نقد موضوعات آدم سميث
- (١)
أن آدم سميث كان لديه الوعي بأنه يُرسي دعائم علمٍ جديد. وبعدما كانت الأفكار الخاصة بالقيمة والإنتاج والتوزيع والرأسمال والسوق والأثمان والأجور والأرباح والعملة وغيرها من الأفكار التي فَرضَت نفسها آنذاك على الواقع الأوروبي تأتي متفرقة وتظهر عَرضًا في الكتابات السابقة عليه، صارت في «ثروة الأمم» محلًّا لمناقشةٍ مُوسَّعة على نحوٍ علمي، ومُكوِّنةً بناءً نظريًّا متماسكًا.
- (٢) أن سميث يُعَد الملهم الأَوَّل، والأهم، لمن سيأتي من بعده من مُفكِّري الاقتصاد السياسي، وفي مقدمتهم ريكاردو ومالتس ورامساي ومِلْ وساي وماركس،٢ بصفةٍ خاصة في مبحث القيمة؛ إذ ستُمثِّل أطروحاته، مع استمرار نقدها وتطويرها من قِبل خَلَفه، الأساس النظري الذي سيُشيَّد عليه الاقتصاد السياسي كما هو بين أيدينا الآن، ولَمْ تَزَلْ محاولات الرجوع إلى سميث مستمرة حتى يومنا هذا.
١
يمكننا الآن، وفقًا لمنهجنا في هذا الباب، نقد موضوعات سميث العامة؛ فابتداءً من هدف الكشف عن طبيعة الثروة، والقوانين التي تحكم زيادتها على الصعيد الاجتماعي، يُحدِّد سميث موضوع العلم مَحلَّ انشغاله، ويرى أن الاقتصاد السياسي هو ذلك العلم الذي:
«يستخدمه رجل الدولة أو المُشرِّع، لأنه يُمدُّهما بأمرَين؛ الأول: كيف يُوفِّرون عوائدَ وفيرةً للمواطنين أو تمكينهم من أن يُوفِّروا هم عوائدهم. والثاني: كيفية تزويد الدولة أو الكومنولث بالإيرادات الكافية للخدمات العامة وإثراء الشعب والسلطة» («ثروة الأمم»، الكتاب الرابع، المقدمة).
ولا ينصرف مفهوم الثروة عند سميث إلى الذهب والفضة والنقد فحسب، بل ينسحب أيضًا على ما يشتريه النقد، وبالتالي يشمل مفهوم الثروة لدى سميث كلًّا من: الرأسمال الموظَّف في الزراعة والصناعة والتجارة الداخلية أو الخارجية («ثروة الأمم»، الكتاب الثالث)، كما يشمل كذلك: الذهب والفضة، والنقود، والمواد الخام، والإنتاج السنوي من السلع على اختلاف أنواعها («ثروة الأمم»، الكتاب الرابع).
وبعدما حدَّد آدم سميث موضوع العلم محل انشغاله، كان عليه تحديد المنهج الذي سيستخدمه. وفي «ثروة الأمم» يبرز منهجه بوضوح؛ إذ نجد المنهج التجريدي والمنهج الوصفي جنبًا إلى جنب. وقد اعتَمدَت طريقة سميث على أن يُتبِع شرحه التجريدي لكل فكرة بضرب الأمثلة التاريخية من إنجلترا واسكتلندا والصين ومصر القديمة وشبه الجزيرة العربية … إلخ؛ فلقد كان سميث يحرص على البرهنة دائمًا على صحة أفكاره من خلال طرح أمثلةٍ وصفية من التاريخ القديم والمعاصر ومن أماكنَ متفرقةٍ من العالم.
٢
وبناءً عليه، يبدأ سميث «ثروة الأمم» بعباراته التي تُوضِّح وعيه الشديد بأهمية العمل في حياة الأمة؛ فجميع المنتجات التي يستهلكها المجتمع، إما أن تكون نتيجة العمل المبذول على الصعيد الاجتماعي، أو نتيجة مبادلةِ ما أنتجه العمل الاجتماعي في هذا المجتمع بما أنتجه العمل كذلك في مجتمعٍ آخر:
وإذ يلاحظ سميث ميل الأشخاص نحو المبادلة مقايضةً ومعاوضةً، فإنه يصل بأهمية التقسيم الاجتماعي للعمل إلى المنتهى حينما يؤكد على أهمية هذه الظاهرة، ليس فحسب في زيادة ثروة الأمة، إنما أيضًا في تشكيل المواهب الإنسانية ذاتها، ويضرب على ذلك مثلًا بالفيلسوف والحمَّال:
«والاختلاف بين الناس في المواهب الطبيعية أقل في الواقع مما ندركه؛ فالفرق بين فيلسوف وحمَّال من بعض حمالي الشارع، يبدو غير ناشئ عن الطبيعة بقدرِ ما هو ناشئ عن العادة والعرف والتربية؛ فطوال السنوات الأولى من حياتَيْهما ربما كانا متشابهَين جدًّا، وعند تلك السن أو بعدها شغلا في صناعتَين مختلفتَين؛ وعندئذٍ يبدأ الاختلاف في المواهب يتسع تدريجيًّا ويلفت النظر. ولولا الاستعداد للمقايضة والمعاوضة والمبادلة لتعيَّن على كل واحدٍ منهما أن يُؤمِّن لنفسه جميع ما يحتاج إليه من ضروريات الحياة وكمالياتها؛ ولَتعيَّن على الجميع القيام بذات المهام وإنجاز نفس الأعمال، ولكان ما بينهم من الاختلاف في العمل ما يفضي بحد ذاته إلى أي اختلافٍ كبير في المواهب» («ثروة الأمم»، الكتاب الأول، الفصل الثاني).
٣
وتصور سميث على هذا النحو يوضح لنا بدقة سبب عمل المشروعات الرأسمالية الدولية النشاط على تحطيم الحواجز الوطنية، ورفضها لأي محاولة للسيطرة على الأسواق أو للتدخل في حركتها العفوية؛ إذ إن توسع هذه المشروعات، وبالتالي جني الأرباح، ومن ثم تجديدها لإنتاجها على نطاقٍ موسَّع، رهين باتساع الأسواق وتدمير قيودها أيًّا ما كانت.
٤
-
(١)
فالسلعة التي يزيد المجتمع استهلاكه منها ستقود المنتجين إلى العمل على إنتاج المزيد منها بتوظيف المزيد من قوى الإنتاج (أي: العمل، والرأسمال، والأرض) في فرع إنتاجها، على حساب السلعة الأخرى التي كف المجتمع ولو مؤقتًا عن استهلاكها. ومع تدفق رساميل المنتجين (وهو ما يفترض ارتفاع الطلب على قوى الإنتاج) إلى فرع إنتاج السلعة التي ارتفع الطلب عليها، يحدث الفائض. في الوقت نفسه يؤدي انسحاب الرساميل من فرع إنتاج السلعة التي انخفض الطلب عليها إلى انخفاض الفائض وربما الحد الأدنى المعروض منها. وفي تلك اللحظة، أي حين انخفاض المعروض، سوف تتدخل قوانين السوق كي تصحح الوضع ولترجعه إلى ما كان عليه من توازن؛ إذ سيأخذ ثمن السلعة التي انخفض قدر المعروض منها في الارتفاع، وهو ما سيؤدي إلى اندفاع المنتجين، متنافسين، صوب حقل إنتاج هذه السلعة بغية جني الأرباح إثر الارتفاع النسبي في ثمنها. وما بين تلك الحركة من الإقدام والإحجام، والمد والجزر، لقُوى الإنتاج الموظَّفة، والمتنافسة، في حقل الإنتاج، يتم التوازن في السوق. وتصوُّر سميث للقوانين العامة للسوق، على هذا النحو، لا يمكن فهمه بدقة إلا ابتداءً من فهمِ مجملِ تصوره لما يجري في حقل التداول؛ فسميث لا يتصور، وفقًا لعصره، حدوث فرط في الإنتاج، أو تضخم، أو ركود، أو هَدْر اجتماعي:
«إن قيمة السلع التي تُشترى وتُباع سنويًّا في بلدٍ ما يحتاج لكميةٍ محددة من النقد لتداوُل هذه السلعة وتوزيعها على من يستهلكها. قناة التداول تجذب إليها مبلغًا يكفي لملئها، ولا تقبل المزيد.» («ثروة الأمم»، الكتاب الرابع، الفصل الأول).
فعلى ما يبدو أن النظام الجديد الذي يدرسه سميث لم يزل آنذاك في مرحلته الصاعدة التي لم تُتِحْ بعدُ تبلوُرَ جميع ظواهر الرأسمالية الأوروبية على أرض الواقع.
-
(٢)
ولا تقوم المنافسة بدورها إلا ابتداءً من وجود قُوًى تجذب الكميات والأثمان والدخول المختلفة إلى مستوياتها الطبيعية على الصعيد الاجتماعي، فالمنافسة على نحوِ ما ذكرنا أعلاه يتوقف دورها عند عودة الكميات والأثمان والدخول إلى المستويات الطبيعية وعدم انفلاتها فوق المستوى الطبيعي لفترةٍ طويلة من الزمن، أما قوى الجذب فهي التي تحافظ على وجود مستوياتٍ وسطية للدخول المختلفة للطبقات الاجتماعية؛ أي الأجر والربح والريع:
«في كل مجتمع نسبةٌ عادية أو متوسطة للأجور والأرباح في كل توظيف للعمل أو الرأسمال. كما يُوجد في كل مجتمع نسبةٌ عادية أو متوسطة للريع.» («ثروة الأمم»، الكتاب الأول، الفصل السابع).
-
(٣)
وبالإضافة إلى ركيزتَي المنافسة وقوى الجذب، تُوجد ركيزةٌ ثالثة هي المصلحة الشخصية. والمبدأ، لدى سميث، هو أن المرء ابتداءً من استعداده الفطري للمقايضة وميله الطبيعي نحو التبادل، حينما يحرص على تحقيق نفعه الشخصي، يحقق، بالتبع، المصلحة الاجتماعية:
«إن الإنسان يحتاج دائمًا إلى مساعدة غيره، ولا يمكن توقع صدور هذه المساعدة عن طيب خاطر؛ إذ يتعين دومًا إقناعهم بأن من مصلحتهم مساعدتنا؛ فنحن لا نتوقع الحصول على الغذاء من الجزار والخباز بفضل حسن أخلاقهم، ولكننا نتوقع ذلك منهم كنتيجة لأنانيتهم. إننا لا نخاطب النزعة الإنسانية في أنفسهم بل نخاطب حبهم لذاتهم، ولا نتحدث إليهم عن ضرورياتنا بل عن منافعهم. إن الاستعداد للمقايضة هو الذي يخلق الداعي إلى تقسيم العمل» («ثروة الأمم»، الكتاب الأول، الفصل الثاني).١٢وفي إطار المبادئ العامة الحاكمة للسوق، ومبدأ المنافسة بصفةٍ خاصة، يلاحظ سميث منافسةً من نوعٍ آخر، هي المنافسة، بل الصراع، بين الرأسماليين والعمال. وما ينشغل به سميث هو الكشف عن أسباب إخفاق العمال في احتجاجاتهم قِبل الرأسماليين وفشل إضراباتهم عن العمل حينما يطالبون برفع أجورهم أو تحسين ظروف عملهم. وهو يصل إلى ثلاثة أمور تؤدي إلى إخفاق العمال في الإضرابات، وهي: تدخل السلطات العامة في الدولة لقمع وتصفية تلك التحركات العمالية. بالإضافة إلى أن الاتحاد بين أرباب العمل من شأنه إحكام الضغط على العمال. وأخيرًا: عدم تأثُّر أرباب العمل كثيرًا، مقارنة بالعمال، بالتحركات العمالية احتجاجًا وإضرابًا؛ نظرًا للأجور الهزيلة التي يحصل عليها العمال، والتي لا تمكنهم من الصمود طويلًا في مواجهة أرباب العمل.
٥
وعلى الرغم من أن الاقتصاد السياسي يبدأ، كعلم، من هذا النص، بل ويُشيَّد معرفيًّا على هذا النص، إلا أن كثيرًا من مشكلات الاقتصاد السياسي يمكن إرجاعها إلى هذا النص بالتحديد؛ لأن القيمة التي تتمفصل حولها جملة القوانين التي تتيح فهم كيفية عمل النظام الرأسمالي، والذي يمثل بدوره محل الانشغال المركزي لعلم الاقتصاد السياسي، ليست فحسب غير واضحة في هذا النص بل غير صحيحة؛ فسميث في النص أعلاه، ولنركز أكثر على القيمة التبادلية، يقول إن القيمة التبادلية هي: «قدرة السلعة على شراء سلعٍ أخرى.» أي قدرة السلعة على التبادل بسلعٍ أخرى، ولكن ذلك غير صحيح؛ فبالإضافة إلى أن سميث، مثل جميع الكلاسيك، وريكاردو بالأخص، لم ينشغل بتعريف القيمة ذاتها، واكتفى بالإشارة إلى نوعيها، وكان غالبًا يخلط، فيستخدم مصطلح القيمة التبادلية للدلالة على القيمة، كما كان يستخدم مصطلح القيمة التبادلية بنفس معنى الثمن الطبيعي؛ فقد علمنا أن القيمة هي خصيصة من خصائص الشيء، صفة، تُميِّزه وتُحدِّده، والشيء الذي يكون نتيجة العمل، وبالتالي يحتوي على قدرٍ أو آخر من ذلك المجهود الإنساني الواعي الهادف، يصبح ذا قيمة. وكما علمنا أيضًا أن القلم الذي بذل صانعه في إنتاجه جهدًا يصبح ذا قيمة، استعمله صانعه أو لم يستعمله، بادله أو لم يبادله. ولكي يمكن لصانع القلم مبادلته أي الحصول على شيءٍ آخر في مقابل التنازل عنه فيجب أن يكون هذا القلم متمتعًا بالمنفعة الاجتماعية، وحينئذٍ سوف ينتقل القلم من مجرد «منتوج ذي قيمة» إلى مرحلة «منتوجٍ ذي قدرة على التبادل». وحينما يبادل صانع القلم قلمه هذا بممحاة مثلًا، فإن الممحاة حينئذٍ تمثل القيمة التبادلية للقلم. معنى ذلك أن القدرة على التبادل ليست هي القيمة التبادلية؛ فالقدرة على التبادل، وكما ذكرنا سلفًا، هي إمكانية، هي استطاعة، لدى السلعة تستمدها من كونها نافعة اجتماعيًّا، أما القيمة التبادُلية فهي صورة، انعكاس، هي تعبير عن قيمة سلعةٍ ما في هيئة سلعةٍ أخرى.
٦
وعندما ينتقل سميث إلى البحث عن منظم القيمة نراه يفرق كعادته بين الظاهرة في المجتمعات القديمة والظاهرة في المجتمعات المعاصرة؛ ففي أقدم العصور (حيث الحالة المبكرة للمجتمعات قبل تراكم مخزون السلع وامتلاك الأرض)، رأى سميث أن كمية العمل المبذول في سبيل إنتاج الشيء هي التي تنظم قيمته؛ حيث نتيجة العمل دائمًا مِلك مَن ينتجه، فالقوس الذي بُذل في سبيل إنتاجه ١٠ ساعات من العمل يمكن مبادلته بمطرقتين بُذل في سبيل إنتاج كل واحدةٍ منهما ٥ ساعات من العمل؛ حينئذٍ يكون العمل، والعمل وحده، هو منظم القيمة.
ومع تطور البشرية (واستحواذ البعض على الأرض وتراكم مخزون السلع في أيدي أناسٍ معينين)، لم يَعُد المنتوج مِلكًا لمن ينتجه كما كان في الماضي، بل أصبح مشتركًا بين المنتِج، العامل المأجور، ومالك الرأسمال الذي استأجره؛ فما إن يستأثر البعض بملكية وسائل الإنتاج، يملكون إذن الرأسمال، إلا ويبدءون:
«في استعماله لتشغيل أناسٍ مهرة جادِّين، يمدونهم بمواد العمل وأسباب المعيشة ليجنوا مكسبًا ببيع أعمالهم، أو بما يزيد من قيمة إلى قيمة المواد بفضل عملهم، وعلى هذا النحو فإن القيمة التي يضيفها العمال إلى المواد تنحل إلى قسمَين، أحدهما يُوفَّى كأجور، والآخر أرباح رب العمل» («ثروة الأمم»، الفصل السادس، وكذلك: الفصل الثامن).
وبتلك المثابة تبلورت الأجور وكذلك الأرباح؛ ومن ثَمَّ صار للرأسمال الحق، في رأي سميث، في المطالبة بدور في تنظيم القيمة إلى جانب كمية العمل:
«وليست كمية العمل المبذول هي الظرف الوحيد الذي يمكن أن ينظم الكمية التي ينبغي لهذه السلعة أن تُبادل بها؛ فمن الجلي أنه يتعين احتساب كميةٍ إضافية لأرباح الرأسمال الذي قدَّم الأجور ووفر المواد لهذا العمل» («ثروة الأمم»، المصدر نفسه).
أما الأرباح نفسها فتنتظم لدى سميث ابتداءً من حجم الربح الموظَّف في الإنتاج، فكلما كبر حجم الرأسمال كلما ارتفعت الأرباح، وبالعكس؛ كلما صغر حجم الرأسمال كلما انخفضت الأرباح؛ فالأرباح في مذهب سميث لا ترتبط، بأي حال، بكمية العمل المبذول، إنما تتوقف على حجم الرأسمال نفسه.
«وربما ظن أحد أن أرباح الرأسمال ليست إلا اسمًا آخر لأجور نوعٍ آخر من العمل الذي يُنفق في التفقُّد والرعاية والإشراف، غير أنها تختلف اختلافًا جليًّا، وتنتظم على أسسٍ مختلفة تمامًا، ولا ترتبط بأي حال بنسبة كمية العمل المبذول في التفقد والرعاية، ولا إلى ما يحتوي عليه من مشقة أو براعة، بل تنتظم بقيمة الرأسمال المستعمل وهي تزيد أو تنخفض بالنسبة إلى الرأسمال وحجمه. في الكثير من الأعمال الكبرى تُعبِّر أجور الموظف الذي يشرف على العمل عن قيمة عمله، أما صاحب الرأسمال وعلى الرغم من أنه لا يقوم بهذه الأعمال من تفقد ورعاية وإشراف، إلا أنه دائمًا ما ينتظر أرباحه كنسبة من رأسماله.» («ثروة الأمم»، الكتاب الأول، الفصل السادس).
«يحصدوا ما لم يزرعوا، وأن يطلبوا ريعًا حتى من نتاجها الطبيعي؛ فحطب الغابات، وأعشاب الحقول، وجميع ثمار الأرض الطبيعية التي لم تكن، يوم كانت الأرض مشتركة، تكلف العامل إلا جهد قطافها، صارت كلها تصل إليه بثمنٍ إضافي يُفرض عليها، فعليه حينئذٍ أن يدفع ثمن الترخيص بجمعها، وعليه أن يتنازل لمالك الأرض عن قسمٍ مما جمعه أو أنتجه بعمله» («ثروة الأمم»، المصدر نفسه).
والريع، ويقصد سميث الريع المطلق، ينتظم لديه على نحوٍ مختلف؛ فالارتفاع والانخفاض في الأجور والأرباح يؤدي إلى الارتفاع والانخفاض في الثمن. أما ارتفاع الريع وانخفاضه فهو نتيجة لهذا الارتفاع والانخفاض في الثمن؛ فحينما ترتفع الأثمان بسبب ارتفاع الأجور والأرباح، يرتفع الريع. وحينما تنخفض الأثمان؛ بسبب انخفاض الأجور والأرباح، ينخفض الريع؛ ومن ثَمَّ ينتظم الريع لدى سميث وفقًا لكمية العمل من جهة، وحجم الرأسمال الموظَّف من جهةٍ أخرى.
سميث ينتهي إذن إلى أن قيمة النفقة الحقيقية هي منظم القيمة:
«عندما يكون ثمن أي سلعة ليس أكثر أو أقل مما هو كافٍ لدفع ريع الأرض وأجور العمل وأرباح الرأسمال المستثمر في إنتاج السلعة وإعدادها وشحنها إلى السوق طبقًا للنسب الطبيعية، فإن السلعة تُباع بما تستحقه بدقة، أو بقيمة نفقتها الحقيقية.» («ثروة الأمم»، الكتاب الأول، الفصل السابع).
٧
ولكن، تواجه سميث مشكلة. هذه المشكلة هي: أن العمل وإن كان باستطاعته قياس القيمة؛ فيمكننا مثلًا أن نقول إن قيمة السلعة «ر» تساوي ٤ ساعات عمل، فليس بإمكان العمل تقدير هذه القيمة؛ إذ رأى سميث صعوبة في اعتبار هذه اﻟ ٤ ساعات قيمةً حقيقية للسلعة «ر» حين مقارنتها بسلعٍ أخرى «ك»، وذلك لصعوبة المقارنة (المقصود المقارنة الدقيقة بمقياسٍ دقيق) بين المجهود المبذول في سبيل إنتاج السلعة «ر» والمجهود المبذول في سبيل إنتاج السلعة «ك» من جهتَين: الأولى: شدة العمل، الثانية: البراعة في العمل.
«ومع أن العمل هو المقياس الحقيقي لقيمة مبادلة السلع كافة إلا أنه ليس المقياس الذي تُقدَّر به قيمتها عادة؛ فمن الصعب في كثير من الأحيان التثبُّت من النسبة بين مقدارَين من العمل؛ فالزمن الذي يستغرقه نوعان مختلفان من العمل لا يحدد بمفرده هذه النسبة، بل يجب الانتباه إلى درجات الصعوبة التي تحملها العامل وكذلك الدرجات المختلفة من الإبداع والبراعة» («ثروة الأمم»، المصدر نفسه).
وعليه، سيكون من الصعب، وفقًا لتصور سميث، مقارنة ساعة عمل حداد أو عامل منجم بساعة عمل بستاني أو حلَّاق، أو مقارنة ساعة عمل مزارع أو إسكافي، بساعة عمل صائغ أو طبيب أسنان، على الرغم من أن كلًّا من (الحدَّاد، والعامل، والبستاني، والحلَّاق، والمزارع، والإسكافي، والصائغ، والطبيب) بذل كلٌّ منهم ساعة عمل واحدة في سبيل إنتاج سلعته؛ وبالتالي لن يمكن، في تصور سميث، تقدير قيمة السلعة التبادلية بالعمل. هي فقط تُقاس بالعمل. وأمام هذه المشكلة يُضطر سميث إلى البحث عن شيءٍ آخر تُقدَّر به القيمة، وحينئذٍ يرى أن قيمة السلعة لا تُقدر بكمية العمل المبذول في سبيل إنتاجها هي، إنما:
«بكمية من سلعةٍ أخرى» («ثروة الأمم»، المصدر نفسه).
أي بكمية العمل المبذول في سبيل إنتاج السلعة الأخرى المتبادل بها. ولكن سميث يبدو كأنه غير مقتنعٍ كليًّا بما انتهى إليه؛ فمع الاختلاف بين الأعمال من جهتَي الشدة والبراعة، يعترف بأن تقدير قيمة السلعة من خلال كمية العمل المبذول في السلعة الأخرى:
«ليس من طبائع الأشياء ولا يتميز بأي وضوح» («ثروة الأمم»، المصدر نفسه).
وعلى الرغم من إقرار سميث بأن الاختلاف، على هذا النحو، بين الأعمال من جهتَي الشدة والبراعة، إنما يستصحب بطبيعته صعوبات في المبادلة، ومع إقراره أيضًا بأن التبادل على هذا النحو لا يتوازن وفقًا لأي مقياسٍ دقيق، بل تقوم المساومة المستمرة في السوق بتأدية الدور الحاسم في هذا الأمر، فهو يرى أن تلك المساومة كافية لاستمرار الحياة اليومية في المجتمع، مع استبعاده أن يكون ذلك أمرًا طبيعيًّا، وإن أمكن جعله مقبولًا! إن المشكلة الحقيقية التي يستشعرها ذهن آدم سميث، ليست الكيفية التي يمكن بمقتضاها المقارنة بين العمل اليسير والعمل الشاق، أو بين العمل العادي والعمل البارع. المشكلة ليست هنا؛ لأن المجتمع، قديمًا وحديثًا دون فرق، سيتعارف فيما بين أفراده على قواعدَ رضائية تتيح إجراء المبادلة بين الأنواع المختلفة من العمل. نعم ليس ذلك من قبيل الأمور الطبيعية، ولكن سوف تجعله ظروف الحياة اليومية مقبولًا بحال أو بآخر. إن المشكلة الحقيقية تكمن في البحث عن القانون الموضوعي؛ فجميع الأقوال، غير العِلمية، بشأن المقارنة بين العمل اليسير والعمل الشاق، لا ترضي ذهن سميث. ومن هنا تبلورت المشكلة الحقيقية في ذهن مفكرنا الموسوعي الذي يبحث، وهذا دأبه، عن القانون الموضوعي الذي يحكم الظاهرة؛ وبالتالي ينشغل ها هنا بالبحث عن القانون الموضوعي الحاكم لهذا التبادل بين الأنواع المختلفة من العمل. يبحث عن القانون الذي يملك نفوذًا مستقلًا عن أفراد المجتمع؛ ولذلك نراه بعد أن أعْيَاه الأمر، يكتفي بعباراتٍ تنم عن عدم يقين وخيبة أمل:
«الحق أنه في مبادلة مختلف منتجات العمل يُؤخذ أمر المشقة والبراعة في الاعتبار. غير أن التبادل لا يتوازن وفقًا لأي مقياسٍ دقيق، بل بالمساومة في السوق، التي وإن كانت غير دقيقة فهي كافية في تسيير أمور الحياة المعتادة، وهو إن كان يمكن جعله معقولًا بقدرٍ كافٍ، فهو ليس من طبائع الأشياء ولا يتميز بأي وضوح» («ثروة الأمم»، المصدر نفسه).
«فالقصَّاب لا يحمل معه لحم البقر إلى الخبَّاز بل هو يحمل اللحم إلى السوق حيث يبادلها بالنقود ثم يستبدل بهذه النقود الخبز. ومن الطبيعي في تَصوُّره أن تُقدَّر قيمة اللحم بكمية النقد» (المصدر نفسه).
ولكن الذهب والفضة، أي النقود، كجميع السلع الأخرى تتغير قيمتهما ارتفاعًا وانخفاضًا؛ وبالتالي لا يمكن لمقياس هو نفسه محل تغيُّر أن يصلح مقياسًا لقيم السلع الأخرى، وهو ما دفع سميث إلى الرجوع مرة أخرى إلى العمل؛ لأنه وحده الذي، وكما يقول:
«لا يتغير في قيمته الذاتية» (المصدر نفسه).
ومن ثم ينتهي آدم سميث، بعد ارتباك وتردُّد، إلى أن العمل هو المقياس الحقيقي والنهائي الذي يمكن لقيم السلع كافة أن تُقارن به (مقياسًا، وتقديرًا) في كل الأزمنة والأمكنة.
وعليه، تُقاس قيمة السلعة عند سميث بكمية العمل المتجسد في السلعة الأخرى المتبَادل بها، ويكون للسوق الدور الحاسم في التسوية بين الأعمال المختلفة مشقةً وبراعةً.
٨
يمكننا الآن تحليل نظرية سميث في التوزيع؛ فالقيمة الزائدة (أي القيمة التي يضيفها العمال إلى المواد) سوف تنحل عنده إلى: أجرٍ يُدفع للعامل، وربح يستحوذ عليه الرأسمالي، وريع يُسدد للمالك العقاري؛ إذ بفضل القيمة الزائدة التي خلقها العمل تمكَّن الرأسمالي من: دفع الأجور والريع، وجني الربح:
«إن القيمة التي يضيفها العمال إلى المواد تنحل إلى جزأَين؛ الأول يُدفع كأجور لهم، والثاني هو الربح لرب العمل لقاء مجمل الرأسمال الذي دفعه للمواد والأجور. في ثمن القمح، قسمٌ يؤدِّي ريع مالك الأرض، وقسم أجور العمال، والقسم الثالث ربح المزارع. وتبدو هذه الأقسام الثلاثة بمثابة المُكوِّنات المباشرة أو النهائية لكامل ثمن القمح. إن الثمن الكلي ينحل إلى الأقسام الثلاثة. إن ثمن أي سلع في كل مجتمع ينحل إلى جزءٍ أو آخر أو جميع هذه الأجزاء الثلاثة» («ثروة الأمم»، الكتاب الأول، الفصل السادس).
«العمال في الزراعة، بالإضافة إلى تجديد إنتاج قيمة تساوي استهلاكهم الخاص أو تساوي الرأسمال الذي يستخدمهم، يقومون بتجديد رأسمال المزارع وربحه وريع المالك العقاري بصورةٍ منتظمة» («ثروة الأمم»، الكتاب الثاني، الفصل الخامس).
ولا يذكر سميث مواد العمل وأدوات العمل إلا حين تحليله عملية الإنتاج. وهو حين ينشغل بتحليل عملية الإنتاج يشير إلى أن هناك جزءًا رابعًا، إلى جانب الأجر والربح والريع، يتعين إضافته لدفع ثمن المواد والأدوات. بيد أن هذا الجزء الرابع الذي يذكره سميث على مستوى تحليل عملية الإنتاج، لا وجود له حين تحليل توزيع الدخول؛ لأن ثمن المواد والأدوات سوف ينحل لديه إلى الدخول الثلاثة:
«وربما ذهب البعض إلى القول بأن ثمة قسمًا رابعًا يتعين وجوده كي يجدد المزارع رأسماله ويعوض ما استهلك من دوابه وأدوات الزراعة، ولكن يتعين أن نأخذ في اعتبارنا أن ثمن أي أداة من أدوات الزراعة، هو نفسه مكون من الأقسام الثلاثة نفسها» («ثروة الأمم»، الكتاب الأول، الفصل السادس).
- الافتراض الأول: أن آدم سميث يخرج اﻟ ١٠ وحدات «المسلَّفة» من حقل التداول ويردها للرأسمالي كرأسمال مسلَّف؛ كي يحولها إلى كنز، ويجعل ١٠ وحدات من القيمة المنتَجة حديثًا تحل محلها في حقل الإنتاج كأجور ٤ وحدات، و٦ وحدات تكاليف صيانة الرأسمال الأساسي وما تم استخدامه من الرأسمال الدائر (بوجه عام: قيمة ما استخدم من وسائل إنتاج معمرة وجارية، مع الأخذ في الاعتبار دفع الريع) أما الباقي وقدره ١٢ وحدة، فسيكون من نصيب الرأسمالي كربح، وهكذا يتم الاكتناز في كل الدورات بإخراج أحد أجزاء الرأسمال من حقل التداول.
- أما الافتراض الثاني فهو: أن سميث يرى أن القيمة المنتَجة مجددًا تستخدم في تشغيل عمالةٍ جديدة، إضافية؛ أي تستخدم في تجديد الإنتاج على نطاقٍ متسع، ومن ثم تنحل القيمة التي يضيفها العمال إلى أجور العمال الجدد. ونحن من جانبنا نُرجح الفرضية الأولى؛ لتساوقها مع مجمل البناء النظري لآدم سميث، وانسجامها بصفةٍ خاصة مع نظريته في الادخار بقصد التراكم الرأسمالي الممَكِّن من النمو المطرد.٢٠ مع الأخذ في الاعتبار أن الفرضية الثانية تُمدُّنا بفكرةٍ براقة لم تكن لتمر على ماركس كما سنرى عند دراسته لتجديد الإنتاج الموسَّع.
٩
- القسم الأول: هو القسم المخصص للاستهلاك المباشر مثل المواد الغذائية … إلخ.
- القسم الثاني: هو الرأسمال الأساسي، وهو الذي لا يتغير مالكه لا أثناء ولا عقب عملية الإنتاج. وهو يتألف من أربعة أمور: الآلات التي يستهلكها العمل، والمباني مثل المحلات التجارية والمستودعات ومخازن الغلال، والمواد التي تستخدم في تحسين الأرض وتجويد التربة، والمهارات المكتسبة بالتعلُّم.
- أما القسم الثالث: فهو الرأسمال الدائر. وهذا القسم من الرأسمال لا يدر دخلًا إلا عن طريق التداول، أو تغيير مالكه عقب عملية الإنتاج. وهو يتألف من أربعة أجزاء: (١) وحدات النقود. (٢) خزين المؤن التي في حيازة القصَّاب والمزارع … إلخ. (٣) مواد العمل سواء كانت في حالةٍ خام أم مصنعة بهذا القدر أو ذاك من الملابس والأثاث والمباني والتي لم تكتمل هيئتها في هذه الأشكال الثلاثة بعدُ. (٤) المصنوعات الناجزة الكاملة، ولكنها لا تزال في حيازة الرأسمالي أو التاجر.
وإذا استبعدنا رصيد الاستهلاك المباشر، فوجه الاختلاف بين الرأسمال الأساسي والرأسمال الدائر يتركز عند سميث في شرط بقاء الملكية:
«الرأسمال الدائر لا يُدرُّ دخلًا إلا عن طريق التداول أو تغيير الملَّاك» («ثروة الأمم»، الكتاب الثاني).
١٠
وابتداءً من نظريته في الفائض، وتقسيم العمل، والقيمة، يقدم آدم سميث نظريته في التجارة الخارجية. وهو يرى أن التجارة سواء أكانت داخلية أم خارجية تخضع لنفس القواعد وتحكمها ذات القوانين الموضوعية، بشرط ترك النشاط الاقتصادي في المجتمع حرًا دون تدخُّل من قبل الدولة:
«نحن نثق في أن حرية التجارة ودون أي انشغال من قِبل الحكومة سوف تزودنا دائمًا بالنبيذ الذي نحتاجه، وبالتالي يمكننا أن نثق في أنها سوف تزودنا دائمًا أيضًا بكل الذهب والفضة التي نتمكن من شرائهما أو توظيفهما إما في تداول السلع أو في أي استخداماتٍ أخرى» («ثروة الأمم»، الكتاب الرابع، الفصل الأول).
أما بالنسبة لأساس التبادل، فسميث يلتزم بنظريته في الثمن الطبيعي بجميع تفاصيلها ويجعل من الانخفاض النسبي للثمن الطبيعي أساسًا لقرار الاستيراد:
«إذا كان لدى دولةٍ أجنبية سلعة تمدنا بها بثمنٍ أقل مما لو قمنا نحن بصنعها، فالأفضل لنا أن نشتريها بقسم من إنتاج عملنا» («ثروة الأمم»، الكتاب الرابع، الفصل الثاني).
ويدع سميث الباب مفتوحًا لمن سيأتي من بعده بوضعه طريقة تفكير، سوف يكتشفها ريكاردو ويجدها في النص التالي:
«على الرغم من أن الميزان التجاري سيكون لصالح فرنسا، فإن التجارة الحرة لن تُفضي إلى الإضرار بإنجلترا، أو تعمق الخلل في الميزان التجاري إذا كان النبيذ الفرنسي أفضل وأقل ثمنًا من النبيذ البرتغالي، أو أن الأقمشة الكتانية عندها أفضل وأرخص من الأقمشة الكتانية الألمانية، فمن الأفضل لبريطانيا أن تشتري النبيذ والكتان من فرنسا بدلًا من شرائهما من البرتغال أو ألمانيا، ومع أن قيمة الواردات السنوية الفرنسية قد تزداد فإن قيمة الواردات السنوية سوف تنخفض بنسبة رخص السلع الفرنسية ذات الجودة نفسها عن سلع البلدَين الآخرَين» («ثروة الأمم»، المصدر نفسه).
ولسوف نعرف، بعد قليل، كيف عثر ريكاردو على هذه الطريقة في التفكير في هذا النص وطبَّقها. كما سنعرف كيف كان ريكاردو تلميذًا مخلصًا لسميث، وكيف تعلَّم منه طريقة إنتاج الأفكار.
وفي النظرية العامة لتقسيم العمل الاجتماعي بعد سميث، انظر: إميل دركهايم، «في تقسيم العمل الاجتماعي»، ترجمة حافظ الجمالي، مجموعة الروائع الإنسانية، «الأونسكو» (بيروت: اللجنة اللبنانية لترجمة الروائع، ١٩٨٢م). بصفة خاصة الفصل الأول من الكتاب الثاني. وانظر نقد ماركس الموسع في: «بؤس الفلسفة: رد على فلسفة البؤس لبردون»، ترجمة حنا عبود (دمشق: دار دمشق للطباعة والنشر، ١٩٨٦م).
فالواقع أن اصطلاح «اليد الخفية» ليس بالمصطلح الشائع في كتابات سميث؛ كما يظن البعض، فهو يظهر لأول مرة في كتاب «نظرية المشاعر الأخلاقية» في الفصل الأول من القسم الرابع، انظر: Adam Smith, “The Theory of Moral Sentiments” (London: A. Millar, 1790). Part IV
Part IV: Of the Effect of Utility upon the Sentiment of Approbation.
ثم يظهر مرة أخرى في «ثروة الأمم»، في الفصل الثاني من الكتاب الرابع، انظر: Adam Smith, “Wealth of Nations”, op, cit, Book IV: Of Systems of political Economy.
ولم أعثر على موضع آخر ذُكر فيه المصطلح، حتى في المحاضرات التي دونها تلاميذ آدم سميث، وذلك إذ ما استثنينا موضع العبارة في تاريخ علم الفلك، التي كانت مجازًا عن الإله المدبر.
وللمزيد من التفصيل حول التأصيل التاريخي للانشغال بلغز القيمة، بصفة خاصة في الفكر الإيطالي، وبالأخص لدى دافانزاتي وجالياني، راجع: Schumpeter, “History of Economic Analysis”, op, cit, pp. 167-8.
J. S. Mill, “Principles of Political Economy” (London: Longmans, Green & Co, 1909). Book I-II, pp. 93–8.