمية علم أصول الفقه في الاستدلال على الأحكام.٩٧ وقد يكون سبب التأليف التوضيح والمقارنة والتمييز بين الاجتهاد الجزئي والاجتهاد المطلق.٩٨
وقد يعتمد المنهج على ثلاث خطوات؛ الأولى: الاستقراءات الكلية دون الاقتصار على الأفراد الجزئية. والثانية الجمع بين النقل والعقل، بين الأصول النقلية والقضايا العقلية. والثالثة بيان مقاصد الشريعة في الكتاب والسُّنَّة.٩٩

(٤) التأليف المذهبي

وقد يكون الدافع على التأليف المذهب، فقد كثرت التآليف في مذهب بعينه، هو الاعتزال، ومن ثم لزم تأليف حنفي.١٠٠ وقد يكون هو المذهب الحنبلي ولكتابة مختصر فيه. وقد تتجلى التبعية ليس فقط للمذهب بل أيضًا للصحابة والتابعين.١٠١
وقد دوِّنت المتون الأصلية بناء على طلب صديق أو طالب علم، أو قد يكون من الوالد للابن للتفقه في الدين.١٠٢
وقد يكون الطلب هو تدوين أصول مذهب مثل المالكية،١٠٣ وعن أصولها.١٠٤ وقد يكون فتوى لسائل.١٠٥ وقد يكون التدوين في المذهب الحنبلي.١٠٦
وقد يكون من الدافع على التأليف تقليد نص سابق؛ اعترافًا بفضله وأهميته وإحكامه، وهو الدافع على تأليف «الوصول إلى قواعد الأصول» للتمرتاشي الحنفي؛ احتذاءً بنص الإسنوي الشافعي «تمهيد الأصول»، فالخلاف في المذهب لا يعني إنكار الحق.١٠٧
وقد يكون التأليف عن قصد بمنهج «موضوعي»، أي عرض موضوعات الأصول، وليس بمنهج سجالي بين المذاهب على «طريقة الخلاف» التي تمت من قبل، فوحدة الموضوع تسبق الخلاف فيه.١٠٨ فالدافع على التأليف المسائل الخلافية الذائعة والنُّبَذ المذهبية النافعة، مشتملًا على المذاهب الأربعة، مع تقديم المذهب السائد، الشافعية، على غيره من المذاهب. والنسبة إليه شافعي وليس شفعويًّا.١٠٩ ولو عاش الشافعي مدةً أطولَ لرفع الخلاف.١١٠
وقد يكون من أحد الأسباب الأخيرة للتصنيف في العلم؛ التأليفُ الجامعي لنيل شهادة أو لتقرير كتاب.١١١ ويكون في مذهب الشافعي، وبأسلوب السجع والمحسنات البديعية؛ فقد انتهى المضمون الطبيعي ولم يَبقَ إلا الصنعة والتصنع في الأسلوب.
وقد تذكُر المقدمةُ وقتَ التأليف وحالَ الأمة من حصار، فالتأليف في زمن الحرب.١١٢ كما تذكر صفة العالم؛ عالم علماء الشرق والصين.١١٣ فلم يكن التأليف خارج ظروف العصر، ولم تكن الأمة — بالرغم من الغارة عليها — مجزَّأة، بل موحَّدة من الصين إلى المغرب.

(٥) بنية العلم

وبنية العلم جزء من مقدمته، والمصنف على وعي بها نقلًا أو إبداعًا.١١٤ هذا سواء كان المتن كليًّا أو جزئيًّا في أحد موضوعاته مثل الخصوص والعموم، وهي إحدى ثنايات مباحث الألفاظ؛ خاصة بعد أن الْتَبست على الكثير.١١٥
ويعرض علم أصول الفقه باعتباره نسقًا، فترتيب أبوابه ليس مجرد ترتيب عشوائي، بل يخضع لنسق العلم. فالوحي خطاب يتطلب اقتضاء فعل، وهو الأمر والنهي لأفراد وجماعات، وهو الخاص والعام بما يستدعي الفهم للأقوال (المجمل والمفسر) والأفعال. ويتطلب رفع التعارض بين النصوص (الناسخ والمنسوخ). ثم تتحول الأدلة النصية إلى أدلة تجريبية جماعية (الإجماع)، وفردية (القياس). والغاية النهائية للعلم أحكام التكليف (الحظر والإباحة)، والاجتهاد مع السؤال والجواب (الإفتاء)، وتغيب الأخبار (السنة).١١٦
وتتعرض مقدمته لقسمة العلم أو أقطابه أو بنيته، وكيف أن موضوعاته كلها تدور حول هذه الأقطاب، وهي بنية رباعية في «المستصفى»، تقوم على صورة زراعية، تبدأ بالثمرة ثم المثمر ثم طرق الاستثمار ثم المستثمر. والحقيقة أن الأطراف ثلاثة فقط في البداية؛ وهي المثمر، والوسط طرق الاستثمار والمستثمر معًا دون شخصه، والنهاية؛ هي الثمرة. إنما الفرق في الترتيب فقط، النازل من البداية إلى النهاية، أو الصاعد من النهاية إلى البداية، من الجذور إلى الثمار، أو من الثمار إلى الجذور. والبداية بالجذور أحد البدايات، بالرغم من أن المستصفى يبدأ بالثمار.١١٧
وقد تقتصر المقدمة على ذكر بنية العلم الرباعية طبقًا للأدلة الأربعة: الكتاب والسنة والإجماع والقياس، مع تخصيص الكتاب بأنه كتاب الله، والسنة بأنها سنة الرسول، والإجماع بأنه إجماع الأمة، ودون تخصيص القياس بأنه قياس المجتهد؛ نظرًا لأنه بلغ درجةً عالية من التنظير والاستقلال.١١٨ وقد تكون رباعية أيضًا على نحو آخر: المبادئ، والأدلة السمعية، والاجتهاد، والترجيح.١١٩
ويوضع في المقدمة فهرس الموضوعات على التفصيل أو على الإجمال، وقد يُكتفى بذكر عدد الأبواب، مثل قسمة «جوامع الجوامع» إلى مقدمة وسبعة كتب، وهي خمسة في «الموافقات»: المقدمات، والأحكام، والمقاصد، والأدلة، والاجتهاد والتقليد.١٢٠ وقد ورد مصنفٌ آخر على مقدمة وخاتمة وفصول خمسة.١٢١ وقد تتكرر البنية الخماسية: التعاريف العقلية، والتعاريف اللغوية، والأحكام الشرعية، والأدلة على الأحكام الشرعية، والاجتهاد والترجيح. ثم يقسم كل قسم إلى عشرة أبواب، فيكون المجموع خمسين بابًا.١٢٢ وقد تكون البنية سباعية.١٢٣
وفي «تراتيب أصول الفقه» يظهر نسق علم الأصول: الخطاب؛ وهو الكتاب، وأفعال الرسول، والأخبار المتواترة، والآحاد، والإجماع، والقياس، والمفتي والمستفتي، والحظر والإباحة، ويشمل الخطاب الأمر والنهي، والخصوص والعموم، والناسخ والمنسوخ، والمجمل والمفسر، والمطلق والمقيد، ولحن الخطاب ودليله وفحواه، ومراتب البيان في بنية ثمانية.١٢٤
وتعرض المقدمة خطة الكتاب وأقسامه، الصدر والمقدمة والأبواب والفصول. وتشمل المقدمة حد العلم وحقيقته ومرتبته وقسمته، فالمقدمة تتناول بالضرورة حدود العلم والمعرفة والدليل والنظر وإثبات العلم على منكريه مثل السوفسطائية.١٢٥ وقد أسهب في ذلك علماء أصول الدين وضموا إليه مباحث اللغة التفصيلية، مثل الحروف والإعراب مستمدًّا من علم النحو، كما ضم إليه بعض مشايخ ما وراء النهر، مثل أبي زيد الدبوسي، بعضَ المسائل الفقهية، وهي أدخَلُ في الفروع، وإسراف لا لزوم له.١٢٦
وقد تبدو بنية العلم الثلاثية منذ المقدمة: العلم بالمشروعات، والإتقان في المعرفة، والعمل بها. فالعلم بلا فهم رواية، والعلم دون العمل فقه نظري، وتحقيق الثلاثة هو الفقه المطلق، وهو «أشد على الشيطان من ألف عابد».١٢٧

وتقسيم «بنية النص» الثلاثي إلى أبواب وفصول هو نفسه تقسيم الموضوع. الوعي التاريخي لاستقبال الوحي في قنواته الأربع: الكتاب (التجربة الإنسانية العامة)، والسنة (التجربة النموذجية)، والإجماع (التجربة المشتركة)، والاجتهاد (التجربة الفردية)، ثم يتلوه الوعي النظري من أجل فهم الوحي، بعد استقباله؛ ابتداءً من مباحث الألفاظ، التي تضم الصيغة، أي اللفظ، ثم المفهوم، أي المعنى، ثم المضمون، أي الفحوى، والإحالة إلى العلم الخارجي، ثم المنظور وتعدد الصواب. ثم يتلوه الوعي العملي الذي يتضمن أحكام الوضع، أي بناء الشريعة في العالم، وأحكام التكليف، أي تحقيقها كأنماط للسلوك البشري.

رابعًا: تعريف علم الأصول

(١) علم أصول الفقه

وقد يتم تعريف مضمون علم الأصول في عمومياته التي تتضمن أقسام الكتاب، وتجمع بين طرق استنباط معاني القرآن واستخراج دلائله، وإحكام ألفاظه، والأسماء اللغوية والعبادات الشرعية على لسان العرب.١٢٨ وقد يكون تعريف العلم قاعدة من أربع قواعد نظرًا لأهميته.١٢٩

وقد يحُدُّ علم أصول الفقه على التفصيل، حد العلم، وحد الأصول، وحد الفقه، ثم استقل حد العلم في نظرية العلم، أما الفقه اشتقاقًا، أي في أصل الوضع، فهو العلم والفهم. واصطلاحًا: العلم بالأحكام الشرعية الثابتة لأفعال المكلفين. هي الأفعال الإنسانية: الوجوب والندب والحظر والكراهة والإباحة، وقضاء الأفعال على الفور أو التراخي في العبادات أو صحة العقود في المعاملات. العلم إذن يتضمن أدلة الأحكام، أي مصادرها، وطرق الاستدلال بها إجمالًا وليس تفصيلًا، وإلا كان علم الخلاف الذي يتضمن الأدلة تفصيلًا، ودون تطبيق للعلم في مسائل جزئية، وإلا تحول إلى علم الفروع.

وفي تعريف الأحكام تظهر الفرقة الكلامية، الأشعرية، في نقد الحُسن والقُبح العقليَّين، والواجبات العقلية، مثل التكليف وشكر النعم عند المعتزلة، وتأسيس أحكام التكليف على العقل، بالرغم من انتفائه من الغافل والملجَأ والمكرَه.١٣٠
فإذا كان الفقه لغة هو العلم، ويضم أصول الدين وأصول الفقه العلم بأحكام المكلفين من أدلتها العقلية والنقلية،١٣١ فإن أصول الفقه كلُّ دليل قاطع شرعي دل على حكم شرعي نصًا.١٣٢ والفقه في اللغة: الفهم والمعرفة، وفي الشرع: إدراك الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد والاستنباط. ويتناول الأدلة بأعيانها. الدلالة تعطي اليقين، والأمارة الظن.
وقد تكون الحدود مقدمة عامة لعلم الأصول،١٣٣ مثل تحديد ألفاظ الحد، الفقه، المجمل، الأمر، الخبر، القياس، وبيان الحروف التي تدور بين المتناظرين.
وقد يرجع الشرف إلى أنه يتعامل مع «مصالح العباد في المعاش والمعاد».١٣٤
والفقه معرفة الأحكام الشرعية من أجل ضبط سلوك الناس حتى لا يقع الفساد في الأرض؛١٣٥ لذلك قد يرتبط علم الأصول بعلم الأخلاق.١٣٦
وقد تركز مقدمة أخرى على مصادر علم أصول الفقه؛ أي على مادته المستمدة من الكلام والعربية والفقه.١٣٧ والحقيقة أن الكلام، أي علم أصول الدين، متميز عن علم أصول الفقه تميُّزَ أصول النظر عن أصول العمل، ومع ذلك فارتباطه بعلم الكلام في نظرية العلم وحدها، الحجة والبرهان والدليل من المقدمات النظرية، وليس من موضوعات العلم نفسها في الإلهيات والنبوات؛ أي في العقليات والسمعيات.
وأدلته أربعة وليست ثلاثة: الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس.١٣٨ وقد تكون الثلاثة الأولى، والرابعة استنباط منها، فإن الكتاب إما أن يدل على الحكم بنطقه ومنظومه أو فحواه وموضوعه أو معناه ومعقوله، وكلها من الكتاب مما يدل عند القدماء على أولوية النقل على العقل، والنص على الواقع.
وأصول الفقه انبنت عليها معرفة الأحكام الشرعية، أي: علم العلم أو منطق العلم أو منهج العلم.١٣٩ ومن ثم هو أشرف العلوم وأجلُّها، والعلماء أمناء الرسل، والفقهاء خلفاؤهم، فقد انقطع الوحي، وعلم الأصول هو منطق الوحي، وهو الطريق إلى معرفة الاستدلال.١٤٠ تعلمه واجب.١٤١ وفائدته معرفة أحكام الشرع.١٤٢
وتبين مقدمة أخرى وجوب العلم بأصول الفقه وكيفية وجوبه. وجوب دفع المضار وجلب المنافع في الدنيا، أما الآخرة فبين قوسين؛ لأنها موضوع علم أصول الدين.١٤٣ هو فرض عين على العلماء، وفرض كفاية على العوام الذين يجوز لهم التقليد.

(٢) مصطلحات العلم

وقد تبدأ المقدمة بعرض أهم مصطلحات العلم بعد تعريفه، أو بعد تعريف الحد، ومن ضمنها علوم أصول الفقه، ولا توزع المصطلحات طبقًا لأي نسق أبجدي أو موضوعي طبقًا لموضوعات العلم.١٤٤
وقد تبدأ مقدمة أخرى تجديد الألفاظ المستعملة في علم أصول الفقه.١٤٥ وقد تأتي المصطلحات في النهاية وليس في البداية، وتتداخل فيها المقدمات النظرية، مثل الحد والعلم، مع مصطلحات الوعي النظري في مباحث اللغة، ومصطلحات الوعي العملي في أحكام التكليف، وتغيب مصطلحات الوعي التاريخي نظرًا لحضوره المبدئي دون ما حاجة إلى تنظير.١٤٦
وتشمل الحدود جميع مصطلحات العلم، سواء مقدماته النظرية أو أشكاله الثلاثة: الوعي التاريخي، والوعي النظري، والوعي العملي. ثم تتداخل الحدود مع الموضوعات، ليس فقط حد العلم، بل قسمته إلى ضروري ومكتسب، وأدوات كلٍّ منهما الحس والعقل، والفرق بين العقل والقلب والرأس. وفي البيان يتم عرض أنواع البيان، وقد يوضع لفظان مشتقان من نفس اللفظ، مثل الجائز والمتجوز، المباح والمستحب. وتتفرع الأسماء في علاقاتها بالمعاني، العموم والخصوص. وفي اللغة يُعرض لموضوع اللغة، توقيف أم اصطلاح، وأنواع المجاز وعلاماته.١٤٧

(٣) تداخل المصطلحات

وتذكر الألفاظ بلا نسق، طبقًا لموضوعات علم الأصول، ولا تتبع بطبيعة الحال طريقة القدماء في المعاجم، أي الترتيب الأبجدي، وقد تتداخل مع موضوعات العلم وأشكاله الرئيسية الثلاثة.١٤٨ كما تتداخل مصطلحات أصول الفقه مع الفقه، ومن ثم يمكن تحريك المصطلحات من علم إلى علم، وقد يتم تفصيل مصطلح يمكن تطوير أصول الفقه من خلاله، مثل مصطلح الطبع، أي الطبيعة، بين إيجاب الفعل وفعلها في الحقيقة، وتصورها مفعولة أو مفعولة بمناسبة.١٤٩
وتتداخل الحدود بين علم أصول الفقه وعلم أصول الدين وعلوم الحكمة، مثل حدود الشيء والمعدوم، والقديم والمحدث، والجوهر والجسم، والجوهر والعرَض، والاجتماع والافتراق، والحركة والسكون، والكون والتعاقب، والمثلَين، والخلافَين، والغيرَين والضدَّين، والعندَين والبدلَين، وكلها من الطبيعيات، ويضاف إليها الابتداء والإعادة والمحال، والقائم بنفسه، والصفة والوصف، والبقاء والفناء، والصفة والوصف من مباحث العلة في علم الأصول. ومن الطبيعيات أيضًا الكون والظهور والحلول والملاء والخلاء والمرئي.١٥٠
وتظهر موضوعات الإيمان والعمل مثل حد الإيمان والكفر، والفسق والنفاق، والإلحاد والفجور والإسلام، والهداية، والدين والقضاء، والتوفيق والطاعة، والخذلان والحرمان والضلال، واللطف والعصمة، والتمكين والتخلية، والأخلاق والتقيَّة والعرف، والحيلولة والإكراه، وترك الفعل والعذر، والمدح والذم، والثواب والعقاب، والظلم والجور والعدل، والعبادة والحمد والشكر، والنبوة والرسالة والوحي، والمعجزة والكرامة. وهناك حدودٌ مشتركة مع علم أصول الدين، مثل التكليف والاكتساب، وتظهر بعض المفاهيم الصوفية مثل التوبة.١٥١
وتتناول حدود أخرى موضوعات مشتركة بين علم أصول الدين وعلم أصول الفقه، بل وعلوم الحكمة وعلوم التصوف، مثل حد الفاعل والكسب والترك والقدرة والإرادة والكراهة والشهوة والتمني.١٥٢ وأيضًا الحياة والموت والأجل والنهاية، ومنها موضوعات التوحيد، مثل الواحد والتوحيد والوحدة.
ويبدو أن تحديد المصطلحات في علم الأصول هو استئناف لشرح معنى المفردات اللغوية، والمصطلحات الشرعية المستخرجة من علم التفسير.١٥٣ وتجمع بين المصطلحات الأصولية، مثل: الإتْباع، البيان، البيِّنة، التحريم، الخطاب، اللحن، المرسل، المفسد. والكلامية مثل: الأجر، الاعتقاد، الاختلاف، الاختصام، الارتداد، الإرجاء، الزيغ، المجادلة، العصيان، الشرك. والصوفية مثل: الابتلاء، البلاء، الإياس، الإجابة، الإخفاء، الإدراك، الإكرام، الإمتاع، الأمن، الإنابة، الاصطفاء، الاستغفار، الاستقامة، التصديق، الخوف، الدعاء، الذكر، الرجاء، الصبر، الفؤاد. والطبيعة مثل: الآية. والفقهية مثل: الإرشاد، الأَمَة، التبرج، الجهاد، الخليفة، الرحم، الظهار، الصلاة، العدة، السجود.

(٤) آداب العلم

وقد تتحول المقدمة إلى مدح التفقه في الدين، وهو الذي يبرر اسم المصنف «الفقيه والمتفقه»١٥٤ والتفقه مذكور في القرآن، والمتفقهة أولو الأمر المطلوب طاعتهم، وهم أهل الذكر، وأولو العلم القادرون على الاستنباط، وما أكثر الروايات في الثناء على التفقه في الدين. الفقه عبادة، وحِلَق الفقه رياض الجنة، ويفضَّل الفقهاء العُبَّاد، يدخل العابد الجنة ويشفع للفقيه، فقيه واحد خير من ألف عابد، والحكمة المذكورة في القرآن هي الفقه، وعند الحكماء الحكمة هي الفلسفة، ولا يخلو كل عصر من فقيه، ويرتفع العبد بالفقه حتى يجلس مجالس الملوك. وإذا كان الأنبياء قادة، فالفقهاء سادة.١٥٥ وقد أدبر الدين وذهب الفقهاء؛ لذلك طلب الفقه، وهو العلم، فريضة على كل مسلم ومسلمة. هو واجب تعليمي، وعلى الرجال تعليم أولادهم ونسائهم، وعلى السادات تعليم عبيدهم وإمائهم. وقد ضرب النبي مثلًا على التفقه في الدين، كالغيث الذي يصيب الأرض الطيبة، ورُبَّ حامل فقه ليس بفقيه، وعليه التبليغ. والناس درجات في طلب العلم.١٥٦
وكما تبدأ المقدمة بفضل الفقه والفقهاء، ينتهي المصنف أيضًا بنفس الموضوع، مع تفصيلات أكثر حول إخلاص النية والقصد بالفقه، والتفقه في الحداثة وزمن الشيبة، وحذف المتفقه العلائق كما يفعل الفيلسوف.١٥٧ وعلى المتعلم اختيار الفقهاء الذين يتعلم منهم.١٥٨ ويعظِّم المتفقه الفقيه، يهابه ويتواضع له.١٥٩ والمبتدئ بالتفقه يرتب أحواله وهو يقترب من مجلس الفقيه، يُصغي ويستمع إليه.١٦٠ وللحفظ ساعات لمن أراد التحفظ، وأماكن خاصة. أجود الأوقات الأسحار ثم منتصف الليل ثم الغدوات دون العشيات، وحفظ الليل أصلح من حفظ النهار.١٦١ والتدريس يوم الجمعة أفضل، وأجود الأماكن الغرف، والأماكن البعيدة، بعيدًا عن النبات والخضرة والمياه وقوارع الطريق، وأفضل الأماكن المساجد. ولا يكون جائعًا متضورًا ولا شبعان بطنًا. ومقدار ما يحفظه ما يساعد على الفقه دون التنطع أو ادعاء العلم.
وللفقيه آداب، وما يلزم استعماله مع التلاميذ وأصحابه.١٦٢ يتخير من الأخلاق أجملها مع البعيد والقريب، والأجنبي والنسيب، ويتجنب طرق الجهال والعوام والأرذال، ويحسن مجالسة رفاقه. يتواضع، ويكون ليِّن الجانب، ولطيف الكلام. يستقبلهم بالبشاشة والترحاب.
وللتدريس آداب.١٦٣ إذ يدرِّس الفقيه وهو في أكمل حالاته البدنية والمعنوية، يقظًا متوقدًا وثَّابًا، يلقي المسائل على أصحابه ويدعوهم إلى المناظرة، وينبه على مراتبهم في العلم.

(٥) قسمة العلوم

ويدخل في تحديد العلم بيان أقسام العلوم.١٦٤ وهي قسمان: قديم وحادث، وهو أدخل في علم أصول الدين.١٦٥ الأول العلم «الإلهي»، والثاني العلم «الإنساني». وينقسم الإنساني إلى اضطراري واستدلالي، والاضطراري علم الحواس وعلم النفس. والنظر قد يكون فطرة أو كسبًا، ضرورة أو اختيارًا. وقد تكون قسمة العلم إلى علم التوحيد والصفات وعلم الشرائع والأحكام، هي علم أصول الدين وعلم أصول الفقه. وكلاهما يقوم على نفس المصادر الكتاب والسنة والإجماع، فلا فرق بين «الفقه الأكبر» و«الرسالة» لأبي حنيفة، وبين مسائل خلق القرآن وأحكام التكليف بين الاعتزال والحنفية.١٦٦ وقد يسمى النوع الثاني علم الفروع، وهو الفقهُ بالنسبة لعلم الأصول، أصولَ الدين. وينقسم إلى ثلاثة أقسام: الأول علم المشروع بنفسه، وهو: الفقه والعبادات والمعاملات، والثاني علم إتقان المعرفة بالنصوص، ألفاظها ومعانيها وضبطها، وهو علم أصول الفقه، والثالث العمل به حتى يتحول العلم إلى نص للنفس وللجماعة، وهي نظرية الوعي الثلاثي: التاريخي، والنظري، والعملي. والشريعة أيضًا حكمة في النص الأول وفي علوم الحكمة كما سماها ابن رشد في «فصل المقال».
علم أصول الدين وعلم أصول الفقه علمٌ واحد، الأول لأصول النظر، والثاني لأصول العمل. كتب بعض الأصوليين في العلمَين معًا، مثل الباقلاني «التمهيد»، و«الإنصاف» في أصول الدين، و«التقريب» و«الإرشاد» في أصول الفقه، وابن حزم «الفِصَل» في أصول الدين بطريقة الفرق و«الإحكام» في أصول الفقه، والجويني «الإرشاد» و«العقيدة النظامية» في أصول الدين و«البرهان» و«الورقات في أصول الفقه»، والغزالي «الاقتصاد» في أصول الدين و«المستصفى» و«المنخول» و«شفاء الغليل» في أصول الفقه، والرازي «المحصل» في أصول الدين و«المحصول» في أصول الفقه، والآمدي «غاية المرام» في أصول الدين و«الإحكام» في علم أصول الفقه.١٦٧
وتعني المبادئ الكلامية المقدمات النظرية في علم أصول الدين، بل ويظهر ذلك في عنوان الكتاب «منتهى الوصول والأمل في علمَي الأصول والجدل».١٦٨ الفقه يضع أصول العمل، في حين يضع علم أصول الدين أصولَ النظر، ولا تدخل أية مسألة نظرية في علم أصول الفقه، والسؤال هو: هل كتب العلماء بنفس المنهج والرؤية، الأشعرية في أصول الدين، والشافعية في أصول الفقه، والاعتزال في أصول الدين، والحنفية في أصول الفقه؟
وقد يُضم أصول الفقه إلى أصول الدين إلى الفقه في قسمة ثلاثية لعلوم الشرع.١٦٩
ولكلٍّ مادته ومقصوده ومصادره. وقد يكون المدخل إلى علم أصول الفقه «هو العلم»، كما هو الحال في علم أصول الدين، أو المنطق في علوم الحكمة. وفي المقدمة وسط المتن، مثل «باب العلم».١٧٠ وهو علم الفقه، علم الفرائض؛ أي التأسيس النظري للعمل. وقد يستمد علم أصول الفقه مادته من ثلاثة علوم: أصول الدين، واللغة العربية، وعلم الأحكام؛ أي الفقه.١٧١
وقد يدخل علم أصول الفقه كله تحت نظرية «في العقل والشرع استمرار لمسألة العقل والنقل في علم أصول الدين أو الفلسفة والدين في علوم الحكمة»، ولكن اقتضاء العقل والشرع يؤديان في «المستصفى» إلى التصوف، فالدنيا دار غرور، لا دار سرور.١٧٢ وعلم أصول الفقه علم نقلي عقلي، امتزج فيه المعقول بالمنقول، واشتغل على النظر في الدليل والمدلول؛ للارتفاع من مرتبة التقليد إلى درجة المجتهدين، ومعرفة وجوه الترجيح والتمييز بين المذاهب.١٧٣
فالأدلة المستعملة في علم أصول الفقه أدلة مركبة من السمعية العقلية من أجل تحقيق المناط، أي من أجل التحول من النقل والعقل إلى الواقع. والأدلة الشرعية الأربعة قطعية بهذا المعنى، النص في الكتاب والسنة، والإجماع في التجربة المشتركة، والاجتهاد، أي العقل، تحقيقًا للمصالح العامة، فالمصلحة أساس التشريع في النص والعقل والواقع. وقد اتفقت الأمة على أن الشريعة وُضِعت للمحافظة على الضروريات: النفس (الحياة)، والعقل، والدين (المعيار)، والنسل (العِرض)، والمال (الثروة)، فلا فرق بين المصلحة وقصد الشارع.١٧٤
لذلك فإن كل أصل شرعي حتى ولو لم يشهد له نص معين، وكان ملائمًا لتصرفات الشرع ومأخوذًا من أدلته، فهو صحيح، يُبنى عليه ويُرجَع إليه إذا كان هذا الأصل قد صار بمجموع أدلته مقطوعًا به.١٧٥ وهو الاستدلال المرسل مثل الإحسان. الأصل الكلي منتظم في الاستقراء، يتحد فيه العقل والواقع. هي أصول مستقراة في الواقع كما هو الحال في المنطق الاستنباطي الاستقرائي.
ليست القضية في العقل والنقل أيُّهما أصل وأيُّهما فرع، كما هو الحال في علم أصول الدين، علاقة الأساس بالمؤسس، بل كلاهما أساس ومؤسس في آنٍ واحد. يتأسس العقل على العقل تجنبًا لاشتباه اللغة، ويتأسس العقل على النقل لحاجة العقل إلى الحدس، والتوجه نحو العمل، وضمان الصدق. النقل ليس حدًّا للعقل، بل توجيه له نحو العمل والشمول وضمان الصدق والموضوعية. العقل يحسِّن ويقبِّح، والنقل مثبِّت له، وقادر على إحكام النص وتخليصه من الاشتباه، بل إن النص يدعو إلى تحكيم العقل.١٧٦ ولا تبطل الشريعة بالعقل لأن كليهما يقوم على أصل ثالث؛ وهو المصلحة.١٧٧
وقد يكون المدخل النظري لعلم أصول الفقه، قسمة العلوم وتحديد صلة العلوم بالعلوم الأخرى.١٧٨ فالقسمة هي قسمة العلوم الشهيرة إلى ثلاثة: الأولى علوم عقلية خالصة كالحساب والهندسة والنجوم، أي الفَلك. ويمكن إضافة علوم أخرى مثل الجبر والموسيقى. وهي أفضل ما تجلَّى فيه الإبداع.١٧٩ وهي في «المستصفى»: «لا يحُثُّ الشرع عليه، ولا يندُب إليه، مع أنها قوام الحياة وأساس العمران، وهي بين ظنون كاذبة، وإن بعض الظن إثم، وعلوم صادقة لا نفع لها.» ونعوذ بالله من علم لا ينفع؛ لأن المنفعة الحقة في الآخرة وليست في الدنيا.١٨٠
وعلم أصول الفقه مستقل عن الفقه وعن أصول الدين، أي علم الكلام، وليس فرعًا له.١٨١ وتنقسم العلوم إلى ثلاثة: الأولى عقلية محضة كالحساب والهندسة، ولغوية كعلم اللغة والنحو والصرف والمعاني والبيان والعروض، وشرعية مثل القرآن والسنة.١٨٢ والثانية العلوم النقلية الخالصة كالحديث والتفسير. ويمكن إضافة علوم القرآن والسيرة والفقه، يستوي في معرفتها كل الناس؛ لأنها تعتمد على النقل وقوة الحفظ، وليس فيها مجال للعقل، وهو حكم مبالغ فيه؛١٨٣ إذ يختلف الناس في درجاتهم في النقل والحفظ، وكيف يكون علمٌ لا مدخل للعقل فيه ويكون فيه نفعٌ للناس؟ وهل العلوم العقلية في هذه الحالة الظنية، التي لا نفع فيها، أفضل من العلوم النقلية النافعة؟ إن العقل يؤدي إلى اليقين بإجماع المتكلمين والفلاسفة، بل إن كل الحجج النقلية حتى لو تضافرت لإثبات شيء أنه صحيح، ما أثبتته، ولَظلَّ ظنيًّا، ولا يتحول إلى يقين إلا بحجة عقلية ولو واحدة. ١٨٤ ولا تؤدي الحجة النقلية إلى يقين إلا بعد معرفة أسباب النزول، والناسخ والمنسوخ، وقواعد اللغة، وأساليب البيان، وأنواع الخطاب، في حين أن العقل، بديهي أو نظري، تحكمه قواعد الاستدلال، وفي مسار التاريخ انزوت العلوم العقلية، بعد قضاء الغزالي عليها في القرن الخامس الهجري، وانقطعت في الوعي الثقافي حتى حلت العلوم العقلية الغربية محلها، فلم يمكن تطوير القديم، ولا تمثل الجديد. كما أصبحت العلوم النقلية هي الأكثر حضورًا في الحياة الثقافية المعاصرة؛ نظرًا لانتشارها في الجامعات والمعاهد الدينية وفي المساجد والزوايا، تدعمها شركات توظيف الأموال، ودور النشر الدينية المتخصصة في كتب التراث الأكثر مبيعًا في كل المعارض العربية للكتاب، والثالثة علوم تجمع بين النقل والعقل.١٨٥ وهي أشرف العلوم لأنها تجمع بين الرأي والشرع، مثل علم أصول الفقه. ويمكن إضافة علم أصول الدين وعلوم الحكمة، بل وعلوم التصوف أيضًا، مثل «حكمة الإشراق» عند السهروردي و«الفتوحات المكية» عند ابن عربي، والتصوف النظري عند عبد الحق بن سبعين.١٨٦
وفي قسمة أخرى تنقسم العلوم قسمة ثلاثية أخرى، الأولى عقلية كالطب والحساب والهندسة، وهو خارج موضوع علم أصول الفقه، والثانية دينية هي تعادل الشريعة، لا فرق بين نقليةٍ كالتفسير والحديث والفقه، وعقليةٍ نقليةٍ كالكلام وأصول الفقه، والثالثة باطنية؛ أي علم الباطن، علم القلب، وتطهير النفس من الأخلاق الذميمة، وهي علوم الذوق.١٨٧
ثم تنقسم العلوم العقلية والدينية إلى علوم كلية وأخرى جزئية. العلوم الكلية مثل علم الكلام؛ لأنه هو الذي يضع أصول النظر، أي التصور الكلي للعالم. والعلوم الجزئية هي سائر العلوم النقلية مثل التفسير والحديث والفقه، بل وأصول الفقه؛ لأن العمل فرع للنظر. ومعرفة العلم الكلي ليست شرطًا لازمًا لمعرفة ممارسة العلوم الجزئية، وإن كانت شرطًا للعلم مطلقًا. يكفي صاحبَ العلوم الجزئية أن يكون مقلدًا في العلوم الكلية.١٨٨
وللعلوم مراتب: علم الإنسان بنفسه وصفاته وكلامه ولذاته، العلم الضروري باستحالة المستحيلات، العلم بالمحسَّات، العلم المتواتر، العلم بالحروف والصناعات، علم قرائن الأحوال (علم النفس)، العلم الحاصل بالأدلة العقلية، العلم بجواز النبوات، العلم بالمعجزات، العلم بوقوع السمعيات، وتتفاوت بينها البديهيات، والحسيات راجحة على النظريات.١٨٩
وكلما اقترب علم أصول الفقه من علوم التصوف، فإن الأصول تصبح قطعية لا ظنية؛ لأنها رامية إلى كليات الشريعة، وهي قطعية.١٩٠ ويشهد بذلك الاستقراء، أي الواقع، وليس فقط النص، وهو الاستقراء الكلي من أدلة الشريعة. كما يشهد به العقل؛ لأن الأصول القطعية لا تكون إلا عقلية، والظن لا يستند إلى العقل. الظن في الجزئيات وليس في الكليات. ونموذج الأصول العقلية أحكام العقل الثلاثة: الوجود والاستحالة والإمكان. والكليات هي الضروريات والحاجيات والتحسينات، أي إنها المصالح العامة، بتعبير القدماء، أو المنافع العمومية، بتعبير المحدَثين. وقطعيات أصول الفقه تشبه قطعيات أصول الدين، الأولى للعمل، والثانية للنظر. والقواعد الفقهية هي نموذج الأصول القطعية، فالعقل والنقل والواقع أبعاد ثلاثة حقيقية واحدة. العقل له مرادفات مثل النظر والقياس والبرهان، والنقل هو السمع أو النص أو الوحي، والواقع هي المصلحة والعادة والعرف، وحياة الناس والقدرة والطاقة في الأهلية والزمان والمكان.
ويدخل المتن الأصولي ضمن مشروع أكبر للمتون في باقي العلوم، مثل علوم التصوف، فكلا العلمين للنفس، علم الأصول لعلم الجوارح والأفعال الخارجية، وعلوم التصوف علم بواطن القلوب والأفعال الداخلية.١٩١ وكلاهما للسيطرة على أهواء النفس، فالنفس الجاهلة تدعو إلى الحاضر، والروح العاقلة تدعو إلى العاقبة. فتفرَّق الناس إلى أربع طبقات: الأولى ضالة بالهدى غافلة عن نفسها، عامِهة في طغيانها، والثانية ضالة بنفسها ظانة أن الأمر كذلك في جنسه، والثالثة مهتدية بدلائل العقل ونصوص الشرع، والرابعة مهتدية بروح القدس بأنوار العقل والشرع. ونور الروح أصلي، ونور العقل فرعي، وهذه الطبقة لها إمام.

ثم تنقسم هذه الطبقة بدورها إلى أربع طبقات أخرى: الأولى عارفة عن جهل بتأويل النص الشرعي، وهي على شفا العبث والبدعة. والثانية عارفة عن علم بتأويل النص بلا استمداد من الألباب، وهي على شفا الضلال والارتياب؛ لأن الحوادث غير محدودة، والنصوص محدودة. والثالثة عارفة متفقة على رأي القلب، ولكن غائبة عن طرق الفقه، وهي على شفا الهلاك بالهوى. فالعقل وحده لا يكفي وما يتجاوزه هوًى. والرابعة عارفة عالمة بالنص الشرعي؛ تأويلًا وفقهًا وتعليلًا. ولهذه الطبقة إمام على شفا الهاوية؛ لأن العلم صالح لكسب الدنيا والآخرة، لا ينجو عن المحظور إلا بالنظر في المستور.

لذلك انقسمت هذه الطبقة أيضًا إلى أربعة أقسام: الأول لهْو عن العمل والعلم. والثاني انشغال بالعمل عن العلم. والثالث اتخاذ العلم مكسبه للدنيا. والرابع الاكتفاء بالعلم حظًّا يُبتغى. والكل على شفا جرف هاوٍ. فما العلم إلا للعمل، وما العمل إلا بترك العاجلة إلى الآجلة.

والعامل قسمان: الأول عامل على فرار وعزلة. والثاني عامل على فرار ودعوة، ولهم إمامهم. وأقصى المراتب الدعوة إلى الله، وهي رتبة الأنبياء، وميراث العلماء، وطريق الله، والعبد عاملٌ فيه، والعبادة منُّ الله على عبده، والعبد يؤديها عن نفسه بالعمل دون العزلة. الخلافة بالولاية، تقوى بالنبوة، وتزداد بالرسالة، تضعف بالاستنباط والدلالة، وتزداد ضعفًا بالقنوع بظواهر المسموع، وقد انقطعت النبوة، وانتهت القوة. ونفع العبادة خاص، ونفع الدعوة عام.١٩٢ فالعلم شريف، نور في القلب، وبرهان في العقل، لا تكفي فيه الحواس، عظَّمه السلف بشقَّيه: نور القلب وحجج العقل، كما هو الحال في علم الأصول، تخريجًا على الأصول الأربعة التي بها يتعلق الابتلاء، وبيانًا للحدود.

خامسًا: نظرية العلم

(١) مضادات العلم

ويضاد العلم الاعتقاد؛ لأنه علم بغير دليل، وينقسم الاعتقاد إلى صحيح وفاسد، والاعتقاد الصحيح النظر إلى الشيء على ما هو عليه، والفاسد عكسه؛ اعتقاد الشيء على ما ليس عليه.١٩٣ فالواقع هو مقياس التصديق. العلم اعتقاد جازم لا يقبل التغيير، والمقابل اعتقادٌ صحيح إن طابق، فاسدٌ إن لم يطابق. وغير الجازم ظن ووهم وشك؛ لأنه إما راجح أو مرجوح أو مساوٍ. ويثبت العلم ضد إنكار السوفسطائية له، ونفيهم للعلم والحقائق في الذوات. وعلى الضد يثبت العلم وذوات الحقائق التي لا تُعلم بالقوى البشرية. فالإنكار والإلهام نقيضان. وثبت العلم حتى في حالة إنكاره؛ لأن الإنكار يتطلب العلم. ولا يمكن إنكار العقل بحجج سوفسطائية بدعوى الدور أن العقل لا يثبت إلا بعقل، ولا بد من عقل أول لا وجود له. العلم ممكن ضد جحد السوفسطائية له، والذي يقوم على التمويه.١٩٤
ويضاد العلم الجهل، وهو اعتقاد من غير علم، أو اعتقاد الشيء على ما ليس هو عليه.١٩٥ هو الجزم غير المطابق، وقد يكون بسيطًا أو مركبًا. الجهل البسيط عدم العلم، والمركب هو عدم العلم بعدم العلم. الجهل انتفاء العلم بالمقصود أو تصور المعلوم على خلاف هيئته.
والجهل والظن والشك من أضداد العلم، وأحيانًا يطلق العلم على الظن أو الشك على الظن. واستعمال الظن بمعنى العلم اليقيني مجاز.١٩٦
الشك تجويز أمرين ليس لأحدهما ميزة على الآخر؛ أي من غير ترجيح.١٩٧ والشك التردد في ثبوت الشيء ونفيه على السواء، أو الحكم على أحدهما مع تجويز نقضه، ولا ينبني عليه حكم. وكل ما صح بيقين فلا يبطل بالشك.١٩٨
والظن هو تجويز أحد أمرين على الآخر.١٩٩ وهو لفظ قرآني إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاَق حِسَابِيَهْ. وغلبة الظن زيادة قوة أحد المجوزات، هو الاحتمال الراجح في مقابل الوهم، وهو الاحتمال المرجوح؛ لذلك تتفاوت الظنون. الظن هو العلم الحاصل عن أمور مسلَّمة أو أمور مشهورة أو مقبولة في العقل، أو عن قرائن الأحوال الظاهرة، أو عن وهم في غير محسوس؛ لذلك فإن الظن طريق للحكم. وما دون مرتبة العلم يفيد الظن، مثل المشهورات والمقبولات والوهميات. المشهورات هي اتفاق الناس بما يتفق مع العقل أو دونه. والمقبولات أخبار الثقات الذين لم يبلغوا حد التواتر، ولكن تسكن النفس إليها. والوهميات فهي ما يتخيل أنه عقلي وهو ليس كذلك.٢٠٠ والوهم هو الطرف المرجوح.٢٠١
والسهو هو النسيان، جهلٌ بعد علم. فإن لم تتقدم معرفته يكون السهو أو الذهول.٢٠٢ هو الذهول عن المعلوم أن يخطر بالبال.٢٠٣
وقد تركز مقدمة على إثبات حجج العقول ضد القول بالإلهام أو بالإمام المعصوم أو بالخبر وحده أو بالتلقين. فالعقل حمَّال أوجه. وهو تمويه فاسد؛ لأن حجج العقول ثابتة، وهو يشبه مقدمة علم أصول الدين في نفي تكافؤ الأدلة.٢٠٤ والإلهام ليس مصدرًا موضوعيًّا للمعرفة، وإبطال الإلهام يمكن أن يتم بالإلهام أيضًا، فهو سلاح مزدوج، ولا يُعرف إلا ببرهان، والمعجزة ليست برهانًا، وقد يوقع الإلهام في الاعتقاد بالغول والعنقاء والنسناس وجميع الخرافات.٢٠٥ الإلهام إشباع الإنسان ما اشتهاه قلبُه من غير نظر أو استدلال أو تمييز. هو الإيقاع في الروع من علم يدعو إلى العمل به من غير استدلال بآية. هو ما حرك القلب بعلم وعمل من غير استدلال ولا نظر ولا حجة. وهو أقرب إلى الخيال وربما الوهم. وهو غير الفطرة؛ لأنها عامة للبشر جميعًا، في حين أن الإلهام دعوى الخاصة، والإمام المعصوم اختفى، ولا يمكن الاستفادة منه. وهو في النهاية تقليد.٢٠٦ ولا أحد من البشر معصوم من الخطأ.٢٠٧
والتقليد مشتق مِن قلد قلادة، أي الربط في العنق. وهو ليس مصدرًا من مصادر العلم؛ لأنه قولٌ بلا دليل، مقياس تقليد هذا وليس ذلك، وماذا لو غير المقلد رأيه؟٢٠٨ هو اتباع الإنسان لغيره في قوله وفعله، على أنه محق، بلا نظر واستدلال وتأويل وتمييز، والتزام حكم المقلَّد بلا دليل. والرأي هو استخراج صواب العاقبة. والخطأ ما يتنبَّه به صاحبه بعد إتعاب. التقليد اعتقاد بلا برهان، مثل القياس والأخذ بالمرسل والمقطوع والبلاغ والمنسوخ والمخصص وكلِّ قضية فاسدة. ويقوم على الاستحسان بالهوى، مثل الرأي والاستحسان بدعوى الإلهام. ولا يمكن تجميل التقليد بتبديله إلى لفظ اتباع، ويقال «لا نقلد، بل نتبع.» ولا دليل على علم المقلَّد ولا على جهل المقلِّد، وماذا لو تعارض مقلَّدان في الحكم؟ وماذا لو اختلف مقلَّدان في الحكم واتبعهما الناس؛ فتفرقت الشريعة؟ وكيف اختيار الأفضل والمقلِّد ليس بعالم؟ ولا ضير من الاجتهاد كما فعل الصحابة، فيصوبهم الرسول أو يخطِّئهم. وإذا سأل سائل مسألة فأعيته، فإنه يبحث عن أقوال العلماء، ويعرضها على الكتاب والسنة، ويراجع اجتهادهم، والحق يصير للإنسان بعقله. التقليد أقرب إلى البهائم. ولا يعني كون آدم أبي البشر أنه كان مصدرًا للتقليد؛ لأن الإنسان مكلف بعقله مثل آدم نفسه.٢٠٩

والتقليد أنواع، تصديق الأمة صاحب الوحي، وهو ليس تقليدًا، بل هو تصديق عن برهان. وتصديق العالم صاحب الرأي، وهو مراجعة للرأي والبرهنة عليه. وأما اتباع الهوى بلا نظر عقلي واستدلال، فهو ليس أصلًا من أصول العلم. ويذكر التقليد في المصادر غير الشرعية، وفي التقليد والاستفتاء، وأنه نقيض العقل، وهو من مقاصد الشريعة ابتداءً.

ويوضع استصحاب الحال والطرد مع المصادر غير الشرعية، «وهي مستحسَنة المبادئ مستقبَحة العواقب، مداخلها هدًى، ومخارجها ضلال.» استصحاب الحال والطرد كلاهما قول بلا دليل، وهما من أشكال القياس الحر ومسالك العلة.٢١٠
والخبر وحده ليس مصدرًا للعلم؛ لأنه مشروط بيقين الحس والعقل ومصالح الناس.٢١١ ويوضع مع شروط التواتر.

(٢) حد العلم

ويتطلب علم أصول الفقه حد العلم وحقيقته؛ أي علم العلم. وهو معرفة العلم على ما هو به، أو إثبات المعلوم على ما هو به، أو الثقة بالمعلوم على ما هو به، أو ما يستحق أن يشتق للعالم من اسم عالم، أو اعتقاد الشيء على ما هو به مع سكون النفس إلى معتقده، تأكيدًا على البعد الشعوري للعلم، وقد يضاف إليه على غير الظن والتقليد.٢١٢ العلم يبين المعلوم على ما هو عليه. هو الجازم المطابق للحق.٢١٣ وتتفاوت العلوم؛ إذ يتعلق العلم بأكثر من معلوم، ولا يوجد علم لا معلوم له.٢١٤
وقسمة العلم إلى قديم ومحدَث؛ يخرج عن إطار علم أصول الفقه، ويدخل في علم أصول الدين.٢١٥ فما زالت نظرية العلم في أصول الفقه متداخلة مع نظرية العلم في أصول الدين.٢١٦
والعلم إما ضروري أو كسبي، الضروري هو البديهي، والكسبي هو الاستدلالي؛ أي ما يتم بالتحصيل.٢١٧ الضروري ما لزم نفس المخلوق، ولا يمكن الانفكاك منه، ودون اختيار وقصد. وهو علم الحواس الخمس والخبر المتواتر.

ولا يتفاوت إلا بكثرة المتعلقات. والعلم النظري ما احتاج إلى استدلال. العلم الكسبي يزيد وينقص، والضروري ثابت، إما علم أو لا علم.

لذلك وجب النظر للانتقال من المعلوم إلى المجهول، ومن الخفي إلى الجلي.٢١٨ هو «فكر القلب وتأمله في المنظور.» والعلم النظري ينضبط بالذهن وبالعادات؛ أي بالعقل والواقع.٢١٩ النظر المؤدي إلى العلم هو النظر الصحيح؛ بشرط أن يرجع إلى النظر نفسه ثم إلى صفة فاعله. والنظر في نفسه في دليل ليس به شبهة في أمر غير معلوم للناظر. وفاعل النظر هو كامل العقل، وأن يكون عالمًا بحصول الدليل وبوجه الدلالة. وقد يحسِّن العقل ويقبِّح أيضًا، ويُعلَم ذلك بضرورة العقل.
والنظر الصحيح يولد العلم الصحيح نظرًا للارتباط الضروري أو الارتباط المعياري بين النظر والعلم.٢٢٠ وقد يؤدي إلى علم أو ظن.٢٢١ والنظر الفاسد لا يستلزم الجهل.٢٢٢ والدلالة على صحة النظر تضمن العلم المنظور فيه والطريق إليه.
وتحصل العلوم الضرورية من عدة طرق: الحواس الخمس بشرط سلامتها، والعلم المبتدأ في النفس من غير حاسة خاصة، مثل العلم بالنفس وبمجرى العادات، والوجدانيات، والقوة سبب الإدراك.٢٢٣ والمعاني المدركة محسوسة ومتخيلة ومعقولة.٢٢٤ وتضاف قرائن الأحوال.٢٢٥ ومن ثم تكون مصادر العلم السمع، وضرورة العقل، والنظر العقلي والحسي، والوجدان، والتواتر، والتجربة، والحدس، وقرائن الأحوال.
ثم تدخل موضوعات من علم أصول الدين إلى علم أصول الفقه، مثل لمن الأولية؛ البصر أو السمع؟٢٢٦ ميزة السمع أنه غير مرتبط بقوانين الأشعة والانكسار مثل البصر، ولا يتعلق بمنظور وجهة الرؤية التي تدرك جانبًا. والحقيقة أن السمع أيضًا مرتبط بذبذبة الهواء، ومدى بُعد المسموع عن حاسة السمع، وإمكانية الخلط بين الصوت والصدى.
ولا يقتصر العلم على الحس، بل يعتمد على العقل.٢٢٧ والعقل قوة تمييز بين حقائق المعلومات أو مادة طبيعية أو جوهر بسيط أو علم ضروري. ويتراوح التعريف بين الأداة والوظيفة والموضوع، وتتساوى العقول في البداهة في النور الطبيعي.٢٢٨ العقل هو العلم الضروري الذي يقع ابتداءً بعلم العقلاء.٢٢٩ وهنا يتحد العقل بالعلم الضروري، ومحله القلب أو الرأس.٢٣٠ العقل أداة الفهم، وتتفاوت العقول فيما بينها. يولد الإنسان ثم ينبثق فيه نور العقل وبصر القلب، فإذا كان النظر ضعيفًا حدث الشك. وإذا كان متوسطًا حدث الظن، وإذا كان قويًّا حدث القطع.
ومجاري العقول متعددة مثل العلوم الضرورية، وحقيقة النظر والدليل، المقدمات والنتائج، عدم الثقة بما لا ينحصر بالتقسيم، والقسمة عقلية وأحيانًا لا عقلية، التمييز بين الجهل بالعلم وعدم معرفة المطلوب.٢٣١ وهي أيضًا مدارك العلوم الدينية، العقل المحض، المشترك بين العقل والعرف، المدرك السمعي، وحصر مدارك العقل المحض في المحسوسات، العلم بالجواز، تخصيص أحد الجائزين بالوقوع، وجوب مخالفته للجائزات، عدم تخصيص الصفات إلا بعد حصولها.٢٣٢
وقد ظهر العقل في كل العلوم، الفلسفية والطبية والكلامية والفقهية. فالعقل عند الفلاسفة النظر في حقائق الموجودات، وعند الأطباء معالجة الأمراض، ومن ضمنها مرض العقل، وعند المتكلمين الاستدلال على صدق العقيدة، وعند الفقهاء معرفة أحكام التكاليف.٢٣٣ ولكل فريق فروعه واجتهاداته.
وقد تجمع بعض العلوم بين أكثر من مدرك، مثل الحس والعقل، أو بين الحس والعقل والوجدان، أو بين الحس والعقل والوجدان والخبر؛ أي التاريخ.٢٣٤ وقصره على الحواس إنكار للعقل. والوسائط ثلاثة: الحس والعقل ومجرى العادات والعرف، والعلم مركب من الحس والعقل والتواتر والتجربة والحس.٢٣٥ وجعل مآخذ العلوم النص وحده، الكتاب والسنة، دون نظر العقل؛ هدمٌ لأساس النص ذاته.
ومن ثم تكون مراتب العلوم:
  • (١)

    علم الإنسان بنفسه وما يجده من صفاته كألمه وفرحه.

  • (٢)

    العلوم الضرورية غير المستحيلة أو المتضادات. وهي العلوم العقلية والطبيعية.

  • (٣)

    العلوم المحسوسة مع الاحتراز من خداع الحواس.

  • (٤)

    العلوم التاريخية مع التأكد من صدق الأخبار.

  • (٥)

    العلوم الحرفية والصناعية مع ضمان عدم الخطأ في الحساب والمقاييس.

  • (٦)

    العلوم المستندة إلى قرائن الأحوال، كالخجل والوجل والغضب، وهي علوم الأحوال النفسية.

  • (٧)

    العلوم الاستدلالية العقلية.

  • (٨)

    العلم بجواز النبوات وابتعاث الرسل وجواز الشرائع، وتدخل في علم أصول الدين.

  • (٩)

    العلم بالمعجزات إذا وقعت، وتدخل في الأخبار أو في العلوم الحسية، وتدخل أيضًا في علم أصول الدين.

  • (١٠)

    العلم بالأدلة السمعية، الكتاب والسنة والإجماع، وهي ليست مستقلة عن الأخبار.

ومن ثم يمكن إجمال العلوم في العلوم الحسية والعقلية والنفسية والتاريخية والصناعية.٢٣٦
وطرق معرفة الشيء بآثاره بالاستدلال بالمصنوع على الصانع، وبحسب ذاته المخصوصة بالمشاهدة من بقايا نظرية العلم في علم أصول الدين، وموضوعه «الله»، وخارج عن علم أصول الفقه، وموضوعه «العالم».٢٣٧

سادسًا: أنواع الأدلة

(١) الدلالة والدليل والدال والمستدل والاستدلال

ليس النظر فقط من حيث الناظر، بل هو أيضًا من حيث المنظور. ليس فقط من حيث الذات، بل أيضًا من حيث الموضوع، فالعلم قصد متبادل بين الذات والموضوع، والمنظور هي الأدلة على الأحكام.

وهي نوعان: الأول النظر فيه يؤدي إلى العلم بحقيقة المنظور فيه قطعًا، مثل أدلة السمع.٢٣٨ والثاني النظر فيه يؤدي إلى غلبة الظن، وهي الأمارة على الحكم، وهي أمارات عقلية أو قياس، وهو الاستدلال على ثبوت الحكم في الفرع؛ لوجود علة الأصل فيه، سواء كان قياس علة أو قياس دلالة أو حتى قياس شبه؛ لذلك وضع سؤال: هل الاستدلال قياس؟٢٣٩
ونظرية في العلم ووجوب الدلائل والنظر أشبه بمقدمة علم أصول الدين دون تفصيلاتها.٢٤٠ فللعلوم طرق منها جلي ومنها خفي، ولو كانت كلها خفية أو جلية لاستحال العلم، فكيف تُعرف الخفية وهي غير معروفة؟ وما الفائدة من معرفة الجلية وهي معروفة؟ وقد تكون نظرية العلم كلها هي علم الأصول، أي تأصيل الأصول؛ لذلك يتباين أهل الاستنباط في النظر، وبالتالي في العلم، اللهم أن يكون النظر سليمًا من الآفات مع ضبط الآثار وحسن الاختيار. فالعلم توثيق يقدَّم على السمع أو استنباط يقوم على العقل. الأول خاص والثاني عام، وكلاهما يبغي المصلحة بالشرح وبالعقل.
والدلالة لا تتخصص بوجود وعدم، وحدوث وقِدم، أي الدلالة الكونية، بل هي الدلالة الإنسانية على الأفعال، فهي ليست دلالة في العالم، بل دلالةٌ في السلوك.٢٤١ وتشمل الدلالة النظر والعمل؛ لذلك تدخل فيها أخبار الآحاد والمقاييس، وما يقتضي العلم اليقيني والعلم الظني.٢٤٢ الدلالة هي كون اللفظ بحيث إذا أُطلق فَهِم منه المعنى من كان عالمًا بوضعه له.٢٤٣ فالدليل ضربان: عقلي ووضعي. العقلي مثل دلالة الفعل على الفاعل، والوضعي مثل دلالة الألفاظ، وإذا كان الدليل لفظًا فإنه لا يُستعمل مجازًا، إلا إذا كان اللفظ مشتركًا طبقًا للِّسان العربي.٢٤٤
والدليل كل أمر صحَّ أن يُتوصل بصحيح النظر فيه إلى علم غير ضروري.٢٤٥ ويعني لغة المرشد والناصب والذاكر، ويطرد الدليل عقلًا أو تواطؤًا، بالعقل أو العادة. الدليل هو الدلالة على البرهان، وهو الحجة والسلطان.٢٤٦ هو فعل الدال وحده ما صح أن يرشد إلى المطلوب الغائب عن الحواس. الدليل هو البرهان والأمارة. الدليل هو الموصل إلى العلم، والأمارة التي توصل إلى الظن.٢٤٧ ويتبع الدليل المدلول، وقد ينفصل الدليل، والدال، والمدلول، والمدلول عليه، والمستدل عليه، والمستدل له، والاستدلال، والعبارة عنه، وقد تدل كلها على معنًى واحد.
ويحتاج كل استدلال إلى دال، ومستدل، واستدلال، ومستدل به، ومستدل من جهته، ومستدل عليه. الدال هو الناصب للدليل.٢٤٨ والمستدل هو الطالب للدليل. والمستدل عليه هو الحكم. والاستدلال التفكر في حال المنظور فيه طلبًا للعلم. هو الاهتداء بالدليل واقتفاء أثره للوصول إلى الحكم. وقد تكون الهداية بمعنى الرشاد. والاستدلال هو الطلب للدلالة على المعنى، وكل استدلال هو طلب للدلالة، وكل مستدل بمنزلة المستنطق للأشياء؛ إما استشهادًا وإما استنكارًا. والاستدلال الذي يُستخرج بالمعنى هو الذي يُستحضر بالمعنى. والاستدلال الذي يحقق المعنى هو الذي يستشهد على المعنى بالأصل على الفرع. ويمكن الاستدلال بالمثال الذي يُردُّ إليه المعنى. والاستدلال الذي يُعتمد عليه في الطريقة استشهاد الأول بالثاني، والثاني بالثالث؛ إلى آخر المراتب، أو استشهاد أن يُحضر الأول الثاني، والثاني الثالث. الأول تنازلي، والثاني تصاعدي.٢٤٩ والاستدلال الذي تقع فيه منازعة لا يُعلم ببديهة العقل.

وكل استدلال إما طلب بالسؤال أو بالاستشهاد أو في الجواب.

وفي الاستدلال بالنقيض إذا صح أحد النقيضين فسَد الآخر. ويُستدل بصحة الشيء على فساد غيره. والاستدلال بالشاهد على الغائب إما من جهة المشاهدة أو الدلالة. والغائب هو ما يُتوصل إلى معرفته بتأمل حالِ ما عُلم قبله، وهو قياس الغائب على الشاهد. والمعلوم إما الشاهد أو الغائب، فالشاهد: المعلوم للمستدِل به قبل العلم بالمستدَل عليه، سواءٌ كان العلم ضرورةً أم استدلالًا.٢٥٠ وكلها مستمَدة من مناهج الجدل في علم أصول الدين.
والاستدلال بالأصل على الفرع لتصحيح الفرع بالأصل أو بنقض الأصل بالفرع. ووجه الدليل هو المعنى الذي يتفطن إلى الذهن من الوصف الجامع بين الفرع والأصل.٢٥١ ويمكن الاستدلال بالقرينة على النتيجة في الكلية والقسمية والشرطية. والكلية لها ثلاثة ضروب وأربعة أنواع.٢٥٢

(٢) الدليل العقلي والدليل السمعي

والأدلة نوعان؛ سمعية وعقلية أو سمعية وعقلية معًا.٢٥٣ فالحُسن والقبح يُعلمان بالسمع والعقل، ولا تنفصل الأدلة السمعية والعقلية عن الحسن؛ لذلك كانت الأدلة سمعية وعقلية وحسية ومركبة من الحس والعقل.٢٥٤ وإن كانت لها أسس عقلية. والمصالح العامة تُعلم بالعقل.
والدليل الشرعي قطعي أو ظني. والظن قد يرجع إلى أصل قطعي، وقد يضاده، وقد لا يوافقه ولا يضاده.٢٥٥ وأدلة النفي أوسع من أدلة الإثبات؛ لأن الإثبات يقوم على النفي. وقد يوجد النفي دون الإثبات، وقد لا يدل الإثبات أصلًا كالدليل العقلي والبراءة الأصلية.٢٥٦ والدليل النقلي لا يفيد العلم إلا إذا اقترن بالدليل العقلي، كما هو الحال في علم أصول الدين؛ لذلك الاستشهاد بالنص وحده لا يجوز.٢٥٧ وهو الكتاب والسنة والإجماع، أما القياس فلا يفيد إلا الظن.٢٥٨
والدليل الشرعي ضربان: البرهان العقلي للاستدلال على المطلوب الذي جُعل دليلًا عليه، والموافقة في النحلة، وهو أشبه بالنقل، والنقل ليس معجزة، بل نقْلٌ من الرسول إلى المرسَل إليهم. وهو الدليل الشرعي بالمعنى الأوسع الذي يشمل العقل والعقل معًا.٢٥٩
الأدلة الشرعية إذن ضربان: ما يرجع إلى النقل المحض، وما يرجع إلى الرأي المحض. وهما ليسا على التجاور، بل على التفاعل. فكل دليل نقلي له أصل عقلي، وكل دليل عقلي له تثبيت نقلي، وليس الأمر أيهما أكثر من الآخر؛ لأنهما ليسا متمايزَين.٢٦٠

لا يخالف الدليلُ الدليلَ النقلي حتى تستقيم أفعال العباد، ولا ينشأ تضارب في السلطة المعرفية بين الشرع والعقل، ولو وقع تناقض بينهما لكان تكليفًا بما لا يطاق. العقل مناط التكليف، ولو ناقض العقل الشرع لاستطاع غير المسلمين نقْضَ الشريعة بالعقل. وهناك معيار ثالث للصدق، وهو اتفاق العقل والشرع مع مجرى العادات، فكلاهما ثابتٌ بالاستقراء.

ووجود متشابهات في النص مثل فواتح السور، ومتشابهات الألفاظ، واختلاف العقول في الفهم والتفسير، لا يعني الطعن في العقل، ففواتح السور لها تأويلاتها العقلية، والمتشابهات يحكمها العقل واللغة، واختلاف العقول ليس أولى من اتفاقها.٢٦١
وكل دليل شرعي مبني على مقدمتين: تحقيق من مناط الحكم، ونفس الحكم الشرعي، الأولى نظرية عملية لأنها تخرج العلة من النص إلى الفعل، والثانية عملية تحقيق الفعل. الأولى تدل على أحكام الشرع المطلقة، والثانية تدل على أنها مقيدة.٢٦٢ وكل دليل شرعي مطلق دون أن يكون له قانون ولا ضابط مخصوص، فإنه يرجع إلى معنًى معقول. وذلك موجود في الأمور العادية المعقولة المعنى.٢٦٣
وكل دليل شرعي يكون معمولًا به عند السلف المتقدمين دائمًا أو أكثريًّا، أو لا يكون معمولًا به إلا قليلًا أو في وقتٍ ما، أو لا يثبت به عمل. ولا إشكال في استعمالِ ما استعمله القدماء دائمًا أو أكثريًّا، مثل الكتاب والسنة المتواترة. وما استعملوه قليلًا أو في وقتٍ ما أو حال، فهو أقرب إلى المخصوص منه إلى العموم، أما ما لم يعمل به الأولون فلا يُعمل به، مثل استدلالات الباطنية والمبتدعين؛ لأن السلف أتوا بأشياءَ لم تكن في عهد الرسول، فالسلف اجتهدوا بأشياء كانت في مَظانِّها في عهده. والمخالفة مع الأولين قد تكون خفيفة أو شديدة؛ طبقًا لدرجة الاجتهاد.٢٦٤ وجعْل السلف المتقدمين معيارًا للخلف المتأخرين إنكارٌ للزمن والتغير.
ويدخل الكتاب العزيز والسنة تحت المنقول، كمقولة منطقية، مع إشارة إلى التحديد الكمي له، ونقله المتواتر، والفرق بين المعجزة والإعجاز.٢٦٥ كما يُشار إلى قراءاته الشاذة التي تُنثر في الحكم. ويعرض لموضوع النسخ وحده، معناه والفرق بينه وبين التخصيص والناسخ نصًّا أو إجماعًا أو قياسًا.٢٦٦ أما السنة فهي «دساتير الصحاح» العنعنة، أي السند للمحدِّثين، وليس للفقهاء، وألفاظ الرواية تحدد مرتبة اليقين، وشروط التواتر الإخبار عن علم، واستواء طرفيه ووسطه، ويضم إلى خبر الواحد دليل لتقويته، والنصوص بالإجماع، ومن ثَم وجب الالتزام بالجماعة.٢٦٧

(٣) أنواع الحجج

علم أصول الفقه هو أساسًا نظرية في الاستدلال؛٢٦٨ لذلك يتم تحديد — أولًا — معاني الآية، والدليل، والعلة، والحال. والحجج اسم يعم الكل، وكذلك البينة والبرهان. والحجة اشتقاقًا من الغلبة، واصطلاحًا الإلزام والوجوب، والبينة الظاهرة. والآية لفظٌ مطلق لما يوجب اليقين؛ لذلك سميت المعجزة آية. والدليل حجة منطق، وطريق يوصل إلى الغاية؛ للك سمي مرشد الطريق دليلًا. ويكون حقيقةً أو مجازًا. والشهادة أخص من الدليل، ويستويان في اليقين.

والعلة اسم لحال، وفي الشرع المعاني المستنبَطة من نصوص الأحكام في الأصول والفروع، وتسمى مقاييس، وهي أعلام وآيات على الأحكام. بها معنى الإيجاب، وهو غير موجود في الدليل، والحال هو الحكم الثابت عن دليل.

وكل حجة قسمان: ظاهر وباطن. الظاهر ما عُقل بالبديهة، والباطن يعقل بتأمل. النص حُجة ظاهرة، والعلة حجة باطنة.

والحجج على أنواع: شرعية وعقلية.٢٦٩ وكل نوع نوعان: موجِبة ومجوِّزة. الشرعية الموجبة النصُّ القطعي؛ لأن الخبر يحتمِل الصدق والكذب، والخبر الصادق يطابق العقل، وصدقه في ذاته، وببرهان العقل، وليس بمعجزة.٢٧٠ وهو الخبر المتواتر، في حين أن خبر الواحد يوجب الظن. والعقلية الموجبة هي البرهان القطعي. والمجوِّزة التي يداخلها الشك. ويمكن الاهتداء إلى المصالح العامة بدلالة العقل.٢٧١ والحجج العقلية سابقة على الحجج النقلية، فالعقل أساس النقل، وكلاهما ظاهر وإن تفاوتا في الظهور. الشرع كالضوء، والعقل كالنور، والقلب كالعين، وقد لا ترى العين في نور السراج، أي العقل، وترى في الضوء الوهاج.٢٧٢ وكما يبدأ العلم بنظرية في الحجج، ينتهي أيضًا بنظرية في الحجج.٢٧٣
وقد تكون نظرية الأدلة ليست المقدمات النظرية العامة بين النظر والعقل، بل مقدمة عامة للأدلة الأربعة في النظر في أحكام الأدلة عامة أو على الجملة.٢٧٤ كما تدخل مباحث الألفاظ كلها في عوارض الأدلة.٢٧٥
والدليل هو الدليل، الكلي وليس الجزئي. والدليل الكلي مستقًى من جزئيات الشريعة، وهو أقرب إلى القاعدة الفقهية في نطاق الاستدلال. الدليل الكلي يتفق مع كليات الشريعة، وهي مقاصدها الكلية. هي المصالح العامة ومراتبها الثلاثة، والتي من أجلها وُضِعت الشريعة ابتداءً. وباجتماع الكلي والجزئي يجتمع العقل والواقع كقاعدتين للشرع. فالنص والعقل والواقع أبعاد لحقيقة واحدة تجمع بين المعرفة والوجود.٢٧٦
وعلاقة الكلي بالجزئي علاقة تراتبية، فكل جزء هو كلي لما هو أسفل منه، وكلي لما هو أعلى منه. مثال ذلك مقاصد الشريعة الخمسة المرتبة من الأعلى إلى الأدنى: الدين، والعقل، والنسل، والمال، والعرض. وقد يختلف العلماء في ذلك. فالحياة هي الأساس الذي يقوم عليه كل شيء، ثم العقل؛ لأنه مناط التكليف، ثم الدين، أي المعيار، ثم العِرض؛ فكرامة الإنسان قبل ثروته، وأخيرًا المال.٢٧٧ والدليل الشرعي كلي؛ سواء كان في الترتيب جزئيًّا أم كليًّا.٢٧٨

(٤) الدلالة على الأحكام

والقصد مِن وضْع الأدلة تنزيل أفعال المكلفين عليها، والتي تقوم على فهم العقل، وتحقيق الفعل في العالم الخارجي. فالشريعة أمر ونهي وتخيير، تقتضي التحقق في الخارج، وإن تم التحقق في الخارج بلا سند عقلي يكون المكلف كالآلة الصماء. وقد ينتقض العقل فينتقض الحكم الشرعي. والتكليف بلا عقل لا يقع؛ لأن الناس جميعًا عقلاء بالفطرة.٢٧٩
وأخْذ الأدلة على الأحكام في الوجود بطريقتين: الأولى أخْذ الدليل مأخذَ الافتقار، واقتباس ما تضمنه من الحكم، ليعرض عليه النازلة المفروضة لتقع في الوجود، على وفاق ما أعطي الدليل من الحكم. قبل وقوعها تقع على وقعه، وبعد وقوعها يُتلافى الأمر ويُستدرك الخطأ الواقع فيها، بحيث يغلب الظن أو القطع بأن هذا غرض الشارع، وهو ما فعله السلف لاقتباس الأحكام من الأدلة. ويقوم هذا الدليل على اتفاق النص مع الواقع قبل القياس أو بعده. قبل القياس النص نموذج نظري، وبعد القياس النص واقع عملي. والثاني أخْذ الدليل مأخذ الاستظهار على صحة غرضه في المنازلة العارضة، بأن يظهر بادئَ الرأي موافقة الغرض للدليل، دون تحري قصْد الشارع، بل المقصود تنزيل الدليل وَفق غرضه. وهذا هو قياس الزائغين الأحكامَ من الأدلة، ويعني ذلك أولوية الواقع على النص، ثم تبرير النص له وَفقًا لغرض المستدِل، وليس وفقًا لغرض الشريعة.٢٨٠
وتقتضي الأدلة الأحكام بالنسبة إلى مَحالِّها أيضًا على وجهين: الأول الاقتضاء الأصلي قبل ورود العوارض، وهو الواقع على المحل مجردًا عن التوابع والإضافات، وهنا يكون النص والواقع قرينَين، وهو أقرب إلى القريحة. والثاني الاقتضاء التبعي، وهو الواقع على المحل مع اعتبار التوابع والإضافات، وهنا يتكيف النص طبقًا للواقع على اتفاق من مقاصد الشريعة. وهو أقرب إلى الرخصة. فالواقع هو التنزيل والمناط. ويتعين المناط بالأسباب الموجِبة للأحكام المعروفة في أسباب النزول، شرطَ أن يكون داخلًا في الحكم لا خارجًا عنه، وأن يشير اللفظ إليه على طريق الإجمال، بحيث يتبين المستدل تحقيقَه في الواقع وأوجه العمل به.٢٨١

سابعًا: اللغة

(١) نشأة اللغة

ولما كان النص مدوَّنًا بلغة، فإن مقدمة الوعي النظري هي البحث في مبدأ اللغات: اللغة اصطلاح أم توقيف؟ هل تثبت اللغة قياسًا؟ الأسماء العرفية، الأسماء الشرعية دون إضافة الأسماء الاشتقاقية، اللفظ المفيد وغير المفيد، طرق فَهم الخطاب على الجملة، وأخيرًا الحقيقة والمجاز.٢٨٢ وتخضع هذه المبادئ اللغوية إلى نسق محدد من العام إلى الخاص.٢٨٣ وهو نسقٌ ينتقل من النص إلى الفعل، النص في «المجمل والمبين» و«الظاهر والمؤول»، والفعل في «العام والخاص»؛ أي الجماعة والفرد، والذي يسبق الأمر والنهي، أي الفعل، افعل ولا تفعل، وقد تتضمن الأحكام الكلية للُّغات المقدماتِ اللغوية وكل مباحث الألفاظ. ويتضمن البحث عن ماهية الكلام أو عن كيفية دلالته. ولما كانت دلالته وضعية فالبحث في اللغة يتوجه نحو الواضع أو الموضوع أو الموضوع له، أو الطريق الذي يُعرف به الوضع.٢٨٤ فالواضع هو النظريات الثلاث، التوقيف والاصطلاح والجمع بينهما. والموضوع حاجة الإنسان للغة لتخاطب بها مع الناس للتعاون البشري. والموضوع الألفاظ للصور الذهنية، وطريقة العلم بها النقل٢٨٥
ويعني مبدأ اللغات نشأتها. وهناك ثلاث نظريات تتصارع فيما بينها: نظرية التوقيف، ونظرية الاصطلاح أو الوضع، ونظرية الجمع بينهما.٢٨٦
يعني التوقيف أن اللغة تعليمٌ أول من معلِّمٍ أول، هو الله، الذي علم آدم الأسماء ثم امتحنه فيها، وسمى له كل شيء بلفظ.٢٨٧ يعني التوقيف أن الله يخلق الأصوات والحروف، بحيث يسمعها واحد أو جمع، ويخلق لهم العلم بها.
ولا يثبت التوقيف بنقد الاصطلاح، وضرورة فهم المخاطب معنى الألفاظ قبل الإشارة إلى الأشياء.٢٨٨ كما لا يثبت وقوع التوقيف بالنص وإن أمكن العقلَ إثباتُ جوازه، فربما أُلهم الإنسان الأول الحاجةَ إلى الوضع بتدبيره وفكره دون تعلم. وربما يكون الاصطلاح قد وُضع من قبل التوقيف، من وضع كائنات غريبة كالجن والملائكة، وهو افتراض خارج علم أصول الفقه. ربما يعني فقط أسماء الكائنات الغيبية، وهو ما لا يفيد في أمور الدنيا؛ من الحرف والصناعات والآلات، وربما نشأت التوقيف ثم الاصطلاح عليه من جيل تالٍ، وهي كلها رجْمٌ بالظن، وتأملات نظرية في احتمالات نشأة اللغة.
بل يزداد الموضوع جرأة عندما يتم تحديد أول لغة تكلم بها الإنسان: السريانية أو اليونانية أو العبرانية أو العربية.٢٨٩ وتبدو العنصرية اليونانية في جعْل لغة اليونانيين أفضل اللغات. والكلام في الأزل لا يسمى خطابًا.٢٩٠ فالكلام إما على المستوى الفيزيقي، وهو الأصوات، أو على المستوى الصوري، وهو التراكيب والقواعد والنحو، أو على المستوى النفسي؛ المعاني التي في النفس.
ويصعب معرفة الوقوع إلا ببرهان تحليل لغوي تاريخي، وهو ما يوجب الاعتماد على علوم اللغة عند المحدثين والتحليل التاريخي للغة.٢٩١ وقد كثر ذلك في العصور الحديثة الغربية في البداية عند علماء اللغة، وفي النهاية عند علماء اللسانيات وفروعها مثل علم الأصوات. والجواز العقلي قائم فقط في الاصطلاح؛ لأن التوقيف يعتمد على عوامل خارجة عن علم أصول الفقه.٢٩٢
لذلك فإن اللغة اصطلاح؛ أي من وضع البشر تقليدًا لأصوات الطبيعة، ويدل على ذلك بعض الأفعال والأسماء، مثل: مواء «القط»، صهيل «الفرس»، خرير «المياه»، عواء «الذئب»، نهيق «الحمار» … إلخ. ولا يثبت الاصطلاح بنقد التوقيف بأن لفظ صاحب التوقيف لا بد أن يكون معروفًا للمخاطب باصطلاح سابق.٢٩٣ ولا يدخل في تعريف الاصطلاح أيُّ عامل خارجي، وإلا كان مثل التوقيف أو على الأقل الجمع بين التوقيف والاصطلاح؛ بأن يجمع الله دواعي العقلاء للاشتغال بالأهم، ومعرفة الأمور الغائبة، ثم يأتي الاصطلاح بعد ذلك. وينتقل من جيل إلى آخر، فتثبت اللغة. وقد ينقدح في الإنسان العاقل وجه الحاجة بتأليف الحروف والإشارة إلى الأشياء، فتنشأ الألفاظ. والمفردات موضوعة، والمثنى والمفرد موضوعان. ويوضع اللفظ المشهور في معنًى خفي. ويكون تعليم اللغة بالقرائن.٢٩٤
والجمع بين النظرتين يجعل دور التوقيف مجرد تنبيه وبعث على الاصطلاح، ثم بعد ذلك يبدأ الاصطلاح إرضاءً للمطلبين، وحلًّا للإشكالية في نشأة اللغة، وتصحيح عيوب كل افتراض بالافتراض الآخر. وحجة التوقيف نص وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا، والنص يَحتمِل التأويل، في حين أن التجربة موطن تصديق، والجمع بينهما يعطي البداية للتوقيف، ومن ثم يكون أقرب إلى نظرية التوقيف؛ لأن الاصطلاح يكون مشروطًا بالتوقيف. ودون توقيف لا يكون اصطلاح.٢٩٥

(٢) المعاني الثلاثة للفظ

ولكل لفظ ثلاثة معانٍ: المعنى الاشتقاقي، والمعنى العرفي، والمعنى الاصطلاحي. المعنى الاشتقاقي هو الذي يبين نشأة اللغة في الواقع الحسي. فاللغة اصطلاح. والمعنى العرفي هو الذي يبين استعمالات اللفظ، ومعانيَه المختلفة في المجتمع، وتطوره عبر التاريخ. والمعنى الاصطلاحي هو المعنى الجديد، الذي يأتي به الشرع فيما يسميه الألفاظ أو الأسماء أو المعاني الشرعية.

وقد تُقسم المعاني لغوية ودينية وشرعية. فاللغوية هي الاشتقاقية. والدينية ألفاظ العقيدة في علم أصول الدين. والشرعية ألفاظ الشريعة في علم أصول الفقه. ويغيب المعنى العرفي للاستعمال، الذي يربط بين المعنى الاصطلاحي وظرف الزمان والمكان، ويصبح المعنى التداولي.٢٩٦ ولا توجد ألفاظ خارج قضية اللغة.
ومن ثم يكون السؤال: هل تنشأ الأسماء اللغوية قياسًا موجهًا نحو الاشتقاق؟ فسُمي الخمر خمرًا لأنه يخمر العقل. ومن ثم يسمى النبيذ خمرًا قياسًا عليه. وسُمي الزنا لأنه إيلاج. ومن ثم يقاس اللواط عليه لأنه أيضًا إيلاج. وسميت السرقة سرقة لأنها أخذ مال الغير، فيقاس عليه النباش. وهو ما يخرج على الاشتقاق؛ لأن كل لفظ له معناه الاشتقاقي المرتبط بلفظه وصوته الناشئ من تقليد الطبيعة. فالاشتقاق من الحس. وليس من العقل، يقوم على الصوت؛ في حين يعتمد القياس على العلة، أي على الأثر في الفعل. ويسمى أحيانًا المعنى الاشتقاقي المعنى الوضعي.٢٩٧
بل إنه يمكن أخذ الأحكام قياسًا، والمعاني أعلامًا للأحكام وأدلة عليها. ومن الجائز التنبيه على المعنى، تارةً بالشرع، وتارةً بالعقل؛ لذلك تكون القسمة: اللغة والعرف والشرع والقياس. اسم العلم واسم الصفة، مثل قائل وضارب، لا قياس فيهما؛ لأن اللغة موضوعة للكلي، والصفة توقيف. وهناك قياس في المجاز، وهو الصورة. ويثبت الاسم الشرعي بالاجتهاد من أجل تعدية الحكم.٢٩٨
أما الأسماء الشرعية فهي الأسماء الاصطلاحية التي أتى بها المشرع. وكان لا بد من استعمال الألفاظ الوضعية، أي المعاني الاشتقاقية أو العرفية، لتحميلها المعاني الشرعية الجديدة. ومن ثم، يمكن تجاوز معاني الألفاظ الشرعية إلى مثيلاتها، ونقلها إلى ألفاظ أخرى تشارك في الاشتقاق. فكل عبادة صلاة، وليس فقط الصلاة بالمعنى الشرعي.٢٩٩ والأسماء تنقل من اللغة إلى الشريعة.٣٠٠
والأسماء العرفية هي التي يتحدد معناها في الاستعمال، والاستعمال يتغير من عصر إلى عصر، ومن مجتمع إلى مجتمع. ويكون المعنى عرفيًّا إذا كان عامًّا في حاجة إلى تخصيص في عرف الاستعمال، مثل تخصيص الدابة بذوات الأربع. فالاسم ليس له معنًى مجرد فقط خارج الزمان والمكان والمجتمع، بل هو اسم دائر في التداول الاجتماعي، وهو ما يسمى المعنى التداولي في اللسانيات عند المحدثين، فالغائط هو أصلًا المطمئن من الأرض، وتسمية ذلك مجازًا تجاوز. أما أسماء الحرف والصناعات والآلات فهي أقرب إلى الاصطلاحية منها إلى العرفية.٣٠١ والأسماء العرفية تحمل النص على ظاهره.٣٠٢ والعرف ما استقر في النفوس من جهة شهادات العقول وتلقَّتْه الطباع السليمة بالقَبول.٣٠٣ والعادة ما استمروا عليه وأعادوا له بعد أخرى. والمعنى العرفي يتجدد باستمرار، وهو ما تشهد به القواميس التاريخية والاجتماعية. وقد يكون عرف الاستعمال لغويًّا وشرعيًّا وصناعيًّا، أي عند أهل الصنعة. فالعرف هو المصب النهائي للمعنى الاصطلاحي، الذي يتطور أيضًا بتطور العرف.

(٣) معاني الحروف

وقد تضاف تحليلات لغوية خالصة مثل معاني الحروف.٣٠٤ وهي تشبه المقولات العشر في منطق الفلاسفة، فالكلام اسم وفعل وحرف. وعلم اللغة المحض يسبق علم النحو، أي إن اللسانيات تسبق اللغويات. وهو ما يقتضي حد الكلام ليس كأصوات أو كمعانٍ في العقل، بل كمقاصد في النفس. وقد تتماثل صيغته ومعانيه أو تختلف. وقد تختلف صيغته دون معانيه أو معانيه دون صيغته. والأسماء منها يدل على صورة أو على جنس، أو يقتضي معنًى متعلقًا بالمسمى.٣٠٥ أما الحروف فمتعددة المعاني، وأحيانًا تسمى «حروف المعاني» وليست «معاني الحروف».٣٠٦ حروف العطف وحروف القسم، وأسماء الظروف، وحروف الاستثناء، وحروف الشرط، وحروف الصفات، وحروف المباحثات، التي يقوم بعضها مقام بعض.٣٠٧
وقد تُضاف تحليلات لغوية خالصة يمكن استعمالها بعد ذلك في الاستدلالات الأصولية، مثل «معاني حروف العطف».٣٠٨ وتفيد الترتيب.
وبالإضافة إلى حروف العطف تأتي حروف الجر، وحروف النفي، وحروف الشرط، وأسماء الظروف، وحروف الاستثناء.٣٠٩ والنفي في اللغة وليس في الأعيان، لا هو من المجملات ولا هو من المستقلات.٣١٠

الحروف هي التي تدل على منطق العلاقات، في حين أن الأسماء تشير إلى منطق الجواهر، والأفعال تحيل إلى منطق السلوك.

وقد توضع الحروف للذكور والإناث، وهي معلومة في المعايشة والمخاطبة. والحروف للذكور تتناول الإناث بالتغليب بالرغم من التخصيص في إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ.٣١١ وهو ما يثير الجماعات النسوية الحالية، ويصرون على الإشارة بالضميرين المذكر والمؤنث سويًّا، هو، هي، كما هو الحال في اللغات الأجنبية He, She.

(٤) من اللغة والبيان إلى الشعر والعالم

والبيان بلسان العرب هو إظهار المعنى وإيضاحه للمخاطب. وأصله في اللغة القطع والفصل، وله وجوه، مثل العموم والخصوص، والحقيقة والمجاز، والمجمل والمفسر، بل والناسخ والمنسوخ، أي كل ما يساعد على بيان المعنى.٣١٢ ولا يحتاج كل نص إلى بيان.٣١٣

كانت اللغة المدخل عند القدماء، فالنص لغة. في حين يحيل النص إلى العالم الخارجي. والعلوم الإنسانية هي علوم العصر. وإذا كان علم أصول الفقه القديم، قد نشأ كمنطق لغوي لأحكام القرآن، كما هو الحال عند الشافعي والجصَّاص، وكمنهج تاريخي لأحكام صحة الحديث (كمقدمة لعلم التفسير)، ولقياس فقهي لضبط الرأي والاجتهاد، فهل يمكن أن ينشأ أصول الفقه الجديد طبقًا لظروف العصر ونوازله الجديدة، من استعمار وقهر وفقر وتجزئة وتخلف واغتراب وعجز؟ هل يمكن إعادة بناء علم أصول الفقه القديم بناءً على معارف العصر، العلوم الإنسانية، كما نشأ أصول الفقه القديم على معارف عصره، العلوم اللغوية؟

ويظل الشعر مستمرًّا، فالشعر تجربة إنسانية واحدة عند القدماء والمحدثين، بالرغم من تغير الواقع. وكما تحيل اللغة إلى البيان، وإلى الصورة الفنية في الشعر، فإنها تحيل أيضًا إلى الوجود. فاللغة منزل الوجود بتعبير أحد المعاصرين.

ثامنًا: من اللغة إلى المنطق

(١) منطق النحو

ثم تتحول اللغة إلى منطق في مقدمة لغوية منطقية، وليست منطقية خالصة، فالمنطق لغة، واللغة منطق. وتسمى أحيانًا كل المقدمات النظرية الأولى «المقدمات المنطقية».٣١٤
والمنطق القديم ما هو إلا النحو، كما هو الحال في المناظرة الشهيرة بين النحو والمنطق بين السيرافي ومتَّى بن يونس.٣١٥ فالموضوع والمحمول في المنطق هما المبتدأ والخبر في النحو، والمبتدأ أو الخبر في اللغة.٣١٦ وبينهما رابطة تعادل لفظ «هو» في اللغة العربية أو فعل «يوجد»، فالقضية بلا رابطة ثنائية، وبرابطة ثلاثية. وكل الأقيسة منقولة إلى اللغة العربية لتُستخدم في الحوار والجدل، بل وفي العروض.٣١٧
والقضية ضرورية أو ممتنعة أو ممكنة من حيث الجهة. والجهة قد تشير إلى وجود الشيء أو كميته أو كيفيته أو إضافته أو مكانه أو زمانه أو وضعه أو الفعل أو الانفعال، وهي قضية الجوهر والأعراض. الخبر هو القضية، والقضية إما محكوم عليها، وهو الموضوع، أو محكوم بها، وهو المحمول. والمنطق أيضًا هو الفلسفة. فالتصور والتصديق في المنطق هما المعرفة والعلم في الفلسفة. التصور يعطي المعرفة، معرفة الحدود، في حين أن التصديق يعطي العلم، أي علاقة تصور بتصور، أو الحكم على تصور بآخر. وصلة المنطق بالفلسفة مثل صلة الأصول بالفقه.٣١٨
والجزئي والكلي في المنطق هما النكرة والمعرفة في النحو. وهما المضمر، وأسماء الإشارة، والعَلَم، والمعرَّف بالألف واللام، والمضاف إلى معرفة. فالمضمر جزئي لاختصاصه بمتكلم أو مخاطب. والكل المجموع بجملته كالأعداد٣١٩
وقد تتعدى مفاهيم اللغة وتصورات المنطق إلى مفاهيم الطبيعيات في علوم الحكمة، مثل القوة والفعل.٣٢٠
وتستعمل الحروف في المنطق الرمزي. وتضرب الأمثلة بالحرف إشارة إلى معانٍ، وتنتج بنفسها لا بغيرها، وبصورتها لا بمادتها. وتستعمل في الحاسب في استخراج المجهولات، وأخص في وزن الأشياء وتقدير الأحوال.٣٢١

(٢) أقسام الكلام

والكلام أخص شيء للإنسان، يتركب من مقاطع صوتية تفيد معنًى أو لا تفيد.٣٢٢ والكلام اسم وفعل وحرف على نحو تراتبي، الأَولى فالأولى. ٣٢٣

والاسم مفرد ومركب ومؤلف، واحد أو متعدد. والواحد جزئي وكلي. والجزئي يمنع الشركة التي لا تقع إلا في الكلي.

والاسم محصل وغير محصل، أي معدول، مثل لا عالم. والصفة أيضًا محصلة، أو معدولة، أي ضدها.

واللفظ إما مفرد أو مركب. والمفرد مقابل المثنى والجمع. والمضاف أو الجملة، والمركب. وفي المنطق يدل اللفظ على معنًى كلي، دون أن يدل جزء من اللفظ على جزء من المعنى. والمركب ما دل جُزؤه على جزء من المعنى.

وينقسم المفرد إلى اسم وفعل وحرف. والفعل ماضٍ ومضارع وأمر. وقد يزاد الخوالف، مثل الظرف والجار والمجرور وأسماء الأفعال. وهي في الحقيقة زيادة مركبة من القسمة الأولى، الاسم والفعل والحرف.

وقد ينقسم الكلي إلى طبيعي ومنطقي وعقلي.٣٢٤ ثم ينقسم الكلي إلى متواطئ ومشكك. وإطلاق المتواطئ على أفراده حقيقة أو مجاز. والكلي من حيث اللفظ إما مشتق أو غير مشتق. والكلي من حيث المعنى تمام الماهية أو جزء منها أو خارج عنها.٣٢٥
والاشتقاق رد لفظ إلى آخر ولو مجازًا؛ لمناسبة بينهما في المعنى والحروف الأصلية. وليس فيه إشعار بخصوصية الذات أو المحل.٣٢٦
والمركب إما تام، وهو الكلام المفيد، أو غير تام، وهو غير المفيد. والتام إما بالوضع أو بغير الوضع. وطلب الماهية بالوضع استفهام أو لتحصيل أمر مع الاستعلاء، فهو أمر، وعلى التساوي فهو التماس، ومع التسفل فهو دعاء. وبغير الوضع إن احتمل الصدق والكذب، فهو خبر، وإن لم يحتمل، فهو تنبيه. ويدخل فيه التمني والترجي والقَسم والنداء.٣٢٧
وقد خص الكلام العربي بأفصح لفظ. وخاطب بها الكتاب والسنة. إذ يعبر اللفظ عما في الضمير والذهن.٣٢٨ فمن الألطاف حدوث الموضوعات اللغوية لتعبر عما في الضمير، وهي أفيد وأيسر من الإشارة والمثال، وهما الألفاظ الدالة على المعاني، وتُعرف بالنقل تواترًا وآحادًا، أو باستنباط العقل من النقل، لا بمجرد النقل. واللغات مثل الفارسية والسريانية والتركية عدا العربية سواء.٣٢٩

(٣) اللفظ والشيء

فإذا ما تحددت العلاقة بين اللفظ والشيء، بين المفهوم والماصدق، أي بين الاسم والمسمى، فإنها تكون رباعية الترادف عند مطابقة الألفاظ مع الشيء، مثل الليث والأسد. والتباين عند اختلاف الأسماء مع المسميات. والتواطؤ هو التغاير بالعدد والاتفاق في المعنى، مثل لفظ رجل. والاشتراك هو الاختلاف في المسميات والاتفاق في الأسماء، مثل العين.٣٣٠
وأقسام الاسم من حيث المعنى: المتباينة والمترادفة والمشتركة والمتواطئة.٣٣١ والترادف لا وجود له في اللغة؛ لأن كل لفظ له معنًى وظلالُ معنًى. ولا يوجد تطابق كلي في المترادفات. وهو واقع مطلقًا أو في الأسماء الشرعية خاصة. والمحدد المحدود غير مترادفين.
واللفظ موضوع للمعنى الخارجي لا الذهني.٣٣٢ وليس لكل معنًى لفظ، بل كل معنًى محتاج إلى لفظ.٣٣٣ ولا يوضع اللفظ لمعنًى خفي أو لخواص.٣٣٤
ونسبة الأسماء إلى المسميات إما بالاتحاد أو التكاثر، وتكثُّر الاسم واتحاد المسمى، فإذا تكثَّر الاسم فهو المتواطئ، وإن اتحد المسمى فهو الجزئي، وإن تعدد اللفظ واتحد المعنى، فهو المترادف، وإلا فهو المشترك أو المرتجل. والمشترك إما حقيقة أو مجاز.٣٣٥
والاسم غير المسمى.٣٣٦ وقد تكون الأسماء منقولة ومستعارة ومعرفة.٣٣٧ أما اسم الفاعل فهو حقيقة في الحال.٣٣٨
والاشتقاق هو اشتراك لفظين في الحروف الأصلية والمعنى، أحدهما أصل والثاني فرع. وهو موجود في اللغة. وفائدته تسهيل استخراج الألفاظ. ويقع بين الأصغر والأكبر والأوسط بالنسبة لعدد الحروف. وأركانه أربعة: المشتق، والمشتق منه، والمشاركة في الحروف، والتغير اللاحق عليها. وينقسم إلى عشرة أوجه زيادة ونقصانًا بين الحرف والحركة.٣٣٩
وقد تُشتق الأفعال من المصادر.٣٤٠ وشرط صدق المشتق صدق المشتق منه، وقد يشترط بقاء معنى المشتق.٣٤١ والاشتقاق من المعنى القائم بالشيء.٣٤٢ ودلالته أنه لا يدل على خصوصية الذوات.٣٤٣
والترادف في الألفاظ المفردة الدالة على شيء واحد باعتباره واحدًا.٣٤٤ وهو واقعٌ في اللغة وإن لم يقع في القرآن؛ لخصوصية الألفاظ في السياق. وسِرُّه ظلال المعاني وإيماءاتها المتعددة. والترادف خلاف الأصل، وإن أطلق كل واحد على الآخر. ويقع بين الحد والمحدود. وهو اتباع الكلمة على وزنها ورَويِّها اتباعًا وتأكيدًا، والتأكيد واقع في اللغة حقيقة ومجازًا. وهو تأكيد على خلاف الأصل. والتأكيد إما لفظي أو معنوي.

(٤) اللفظ والمعنى

ركز القدماء على صلة اللفظ بالمعنى، وهي مثل صلة الجسد بالروح تشبيهًا. واللفظ قالب للمعنى. والكتابة تنوب عن العبارة، والعبارة مجموعة ألفاظ مفيدة. واللفظ مركب من حروف. والحروف صامتة ومصوتة. والمقاطع خفيفة وثقيلة. والخفيف مركب من صامت ومصوت. والثقيل من صامتين ومصوت. والصوت يُنطَق به في أقصر زمان يكون فيه اتصال الصامت أولى إلى السمع، وهو المقاطع المقصورة، والسبب الخفيف العروضي أو في ضعف من الزمان. ويكون المقطع ممدودًا والوتِد المفروق العروضي. ويتحول التحليل إلى علم الصوتيات. ومخارج الحروف من الحلق والفم واللسان والشفتين والخياشيم. فحاسة السمع هي حاسة اللغة الأولى مع ملَكة النطق. وكما يكون في السمع عيوب يكون في اللسان عيوب، مثل الزنة والتمتمة والفأفأة والعقلة والحُبْسة واللفف والفحفحة، والدندنة والطمطمة واللكنة واللثغة والفنة والخنة والترخيم. وقد تكون خَلقية أو مكتسَبة، غريزية أو عادية، مثل الرُّتَّة، أي العجلة في الكلام. وفائدة ذلك تمرين اللسان على النطق الأقوم في محاورات الفصحاء. وللخطابة عيوبها، مثل الاستراحة إلى كلمة يخشى بها درج الكلام، والسعلة، والعبث بالوجه.٣٤٥
والمشترك هو اللفظ الواحد الدال على معنيين، وهو واقعٌ في اللغة، وهو على خلاف الغالب. واللفظ المشترك أصل. وقد يكون الاشتراك في مفهومَين أو أكثر، وقد يتجرد من القرينة. وله حكم بالنسبة إلى معنيين أو معانيه.٣٤٦ وقد يُستعمل اللفظ في مواطن ثلاثة في حقيقته، وفي حقيقته ومجازه، وفي مجازه.٣٤٧ ويحمل التواطؤ على معانيه، وهو اتفاق اللفظين واختلاف المعنيين.٣٤٨ وليس بين اللفظ ومدلوله مناسبة طبيعية.٣٤٩
والعلاقات بين اللفظ والمعنى علاقات المطابقة والتضمن والالتزام. المطابقة هي تطابق اللفظ والمعنى. والتضمن جزء من المعنى. والالتزام شرط المعنى. المطابقة مثل لفظ البيت المطابق لمعناه. والتضمن تضمُّن البيت للسقف. والالتزام تطلب السقف الحائط. والحائط الأرض. والأرض الأساس. وهي تحديدات منطقية متداخلة لا جديد فيها، وتجزئة لكل واحد.٣٥٠
وهي أيضًا أنواع: المطابقة هي الدلالة على ما وُضعت له. والتضمن الدلالة على ما يشتمله. والالتزام الدلالة على ما يستتبع من معاني الذهن في الذهن، وفي الخارج، وليس في أحدهما وحده.٣٥١ واللازم إما في الذهن أو في الخارج. اللازم المنطقي في الذهن. واللازمية الذهنية شرط في الدلالة الالتزامية.٣٥٢ ودلالة المطابقة لفظته، والخلاف في دلالة التضمن والالتزام. قد تنفك دلالة المطابقة عن النفس. ولا تحتاج إلى نية.٣٥٣ وقد تزيد دلالة الاستدعاء عند النحويين مثل دلالة الفعل على المحل، وهو المفعول به، وعلى الباعث على الفعل، وهو الفعل لأجله، وعلى المصاحب له، وهو المفعول معه.٣٥٤ وفي دلالات الألفاظ على المعاني، المطابقة والتضمن والالتزام، تتداخل مفاهيم الأصول، مثل اللقب والحصر من مفاهيم العلة.٣٥٥
ومن المطابقة قد تُستنبط باقي الدلالات، مثل المفرد والمركب، وقسمة المفرد إلى الجزئي والكلي، ثم قسمة الكلي إلى الماهية وأجزائها الذاتية والعرضية أو الداخلية والخارجية، ثم قسمة الماهية إلى الواحد والكثير، وقسمة العرَضي إلى جنس وفصل ونوع.٣٥٦
وكذلك قسمة اللفظ بالنسبة إلى المعنى إلى لفظ معين، يشير إلى معنًى واحد مثل أسماء الأعلام والألفاظ المسبوقة بأسماء الإشارة، ولفظ مطلق يشير إلى معنًى عام مشترك بين أشياء عديدة مثل السواد والحركة، وهو تصورٌ ثابت آلي لعلاقة الجزء بالكل، ولا يحيل إلى شيء في الخارج؛ لأنه يقوم على ثنائية تقليدية بين اللفظ والمعنى في المفهوم، ولا ينتقل إلى بنية ثلاثية للُّغة تقوم على اللفظ والمعنى والشيء، وتجمع بين المفهوم والصادق أو بين الاستنباط والاستقراء.٣٥٧
ويدخل «المفهوم» في المنطق مثل المنطوق، وهو ما يُفهم من النطق.٣٥٨ والمفهوم هو المعنى الذي يُفهَم من القول في غير محل النطق. وقد يكون للموافقة أو للمخالفة. ويسمى فحوى الخطاب ولحن الخطاب.٣٥٩ والخطاب هو خطاب «الله» في أفعال المكلفين. إذا تعلق بحادث فهو سبب. ويُفهَم الأمر والنهي كتكليف، وما سواه يكون خطاب أخبار ووضع.٣٦٠ والخطاب قابل للفهم وليس عصيًّا عليه، وإلا انتفت الحكمة منه. ومعناه ظاهر، وإلا كان يظهر غير ما يبطن، وهو دليل الخطاب الكاذب. والاستدلال بالخطاب قد يفيد القطع أو الظن.٣٦١
بل وتدخل مباحث الألفاظ ضمن المنطق مثل الأمر. وهو القول المقتضي طاعة المأمور. والعام، وهو اللفظ الدال على شيئين فصاعدًا، وأحد الأقوال الكلية. وأعم الأمور الأجناس ثم الأنواع، الأرفع فالأرفع.٣٦٢ والمطلق هو اللفظ المفرد الذي يدل على ذات واحدة، لا بعينها، بل بحقيقتها لجنسها. والمقيد عكسه، لا فرق بين الفقهاء والمناطقة. والنص هو اللفظ الدال على معنًى واحد. ويعني الظاهر أيضًا. وقد يغلب على الظن فَهْم معنًى آخرَ فيه، وهو المؤول.٣٦٣ فالتأويل صرف اللفظ من الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل. والمجمل هو اللفظ الذي لا يُفهم منه شيء لغرابة اللفظ أو لتقابل الاحتمالات، ويحتاج إلى مقيد. وفي تقسيم المفرد باعتبار ظهور الدلالة، تدخل مباحث الألفاظ، مثل الظاهر والنص والمفسر والمحكَم والمؤول. وتدخل باقي مباحث الألفاظ مثل الإجمال.٣٦٤

(٥) مستويات المعنى

والكل والجزء ليسا فقط القضايا، الكلية والجزئية، بل أيضًا في التصورات، الكلي والجزئي.٣٦٥ الكلي هو الذي لا يمنع تصورُ معناه تعدُّدَه في الأذهان أو في الأعيان. والعَلَم هو ما وضع لمعنًى لا يتناول غيره. وإن كان التعيين خارجيًّا فعَلَم الشخص، وإلا فعَلَم الجنس. الجزئي هو الذي يدل على واحد بعينه. والجزء ما تركَّب منه الكل، كما هو الحال في المعادلات الرياضية. والكلية ما تقتضي الحكم على كل فرد. والجزئية عكسها.
ويوجد المعنى في أربع مراتب: الأول المعنى في نفسه، ومن الصعب معرفة أين هو بالنسبة للإدراك الخارج عن الحس والعقل والوجدان. والثاني المعنى في الذهن، وهو الدلالة. والثالث المعنى في النفس، أي الشعور به في الوجدان. والرابع المعنى في الحرف، في الكتابة بالحروف والألفاظ، أي في العبارات وصيغ الخطاب. ويبقى المعنى في اللفظ صوتًا عند المتحدث أو السامع؛ خاصةً في ثقافة شفافية، وليس فقط تدوينًا عند القارئ. الأول والثاني موجودان دائمان عامَّان عند كل الشعوب. والثالث والرابع يختلفان باختلاف الثقافات واللغات.٣٦٦ لذلك يتوجه الحد نحو أحد هذه المستويات الأربعة.٣٦٧
وتتعدد مستويات تحديد المعنى، من المستوى المادي، مثل التمييز بين اللازم والعرضي أو المستوى الصوري، مثل تدرج المعنى بين الخاص والعام، أو المستوى الشعوري مثل وجود المعنى في الحس والخيال والعقل، أي المعنى الحسي والمعنى المتخيَّل والمعنى العقلي. فالخيال وسط بين الحس والعقل دون تعريفات الفلاسفة وتحليلاتهم، العضوية أو الجسمية النفسية، كما هو الحال في «السيكوفيزيقا» الغربية.٣٦٨ وتُنسَب الحقائق بعضها إلى بعض عن طريق العموم والخصوص على الإطلاق، أو نسبيًّا من وجه دون وجه، أو على التساوي، أو على القياس.٣٦٩

تاسعًا: الحد بالتصور والتصديق بالبرهان

(١) العلم تصور وتصديق٣٧٠

التصور إدراك الذوات المفردة. والتصديق إسناد أمر إلى أمر بالنفي أو الإثبات. الإدراك بلا حكمٍ تصوُّر، وبحكمٍ تصديق. وإذا كان التصور يُنال بالحد، فإن التصديق يُنال بالبرهان. وأشكاله المختلفة القياس، والتمثيل، والاستقراء. التصديق هو حكم العقل بأمر على أمر. إن تم التعبير عنه فهو الخبر، وإن احتجَّ به فهو الدعوى، وإن ذُكر في مَعرِض الحُجة يكون القضية.٣٧١
بل إن مسالك العلة ترجع أيضًا إلى أشكال البرهان؛ لأن التصديق هو الجامع المانع أو المطرد المنعكس.٣٧٢ وهي شرط الحد، التي ترجع إلى اللفظ أو إلى المعنى، الجمع بين سائر أفراد المحدود، وهو الاطراد، ومنع دخول غير المحدود في الحد، وهو الانعكاس.
والحد والبرهان من مدارك العقل، فالمنطق نظرية في مدارك العقول؛ لذلك كانت المؤلفات المنطقية تكملة لنظرية العلم.٣٧٣ وهي مقدمة للعلوم كلها وليس فقط لعلم الأصول. ومن لا يحيط بها فلا ثقة بعلمه. فالعلم، وليس فقط علم أصول الفقه، في حاجة إلى نظرية في العلم، والمنطق أحد مداخلها.
وإذا كان الحد والبرهان من مدارك العلوم النظرية، فإنهما عند بعض الفقهاء في «نقض المنطق»، وفي «الرد على المنطقيين»، لا يفيدان الذكي ولا ينتفع بهما البليد. وإذا أمكن للسامع فَهْم معنى التصور دون حده، فإن الحد ليس هو الطريق الأوحد لمعرفة التصور. هذا هو موقف الفقهاء مثل ابن تيمية، وهو لا يبتعد أيضًا عن بعض تحليلات الأصوليين. فالمتكلم ينتقل من المعنى إلى اللفظ، من الذهن إلى اللسان. في حين أن السامع ينتقل من اللفظ إلى المعنى، من الأذن إلى الذهن.٣٧٤ وشبيه بنقص المنطق «مغالطة منكري النظر»، وهو أن طلب النظر لمعروف لا لزوم له، ولمجهول فما تصديقه؟٣٧٥
الحد اللفظي يستعمل اللغة، واللغة بنية شعورية تعبر عن مقاصد. والحد الرسمي يصف الشيء، والشيء الخارجي بين قوسين. إنما يكون الرسم للتصور أي للصورة الذهنية، وهي من خلق الشعور.٣٧٦
وأول أنواع الحد اللفظي هو الترادف، حد اللفظ بلفظ آخر. والترادف لا وجود له في اللغة؛ لأن كل لفظ يعطي ظلالًا من المعاني غير اللفظ الآخر؛ لذلك اعتُبر أضعف أنواع الحدود.٣٧٧

(٢) الحد بالتصور

ويتم التوصل إلى التصور بالحد والرسم واللفظ المرادف.٣٧٨ ويصل التأصيل إلى درجة حد الحد، أي تعريف التعريف للبحث عن نقطة أولى تأسيسية.٣٧٩ ولفظ الحد لا يُستمد من المنطق، بل من القرآن تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا. ويُحَد الشيء بحدين أو أكثر.٣٨٠ يتم تأصيل علم الأصول ليس فقط في تأصيل العلم، بل أيضًا في تأصيل الحد لمعرفة حد الحد. فالحد هو القول الجامع المانع لاسم المحدود، وصفته على وجه يحصره على معناه. وهو الحد الفلسفي الكلامي الفقهي. وقد تكون الزيادة في الحد نقصانًا من المحدود. فهناك زيادة ونقصان في الحدود.٣٨١ وتُعرَب الصفات في الحدود. ويكون الخفاء بالنسبة للحادِّ وبالنسبة للمحدود. ومن شروط الحد عدم إحضار الحد المشترك ولا الإلهام ولا الجنس الأعلى.
وحد الأشياء عن طريق الكليات الخمس: النوع، والجنس، والفصل، والخاصة، والعرَض العام. ويكفي الحد الجنس القريب والفصل البعيد. فهي طريقة وضع الشيء في مراتب صورية بين الكلي والجزئي. فالترتيب مثل القسمة أحد وسائل المعرفة. وهي طريقة للمعرفة عن طريق التغليف والدوائر المتداخلة.٣٨٢ وقد تكفي ثلاثة: الجنس والمشترك بينهما. وهو ما يعادل الاستغراق في المنطق القديم أو العلة في القياس الأصولي.٣٨٣ والحد تعريف الشيء بجنسه وفصله. والفصل هو علة لوجود الجنس.٣٨٤ والرسم تعريف الشيء بجنسه وخاصته.٣٨٥
وهناك فرق بين علم الجنس وعلم الشخص واسم الجنس. علم الشخص موضوع للحقيقة في العالم الخارجي. وعلم الجنس موضوع للماهية في الذهن. وعلم الجنس في الذهن. واسم الجنس في اللسان.٣٨٦
وقد يكون التحديد بالقسمة.٣٨٧ وهي قسمة تمييز وقسمة ثوابت. ويمكن زيادة القسمة إلى قسمة الجنس إلى أنواع، والأنواع إلى أشخاص، والكل إلى أجزاء، والاسم المشترك إلى معانيه المختلفة، والجواهر إلى أعراض، والعرَض إلى جواهر، والعرَض إلى أعراض، والكلي إلى جزئياته. ومن شروط صحة القسمة عدم التداخل والزيادة والنقصان، والتنافر.
ويكون اللفظ مرادفًا بشرط أن يكون مساويًا للأعم وليس بالأخفى أو المساوي، والإجمال في اللفظ، ومن الدور؛ وهو التعريف بما لا يعرف إلا بعد معرفة المطلوب، فيتوقف كلٌّ منهما على الآخر.٣٨٨
وقد تسبق بعض الموضوعات الأصولية وتدخل في نظرية العلم أثناء تأسيسها، مثل حد الواجب.٣٨٩ وتتفرع تفريعات الحدود والخلافات بينها عند المناطقة، حتى يخرج الأمر عن الحد ويصبح «بئرًا» منطقيًّا، هدفًا في حد ذاته، وليس مجرد مقدمة منطقية لعلم الأصول. ويتم التراجع إلى الوراء باستمرار من تعريف الحد إلى تعريف العلم إلى حد العلم بالعلم، مع أن أصول الفقه غايته تأصيل العلم وليس تأصيل النظر، خاصة لو ذكرت الاختلافات النظرية حول الأمور النظرية، مثل الاختلافات حول حد العلم وتصويب وتخطئة أمور يصعب التصديق فيها. ومن هنا، فإن الصدق اللغوي المنطقي في مقدمة «المستصفى» يكمل الصدق العملي الفعلي في مقدمة «الموافقات»، انتقالًا من النظر إلى العمل، ومن التأصيل النظري الخالص إلى التأصيل العملي الواقعي.٣٩٠

(٣) القياس

والقياس جزء من الحجج العقلية.٣٩١ فالحجج العقلية إما قياس أو استقراء أو تمثيل. وسميت الحجج كذلك لأنها تغلب من قامت عليه وتلزمه.٣٩٢

والقياس كلام مؤلف من مقدمتين أو أكثر يتولد منها نتيجة، هي المطلوب إثباتها أو نفيها. وهو القياس المنطقي، غير القياس الأصولي. إن كانت مقدماته قطعية مركبة طبقًا لشروطها، فهي البرهان، وكانت النتيجة يقينية، وما دونه هو الظن.

والقضايا إما موجبة، وهي المثبتة، أو سالبة، وهي المنفية. وهي عند المناطقة إما كلية محصورة أو جزئية محصورة أو شخصية أو مهملة.٣٩٣

والقضية إما كلية أو جزئية أو كلية وجزئية معًا، وهي المهملة. وصدقها على الجزئي والضروري.

وتتقابل القضايا إذا تساوى الموضوع والمحول، فيصبحان إما شخصيتين موضوعهما شخصي، أو مهملتين دون تعيين الكم، أو متضادتين مختلفتين في الكيف متفقتين في الكم، في الكليتين أو ما تحت التضاد في الجزئيتين، أو متناقضتين مختلفتين كمًّا وكيفًا. والتناقض أشد عنادًا من التضاد.٣٩٤ وكلٌّ من المقدمتين تنقسم إلى موضوع ومحمول، محكوم عليه ومحكوم به، ولا بد من توسط بين الموضوع المحمول بالرابطة، وهي من جملة الأدوات في غير لغة العرب.٣٩٥ والنتيجة تتبع المقدمات.٣٩٦ وعكس القضايا تحول الموضوع إلى المحمول والمحمول إلى موضوع، مع بقاء صدقهما. والقضايا المنعكسة السالبة الكلية وغير المنعكسة السالبة الجزئية. والموجبة الكلية والموجبة الجزئية منعكستان.٣٩٧
والقياس في المنطق قولٌ مؤلف من أقوال يلزم عنها قول آخر. وفي الأصل رد الفرع إلى الأصل لعلة جامعة. وعلى العموم التحول من معلوم إلى معلوم من تصور إلى تصديق، وهو غريزة طبيعية، موهبة إلهية.٣٩٨
والأقيسة ثلاثة: الحملي، والشرطي المتصل، والشرطي المنفصل. ويلحق بها قياس الخلف والاستقراء. وقياس الاستقراء غير موثوق به لاستحالة الانتقال من الجزئي إلى الكلي؛ لتفرد الجزئي. وأشكال البرهان والقياس واحدة، وبالتالي يمكن تعشيق المنطق الأرسطي في المنطق الأصولي. فالمنطق الأرسطي في أحد جوانبه أضيق من المنطق الأصولي.٣٩٩
وهناك ثلاثة ضروب في القياس المنطقي طبقًا للحد الأوسط. الضرب الأول عندما يكون الحد الأوسط خبرًا في المقدمة الأولى، مبتدأ في المقدمة الثانية. الضرب الثاني عندما يكون الحد الأوسط مبتدأً في المقدمة الأولى ومبتدأ في المقدمة الثانية. والضرب الثالث عندما يكون الحد الأوسط خبرًا في المقدمة الأولى وخبرًا في المقدمة الثانية.٤٠٠ ولا يتحدث «المستصفى» عن شكل رابع، وهو أن يكون الحد الأوسط مبتدأ في المقدمة الأولى ومبتدأ في المقدمة الثانية، وهي ضروب أقربُ إلى أشكال الفكر وأنساق الترتيب، في حين أن القياس الأصولي ليس له إلا شكل واحد، الكلية الشرعية (العقلية)، والجزئية التجريبية، والحكم هو النتيجة الجديدة، والحد الأوسط هو العلة. فلا الكبرى تصبح صغرى، ولا الصغرى تصبح كبرى، ويسمي الأصوليون الضرب الثالث نقضًا.
وفي القياس المنطقي قد تكون إحدى المقدمتين مركبةً من جزأين منفصلين، وهي الشرطية المتصلة، ويسمى أيضًا نمط التلازم. وفي القياس الأصولي كذلك مرة إثباتًا ومرة نفيًّا. أما نمط التعاند فهو الشرطي المنفصل، وعند الأصوليين السبر والتقسيم، وأحيانًا تصل لعبة الكراسي الموسيقية في المنطق الصوري درجةً يصعب معها المثل الأصولي، ويُكتفى بالمثل الكلامي. والحقيقة أن الأشكال الأربعة تُرَد إلى شكلين فقط؛ لأن القديم ليس بحادث، أو الحادث ليس بقديم. إنما هي لعبة النفي والإثبات في اللغة.٤٠١
والقياس عند الفلاسفة تركيبُ مقدمتين، للوصول منهما على نتيجة، ويستدعي أمرين يضاف أحدهما إلى الآخر بنوعٍ من المساواة لمعنًى إضافي بين شيئين.٤٠٢
ويدخل المنطق القديم في باب الاستدلال كملحق للقياس، مثل استصحاب الحال، ومع الأدلة غير الشرعية مثل شرعِ مَن قبلنا، ومذهب الصحابي، والاستحسان، المصالح المرسلة.٤٠٣ فالاستدلال في المنطق هو طلب الدليل «الطريق المرشد إلى المطلوب». وفي الأصول هو الدليل نصًّا أو إجمالًا أو قياسًا، وهو بهذا المعنى يشير إلى مسالك العلة، مثل وجود الحكم بوجود العلة، وانتفائه بانتفائها أو انتفاء شروطها، وانتفاء الحكم بانتفاء مداركه. والدليل المؤلف من أقوال يلزم من تسليمها لذاتها تسليمُ قول آخر؛ هي أشكال القياس وضروبه.
ومادة الأقيسة فقهية. العناد التام مثل: الماء إما طاهر وإما نجس. والعناد والناقص مثل: إما أن يكون الماء طهورًا أو نجسًا.٤٠٤ وقياس الخلف له مثَل فقهي أيضًا من نجاسة الخمر.٤٠٥ ومن ثم يدخل المنطق الصوري النظري داخل المنطق الأصولي النظري العملي، جمعًا بين العقل والدافع.

(٤) التصديق بالبرهان

ويتألف البرهان من عدد من المعاني صادقة أم كاذبة. وهو عمل القوة الفكرية، أي حكم العقل. وهما المبتدأ أو الخبر عند النحويين، والموصوف والصفة عند المتكلمين، والموضوع والمحمول عند المناطقة، والمحكوم عليه والحكم عند الأصوليين. وهي أسماء مختلفة للقضايا. والمقدمة في المنطق هي القضية، من موضوع ومحمول، وفي النحو هي الجملة الخبرية من مبتدأ أو خبر. وفي الفقه الحكم.

والقضايا على أنواع أربعة بالنسبة للتعيين والإهمال أو للخصوص والعموم. القضية المتعينة التي يكون موضوعها معينًا، والمهملة التي يكون موضوعها مطلقًا، خاصة إذا سبقتها ألفاظ التبعيض، وعامة إذا سبقتها ألفاظ الكل والجميع.

وشرط صحة القضايا كذب نقيضها؛ وذلك بأن يكون المحكوم عليه واحدًا والحكم واحدًا، والإضافة في كليهما، والتساوي في القوة والفعل، والتساوي في الجزء والكل، والتساوي في المكان والزمان. وهي شروط صورية في صحة الخطاب، أي في صدق القضية في ذاتها طبقًا للاتساق، وليس صدقها في الواقع أو في النفس.٤٠٦
وفي كل برهان أو قياس منطقي مقدمتان أو أكثر ونتيجة. وقد تُحذف إحدى المقدمتين للعلم بها. ويتوقف المطلوب التصديقي على مقدمتين.٤٠٧ والحكم بين شيئين قد يكون بالكم أو الكيف، فالحكم بأحدهما على أجزاء الآخر كمٌّ، وبالنفي والإثبات كيفٌ. والدال على الكم سور مثل «كل» للكل الموجب أو «لا واحد» للكل السالب، أو «بعض كذا» للجزئي الموجب أو «ليس بعض» للجزئي السالب. وهناك ألفاظ أخرى مثل: طائفة، سائر، قاطبة، كافة، ألف ولام التعريف، تدل على الكل والبعض في آنٍ واحد.٤٠٨
والمعلومات أيضًا إما نقيضان لا يجتمعان معًا ولا يرتفعان معًا، وإما ضدان لا يجتمعان معًا وإن ارتفعا معًا، وإما خلافان، ويمكن اجتماعهما وارتفاعهما معًا.٤٠٩ والبرهان الصيغة المثلى للدليل. وهو برهان المسند الثابت أو برهان الخلف.٤١٠
صدق البرهان أو كذبه، إذن في صورته أولًا عن طريق تأليف مقدمتين، تنتج عنهما نتيجة، وهو الشكل الأول في القياس، لا فرق بين القياس المنطقي والقياس الأصولي. والفرق بينهما أنه إذا كان المقدمات يقينية، كان القياس برهانًا مثل القياس المنطقي. وإن كانت ظنية كان القياس ظنيًّا مثل القياس الأصولي. والمقدمات في البرهان مقدمات عقلية، في حين أن المقدمة الأولى في القياس الأصولي شرعية قطعية، مثل «كل مسكر حرام»، والمقدمة الثانية «كل نبيذ مسكر»، لا تُعرف إلا بالتجربة. القياس المنطقي استنباطي يقوم على شرط الاستغراق، وهو الحد الأوسط، وهو «مؤلف». في حين أن القياس الأصولي يجمع بين الشرع والتجربة، أي بين استنباط الكبرى من نصوص الشرع، واستقراء الصغرى بالتجربة.٤١١ القياس المنطقي عقيم لا ينتج؛ لأنه مجرد إدخال خصوص تحت عموم، في حين أن القياس الفقهي منتج؛ لأنه إصدار حكم على واقعة جديدة. والعلاقة بين المقدمتين في القياس المنطقي الحد الأوسط، وحتى القياس الأصولي، تسمى العلة. ويتم القياس المنطقي من مقدمتين، وقد يتم القياس الأصولي من مقدمة واحدة، استنباط علة الحكم من الأصل، أو استقراء علة الحكم من الفرع.
وهناك فرق في البرهان بين قياس العلة وقياس الدلالة؛ قياس العلة هو الاستدلال بالعلة على المعلول، وقياس الدلالة هو الاستدلال بالمعلول على العلة. قياس العلة نزول من العلة إلى المعلول، وقياس الدلالة هو صعود من المعلول إلى العلة.٤١٢ والفرق بين برهان العلة وبرهان الدلالة أن الحد الأوسط في برهان العلة هو علة الحكم، وفي برهان الدلالة يكون معلولًا ومسببًا.٤١٣
ويتم الإدراك أيضًا بالحدس وبمعاشرة الأشياء والاتحاد معها. وهو ما يعادل الحد عند القدماء. كما أن التجربة المشتركة بين الذوات، تُعادل التصديق أو البرهان عند القدماء.٤١٤ فالبرهان ليس بين المقدمات ومناهج الاستدلال والنتائج. فهذا هو البرهان في الخطاب الصوري، وصدقه الداخلي بتطابق النتائج مع المقدمات وعدم لزوم الدور، الصدق المنطقي. فهناك أيضًا الصدق النفسي، مدى تطابق الخطاب مع تجربة حية في الشعور. وليست القضية في النظم والترتيب، أي في صورة الخطاب، بل في مضمونه وتجربته.٤١٥ واليقين ما أذعنت النفس إلى التصديق به.٤١٦
والخطأ في البرهان من جهة المادة أو الصورة.٤١٧ والمادة من جهة اللفظ أو المعنى. ومادة البرهان مستقاة من الكلام والفلسفة، وهي سبعة:
  • (١)

    الأوليات، وهي القضايا العقلية المحضة دون حس أو تخيل، مثل علم الإنسان بوجود نفسه والبديهيات الرياضية.

  • (٢)

    المشاهدات الباطنة، وتعني فقط الإحساسات الطبيعية الباطنية، التي سماها الفلاسفة الحواس الباطنة، مثل التخيل والتوهم والتصور والتذكر والحفظ، وتقابل الحواس الخمس الظاهرة.

  • (٣)

    المحسوسات الظاهرة طبقًا للحواس الخمس.

  • (٤)

    التجريبيات، وهي المحسوسات بعد تكرارها، مثل اطِّراد العادات طبقًا لتلازم الأسباب والمسببات.

  • (٥)

    المتواترات، وهي المعارف التاريخية التي لا يدخلها الشك.

  • (٦)

    الوهميات مثل أن كل موجود مشار إليه، والغيبيات نوع منها، ويمكن التحقق من خطئها.

  • (٧)
    المشهورات، وهي المقبولات التي يسلم بها الجمهور، مثل الأمثال العامية والأقوال المأثورة وكثير من قياسات المتكلمين والفقهاء.٤١٨
وكل ما يخرج عن منطق البرهان فلا يُعتدُّ به في المنطق والأصول، ويصبح أقرب إلى القضايا الإنشائية التي تقوم على التصوير.٤١٩ وكثير من أقوال الفلاسفة عن العقل أفعال واهب الصور من هذا النوع، وكذلك كثيرٌ من أقوال الصوفية عن كشف الغطاء.
دخل المنطق الأصولي مع النطق التقليدي من أجل نظرية متكاملة في المنطق، وكما حاول الغزالي في كتبه المنطقية خاصة في «معيار العلم».٤٢٠

ويتم تحديد العلة والحكمة والسبب والمانع، فالعلة ما يوجب التفكير. والحكمة الشيء الذي يُثبت الحكم. والسبب مظنة الحكم مصلحة أو مفسدة. والمانع الحكم أو السبب. ولكلٍّ أمثلة فقهية.

(٥) الاستقراء والتمثيل

وإذا كان القياس هو الحكم من الكل على الكل الذي تحته، أو إلى جزئي، فإن الاستقراء هو الحكم على الكل بالحكم على الأجزاء.٤٢١ فالاستقراء أحد أنواع الاستدلال.
وتضم مناهج العلة إلى المنطق بالرغم من ضعف الاستقراء. وهي تنقيح المناط وتحقيق المناط وتخريج المناط. والأمثلة فقهية. تنقيح المناط النظر في أوصاف الكم، لتخليص المناط بما ليس بمناط، ولمعرفة المؤثر من غير المؤثر.٤٢٢ وتحقيق المناط هو تحقيق العلة في إحدى الصور. وتخريج المناط هو التعرف على علة الحكم بالاستنباط الاجتهاد بعد النص على الحكم.٤٢٣
والاستقراء التام هو الذي يصلح في البرهان المنطقي، في حين أن الاستقراء الناقص يصلح في الأصول.٤٢٤ والحقيقة أن كليهما يقومان على مبدأ الاطراد، فالنقص في الاستقراء لا يقلل من قطعيته، وهو ما سماه الشاطبي في «الموافقات» الاستقراء المعنوي. والاستقراء الناقص في هذه الحالة يكون تمثيلًا؛ لأنه قياس الجزء على الجزء. وتمثيل الحكم بالجزء على الجزء، يسمى أيضًا قياسًا تمثيليًّا.٤٢٥

(٦) منطق الظن

والقياس المنطقي إما برهان أو جدل أو سفسطة أو خطابة أو شعر. والبرهان هو القياس اليقيني الصحيح. مقدماته قطعية كالبديهيات والنظريات الصحيحة والحسيات السليمة من غلط الحواس. ويعني في اللغة ما يوصل إلى التحقيق. وفي الاصطلاح، كلام مؤلف على وجه مخصوص بشروط مخصوصة. والجدل مقدماته مقبولة أو مشهورة، صادقة في الأغلب وكاذبة في الأندر، لغلبة الخصم. الجدل هو دفع المرء عن إفساد قوله بحجة أو شبهة.٤٢٦ والجدل ليس البرهان. الجدل يبدأ بمسلمات مشهورة ومسلحة وذائعة وليس بمقدمات يقينية. هدفه الانتصار على الخصم، وليس معرفة الحق، والوصول إلى العلم. وقد يستعمل تمويهات ومغالطات، وليس استدلالات برهانية.٤٢٧

والسفسطة المغالطة من جهة اللفظ أو المعنى أو بالحذف والإضمار، أو تركيب المقدمات أو نقص شروطها، أو وضع المقدمات الوهمية بدل القطعية، واستعمال الألفاظ على غير استعمالها في اللغة أو الاصطلاح.

والخطابة مقدمات مقبولة تؤدي إلى غلبة الظن، فتقتنع بها النفس وتركن إليها، مع عدم استبعاد نقيضها وحضوره بالبال. يميل السامع إليها خاصة إذا كان الكلام فصيحًا والألفاظ عذبة، والنغمة طيبة. وتعني لغةً كلامَ الخطيب؛ سواء أفاد الظن أم اليقين، وغالبًا ما يفيد الظن.

والشعر تمثيل وتشبيه واستعارة وتخييل في النفس للتقريب أو الترهيب، أو التشجيع، أو الحث على العطاء وتحريك النفس فرحًا أو حزنًا، تقريبًا للبعد وبعدًا للقريب. يؤثر في النفس، وقد يكون كذبًا. ويشتد تأثيره بحسن الصوت واللحن، ويعني لغةً المجازَ والتخييل. وفي الاصطلاح المنظومة طبقًا للعروض.٤٢٨
ويشمل المنطق ليس فقط منطق اليقين، الحد والبرهان، بل أيضًا منطق الظن، الجدل والمغالطة في آداب المناظرة.٤٢٩ والهدف مناظرة أهل الزمان.٤٣٠

(٧) المادة الأصولية

والمادة الأصولية قديمة، من العلوم العقلية النقلية مثل الكلام أو الفلسفة، أو العلوم التقليدية مثل الفقه أو اللغة. فهي مادة دخيلة على علم الأصول.٤٣١ فالعلم مادة وصورة.
ونظرية العلم عند الأصوليين مستفاد من الكلام والفلسفة. وهي في الفلسفة مستمدة من الكلام أحيانًا. المطالب أربعة في الحد، إجابة على أسئلة «هل» و«ما» و«لِمَ» و«أي». وهي أسئلةٌ خارجية تُصدر أحكامًا على الأشياء الطبيعية الموضوعة بين قوسين. فعلم الأصول يتعلق بالأفعال وليس بالأشياء، بالسلوك الإنساني وليس بمظاهر الطبيعة. كما أنه يقوم على التفرقة بين الصفات الذاتية والصفات العرضية. وهي أيضًا صفات في الأشياء وليست في الأفعال. ويبدو أن المنطق آلة صورية لمعرفة الأشياء المادية. فالصورة والمادة من نفس النظام على مستويين مختلفين من التجريد.٤٣٢ وأمهات المطالب أربعة: «هل» للسؤال عن الوجود أو حاله، «ما» لبيان الحد أو الرسم، «أي» للتمييز، «لِم» لبيان العلة.٤٣٣
وتذكر بعض الأمثلة الفقهية التي عفا عليها الزمن، ولم يعُد لها وجود الآن، مثل «العبد الآبق»، فلا وجود للعبيد الآن. وإن أبق فهو حر رافض للعبودية، لا عقوبة عليه، ولا يرجع إلى سيده.٤٣٤

لم يعُد المنطق الآن منطقًا صوريًّا خالصًا في أشكال القضايا وضروبها فقط، من أجل استنباط الجزء من الكل؛ لأنه مجدب وتحصيل حاصل. ولم يعُد أيضًا المنطق التجريبي الذي يقوم على استقراء الكل من الأجزاء، نظرًا لاستقلال المعنى. ولم يعد أيضًا تمثيلًا بمعنى قياس الجزء على الجزء، إلا من أجل ضرب المثل والتشبيه في أساليب التعبير. هناك المنطق الشعوري الذي يحلل التجارب الشعورية، ويحول العالم الخارجي إلى قصد منسي، وإحالة الذات إلى الموضوع إلى الذات في قصد متبادل.

بل إن المنطق الآن أصبح جزءًا من مناهج البحث في العلوم الاجتماعية. فالظواهر الإنسانية بها منطقها الخاص نظرًا لطبيعتها، وارتباطها بالحرية الإنسانية بحدود التنبؤ بها وبالقيم الإنسانية، أي حدود تحويل الواقع إلى فكر، والشيء المادي إلى قيمة.

١  فتقاضاني في عنفوان شبابي اختصاص هذا العلم بفوائد الدين والدنيا وثواب الآخرة، والأَولى أن أصرف إليه من مهلة العمر صدرًا، وأن أخص به من متنفَّس الحياة قدرًا، فصنفت كتبًا كثيرة في فروع الفقه وأصوله، ثم أقبلت بعده على علم طريق الآخرة ومعرفة أسرار الدين الباطنة، فصنفت فيه كتبًا بسيطة ككتاب «إحياء علوم الدين»، ووجيزة ككتاب «جواهر القرآن»، ووسيطة ككتاب «كيمياء السعادة». المستصفى، ج١، ٣–٤.
٢  «ولست أقمع عن شخصية هذا حدًّا» السابق، ج١، ٢٤.
٣  الأصفهاني: الكاشف، ج١، ٤٢٥–٤٢٩، ج٢، ٤٧٤، قال عمر: زوَّرت في نفسي كلامًا فسبقني إليه أبو بكر. الكاشف ج٣، ٨٧.
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما
جُعل اللسان على الفؤاد دليلا
ج٣، ٨٩، خلاف العلماء في الكلام النفساني، ج٥، ٥٦٦.
٤  الإحكام لابن حزم، ج١، ٥–٩.
٥  علم الاستغراب، الدار الفنية، القاهرة ١٩٩١م، ص٤٨٧–٥١٤.
٦  L’Exégès de La Phénoménologie, L’état actual de la methode Phénoménologique et son application au phénomène vérligieux, Paris, 1966, Dar al-Fikr al-Arabia, Le Caire, 1977.
– La Phénoménologie de L’Exégèse, èssai d’une hermeneutique existentielle á partir du Nouveau Testament, Paris 1966, Dar al-Fikr al-Arabi, Caire, 1987.
٧  ومن كتب المتكلمين كتاب «البرهان» لإمام الحرمين، و«المستصفى» للغزالي، وهما من الأشعرية، وكتاب «العمد» لعبد الجبار، وشرحه «المعتمد» لأبي الحسن البصري، وهما من المعتزلة. وهذه الكتب الأربعة هي قواعد هذا الفن وأركانه على طريقة المتكلمين. ثم لخص هذه الكتب الأربعة فخرُ الدين الرازي في كتاب «المحصول» وسيف الدين الآمدي في كتاب «الإحكام»، ثم أولع مَن بعدها بتلخيص الكتابين، وملخصاتهما هي عمدة المتأخرين. نكت من أصول الفقه، ص١٥.
٨  المستصفى، ج٢، ٢١٣.
٩  الوصول إلى قواعد الأصول (التمرتاشي) ص١١١.
١٠  تكوين النص، الفصل الخامس: تثبيت البينة، ص٣٤٧–٤٩٦.
١١  الاختلاف على النحو الآتي:
١٢  القول في ذكر أصل بُني عليه مسائل. تأسيس النظر، ص٦٨–٧٨.
١٣  وقد تم ذكرها في «من العقيدة إلى الثورة»؛ مما أثار بعض الدوائر المحافِظة؛ إذ خلطوا بينها وبين نصوص المؤلف عن سوء نية وقصد؛ مزايدةً في الإيمان وبحثًا عن الشهرة، والارتزاق من الإعلام خاصة القنوات الفضائية الجديدة القائمة على الإثارة.
١٤  التراث والتجديد، موقفنا من التراث القديم، المركز العربي للدراسات والنشر، القاهرة ١٩٨٠، ص١٢٣–١٥٣.
Les Méthodes, d’Exégèse, essai sur la Science des Fondements de la compréhension, ‘IIm usul al-Fiqh, Conseil superieur des Arts, des Letters et des Sciences Sociales, Le Caire 1965, la Transposition, PP. LXXIX–CXXXVIII.
١٥  المستصفى، ج١، ١٣-١٤.
١٦  السابق، ج١، ٧١-٧٢، ٩٦-٩٧، ١٧١-١٧٢، ١٩٥، ١٩٨–٢٠٠.
١٧  المستصفى، ج١، ٢٣-٢٤، ٢٦.
١٨  «فيما يحتاج إليه أصول الفقه من المقدمات، الأصول»، ج١، ٨، ولما كان هذا المقصود لا يتم دون الاطلاع على المقدمات النظرية المستندة إلى القضايا الضرورية المتوصل إلى مطلوباته وتحقيق ما جاء به. الإحكام للآمدي، ج١، ٧.
١٩  وذلك مثل «تقويم النظر» للدبوسي، ص٩–١١، ١٣–١٩.
٢٠  الرسالة، ص٧–٢٠.
٢١  «فليست تنزل بأحدٍ من أهل دين الله نازلةٌ إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها.» السابق، ص٢٠.
٢٢  القرآن (٢٢ آية)، الحديث (١)، وبعض الآيات متكررة.
٢٣  وذلك مثل «الأصول في الأصول» للجصاص، ج١، ٤٠، وأيضًا «المقدمة في أصول الفقه» للقاضي عبد الوهاب؛ المقدمة في الأصول، ص٢٢٩–٢٣٤. وله أيضًا مسائل في أصول الفقه مستخرجة من كتاب المدونة على مذهب عالم المدنية، السابق، ص٢٣٧–٢٥٠؛ نكت من أصول الفقه، ص٤؛ الإشارات في أصول الفقه المالكي للباجي، ص٤٧، كتاب التلخيص، ج١، ٥؛ قواطع الأدلة، ص٢٩؛ التمهيد، ج١، ٥، المنتخب، ج١، ٤٩، المنار، ص٨–١٠.
٢٤  الورقات، ص٢، المصالح المرسلة، ص٣٩، أصول الفقه للسيوطي، ص٧٢.
٢٥  نكت، ص٤؛ التبصرة، ص١١؛ اللمع، ص١؛ البرهان، ج١، ٨٣؛ الكافية، ص٧؛ القياس في الشرع الإسلامي، ص٦.
٢٦  المسودة، ص٣.
٢٧  المستصفى، ج١، ٢-٣؛ كشف الأسرار، ج١، ٢٣–٢٩؛ جمع الجوامع، ج١، ١٥–٢٧؛ الموافقات، ج١، ١٩–٢٣.
٢٨  من العقيدة إلى الثورة، ج١؛ المقدمات النظرية، مدبولي، القاهرة، ١٩٨٧م؛ من الدعاء للسلاطين إلى الدفاع عن الشعوب، ص٧–٥٠.
٢٩  المستصفى، ج١، ٣، روضة الناظر، ج١، ٥١-٥٢، العقد المنظوم، ص١٩، منهاج الوصول ص٣، البحر المحيط، ج١، ص٣-٤، إرشاد الفحول، ص٢.
٣٠  ألفية الوصول، ص٢.
٣١  «الدنيا» نُزل عبور لا متنزه حبور، ومحل تجارة لا مسكن عمارة، ومتجر بضاعتها الطاعة، وربما الفوز يوم الساعة. المستصفى، ج١، ٣.
٣٢  الفصول في الأصول، ج١، ٤٠؛ المعتمد، ص٧؛ الإحكام للآمدي، ج١، ١–٢؛ منتهى الوصول، ص٢؛ تقريب الوصول، ص٢٥.
٣٣  الرسالة، ص٧-٢٨؛ الحدود في الأصول، ص٦٥؛ تقويم النظر، ص٩؛ كتاب المنهاج، ص٧؛ الإحكام، ج١، ٥؛ النبذ، ص٦-٧.
٣٤  المستصفى، ص٢–٤، الوصول إلى الأصول، ج١، ٤٧.
٣٥  الإشارة، ص٣١؛ الإحكام في الأصول، ج١، ١٧٣-١٧٤.
٣٦  أصول الرخي، ج١، ٩.
٣٧  المختصر لابن اللحام، ص١٧.
٣٨  مراتب الإجماع، ص٢٣.
٣٩  مفتاح الوصول، ص١٣.
٤٠  «والطاعة طاعتان: عملٌ وعلم. والعمل أنجحها وأربحها، فإنه أيضًا من العلم، ولكنه عمل القلب الذي هو أعز الأعضاء، وسعي العقل الذي هو أشرف الأشياء؛ لأنه مركب الديانة وحامل الأمانة» المستصفى، ج١، ٣.
٤١  الموافقات، ج١، ٤٢؛ البحر المحيط، ج١، ٣-٤.
٤٢  الموافقات، ج١، ٤٣.
٤٣  السابق، ج١، ٤٢–٤٤.
٤٤  والآيات كثيرة على طلب المنفعة بالعلم؛ مثل: فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ، وحديث «خيركم للناس أنفعكم للناس.»
٤٥  حديث «نحن أمة أمية، لا نحسُب ولا نكتب. الشهر هكذا وهكذا وهكذا.»
٤٦  لذلك قال عمر: «يا أيها الناس، تمسكوا بديوان شعركم في جاهليتكم؛ فإن فيه تفسير كتابكم.»
٤٧  السابق، ص٥١–٥٦.
٤٨  مثل أَفَمَن يَّخْلُقُ كَمَن لَّا يَخْلُقُ، قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّة، اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْء، لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتَا، أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ * أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ الْخَالِقُونَ.
٤٩  الموافقات، ج١، ٥٦–٦٠.
٥٠  الموافقات، ج١، ٤٦.
٥١  مثل: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ، وعندما سُئل الرسول: «متى الساعة؟» أجاب: «ما أعددت لها؟».
٥٢  مثل: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي، وكذلك رد الرسول على سؤال الساعة: «ما المسئول عنها أعلم من السائل.»
٥٣  مثل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ؛ لذلك نهى النبي عن «قيل وقال وكثرة السؤال».
٥٤  مثل إجابة الرسول على سؤال الحج مرة واحدة أم للأبد بقوله: «للأبد، ولو قلت نعم لوجبت»، وحديثه: ذروني ما تركتم؛ إنما أهلك من كان قبلكم كثرةُ سؤالهم أنبياءهم. وحديث: «إن أعظم الناس جرمًا من سأل عن شيء لم يُحرَّم فحُرِّم من أجل مسألته.» ولم يشأ عمر السؤال عن «الأبِّ» في آية وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ولا علي بن أبي طالب أجاب عن سؤال وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا * فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا، كما أدَّب عمر من سأل عن وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا * فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا.
٥٥  الموافقات، ج١، ٧٧–٨٧.
٥٦  السابق، ج١، ٧٧–٨٧.
٥٧  وذلك بناء على حديث: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من الناس، ولكن يقبضه بقبض العلماء.»
٥٨  وذلك مثل أحاديث: «خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم»، وحديث: «أول دينكم نبوة ورحمة، ثم مُلك ورحمة، ثم ملك وجبرية مثل ملك عضود»، وحديث: «إن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ، فطوبى للغرباء»، وغيرها من الأحاديث.
٥٩  وكذلك حديث: «مِن أشد الناس عذابًا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه»، وحديث: «إن العلماء همتهم الرعاية، وإن السفهاء همتهم الرواية»، وأيضًا: «تعلَّموا ما شئتم أن تعلَّموا، فلن يأجُرَكم الله حتى تعملوا.»
٦٠  مثل حديث: «لا تعلَّموا العلم لتباهوا به العلماء، ولا لِتماروا به السفهاء، ولا لتمتازوا به المجالس.» والشهوة الخفية هي: «الرجل علم العلم يريد أن يُجلس إليه.» الموافقات، ج١، ٦٠–٦٨.
٦١  السابق، ج١، ٩٩–١٠٦.
٦٢  السابق، ج١، ٥١.
٦٣  السابق، ج١، ص٤٤.
٦٤  السابق، ص٤٤-٤٥.
٦٥  إبطال القياس، ص٣.
٦٦  الموافقات، ص٤٧–٧٣.
٦٧  أصول السرخسي، ج١، ١٠، ألفية الوصول، ص٣.
٦٨  قال مولانا الصدر الإمام سلطان المحققين، ناصر الإسلام والمسلمين، بحر العلوم، أستاذ الورى، علم الهدى، أستاذ الشرق والغرب، حجة الله على العباد، الراعي إلى الله، أبو عبد الله محمد بن عز بن عمر بن الحسين الرازي، متَّع الله المسلمين بطول عمره، وشكر في الدين سعيه.» المحصول، ج١، ٥.
٦٩  «فيقول أسير المساوئ والشهوات، كثير الخطايا والزلَّات، راجي الفوز على الصراط، حسين بن محمد المشاط، غفر الله ذنوبه، وستر عيوبه.» الجواهر الثمينة، ص١١١.
٧٠  أصول الشافعي، ص١٥؛ الوصول إلى قواعد الأصول، ص١١٣.
٧١  من العقيدة إلى الثورة، المجلد الخامس؛ خاتمة من الفرقة العقائدية إلى الوحدة الوطنية، ص٣٩٣–٥٤٧.
٧٢  «وبصِّرنا سلوك مسالك الحق اليقين، واجذبنا برحمتك عن طريق الزائفين، وسلِّمنا من غوائل البدع، واقطع عنا علائق الطمع، وأمِّنا يوم الخوف والجزع، إنك ملاذ القاصدين، وكهف الراغبين.» الإحكام للآمدي، ج١، ٣.
٧٣  الرسالة، ص٨–٢٠.
ويذكر الشافعي عديدًا من الآيات على ذلك.
٧٤  «ولما كان مدوِّخ ملوك العرب والعجم، ومصرف يده الكريمة في معلومات السيف والقلم، جامع كلمات الإسلام بعد شتاتها، قامع الفجَرة الظُّلَّام عن افتياتها، حتى امتدت على الرعية طُنُب أمانه، فلبِسوا من جميل ظلها بردًا سابغًا، فهم في حجر كفالتها هاجعون، وسحَّت عليهم سحب إحسانه فوردوا من جزيل فضلها وردًا سائغًا، فهم بوثيق كفايتها وادعون، فقد صرف عنهم ما يرهبون، وساق إليهم ما يرغبون، مولى الأنام، الخليفة الإمام، أمير المؤمنين، المتوكل على رب العالمين، أبو عنان، أبقاه الله تعالى وسوانح الأقدار قاضية بإصعاده، وسوارح الأعصار ماضية في إسعاده، قد جاز بذهنه الثاقب الراجح في تحصين الدلائل مَهْمعًا صعبًا، وحاز برأيه الصائب الناجح في تحصيل المسائل موردًا عذبًا، حتى صار يفصل في مضيق المناظرات بين أربابها، ويجلو المشكلات، ويلي كشف حجابها، فأردت أن أضرب بهذا المختصر في اكتساب القربة إليه قدحًا معلًّى وسهمًا، وأجمع فيه من بديع الحقائق ورفيع الدقائق نكتًا وعلمًا … وفضلُه — أيده الله — يقضي بحُسن القَبول، ويقتضي لمؤلفه غاية المأمول.» مفتاح الوصول، ص١٣-١٤.
٧٥  المعتمد، ص٧-٨.
٧٦  «فإني رأيت بعض أهل عصرنا عن سبيل المناظرة ناكبين، وعن سنن المجادلة عادلين، فائضين فيما لم يبلغهم علمه، ولم يحصل لهم فَهْمه، مرتبكين ارتباكَ الطالب لأمر لا يدري تحقيقه، والقاصدِ إلى نهج لا يهتدي طريقه …» كتاب المنهاج، ص٧-٨؛ قواطع، ص٣٠–٣٢.
٧٧  شفاء الغليل، ص٣–١١.
٧٨  «هو تقويم الأدلة» للدبوسي في قواطع الأدلة للسمعاني. قواطع، ص٣٢؛ الواضح، ج١، ٥؛ بذل النظر، ص٣.
٧٩  «وإني أحببت أن يضرب ابني محمد — أسعده الله — في هذا العلم بسهمه، فصنعت هذا الكتاب برسمه، ورسمته باسمه؛ لينشط لدرسه وفهمه.» تقريب الوصول، ص٢٦.
٨٠  «وإلى التوسط بين الإخلال والإملال.» المستصفى، ج١، ٤. «فعملت هذا الكتاب متوسطًا بين المبسوط الكبير والمختصر اللطيف؛ ليكون تبصرة للمبتدئين، وتذكرة للمنتهين، وقرَّبت ألفاظه، وحررت أدلته؛ ليسهل على المتعلمين أخْذُه، ويقرُبَ عليهم حفظه.» التبصرة، ص١٦؛ اللمع، ص٣؛ منتهى الوصول، ص٢. «دعوت فيه على الاختصار والتقريب، مع حسن الترتيب والتهذيب.» تقريب الوصول، ص٢٦؛ منهاج الوصول، ص٣.
٨١  ميزان الأصول، ص٣، ٧؛ ألفية الوصول، ص٢.
٨٢  «فإنه طلب مني بعض المحققين من أهل العلم أن أجمع له بحثًا يشتمل على تحقيق الحق في التقليد؛ أجائز هو أم لا، على وجه لا يبقى بعده شك، ولا يقبل عنده تشكيك. ولما كان هذا السائل من العلماء المبرزين كان جوابه على نمط علم المناظرة …» القول السديد، ص٢.
٨٣  المختصر لابن اللحام، ص١٧.
٨٤  المستصفى، ج١، ٤؛ ميزان الأصول، ص٤؛ تقريب الوصول، ص٢٦؛ جمع الجوامع، ج١، ٢٧؛ التحرير، ج١، ١٢.
٨٥  الموافقات، ج١، ٢٤-٢٥.
٨٦  «وسميته إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول.» إرشاد الفحول، ص٣.
٨٧  البحر المحيط، ج١، ٤–٥.
٨٨  «أصرف العناية فيه إلى التلفيق بين الترتيب والتحقيق … وجمعت فيه بين الترتيب والتحقيق؛ لفهم المعاني، فلا مندوحة لأحدهما عن الثاني.» المستصفى، ج١، ٤.
٨٩  يذكر السمرقندي في مقدمة «ميزان الأصول ونتائج العقول» التآليفَ السابقة مثل «مآخذ الشرائع» أو «الجدل» للماتريدي. ميزان الأصول، ص٣-٤.
٩٠  الوصول إلى الأصول، ج١، ٤٧، جمع الجوامع، ج١، ٢٧.
٩١  «فإن عارضك دون هذا الكتاب عارض الأفكار، وعَمي عنك وجهُ الاختراع فيه والابتكار، وغرَّ الظانَّ أنه شيء ما سمع بمثله، ولا ألف في العلوم الشرعية الأصلية أو الفرعية ما نسج على منواله أو شُكل بشكله، وحسْبك من شرّ سماعُه، ومن كل بِدَع في الشريعة ابتداعُه …» الموافقات، ج١، ٢٥.
٩٢  «فلا تلتفت إلى الإشكال دون اختبار، ولا تَرْمِ بمظنة الفائدة على غير اعتبار.» الموافقات، ج١، ٢٥.
٩٣  «فإنه، بحمد الله، أمرٌ قررته الآيات والأخبار، وشدَّ معاقده السلفُ الأخيار، ورسم معالمه العلماءُ الأحبار، وشيد أركانه أنظار النظار.»
٩٤  «وإذا وضَح السبيل لم يجب الإنكار، ووجب قَبول ما حواه والاعتبار، بصحة ما أبداه والإقرار، حاشا ما يطرأ على البشر من الخطأ والزلل، ويطرق صحة أفكارهم من العلل» الموافقات، ج١، ٢٥-٢٦.
٩٥  «وعند ذلك فحق على الناظر المتأمل إذا وجد فيه نقصًا، أن يكمل، وليُحسن الظن بمن حالف الليالي والأيام، واستبدل التعب بالراحة والسهر بالمنام، حتى أهدى إليه نتيجة عمره، ووهب له يتيمة دهره، فقد ألقى إليه مقاليد ما لديه، وطوَّق طوق الأمانة التي في يديه، ومزج عن عهده البيان فيما وجب عليه.» الموافقات، ج١، ٢٦.
٩٦  «وكانت مسائله المقررة وقواعده المحررة تؤخذ مسلَّمةً عند كثير من الناظرين، كما تراه في مباحث المباحثين وتصانيف المصنفين، فإن أحدهم إذا استشهد لما قاله بكلمة من كلام أهل الأصول، أذعن له المنازعون وإن كانوا من الفحول؛ لاعتقادهم أن مسائل هذا الفن قواعدُ مؤسسة على الحق الحقيق بالقَبول، مربوطة بأدلة علمية من المعقول والمنقول، تقصُر عن القدح في شيء منها أيدي الفحول، وإن تبالغت في الطول. وبهذه الوسيلة صار كثيرٌ من أهل العلم واقعًا في الرأي رافعًا له أعظم راية، وهو يعلن أنه لم يعمل بغير علم الرواية.» إرشاد الفحول، ص٢.
٩٧  «فإن علم أصول الفقه لما كان هو العلم الذي يأوي إلى الإعلام، والملجأ الذي يُلجأ إليه عند تحرير المسائل وتقرير الدلائل في غالب الأحكام …» إرشاد الفحول، ص٢.
٩٨  «وأشرنا إلى القول باجتهاده ثم فسرناه بالاجتهاد النسبي، وأنه مجتهد منتسب، وأن والده مجتهد اجتهادًا مطلقًا، فأحببت أن أبسط القول في هذا المقام …» القول السديد، ص٢.
٩٩  الموافقات، ج١، ٢٣؛ منهاج الوصول، ص٣.
١٠٠  ميزان الأصول، ص٢-٣. ويعتمد البحر المحيط للزركشي على كتب الحنفية والمالكية والحنابلة والظاهرية والمعتزلة والشيعة. البحر المحيط، ج١، ٥–٦.
١٠١  «وأردفت الجداول بجدول يشتمل على تواريخ وفاة جماعة من الصحابة والأئمة والفقهاء والأنبه في العلوم الشرعية.» تقويم النظر، ص٨٩.
١٠٢  «فاقترح عليَّ طائفة من محصِّلي علم الفقه تصنيفًا في أصول الفقه.» المستصفى، ج١، ٤؛ تقويم النظر، ص٨٧.
١٠٣  «فإنك سألتني أن أجمع لك كتابًا في أصول الفقه، يشتمل على جمع أقوال المالكيين ونصرة الحق الإلهي، أذهب إليه وأعوِّل عليه في الاستدلال عليه، مع الإعفاء من التطويل المضجر والاختصار المجحف.» الإحكام في الأصول، ج١، ١٧٤؛ الجواهر الثمينة، ص١١١-١١٢.
١٠٤  وهي سبعة عشر: نص الكتاب، وظاهره: أي العموم، دليله: أي مفهوم المخالفة، ومفهومه: أي مفهوم الأوَّلي، والتنبيه على العلة، ومن السنة مثلها، والإجماع, والقياس، وعمل أهل المدنية، وقول الصحابي، والاستحسان، وسد الذرائع. الجواهر الثمينة، ص١١٥–١١٧.
١٠٥  القياس في الشرع الإسلامي، ص٦.
١٠٦  لابن اللحام: المختصر، ص١١٧. «حملني ذلك على سؤال الجماعة لي من أهل العلم على هذا التهذيب في هذا العلم الشريف، قاصدًا به إيضاح راجحه من مرجوحه، وبيان سقيمه من صحيحه، موضحًا لما يصلح منه للرد إليه وما لا يصلح للتعويل عليه؛ ليكون العالم على بصيرة في علمه يتضح له بها الصواب، ولا يبقى بينه وبين درَك الحق الحقيق بالقبول الحجاب.» إرشاد الفحول، ص٢.
١٠٧  «لما كان كتاب «تمهيد الأصول» للشيخ — الإمام والحبر البحر الهمام شيخ الإسلام مفتي الأنام؛ جمال الدين عبد الرحيم الإسنوي الشافعي، تغمده برحمته وأفسحه فسيح جنته — كتابًا في بابه عديم النظر، حاويًا من القواعد الأصولية والفروع الفقهية للجمِّ الغفير، لم أقف على كتاب من مؤلفات مشايخنا يشبهه في الترتيب، ويضاهيه في حسن التهذيب، سنح لي أن أصنف كتابًا على منواله القريب، وأسلوبه العجيب؛ ليكون عُدةً في الباب، للمحصِّلين والطلاب.» الوصول إلى قواعد الأصول، ص١١٣.
١٠٨  «فإني كنت قد جمعت طريقة الخلاف وأدرجت في أثناء مسائلها قدرَ ما يُحتاج فيها من أصول الفقه على وجه الاقتصار والاقتصاد، ثم إن بعض الأعزة من أصحابي لم يقنع بذلك، وسألني أن أؤلف فيه جمعًا مفردًا على جميع أبوابها، وأستوفي الكلام في كل باب على الرسم المعهود في مثله.» بذل النظر، ص٣.
١٠٩  وذلك اعتمادًا على حديث: «قدِّموا قريشًا ولا تَقدَّموها، وتعلَّموا من قريش ولا تقاطعوها.» تقويم النظر، ص٨٨.
١١٠  وقيل لبعض القُصاص: ما السر في قِصر عمر الشافعي؟ فقال: «حتى لا يزالون مختلفين، ولو طال عمره لعرف الخلاف.» تقويم الناظر، ص٨٨-٨٩.
١١١  «لما تجاسرت على تقديم مكتوب للمشيخة الجليلة الأزهرية يتضمن طلب امتحاني لشهادة العالمية، التمس مني بعض الإخوان — أصلح الله لي وله الحالَ والشان — أن أجمع ما اشتدت إليه الحاجة من علم الأصول؛ ليكون تذكرة لمن يريد الدخول، فجمعت ما تيسر من كتب السادة السابقين، وضممت إليه دررًا فتح بها رب العالمين، وسميته «سلم الوصول إلى علم الأصول»» سلم الوصول، ص٣.
١١٢  «إملاء في يوم السبت سلخ شوال سنة تسع وسبعين وأربعمائة، في زاوية من حصار أوزجند.» أصول السرخسي، ج١، ٩.
١١٣  النظر، ص٥.
١١٤  «فصنفته وأتيت فيه بترتيب لطيف عجيب، يطَّلع الناظر في أوله وهلة على جميع مقاعد هذا العلم، ويفيد الاحتواء على جميع مسارح النظر فيه، فكل علم لا يستولي الطالب في ابتداء نظره على مجامعه ولا مبانيه، فلا مطمع له في الظفر بأسراره ومباغيه.» المستصفى، ج١، ٤؛ العقد المنظوم، ص١٩–٢٣.
١١٥  وهي ستة أركان: طرق إثبات العلل، العلة، الحكم، الأصل، الفرع. شفاء الغليل، ص١١–١٧.
١١٦  ترتيب أصول الفقه؛ التمهيد، ج١، ١٢١–١٢٣.
١١٧  المستصفى، ج١، ٧–٩.
١١٨  أصول الشاشي، ص١٦.
١١٩  منتهى الأصول، ص٢.
١٢٠  الموافقات، ج١، ٢٣-٢٤.
١٢١  الجواهر الثمينة، ص١١٣.
١٢٢  تقريب الوصول، ص٢٦، ٢٩.
١٢٣  «وأما المقاصد فقد كشفت لك عنها الحجاب كشفًا يتميز به الخطأ من الصواب، بعد أن كانت مستورة عن أعين الناظرين بأكثف جلباب، وإن هذا لهو أعظم فائدة يتنافس فيها المتنافسون من الطلاب؛ لأن تحرير ما هو الحق هو غاية الطلبات ونهاية الرغبات، لا سيما في مثل هذا الفن الذي رجع كثير من المجتهدين بالرجوع إليه إلى التقليد من حيث لا يشعرون، ووقع غالب المتمسكين بالأدلة بسببه في الرأي البحت وهم لا يعلمون … ورتَّبته على مقدمة وسبعة مقاصد وخاتمة.» إرشاد الفحول، ص٢-٣.
١٢٤  الواضح، ج١، ٢٦١–٢٦٨.
١٢٥  المستصفى، ج١، ٤، بيان المقدمة ووجه تعلق الأصول بها، السابق، ج١، ٩-١٠.
١٢٦  «وبعد أن عرَّفناك إسرافهم في هذا الخلط، فإنا لا نرى أن نخلي هذا المجموع عن شيء منه؛ لأن الفطام عن المألوف الشديد، والنفوس عن الغريب نافرة، لكنا نقتصر من ذلك على ما تظهر فائدته على العموم في جملة العلوم، من تعريف مدارك العقول وكيفية تدرجها من الضروريات إلى النظريات، على وجه يتبين فيه حقيقة العلم والنظر والدليل وأقسامها وحُججها، تبيينًا تخلو عنه مصنفات الكلام» السابق، ص١٠، الإحكام للآمدي، ج١، ٣.
١٢٧  «إن تمام الفقه لا يكون إلا باجتماع ثلاثة أشياء: العلم بالمشروعات، والإتقان في معرفة ذلك بالوقوف على النصوص بمعانيها، وضبط الأصول بفروعها، ثم العمل بذلك. فتمام المقصود لا يكون إلا بعد العمل والعلم، ومن كان حافظًا للمشروعات من غير إتقان في المعرفة، فهو من جملة الرواة. وبعد الإتقان إن لم يكن عاملًا بما يعلم، فهو فقيه من وجه دون وجه، فأما إذا كان عاملًا بما يعلم، فهو الفقيه المطلق الذي أراده الرسول.» أصول السرخسي، ج١، ١٠.
١٢٨  «تشتمل على معرفة طرق استنباط معاني القرآن، واستخراج دلائله وإحكام ألفاظه، وما تتصرف عليه أنحاء كلام العرب، والأسماء اللغوية والعبادات الشرعية.» الفصول في الأصول، ج١، ٤٠.
١٢٩  «في تحقيق مفهوم أصول الفقه، وتعريف موضوعه وغايته، وما فيه من البحث عنه في مسائله، وما منه استمداده، وتصوير مبادئه، وما لا بد من سبق معرفته قبل الخوض فيه.» الإحكام للآمدي، ج١، ٤–٨١.
١٣٠  المستصفى، ج١، ٤–٥؛ الوصول، ج١، ٥–٨؛ روضة الناظر، ص٥٣–٥٥؛ ألفية الوصول، ص٣؛ تقريب الوصول، ص٢٧–٢٩؛ جمع الجوامع، ج١، ٣٠–٤٥؛ منهاج الوصول، ص٣-٤؛ البحر المحيط، ج١، ١٠–٢٠؛ المختصر لابن اللحام، ص١٧–١٩، ١٣–٣٦؛ الوصول إلى قواعد الأصول، ص١١٣–١٢٢؛ إرشاد الفحول، ص٣–٥، سلم الأصول، ص٢-٣.
١٣١  التقريب والإرشاد، ج١، ١٧١–١٧٣.
١٣٢  الحدود في الأصول، ص١٣٩؛ المعتمد، ص٨–١١؛ إحكام الفصول، ج١، ١٧٥-١٧٦؛ بيان الفقه وأصول الفقه؛ اللمع، ص٦-٧؛ قواطع الأدلة، ص٣٣-٣٤، المجتهد، ص٢٣، الواضح، ج١، ٧–٩، ١٧، ٩٠، ٢٥٩-٢٦٠.
١٣٣  كتاب المنهاج، ص٨-٩، ١١، المنخول، ص٣.
١٣٤  بذل النظر، ص٥؛ الإحكام للآمدي، ج١، ٤–٥؛ أصول الفقه للسيوطي، ص٧٢؛ ألفية الوصول، ص٢؛ منتهى الوصول، ص٢؛ المختصر لابن اللحام، ص١٧–٢٩؛ الوصول إلى الأصول، ج١، ٤٧-٤٨، ٤٩–٥٢.
١٣٥  كتاب الحدود، ص٣٥-٣٦، «ولو قدرنا فقْد هذه المراسيم المدعية والأحكام الشرعية الموضوعة لأفعال الإنسانية، لصار الناس فوضى حملًا مضاعفين، لا يأتمرون لأمرِ آمر، ولا ينزجرون لزجرِ زاجر، وفي ذلك من الفساد في العباد والبلاد ما لا خفاء به …
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم
ولا سراة إذا جُهَّالهم سادوا.»
الوصول إلى الأصول، ج١، ٤٧-٤٨.
١٣٦  ألفية الوصول، ص٣؛ خاتمة في التصوف، ص٧٧-٧٨.
١٣٧  البرهان، ج١، ٨٤-٨٥؛ الوصول إلى الأصول، ص٥٣–٥٦.
١٣٨  البرهان، ج١، ٨٥؛ الوصول إلى الأصول، ج١، ٥٢.
١٣٩  كتاب الحدود، ص٣٦-٣٧؛ قواطع الأدلة، ص٢٩-٣٠.
١٤٠  إحكام الفصول، ج١، ١٧٤–١٨٩. لذلك كتب الباجي «الحدود في الأصول». الفقيه والمتفقه، ص٥٣-٥٤؛ كتاب التلخيص، ج١، ١٠٥–١٠٧؛ البرهان، ج١، ٨٣–٨٧؛ الورقات، ص٣-٤، ٢٦؛ الكافية، ص٢٢-٢٣.
١٤١  حكم تعلم أصول الفقه، الوصول، ج١، ٨١-٨٢.
١٤٢  منتهى الوصول، ص٢؛ الغرض من علم الأصول وحقيقته ومبادئه وموضوعه ومسائله؛ البحر المحيط، ج١، ٢١–٢٤.
١٤٣  بذل النظر، ص٥.
١٤٤  الكافية، ص١٦–٥٦. ومع ذلك يمكن تصنيف المصطلحات طبقًا لموضوعات العلم على النحو الآتي:
  • (أ)

    العلم: النظرة والمناظرة، الجدل والمجادلة، الفقه، أصول الفقه، الاعتقاد، السهو أو الغفلة، الظن، الدليل والمستدل والدلالة، الحجة والبرهان، الاسم والفعل والحرف.

  • (ب)

    اللغة: الخطاب، الكلام، النطق، الكتابة، العبارة، الأمر والنهي، الخبر والاستخبار، الصدق والكذب، الحقيقة والمجاز، الظاهر والمؤول، المطلق والمقيد، العام والخاص، الاستثناء والمستثنى، الكم والتشابه، المجمل والمبهم والمبين، النص والمفسر، مفهوم الخطاب، دليل الخطاب، فحوى الخطاب، لحن الخطاب، الإشارة، المحذوف.

  • (جـ)

    السلوك: الفعل والترك، التكليف، الواجب والفرض، المحظور والحرام، المندوب والمكروه، الحلال والمباح، الحَسن والقبيح، العدل والظلم والجور، اللزوم والإلزام، السنة والنخل والتطوع والجواز، الصحة والبطلان، الحق، الباطل، الفاسد، السبب والمانع، العزيمة والرخصة.

  • (د)

    التاريخ: الناسخ والمنسوخ، الخبر، الآحاد والتواتر، المتن والسند، الجرح والتعديل، التدليس، الإجماع، الشاذ، النادر، المعتاد.

  • (هـ)

    الاجتهاد: العرف، الرأي، الصواب والخطأ، القياس، الأصل والفرع، العلة والحكم، المعلول والوصف، والشرط والغاية، العبرة والاعتبار، الطرد والعكس والدوران والاعتراض، التعادل والتراجيح، المناقضة، الفرق والجمع، المنع والوضع، التأثير والملاءمة، الاشتراك، السؤال والجواب، الجدل والمناظرة، الإرشاد والكلام. قواطع الأدلة، ص٣٣-٤٤.

١٤٥  حدود الألفاظ الدائرة بين المتناظرين، كتاب الحجاج، ص١٠–١٤؛ وذلك مثل: الحد، العلم النظري، الجهل، الشك، الظن، غلبة الظن السهو، العقل، العفة، أصول الفقه، الجدل، النظر والاستدلال، الدليل، الدلالة، المستدل، المستدل عليه، المستدل له، البيان، النص، الظاهر، العموم، المجمل، المفسر، المحكم، المتشابه، المطلق، والمقيد، التخصيص، تخصيص العموم، التأويل، النسخ، دليل الخطاب، لحن الخطاب، فحوى الخطاب، الحقيقة، المجاز، الأمر، الواجب، الفرض، المندوب إليه، المباح، السنة، العبادة، الطاعة، المعصية، الحسن، الظلم، الجور، الجائز، الصحيح، الفاسد، الشرط، الخبر الصدق، الكذب، التواتر، الآحاد، المرسل، الموقوف، المسند، الصحابي، التابعي، الإجماع، التقليد، الاجتهاد، الرأي، القياس، الأصل، الفرع، المعلول، الحكم، المعتل، العلة المتعدية، العلة الواقفة، الطرد، العكس، التأثير، النقص، الكسر، القلب، المعارضة، الترجيح، الانقطاع. البرهان، ج١، ١٧٤–١٧٧.
١٤٦  المسودة، ص٥٧٠–٥٧٨.
الحد، العلم، المجمل والمبين، التأويل، البيان، الدليل، النص، الظاهر، العام، الخاص، الكفاءة، العين، الواجب، المحظور، الأمر، المندوب، الطاعة، المكروه، المباح، الجائز، القبيح، الحكم الشرعي.
١٤٧  التمهيد، ج١، ٣٣–٩٧.
  • (أ)

    المقدمات النظرية: حد الحد، العلم، العقل، الحس، الجهل، الشك، اليقين، النظر، الدليل والدال والمدلول، الحجة والجدل، السؤال، اليقين والاعتقاد.

  • (ب)

    الوعي التاريخي: الخبر، الصدق والكذب، الصواب، المحال، السنة، العدول.

  • (جـ)

    الوعي النظري: البيان، الأمر، النهي، الجائز والتجوز، العام، الاسم، الفصل، الحرف العام والخاص، المهمل والمستعمل، الحقيقة والمجاز، المحكم والمتشابه.

  • (د)

    الوعي العملي: الطاعة، الإصرار، الفرض، الواجب، المندوب، النافلة، الترتيب، الباطل، العبادة، الإباحة والمستحب، الحسن والقبيح، الظلم، الفاسد، الشرط، السبب.

١٤٨  الواضح، ج١، ١٢٤–١٨٢.
(أ) الوعي التاريخي: الصدق، الكذب، المحال، الحفظ، الفهم، العدل، الظلم، الجور، الإنصاف.
١٤٩  السابق، ج١، ١٧٦–١٨٢.
(ب) الوعي النظري: الحقيقة، المجاز، النظر، التأمل، النفي، الصواب، الخطأ، الضرر، التحصيل، الاجتهاد، محكم، متشابه.
(ﺟ) الوعي العملي: الوجوب، الفرض، الندب، الإباحة، الحظر، الطاعة، النافلة، الانقياد، الاتباع، المعصية، الإذن، العقد، اللزوم، الجواز، الذمة، الهدنة، الضرورة، المضطر، الاضطرار، الفسق، المكروه، المنهي عنه، صحيح، فاسد، باطل، الفقه، الملك، الطهر، الحيض، الجنس، النوع، الطبع، التفسير، الحروف أوائل السور.
١٥٠  الحدود في الأصول، ص٨٢–٨٤، ٨٩–٩٨، ١٠٢، ١٠٤–١٠٦؛ قواطع الأدلة، ص٣٥–٤٢.
١٥١  الحدود في الأصول، ص١٠٨–١٣١.
١٥٢  السابق، ص٨٤-٨٥، ٩٨–١٠٣، ١٠٦.
١٥٣  ابن فورك: الحدود في الأصول، ملحق في شرح بعض المفردات اللغوية، والمصطلحات الشرعية المستخرجة من تفسير القرآن الكريم، ص١٦٣–١٩٤؛ في الألفاظ الدائرة بين أهل النظر. ويذكر ابن حزم الألفاظ الآتية: الحد، الرسم، العلم، الاعتقاد، البرهان، الدليل، الحجة، الدال، الاستدلال، الدلالة، الإقناع، الشغب، التقليد، الإلهام، النبوة، الرسالة، البيان، التبيين، الإبانة والتبين، الصدق، الحق، الباطل، الكذب، الأصل، الفرع، المعلوم، النهي، التأويل، العموم، الخصوص، الجهل، المفسر، الأمر، النهي، الفرض، المرام، الطاعة، المعصية، الندب، الكراهة، الإباحة، القياس، العلة، السبب، الفرض، الإمارة، النية، الشرط، التفسير، النسخ، الاستثناء، الجدل والجدال، الاجتهاد، الرأي، الاستحسان، الصواب، الخطأ، العناد، الاحتياط، الورع، الجهل، الطبيعة، دليل الخطاب، الشريعة، اللغة، اللفظ، الخلاف، الإجماع، السنة، البدعة، الكناية، الإشارة، المجاز، التشبيه، المتشابه، المفصل، الاستنباط، الحكم، الإيمان، الكفر، الشرك، الإلزام، الفور، التراخي، الاحتياط، الورع. الإحكام لابن حزم، ج١، ٣٤–٤٦.
١٥٤  الفقيه والمتفقه، ص١–٤٠. وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَة مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ.
١٥٥  «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين»، «تجدون الناس معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا»، «يسير الفقه خير من كثير العبادة»، «فقيه أفضل عند الله من ألف عابد»، «أفضل العبادة الفقه»، «فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد»، «الأنبياء قادة، والفقهاء سادة، ومجالسهم زيادة.»
١٥٦  السابق، ص٤٢–٥٣، «طلب الفقه فريضة على كل مسلم»، «التفقه في الدين حق على كل مسلم»، «ورب حامل فقه ليس بفقيه.»
١٥٧  «إخلاص النية والقصد بالفقه وجه الله عز وجل» الفقيه والمتفقه، ج٢، ٨٧–٨٩؛ التفقه في الحداثة وزمن الشيبة، ج٢، ٨٩–٩٢؛ حذف المتفقه العلائق ج٢، ٩٢–٩٦.
١٥٨  اختيار الفقهاء الذين يتعلم منهم. الفقيه والمتفقه، ج٢، ٩٦–٩٨.
١٥٩  تعظيم المتفقه الفقيه وهيبته إياه وتواضعه له. السابق، ج٢، ٩٨-٩٩.
١٦٠  ترتيب أحوال المبتدئ بالتفقه. السابق، ج٢، ١٠٠–١٠٣.
١٦١  في التحفظ وأوقاته ما يعرض من علله وآفاته. السابق ج٢، ١٠٦؛ مقدار ما يحفظه المتفقه ج٢، ١٠٧–١٠٩؛ ما جاء في المذاكرة بالفقه ليلًا، ج٢، ١٢٨-١٢٩؛ أفضل تدريس الفقه بالمساجد، ج٢، ١٢٩-١٣٠.
١٦٢  أخلاق الفقيه وآدابه وما يلزمه استعماله مع تلاميذه وأصحابه. السابق، ج٢، ١١٠-١١١؛ حسن مجالس الفقيه لمن جالس، ج٢، ١١١-١١٢؛ استعماله التواضع ولين الجانب ولطف الكلام ج٢، ١١٣-١١٤؛ استقباله المتفقهين بالترحيب بهم وإظهار البشر لهم، ج٢، ١١٦–١٢٠.
١٦٣  «آداب التدريس». السابق ج٢، ١٢٠–١٢٨؛ إلقاء الفقيه المسائل على أصحابه، ج٢، ١٣١–١٣٩؛ تنبيه الفقيه على مراتب أصحابه، ج٢، ١٣٩–١٥٢.
١٦٤  التقريب والإرشاد، ج١، ١٨٣–١٨٧؛ ميزان الأصول، ص٨؛ البحر المحيط، ج١، ٤٥–٤٩.
١٦٥  المنخول، ص٤٢-٤٣.
المحصول، ج١، ٣٧-٣٨؛ المسودة، ص٥٦١.
١٦٦  كشف الأسرار، ج١، ٢٩–٦٢.
١٦٧  منتهى الوصول، ص٢.
١٦٨  هذا هو المدخل للأصول. البزدوي، ج١، ٣٢–٣٥؛ في المبادئ الكلامية الإحكام للآمدي، ج١، ٥–٧؛ أيضًا من العقيدة إلى الثورة، ج١؛ المقدمات النظرية الفصل الثالث: نظرية العلم، ص٢٣٤–٤١٠.
١٦٩  المنخول، ص٣–٦.
١٧٠  «باب العلم»، الرسالة، ص٣٥٧–٣٦٩.
١٧١  منتهي الوصول، ص٢.
١٧٢  «فقد تناقض قاضي العقل، وهو الحاكم الذي لا يُعزل ولا يبدَّل، وشاهد الشرع، وهو الشاهد المزكى المعدَّل بأن الدنيا دار غرور لا دار سرور …» المستصفى، ج١، ٣.
١٧٣  تقريب الوصول، ص٢٥-٢٦.
١٧٤  الموافقات، ج١، ٣٥–٤٢.
١٧٥  السابق، ص٣٩.
١٧٦  مثل حديث «لا يقضي القاضي وهو غضبان»
١٧٧  الموافقات، ج١، ٨٧–٩١.
١٧٨  من النقل إلى الإبداع مج٣؛ الإبداع، ج١؛ تكوين الحكمة، مج٣؛ إحصاء العلوم.
١٧٩  السابق مج٣؛ المنخول مج٣؛ التراكم فصل (٣) الإبداع الخالص.
١٨٠  المستصفى، ج١، ٣، ٥.
١٨١  ميزان الأصول، ص١-٢.
١٨٢  البحر المحيط، ج١، ٨-٩.
١٨٣  المستصفى، ج١، ٢.
١٨٤  من العقيدة إلى الثورة، ج١؛ المقدمات النظرية، الفصل الثالث نظرية العلم؛ مناهج الأدلة، ص٣٨٨-٤٠٩.
١٨٥  المستصفى، ج١، ٣-٤.
١٨٦  انظر دراستنا: «حكمة الإشراق والفينومينولوجيا» دراسات إسلامية، القاهرة، الأنجلو المصرية، ١٩٨٢م، ص٢٧٣–٣٤٩.
١٨٧  المستصفى، ج١، ٥.
١٨٨  السابق، ج١، ٥–٧.
١٨٩  البحر المحيط، ج١، ٤٠–٥١.
١٩٠  الموافقات، ج١، ٢٩–٣٥.
١٩١  تقويم الأدلة، ص٩. ويحيل الدبوسي إلى مؤلفاته الصوفية الأخرى مثل «الأمد الأقصى» و«خزانة الهدى».
١٩٢  السابق: ص٩–١١. وتذكر هذه القسمة بأصناف الطالبين عند السهروردي في نسب التأله والبحث، في «حكمة الإشراق». انظر دراستنا «حكمة الإشراق والفينومينولوجيا»، دراسات إسلامية، الأنجلو المصرية، القاهرة، ١٩٨٢م، ص٢٧٣–٣٤٩.
١٩٣  الحدود في الأصول (الباجي) ص٢٨-٢٩، بيان العلم والظن وما يتصل بهما؛ اللمع ص٣–٥؛ الكافية، ص٢٤؛ قواطع الأدلة، ص٣٨-٣٩، حقائق العلوم؛ المنخول، ص٣٤-٣٥، في تحديد العلم والظن؛ الأصول، ج١، ٦–٩؛ تقريب الوصول، ص٣٤؛ جمع الجوامع، ص٩٥؛ التحرير، ج١، ٤١–٤٣.
١٩٤  إيضاح المحصول، ص٩٢-٩٣، ١٠٤؛ البرهان، ج١، ١١٣–١١٥؛ الواضح، ج١، ١٧–١٩؛ المسودة، ص٥٦١.
١٩٥  الحدود في الأصول (الباجي) ص٢٩–١٥٨؛ كتاب الحجاج، ص١١؛ اللمع، ص٤؛ تقريب الوصول، ص٣٤؛ جمع الجوامع، ج١، ٩٨؛ هل يقارن العلم بالجملة والجهل بالتفصيل؛ البحر المحيط، ج١، ٥٢-٥٣، ٥٥-٥٦.
١٩٦  السابق، ص٦٣-٦٤.
١٩٧  الحدود في الأصول (الباجي) ص٢٩-٣٠؛ كتاب الحجاج، ص١٠؛ اللمع، ص٤-٥؛ تقريب الوصول، ص٣٤؛ البحر المحيط، ج١، ٥٩–٦٢؛ الحدود في الأصول، ص١٤٨-١٤٩. ومن «القواعد الأصولية»: «أن ما ثبته باليقين لا يزول بالشك.» وأيضًا «يفرق بين العلم إذا ثبت ظاهرًا، وبينه إذا ثبت يقينًا» أصول الكرخي، ص٨٠–٨٢.
١٩٨  النبذ، ص٣٤.
١٩٩  الحدود في الأصول (الباجي)، ص٣٠؛ كتاب الحجاج، ص١١؛ تقريب الوصول، ص٣٤؛ البحر المحيط، ج١، ٥٧–٥٩.
٢٠٠  تقريب الوصول، ص٣٧.
٢٠١  البحر المحيط، ج١، ٦٢.
٢٠٢  الحدود في الأصول (الباجي)، ص٣٠-٣١؛ كتاب الحجاج، ص١١؛ جمع الجوامع، ج١، ٩٩، البحر المحيط، ج١، ٦٢-٦٣.
٢٠٣  الحدود في الأصول، ص١٥٧.
٢٠٤  الإحكام لابن حزم، ج١، ١٤، ١٧، ١٨؛ جمع الجوامع، ج٢، ١٥٩–١٦١.
٢٠٥  «ومن ادعى الغول والعنقاء والنسناس وجميع الخرافات، فإن كل ذلك لا يحل القول بشيء منه ولا الإقرار به، وهو كله على الدفع والرد والإبطال بلا دليل يكلفه مبطله. وإنما البرهان على من حقق شيئًا من ذلك أو أوجبه، وهكذا كل دعوى أراد مدعيها إثبات شيء لم يثبت أو إبطال شيء قد ثبت. لا نحاشي شيئًا؛ فإنه لا برهان على من امتنع من القول بشيء من ذلك؛ لأنه فعل ما يلزمه من ذلك، وإنما البرهان على من أراد إلزام شيء من ذلك فقط، فإن أتى به صحت دعواه، وإلا فواجبٌ تركها وردها» الإحكام لابن حزم، ج١، ٧١؛ الوصول إلى قواعد الأصول، ص٣١٧-٣١٨.
٢٠٦  الإحكام لابن حزم، ج١، ١٤–١٧.
٢٠٧  الإلهام، تقويم الأدلة، ص٣٩–٣٩٩؛ المنخول، ص٥٠؛ ميزان الأصول، ص٦٧٧–٦٨٤.
٢٠٨  الإحكام لابن حزم، ج١، ١٤، ١٨، ٧٤؛ في إبطال التقليد، ج٦، ٧٩٣–٨٣٨؛ في إبطال التقليد وبيان وجه الحجاج في سقوطه، وأنه لا يحل تصريفه في دين الله عز وجل، ج٦، ٨٣٨–٨٦٠، إذا سئل عن مسألة فأعيته أو نزلت به نازلة فأعيته ج٦، ٨٦١–٨٧٦؛ إبطال التقليد، إبطال القياس، ص٥٢–٥٤؛ جمع الجوامع، ج٢، ١٥٨-١٥٩.
٢٠٩  أقسام التقليد وما فيه من الحجة على صحته وفساده، تقويم الأدلة، ص٣٨٩–٣٩١.
٢١٠  أسرار الحجج التي هي مضللة، تقويم الأدلة، ص٣٨٨؛ كتاب الحدد، ص٦٤.
٢١١  الإحكام لابن حزم، ج١، ١٤.
٢١٢  التقريب والإرشاد، ج١، ١٧٤–١٧٧؛ الكلام على القدرية في حد العلم، السابق، ص١٧٨–١٨٢؛ الحدود في الأصول، حد العلم، العالم، ص٧٦؛ الحدود في الأصول (الباجي) العلم، ص٢٤-٢٥؛ اللمع، ص٤؛ كتاب التلخيص، ج١، ١٠٧–١٠٩؛ البرهان، ج١، ١١١–١٥٨؛ الورقات، ص٥؛ الكافية، ص٢٣-٢٤؛ المنخول، ص٣٦–٤١، ٥٢–٥٨؛ الواضح، ج ١، ١٠–١٦؛ أصول الفقه للسيوطي، ص٧٢؛ البحر المحيط، ج١، ٤٠–٤٢؛ التحرير، ج١، ٣٩–٤٥؛ المختصر لابن اللحام، ص٢١–٢٣.
٢١٣  البرهان، ج١، ١١٥–١٢٤؛ المسودة، ص٥٥٥؛ تقريب الوصول، ص٣٣.
٢١٤  البحر المحيط، ج١، ٤٢–٤٥، ٥١، ٥٢؛ هل يوجد علم لا معلوم له، ص٥٣.
٢١٥  اللمع، ص٤.
٢١٦  من العقيدة إلى الثورة، ج١؛ المقدمات النظرية الفصل الثالث، نظرية العلم، ص٢٣١–٤٠٩.
٢١٧  الحدود في الأصول، ص٧٧؛ الحدود في الأصول (الباجي)، ص٢٥–٢٨؛ العلم الضروري، كتاب المنهاج، ص١١؛ قواطع الأدلة، ص٣٦–٣٨؛ المنخول، ص٥٢؛ ميزان الأصول، ص٨؛ تقريب الوصول، ص٣٦؛ جمع الجوامع، ج١، ٩٦–٩٨.
٢١٨  وجوب النظر، المقدمة في الأصول، ص٧–٩؛ حقيقة النظر ومعناه، التقريب والإرشاد، ج١، ٢١٠؛ في وجوب النظر، السابق، ص٢١٥-٢١٦؛ الحدود في الأصول، حد النظر، ص٧٨؛ الإشارة، ص١٣٢–١٣٧؛ اللمع، ص٥؛ كتاب التلخيص، ج١، ١٢٢–١٢٧، ١٢٩-١٣٠؛ قواطع الأدلة، ص٢٥٤؛ الواضح، ج١، ٤٦–٦٠؛ البحر المحيط، ج١، ٣٢، ٣٧؛ التحرير، ج١، ٤٩-٥٠.
٢١٩  البحر المحيط، ج١، ٥٠.
٢٢٠  جملة ما يحتاج إليه النظر الذي هو طريق إلى العلم بالمنظور فيه. التقريب والإرشاد، ج١، ٢١٧–٢٢٠؛ اللمع، ص٥٠؛ كتاب التلخيص، ج١، ١٢٧–١٢٩؛ الورقات، ص٥؛ ميزان الأصول، ص٨-٩؛ البحر المحيط، ج١، ٣٣–٣٦؛ حقيقة النظر ومضاده، التقريب والإرشاد، ج١، ٢١١-٢١٢؛ الدلالة على صحة النظر، السابق، ص٢١٢–٢١٤.
٢٢١  جمع الجوامع، ج١، ٩٤؛ جمع الجوامع، ج١، ٨٥–٨٧.
٢٢٢  البحر المحيط، ج١، ٣٩-٤٠.
٢٢٣  التقريب والإرشاد، ج١، ١٨٨–١٩٤؛ الواضح، ج١، ٢٠-٢١؛ تقريب الوصول، ص٣٧؛ البحر المحيط، ج١، ٥١.
٢٢٤  روضة الناظر، ج١، ٧٤–٧٦.
٢٢٥  تقريب الوصول، ص٣٧.
٢٢٦  البرهان، ج١، ١٣٤–١٣٦؛ المسودة، ص٥٦١.
٢٢٧  الإخبار عن ماهية العقل وكماله وحقيقته، التقريب والإرشاد، ج١، ١٩٥–١٩٨؛ الحدود في الأصول، حد العقل، ص٧٩.
٢٢٨  الحدود في الأصول (الباجي) ص٣١–٣٥؛ كتاب التلخيص، ج١، ١٠٩؛ المنخول، ص٤٤-٤٥؛ المسودة، ص٥٥٦–٥٦١.
٢٢٩  مثل لهم قلوبٌ لا يفقهون. كتاب المنهاج، ص١١؛ البرهان، ج١، ١١١–١١٥، ١٣٦–١٤٦؛ مواقف العقول ومجاريها، المنخول، ص٥٩-٦٠؛ الواضح، ج١، ٢٢–٢٥؛ البحر المحيط، ج١، ٦٥–٧٠؛ حقيقته وأقسامه وشروط صحته، البحر المحيط، ج١، ٧١-٧٢؛ المختصر لابن اللحام، ص٢٣-٢٤.
٢٣٠  هذا هو موقف السمنية. البرهان، ج١، ١٢٤–١٣١.
٢٣١  إيضاح المحصول، ص١١٥–١٣١.
٢٣٢  أحوال قلب الآدمي قبل العلم وأحواله بعد العلم، تقويم الأدلة، ص٤٦٥–٤٦٨.
٢٣٣  إيضاح المحصول، ص٨٣–٩٢.
٢٣٤  البرهان، ج١، ١٣٦-١٣٧؛ قواطع الأدلة، ص٤٥–٤٧.
٢٣٥  تقريب الوصول، ص٣٧.
٢٣٦  البرهان، ج١، ١٣١–١٣٣، ١٤٦–١٥٥؛ المنخول، ص٤٦–٤٨؛ إيضاح المحصول، ص١٠١–١٠٣، ١٠٩–١١٢؛ البحر المحيط، ج١، ٤٩-٥٠.
٢٣٧  البحر المحيط، ج١، ٥٣–٥٥.
٢٣٨  أحوال الأمور المنظور فيها والمستدل على الأحكام بها. التقريب والإرشاد ج١، ٢٢١–٢٢٧؛ البحر المحيط، ج١، ٢٥–٢٩؛ التحرير، ج١، ٥١–٥٦؛ المختصر لابن اللحام، ص١٧–١٩؛ الوصول إلى قواعد الأصول، ص٣٢٢.
٢٣٩  الواضح، ج٥، ٤٩٧–٤٩٩.
٢٤٠  اختلاف وجوه الدلائل، المقدمة في الأصول، ص٥-٦؛ مقدمة في الأصول (الجبيري)، السابق، ص٢٠٩–٢١٥؛ البرهان، ج١، ١٥٥؛ الورقات، ص٥-٦؛ قواطع الأدلة، ص٣٥؛ أدلة العقل، المنخول، ص٦١؛ فيما يستدرك بمحض العقل دون السمع، المنخول، ص٦٢؛ الواضح، ج١، ٣٢؛ ميزان الأصول، ص٢٨؛ في النظر والدليل والأمارة، الأصول، ج١، ١٦–١٨؛ التحرير، ج١، ٢٢٦.
٢٤١  كتاب التلخيص، ج١، ١١٩-١٢٠.
٢٤٢  السابق، ج١، ١٣١–١٣٣.
٢٤٣  البحر المحيط، ج١، ٤١٦.
٢٤٤  الموافقات، ج٣، ٥٣–٥٥.
٢٤٥  معنى الدليل وحقيقته، التقريب والإرشاد، ج١، ٢٠٢–٢٠٩؛ الحدود في الأصول، ص٨٠؛ حد العقلي، ص٨؛ حد الوضعي، ص٨؛ منتهى الأصول، ص٣-٤؛ جمع الجوامع، ج١، ٨٥.
٢٤٦  كتاب الحدود، ص٣٧–٣٩؛ كتاب المنهاج، ص١١؛ كتاب التلخيص، ج١، ١١٥–١٢٢؛ قواطع الأدلة، ص٥٥.
٢٤٧  منتهى الوصول، ص٦؛ تقريب الوصول، ص٣٦.
٢٤٨  كتاب الحدود، ص٣٩–٤١؛ اللمع، ص٥؛ الواضح، ج١، ٦١–٦٣.
٢٤٩  الواضح، ج١، ٤٤٧–٤٥٩؛ الوصول إلى قواعد الأصول، ص٣٢٢.
٢٥٠  حد الشاهد، حد الغائب، الحدود في الأصول، ص٨١-٨٢.
٢٥١  تقديم النظر، ص١٠٠.
٢٥٢  الواضح، ج١، ٤٦٠–٤٧٤.
٢٥٣  تفصيل ما يُعلم بالعقل دون السمع، وما لا يعلم إلا بالسمع دون العقل، وما يصح أن يعلم بهما جميعًا. التقريب والإرشاد، ج١، ٢٢٨–٣٣١؛ كتاب التلخيص، ج١، ١٣٣-١٣٤، الواضح، ج١، ٦٤–٦٧؛ إيضاح المحصول، ص١١٣-١١٤؛ ميزان الأصول، ص٩–١١؛ البحر المحيط، ج١، ٣٠-٣١.
٢٥٤  تقريب الوصول، ص٣٦.
٢٥٥  الموافقات، ج٣، ١٥-٢٦.
٢٥٦  البحر المحيط، ج١، ٣١.
٢٥٧  الاستدلال بالقرآن لا يجوز، التبصرة، ص٢٢٩-٢٣٠.
٢٥٨  تقريب الوصول، ص٣٦.
٢٥٩  الموافقات، ج٣، ٥٢-٥٣.
٢٦٠  السابق، ج٣، ٤١–٤٣.
٢٦١  السابق، ج٣، ٢٧–٣٣.
٢٦٢  السابق، ج٣، ٤٣–٤٥.
٢٦٣  السابق ج٣، ٤٦.
٢٦٤  السابق ج٣، ٥٦–٧٧.
٢٦٥  تقويم النظر، ص١١٣–١١٥.
٢٦٦  ويستشهد بآية ما ننسخ من آية أو ننسها. تقويم النظر، ص١١٤.
٢٦٧  ويستشهد بحديث: «سألت الله تعالى ألَّا تجتمع أمتي على ضلالة فأعطانيها. ومن سرَّه بُحبوحة الجنة فليلزم الجماعة، ومن فارق الجماعة مات موتة جاهلية» تقويم النظر ص١١٥.
٢٦٨  تقويم الأدلة، ص١٣–١٧.
٢٦٩  السابق، ص١٨-١٩.
٢٧٠  «فإن من بنى على السماع عِلمَه، ما اهتدى إليه حتى يحكِّم عقله.» «ولا معجزة نعرفها إلا بتأمُّل عن عقل» السابق، ص٨.
٢٧١  «ويهتدي إلى المصالح الدنيوية، ويصل إليها، بالدلالات العقلية بنوعي العلم: علم بلا شك، وعلم بغالب الرأي مع ضرب ارتياب، بحيث جاز أن يتبين له في ضده الصواب» السابق، ص١٨.
٢٧٢  السابق، ص١٩.
٢٧٣  تقويم الأدلة، ص١٣–١٨، ٤٤٢–٤٦٨.
٢٧٤  الموافقات، ج٣، ٥–٨٥.
٢٧٥  السابق ج٣، ٨٥–٣٤٥.
٢٧٦  السابق ج٣، ٥–١٥.
٢٧٧  السابق، ج٣، ٤٦–٥٠.
٢٧٨  السابق ج٣، ٥٠–٥٢.
٢٧٩  السابق، ج٣، ٣٣.
٢٨٠  السابق، ج٣، ٧٧-٧٨.
٢٨١  السابق، ج٣، ٧٨–٨٥.
٢٨٢  المستصفى، ج١، ٣١٧.
٢٨٣  «هذا تمام النظر في المجمل والمبين، والظاهر والمؤول، وهو نظر يتعلق بالألفاظ كلها. والقسمان الباقيان أخص، فإنه نظر في الأمر والنهي خاصة، وفي العموم والخصوص خاصة؛ فلذلك قدمنا النظر في الأعم على النظر في الأخص» المستصفى، ج١، ٤١٠.
٢٨٤  المحصول، ج١، ٢٦٨–٣٢٠، ج٢، ٣٦٩–٦٦٥.
٢٨٥  إرشاد الفحول، ص١٤–١٧.
٢٨٦  المستصفى، ج١، ٣١٨–٣٢٢؛ كتاب التلخيص، ج١، ١٧٤–١٧٨؛ المبادئ اللغوية، إرشاد الفحول، ص١٢–٢٩.
٢٨٧  وهي آية وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ.
٢٨٨  «أما التوقيف فبدأ بخلق الأصوات والحروف بحيث يسمعها واحد أو جمع، ويخلق لهم العلم بأنها قُصدت للدلالة على المسميات. والقدرة الأزلية لا تقصر عن ذلك» السابق، ج١، ٣١٩؛ أصل التخاطب باللغة العربية وكل لغة، وهل حصل عن توقيف أو مواضعة، التقريب والإرشاد، ج١، ٣١٩–٣٢٧؛ في كيفية ظهور اللغات أعني توقيف أم عن اصطلاح؟ الإحكام لابن حزم، ج١، ٢٨–٣٣؛ البرهان، ج١، ١٦٩–١٧١؛ الكافية، ص٨–١٠؛ المنخول، ص٧–٧١؛ الواضح، ج١، ١٠٠-١٠١، ج٢، ٣٦٤–٣٨٣؛ الوصول إلى الأصول، ج١، ١٢١–١٢٣؛ إيضاح المحصول، ص١٤٧–١٥٠؛ ميزان الأصول، ص٣٨٨؛ بذل النظر، ص٣٤–٣٨؛ المحصول، ج١، ٨٧–٩٦؛ روضة الناظر، ج١، ٤٨٥–٤٨٨؛ الإحكام للآمدي، ج١، ٣٨–٤١؛ المسودة، ص٥٦٢–٥٦٤؛ منهاج الوصول، ص١١-١٢؛ المختصر لابن اللحام، ص٤٨.
٢٨٩  الإحكام لابن حزم، ج٢، ٣٠–٣٣، يقول جالينوس: «إن لغة اليونانيين أفضل اللغات؛ لأن سائر اللغات إنما هي تشبه نباح الكلاب أو نقيق الضفادع» السابق، ج١، ٣٢.
٢٩٠  جمع الجوامع، ج١، ٩٠؛ في ماهية الكلام، إرشاد الفحول، ص١٢.
٢٩١  المستصفى، ج١، ٣٢٠.
٢٩٢  المستصفى، ج١، ٣١٨-٣١٩.
٢٩٣  السابق، ج١، ٣١٨–٣٢٠؛ منتهى الوصول، ص١٩-٢٠.
٢٩٤  «وأما الاصطلاح فبأن يجمع الله دواعي جمع من العقلاء للاشتغال بما هو مهمهم وحاجتهم من تعريف الأمور الغائبة التي يمكن للإنسان أن يصل إليها، فيبتدئ واحدًا ويتبعه الآخر، حتى يتم الاصطلاح. بل العاقل الواحد ربما يتقدم له وجه الحاجة وإمكان التعريف بتأليف الحروف، فيتولى الوضع ثم يعرِّف الآخرين بالإشارة والتكرير معها للفظ مرة بعد أخرى …» المستصفى، ج١، ٣١٩؛ جمع الجوامع، ج١، ١٩٥.
٢٩٥  المستصفى، ج١، ٣١٨.
٢٩٦  هو موقف المعتزلة والخوارج وبعض الفقهاء. المستصفى، ج١، ٣٢٦-٣٢٧؛ إثبات الأسماء العرفية ومعنى وصفها بذلك، التقريب والإرشاد، ج١، ٣٦٧–٣٧٨. فإذا أوردت من الألفاظ العربية وجب حملها على ما عرفت بالاستعمال به من الجهة التي وردت منها. الإشارات، ص٧١؛ في بيان الأسماء العرفية، إحكام الفصول، ج١، ٢٩٢؛ في كيفية الاستدلال بالخطاب المجرد على حقائقه اللغوية والعرفية والشرعية. المعتمد، ج٢، ٩١٠–٩١٢؛ الوجوه التي تؤخذ منها الأسماء واللغات، اللمع، ص٩–١١؛ في الرد على من زعم أن في ألفاظ صاحب الشريعة كلمات خارجة عن حقيقة اللغة، كتاب التلخيص، ج١، ٢٠٩–٢١٦؛ الورقات، ص٨؛ المنخول، ص٧٢–٧٤؛ الوصول إلى الأصول، ج١، ١١٧–١١٩؛ ميزان الأصول، ص٣٧٧–٣٨٢؛ بذل النظر، ص١٩–٢٤؛ في الأسماء المشتقة، المحصول، ج١، ١٢٠–١٢٩؛ روضة الناظر، ج١، ٤٩٢–٤٩٨؛ الإحكام للآمدي، ج١، ١٤-١٥؛ ألفية الوصول، ص٢٣-٢٤؛ إظهار المحصول، ص٢٣، ١٦-١٧، ٢١؛ البحر المحيط، ج١، ٣٩٢–٤٠٧.
٢٩٧  المستصفى، ج١، ٣٢٢–٣٢٥؛ القول في أخذ الأسماء قياسًا، المقدمة في الأصول ص١٩٤؛ منع القياس في الأسماء، التقريب والإرشاد، ج١، ٣٦١–٣٦٦؛ إحكام الفصول، ج١، ٣٠٤–٣٠٧؛ كتاب التلخيص، ج١، ١٩٤–١٩٧؛ البرهان، ج١، ١٧٢-١٧٣؛ المنخول، ص٧١-٧٢، الواضح، ج٢، ٣٩٧–٤٠٩؛ الوصول إلى الأصول، ج١، ١١٠–١١٣؛ التمهيد، ج٣، ٤٥٤-٤٦٥؛ إيضاح المحصول، ص١٥٠–١٥٣؛ المحصول، ج٤، ١٢٨٦–١٢٨٩؛ روضة الناظر، ج١، ٤٨٩–٤٩١؛ الإحكام للآمدي، ج١، ٢٩–٣١؛ منتهى الوصول، ص١٨-١٩؛ جمع الجوامع، ج١، ١٩٧؛ البحر المحيط، ج١، ٤٠٧–٤١١؛ المختصر لابن اللحام، ص٤٤؛ القياس لا يجري في اللغة، الوصول إلى قواعد الأصول، ص٢٧٦.
٢٩٨  البحر المحيط، ج١، ٤١٢–٤١٥.
٢٩٩  المستصفى، ج١، ٣٢٦–٣٣٢؛ جميع أسماء الأحكام والعبارات اللغوية غير مفيدة ولا منقولة، التقريب والإرشاد، ج١، ٣٨٧-٣٩٨.
٣٠٠  إحكام الفصول، ج١، ٢٩٨–٣٠٢؛ الواضح ج٢، ٤٢٢–٤٤٢؛ ألفاظ شرعية ظن أنها ليست لغوية، إيضاح المحصول، ص١٥٣–١٥٨؛ بذل النظر، ص٢١–٢٤؛ الإحكام للآمدي، ج١، ١٨، المسودة، ص٥٦١-٥٦٢؛ منتهى الوصول، ص١٥–١٨.
٣٠١  المستصفى، ج١، ٢٢٥-٢٢٦.
٣٠٢  إحكام الفصول، ج١، ٢٩٣؛ كتاب التلخيص، ج١، ١٩٧–٢٠٠؛ الواضح، ج٢، ٤١٠–٤٢٢؛ بذل النظر، ص١٩–٢١.
٣٠٣  الوصول إلى قواعد الأصول، ص٣٢٢.
٣٠٤  القول في الحروف، المعتمد، ص٣٨–٤٢؛ إحكام الفصول، ج١، ١٧٨–١٨٩؛ في معانٍ تتكرر في النصوص، الإحكام لابن حزم، ج١، ٤٦-٤٧؛ التبصرة، ص٢٣١–٢٣٩؛ اللمع، ص٦٤–٦٧؛ كتاب التلخيص، ج١، ٢٢٢–٢٣٠؛ الكافية، ص٤٦-٤٧؛ قواطع الأدلة، ص٦٢–٨٢؛ أصول السرخسي، ج١، ٢٠٠–٢٣٤؛ المنخول، ص٧٩–٩٧؛ التمهيد، ج١، ٩٩–١١٦؛ الواضح، ج٣، ٢٩٨–٣١٢؛ إيضاح المحصول، ص١٦٣–١٨٧؛ بذل النظر، ص٣٨–٥٠؛ الإحكام للآمدي، ج٢، ٣١–٣٨؛ المنتخب، ج٢، ٥٦١–٥٦٧؛ منتهى الوصول، ص١٩؛ أصول الشاشي، ص١٣٧–١٧٣؛ المنار، ص١٧٤–٢٢١؛ في معاني حروف يحتاج إليها الفقيه وجرت عادة الأصوليين بذكرها، تقريب الوصول، ص١٩-٢٠؛ المختصر لابن اللحام، ص٤٥–٥٨؛ البحر المحيط، ج٢، ٣–٧٩؛ التحرير، ج٢، ١٧٩–٢٥٧.
تفسير جملة من حروف المعاني، ج١، ٤٠٩–٤٢١؛ وذلك مثل:
(١) من: للخبر والجزاء والاستفهام.
(٢) أي: للخبر والشرط والجزاء والاستفهام.
(٣) من: لابتداء الغاية والتبعيض وصفة زائدة.
(٤) ما: للنفي والجحود أو للاستفهام.
(٥) أم: للاستفهام.
(٦) إلى: لانتهاء الغاية.
(٧) الواو: للجمع والاشتراك، وربما أحيانًا بمعنى أو، أو للترتيب والتعقيب مثل ثم والفاء.
(٨) الفاء: للنسق والعطف والترتيب.
(٩) ثم: للترتيب مثل الواو.
(١٠) بعد: للترتيب دون اقتراض المهملة.
(١١) حتى: للغاية وبمعنى الواو.
(١٢) متى: للزمان.
(١٣) أين: للمكان.
(١٤) حيث: للمكان.
(١٥) إذ، إذا: للزمان.
٣٠٥  جمل مأخوذة من علم اللغة المحض، إيضاح المحصول، ص١٥٨–١٦٧؛ بذل النظر، ص٣٨–٥٠.
٣٠٦  كشف الأسرار، ج٢، ٢٠١–٣٧٩؛ حروف العطف مثل: الواو، الفاء، ثم، بل، لكن، أو، حتى. حروف الجر مثل: الباء. الواضح، ج١، ١٠٩–١١٩.
٣٠٧  التمهيد، ج١، ١١٧–١٢٠؛ الواضح، ج١، ١٢٠–١٢٤، ١٥٢–١٥٥.
٣٠٨  الفصول في الأصول، ج١، ٨٣–٩٦؛ المعتمد، ص٤١-٤٢؛ البرهان، ج١، ١٨٠–١٩٦؛ في تفسير حروف تشتد الحاجة في الفقه إلى معرفة معانيها، المحصول، ج١، ٢٠٣–٢١٨؛ ألفية الوصول، ص٢٩–٣١.
٣٠٩  في حروف النفي إذا دخل على الكلام. الفصول في الأصول، ج٢، ٣٥١–٣٥٥؛ المنتخب، ج٢، ٦٠١–٦٣٠؛ في تفسير حروف المعاني، الوصول إلى قواعد الفصول، ص١٧٢–٢٠٨.
٣١٠  كتاب التلخيص، ج١، ٢٠٠–٢٠٨.
٣١١  أصول السرخسي، ج١، ٢٣٤-٢٣٥.
٣١٢  «صفة البيان»، الفصول في الأصول، ج٢، ٦–١٩، «وجوه البيان»، السابق، ص٢٢-٢٣.
٣١٣  «ما يحتاج إلى البيان وما لا يحتاج إليه»، الفصول في الأصول، ج٢، ٢٧-٢٨.
٣١٤  «وقد وضعت مقدمة في المنطق ملخصة محررة غايةَ التحرر في أول هذا الكتاب تأسيًا بالإمام حجة الإسلام في وضعه في أول «المستصفى» مقدمة في المنطق، لكنها تتضمن ما لم تتضمنه تلك المقدمة من القواعد الجليلة المهم تحصيلها لكل طالب من طلبة التحقيق في العلوم» الكاشف، ج١، ١٢٥؛ روضة الناظر، ج١، ٥٦–٩٦. وأصبحت المقدمة المنطقية «للمستصفى» مثلًا يحتذى به في الشروح مثل «الكاشف عن المحصول في علم الأصول» للأصفهاني، وفي المتون مثل «تقويم النظر» لابن الدهان. التحرير، ج١، ٣٧؛ حد اللغة وأقسامها، المختصر لابن اللحام، ص٢٣-٢٤؛ الكاشف، ج١، ١٢٥.
٣١٥  انظر: «جدل الوافد والموروث»، قراءة في المناظرة بين المنطق والنحو بين متى بن يونس وأبي سعيد السيرافي، هموم الفكر والوطن، ج١؛ التراث والعصر والحداثة، دار قباء، القاهرة، ١٩٩٨، ص١٠٧–١١٨.
٣١٦  تقديم النظر، ص٩٧، ١٠٠-١٠١.
٣١٧  السابق، ص١٠٧-١٠٨.
٣١٨  المستصفى، ج١، ٢١١؛ روضة الناظر، ج١، ٧٧–٧٩.
٣١٩  تقريب الوصول، ص٤٠-٤١؛ جامع الجوامع، ج١، ٢٠٢.
٣٢٠  مثل إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا. تقديم النظر، ص٩٧.
٣٢١  تقديم النظر، ص١٠٢.
٣٢٢  الإحكام للآمدي، ج١، ٨-٩.
٣٢٣  تقويم النظر، ص٩٣-٩٤، ٩٩؛ الإحكام للآمدي، ج١، ٣٠-٣١؛ جمع الجوامع، ج١، ١٨٨–١٩٩؛ التحرير، ج١، ٧٤–٩٩.
٣٢٤  البحر المحيط، ج١، ٤٢٥–٤٣٢، ٥٣٣؛ إرشاد الفحول، ص٨١٧.
٣٢٥  التحرير، ج١، ٢٥٨–٢٧٥.
٣٢٦  جمع الجوامع، ج١، ٢٠٤–٢١٠.
٣٢٧  البحر المحيط، ج١، ٤٣٨–٤٤١.
٣٢٨  تقويم النظر، ص٨٩؛ جمع الجوامع، ج١، ١٨٧.
٣٢٩  البحر المحيط، ج١، ٤٨٠.
٣٣٠  المستصفى، ج١، ٣١–٣٣؛ الإحكام للآمدي، ج١، ١٠–١٣؛ تقريب الوصول، ص٣٨-٣٩؛ جمع الجوامع، ج١، ١٨٩؛ مفتاح الوصول، ص١٢–١٦؛ المختصر لابن اللحام، ص٢٤–٣٠.
٣٣١  تقويم النظر، ص٩٤؛ جمع الجوامع، ج١، ٢٠٠-٢٠١؛ إرشاد الفحول، ص١٨–٢١.
٣٣٢  جمع الجوامع، ج١، ١٩١، ٢١١–٢١٣.
٣٣٣  السابق، ج١، ٩٢.
٣٣٤  السابق، ج١، ٩٥.
٣٣٥  البحر المحيط، ج١، ٤٣٦–٤٣٨.
٣٣٦  السابق، ج١، ٤٤٢–٤٤٤.
٣٣٧  تقويم الأدلة، ص٩٦.
٣٣٨  البحر المحيط، ج١، ٤٦٤–٤٧٠.
٣٣٩  البحر المحيط، ج١، ٤٤٥–٤٥٧؛ المختصر لابن اللحام، ص٣٩–٤٤؛ التحرير، ج١، ١٠٠–١١٨.
٣٤٠  السابق، ج١، ٤٥٧–٤٦٠.
٣٤١  السابق، ج١، ٤٦٠–٤٦٣.
٣٤٢  السابق، ج١، ٤٧١-٤٧٢.
٣٤٣  السابق، ج١، ٤٧٣.
٣٤٤  السابق، ج١، ٤٧٤–٤٨٨؛ المختصر لابن اللحام، ص٢٩؛ التحرير، ج١، ٢٥١–٢٥٦.
٣٤٥  الزنة: الريح يمنع أول الكلام فإذا جاء اتصل. التمتمة: التردد في التاء. الفأفأة: التردد في الفاء. العقلة: التواء اللسان. الحبسة: تعذر الكلام عند إرادته. اللفف: إدخال حرف في حرف. الفحفحة: سماع الصوت لا تقطيع الحروف، وقريب منه الدندنة. الطمطمة: التشبه بكلام العجم. اللكنة: اعتراض عجمة على الكلام. اللثغة: العدول إلى حرف آخر. الفنة: شوب الحرف صوت الخياشيم، والخنة أشد منها. الترخيم حذف الحروف تخفيفًا. تقويم النظر، ص٩٠-٩١.
٣٤٦  البحر المحيط، ج١، ٤٨٨–٤٩٢؛ المختصر لابن اللحام، ص٢٨-٢٩.
٣٤٧  البحر المحيط، ج١، ٤٩٣–٥١٠.
٣٤٨  السابق، ج١، ٥١٠–٥١٢.
٣٤٩  المختصر لابن اللحام، ص٤٨.
٣٥٠  المستصفى، ج١، ٣٠-٣١؛ تقويم النظر، ص٨٩–٩٢؛ المحصول، ج١، ١٠٩–١١١.
٣٥١  تقويم النظر، ص٩٨-٩٩؛ منهاج الحصول، ص١٢.
٣٥٢  البحر المحيط، ج١، ٤١٧–٤٢١.
٣٥٣  السابق، ج١، ٤٢٢-٤٢٣.
٣٥٤  السابق، ج١، ٤٢٤.
٣٥٥  التحرير، ج١، ١٩٣–١٩٩.
٣٥٦  المحصول، ج١، ١٠٩–١١٤؛ الإحكام للآمدي، ج١، ٨-٩؛ تقريب الوصول، ص٣٩-٤٠.
تشبيه دلالة الألفاظ على المعاني. روضة الناظر، ج١، ٧٠-٧١.
٣٥٧  المستصفى، ج١، ٣٠-٣١.
٣٥٨  مثل «في سائمة الغنم الزكاة.» تقويم النظر، ص١١١.
٣٥٩  مثل فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفّ. السابق، ص١١١.
٣٦٠  تقويم النظر، ص١١١-١١٢.
٣٦١  «في كيفية الاستدلال بخطاب الله عز وجل وخطاب رسوله على الأحكام»، المحصول، ج١، ٢١٩–٢٢٤.
٣٦٢  تقويم النظر، ص١٠٩–١١١.
٣٦٣  مثل النص وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ. السابق، ص١١٠.
٣٦٤  التحرير، ج١، ٢٠٠–٢٥٠.
٣٦٥  تقريب الوصول، ص٤٠-٤١؛ جامع الجوامع، ج١، ٢٠٢.
٣٦٦  المستصفى، ج١، ٢١–٢٤؛ تقريب الوصول، ص٣٦.
٣٦٧  «إن اسم الحد مشترك في الاصطلاحات الحقيقية وشرح اللفظ والجمع بالعوارض والدلالة على الماهية» ج١، ٢٢-٢٣.
٣٦٨  المستصفى، ج١، ٣٣–٣٥.
٣٦٩  تقريب الوصول، ص٤٢-٤٣.
٣٧٠  منتهى الوصول، ص٤؛ تقريب الوصول، ص٢٣؛ جمع الجوامع، ج١، ٩٥؛ التحرير، ج١، ٤٦، ٤٨.
٣٧١  تقريب الوصول، ص٣٤.
٣٧٢  جمع الجوامع، ج١، ٨٧؛ البحر المحيط، ج١، ٨-٨٢.
٣٧٣  وذلك مثل «محك النظر» و«معيار العلم» للغزالي. المستصفى، ج١، ١٠، ١٤، ٢١، ٤٠، ٤٣، ٥٥؛ وكتاب «أساس القياس» له أيضًا، ج١، ٣٨. «ولنقتصر من مدارك العقول على هذا القدر، فإنه كالعلاوة على علم الأصول، ومن أراد مَزيدًا عليه فليطلبه من كتاب محك النظر وكتاب معيار العلم» المستصفى، ج١، ٥٥. ولا يشار إلى «القسطاس المستقيم» أو إلى «ميزان العمل». الفلاسفة، ج١، ٦٤؛ من النقل إلى الإبداع، مج٣، الإبداع، ج٢، الحكمة النظرية، فص١، المنطق.
٣٧٤  «اعلم أن كلَّ مَن قارب المعاني من الألفاظ ضاع وهلك، وكان كمن استدبر المغرب وهو يطلبه، ومن قرر المعاني أولًا في عقله ثم اتبع المعاني والألفاظ، فقد اهتدى» ج١، ٢١.
٣٧٥  «ما تطلب بالنظر هو معلوم لك أم لا؟ فإن علمت فكيف تطلب وأنت واجد؟ فإذا وجدته فبِمَ تعرف أنه مطلوبك؟» السابق، ج١، ٥٤.
٣٧٦  المستصفى، ج١، ١٥، ١٩–٢١.
٣٧٧  السابق، ج١، ٢٤.
٣٧٨  تقريب الوصول، ص٣٤؛ الواضح، ج١، ١٦-١٧.
٣٧٩  الحدود في الأصول، حد الحد، ص٧٨؛ الحدود في الأصول (الباجي) ص٢٣-٢٤؛ إحكام الفصول، ج١، ١٧٤-١٧٥؛ كتاب المنهاج، ص١٠-١١؛ اللمع، ص٣؛ الكافية، ص٧–١٦؛ قواطع الأدلة، ص٥٦-٥٧؛ إيضاح المحصول، ص٩٣–١٠١؛ البحر المحيط، ج١، ٧٢–٧٦.
٣٨٠  البحر المحيط، ج١، ٧٦–٧٨.
٣٨١  القول في حد التقريب والإرشاد، ج١، ١٩٩–٢٠١؛ البحر المحيط، ج١، ٨٢–٨٨.
٣٨٢  تقريب الوصول، ص٣٤.
٣٨٣  المستصفى، ج١، ١٥–١٩؛ تقويم النظر، ص٩٨.
٣٨٤  البحر المحيط، ج١، ٧٨–٨١؛ كيفية تركيب الحد، ص٨١-٨٢.
٣٨٥  تقريب الوصول، ص٣٥.
٣٨٦  البحر المحيط، ج١، ٤٣٢–٤٣٥.
٣٨٧  السابق، ج١، ٨٤-٨٥، ٨٧، ٨٨.
٣٨٨  تقريب الوصول، ص٣٥-٣٦.
٣٨٩  المستصفى، ج١، ٢٧-٢٨.
٣٩٠  المستصفى، ج١، ٢١، ٢٥-٢٦؛ روضة الناظر، ج١، ٥٦–٦٨.
٣٩١  تقريب الوصول، ص٤٣-٤٤.
٣٩٢  الوصول إلى قواعد الأصول، ص٣٢٢.
٣٩٣  تقريب الوصول، ص٤٦.
٣٩٤  تقويم النظر، ص١٠١.
٣٩٥  البحر المحيط، ج١، ٨٩.
٣٩٦  السابق، ج١، ٨٩.
٣٩٧  تقويم النظر، ص١٠١.
٣٩٨  السابق، ص٩٩، ١٠٦-١٠٧؛ التحرير، ج١، ٥٧–٧٩.
٣٩٩  روضة الناظر، ج١، ٨٦–٨٨؛ منتهى الوصول، ص٩–١١.
٤٠٠  المستصفى، ج١، ٣٩-٤٠، ٥٢–٥٤؛ تقريب الوصول، ص٤٧–٥٢.
تقويم النظر، ص١٠٢–١٠٦.
٤٠١  المستصفى، ج١، ٤٠–٤٣.
٤٠٢  المستصفى، ج٢، ٢٢٩ مثل:
٤٠٣  الإحكام للآمدي، ج٣، ١٧٥–١٨٠.
٤٠٤  تقويم النظر، ص١٠٦-١٠٧.
٤٠٥  «كأنا أردنا أن نبين أن الخمر نجِسة، فأخذنا نقيض نجِسة، وهو غير نجسة، ومعلوم أن حمل غير النجس لا يُبطل الصلاة، لكن حمل الخمر يبطل الصلاة، وهذا كذب تطرق من قولنا: الخمر غير نجسة، فهي إذن نجسة» تقويم النظر، ص١٠٧.
٤٠٦  المستصفى، ج١، ٣٥–٣٧؛ لزوم النتيجة من المتقدمتين، روضة الناظر، ج١، ٩٢–٩٤، منتهى الوصول، ص٦-٧.
٤٠٧  تقريب الوصول، ص٤٦؛ البحر المحيط، ج١، ٨٨.
٤٠٨  تقويم النظر، ص١٠٠.
٤٠٩  تقريب الوصول، ص٤٢-٤٣.
٤١٠  البرهان، ج١، ١٥٧-١٥٨.
٤١١  المستصفى، ج١، ٣٧–٣٩.
قياس الفقهاء وقياس الفلاسفة. إحكام الفصول، ج٢، ٥٣٥–٥٣٧.
٤١٢  المستصفى، ج١، ٥٤-٥٥؛ روضة الناظر، ج١، ٩٤–٩٦.
٤١٣  تقويم النظر، ص١٠٨.
٤١٤  المستصفى، ج١، ١٧-١٨.
٤١٥  «وكذلك طالب البرهان ينبغي أن ينظر في نظمه وصورته، وفي المقدمات التي فيها النظم والترتيب» ج١، ٢٩.
٤١٦  روضة الناظر، ج١، ٨٨–٩٠.
٤١٧  منتهى الوصول، ص١١.
٤١٨  المستصفى، ج١، ٤٣–٤٩؛ تقويم النظر، ص١٠٨؛ مدارك اليقين، روضة الناظر، ج١، ٩٠–٩٢؛ منتهى الوصول، ص٧-٨.
٤١٩  المستصفى، ج١، ٤٩–٥٣. «والرأي الحق في ذلك لا يليق بما غني فيه، والمقصود كشف الغطاء عن النظر، وأن وجه الدليل «ما هو» والمدلول «ما هو»، والنظر الصحيح «ما هو»، والنظر الفاسد «ما هو». وترى الكتب مشحونة بتطويلات في هذه الألفاظ من غير شفاء، وإنما الكشف يحصل بالطريق الذي سلكناه فقط، فلا ينبغي أن يكون شغفك بالكلام المعتاد المشهور، بل بالكلام المفيد الموضح، وإن خالف المعتاد» ج١، ٥٣-٥٤.
٤٢٠  من النقل إلى الإبداع، مج٣؛ الإبداع، ج٢؛ الحكمة النظرية، فص١، المنطق.
٤٢١  تقريب الوصول، ص٤٤.
٤٢٢  المثال الفقهي إيجاب الكفارة في الأعرابي. تقويم النظر، ص١١٢.
٤٢٣  تقويم النظر، ص١١٢-١١٣.
٤٢٤  المستصفى، ج١، ٥١-٥٢.
٤٢٥  تقريب الوصول.
٤٢٦  الوصول إلى قواعد الأصول، ص٣٢٢.
٤٢٧  الإحكام لابن حزم، ج١، ١٩–٢٨.
٤٢٨  تقريب الوصول، ص٤٤-٤٥.
٤٢٩  وذلك مثل «كتاب المنهاج في ترتيب الحجاج» للباجي؛ «الكافية في الجدل» للجويني.
٤٣٠  الكافية، ص٧.
٤٣١  «لأن هذا النمط من الكلام دخيل في علم الأصول، فلا يليق فيه الاستقصاء» المستصفى، ج١، ٢١. «ولنقتصر في الامتحانات على هذا، فالتنبيه حاصل به» ج١، ٢٨؛ منتهى الوصول، ص٤-٥.
٤٣٢  الأمثلة الفقهية، المستصفى، ج١، ٣٣، ٣٦-٣٧، ٤١.
الأمثلة الكلامية، المستصفى، ج١، ٣٥، ٣٩، ٤١-٤٢.
٤٣٣  تقويم النظر، ص١٠٩.
٤٣٤  المستصفى، ج١، ٥٤.