الطرح الأدائي لمعدل القيمة الزائدة
ان القيمة الزائدة (التي تتجسد، بعد دفع الأجر للعمال، في الربح الذي يستأثر به الرأسمالي م.ع.ز) وقيمة قوة العمل (التي تتحدد بقيمة وسائل المعيشة الضرورية، وتتجسد في شكل محوَّر، يخفي تقسيم يوم العمل إلى قسمٍ ضروري وقسمٍ زائد، هو الأجر م.ع.ز) تتغيران في اتجاهَين متعاكسَين؛ فتغير الإنتاجية؛ أي ارتفاعها أو انخفاضها، يولِّد تغيُّرًا معاكسًا له في قيمة قوة العمل، وتغيرًا طرديًّا في القيمة الزائدة. إن القيمة المنتَجة من جديد في يومِ عمل مؤلَّف من ١٢ ساعة، هي مقدارٌ ثابت، وليكن ٦ جنيهات مثلًا. إن هذا المقدار الثابت يساوي مقدار القيمة الزائدة زائدًا قيمة قوة العمل، والقيمة الأخيرة يعوض عنها العامل بما يعادلها؛ ومن ثَمَّ فإن قيمة قوة العمل لا ترتفع من ٣ جنيهات إلى ٤ جنيهات، ما لم تنخفض القيمة الزائدة من ٣ جنيهات إلى جنيهين، وبالعكس؛ وبالتالي ففي ظل هذه الشروط لا يمكن أن يطرأ تبدل على المقدار المطلق لكلٍّ من قيمة قوة العمل والقيمة الزائدة، ما لم يطرأ تبدل متزامن على مقدارَيهما النسبيَّين؛ إذ يستحيل أن يرتفعا معًا أو يهبطا معًا. إن ارتفاع إنتاجية العمل يولِّد هبوطًا في قيمة قوة العمل وارتفاعًا في القيمة الزائدة، في حين أن انخفاض هذه الإنتاجية يولِّد، بالعكس، ارتفاعًا في قيمة قوة العمل، وهبوطًا في القيمة الزائدة» («رأس المال، الكتاب الأول، الفصل الخامس عشر).
- المستوى الأول: ينشغل بالتغيُّر المطلق في القيمة الزائدة وقيمة قوة العمل؛ فمنتوجٌ قدره ٢٢ وحدة يتم توزيعه بين قوة العمل (الأجر) والقيمة الزائدة (الربح)؛ وبالتالي؛ فحينما يزيد أحد الحدَّين؛ ينخفض الحد الآخر (مطلقًا) فإذا كان نصيب العامل ١٠ وحدات، فسيكون نصيب الرأسمالي ١٢ وحدة. وعندما يصبح نصيب العامل ١٤ وحدة، سيصبح نصيب الرأسمالي ٨ وحدات، وهكذا.
- أما المستوى الثاني من التحليل: فينشغل، وفقًا للاتجاه العام في تحليل ريكاردو،
بالتغيُّر النسبي في قيمة قوة العمل والقيمة
الزائدة؛ فرأسمالٌ يتكون، على سبيل المثال، من «٦ث
+ ٤م» يُدرُّ منتوجًا قدره ٣٢ وحدة، يُخرج منه
ريكاردو، كما سميث، ١٠ وحدات من دائرة التداول،
ويوزع اﻟ ٢٢ وحدة كالآتي: ٤ وحدات أجر (الشكل
المحوَّر لقيمة وثمن قوة العمل)، و٦ وحدات لصيانة
الرأسمال الأساسي وتجديد المواد، و١٢ وحدة قيمة
زائدة. وحينما يطرأ الفن الإنتاجي الجديد يحدث
التغيرُّ في تكوين الرأسمال إلى «٨ث + ٢م»،
وبالتالي سوف توزَّع نفس اﻟ ٢٢ وحدة، كالآتي: ٢
وحدة للأجر، و٨ وحدات لصيانة الرأسمال الأساسي
وتجديد المواد، و١٢ وحدة كقيمة زائدة، ولكن
التغيُّر من «٤ : ١٢» إلى «٢ : ١٢»، معناه أن
معدَّل قيمة قوة العمل انخفض، بالنسبة للقيمة
الزائدة، من ٣٣٪ تقريبًا إلى ١٧٪ تقريبًا.
ولنلاحظ:
- (١) وفقًا للمذهب العام لريكاردو، لم يتغير معدَّل القيمة الزائدة بالنسبة للرأسمال الكلِّي، بيد أنه تغير بالنسبة لقيمة قوة العمل؛ إذ ارتفع معدَّل القيمة الزائدة من ٣٠٠٪ إلى ٦٠٠٪.
- (٢) لم يكن من الممكن الحصول على نفس قدر القيمة الزائدة (١٢ وحدة)، مع انخفاض قيمة قوة العمل، من ٤ وحدات إلى وحدتَين، إلا برفع معدَّل القيمة الزائدة من ٣٠٠٪ إلى ٦٠٠٪.
- (٣) ولو افترضنا، مع التطور التقني، ثبات معدَّل القيمة الزائدة، وليكن عند ٦٠٠٪، فسوف يميل معدَّل الربح للانخفاض حتى يصل إلى ٦ وحدات. وعلى الرأسمالي أن يرفع معدَّل القيمة الزائدة إلى ١٢٠٠٪، كي يحصل على نفس القيمة الزائدة وقدرها ١٢ وحدة، وذلك بتقليص العمل الضروري بأساليبَ تتيح إنتاج معادل قيمة قوة العمل بأقل طاقةٍ ضرورية اجتماعيًّا.
الحالة | المعدل ٪ | ث | ق ق ع | ق ز |
---|---|---|---|---|
الأولى | ٣٠٠ | ٦ | ٤ | ١٢ |
الثانية (بافتراض ثبات المعدَّل وانخفاض ق ق ع) | ٣٠٠ | ٨ | ٢ | ٦ |
الثالثة (بافتراض ارتفاع المعدَّل وانخفاض ق ق ع) | ٦٠٠ | ٩ | ١ | ٦ |
الرابعة (بافتراض الاستمرار في رفع المعدَّل) | ١٢٠٠ | ٩ | ١ | ١٢ |
الخامسة (بافتراض انخفاض المعدَّل مع ارتفاع ق ق ع) | ٣٠٠ | ٦ | ٤ | ١٢ |
السادسة (بافتراض الاستمرار في انخفاض المعدَّل) | ٢٠٠ | ٦ | ٤ | ٨ |
ولكن التطور التقني، مع ثبات معدَّل إنتاج القيمة الزائدة، لن يؤدي من الجانب الآخر إلا إلى الانخفاض في قيمة السلع، ولنضرب المثل التالي:
الحالة | الرأسمال الثابت | الرأسمال المتغير | قيمة قوة العمل | القيمة |
---|---|---|---|---|
الأولى | ٥٠ | ٥٠ | ٥٠ | ١٥٠ |
الثانية | ٨٥ | ١٥ | ١٥ | ١١٥ |
الثالثة | ٩٠ | ١٠ | ١٠ | ١١٠ |
الرابعة | ٩٥ | ٥ | ٥ | ١٠٥ |
- (١)
بشرط ثبات معدَّل إنتاج القيمة الزائدة؛ كلَّما ارتفعت الإنتاجية كلَّما انخفضت قيمة السلع، وبالعكس؛ أي كلَّما انخفضت الإنتاجية كلَّما ارتفعت قيمة السلع.
- (٢)
إذا كانت قيمة السلع تتناسب عكسيًّا مع إنتاجية العمل، وينطبق ذلك على قيمة قوة العمل كذلك لأنها تتحدد بقيم السلع؛ فإن القيمة الزائدة النسبية، على العكس، تتناسب طرديًّا مع إنتاجية العمل؛ فهي ترتفع مع ارتفاع الإنتاجية وتهبط مع هبوطها.
- (٣)
يبرز التناقض بين رغبة الرأسمالي في اعتصار أكبر قيمةٍ ممكنة من العمال، وبين الصراع بين الرأسماليِّين أنفسهم من أجل الحصول على «الجديد في حقل التقنية» وهو الذي، بدوره، يُقلِّص استخدام قوة العمل، من جهة، ويخفض قيمة قوة العمل من جهةٍ ثانية.
- (٤)
وكي تنخفض قيمة قوة العمل يجب أن يشمل ارتفاع الإنتاجية فروع الصناع التي تُحدِّد منتجاتها قيمة قوة العمل؛ ولذلك، فإن ارتفاع الإنتاجية في فروع الإنتاج التي لا تُقدِّم لا وسائل المعيشة الضرورية ولا وسائل الإنتاج اللازمة لصنعها؛ يُبقي قيمة قوة العمل دون أي تغيُّر.
- (٥) وبالتالي، فإن تخفيض قيمة السلعة لا يؤدي إلى تخفيض قيمة قوة العمل إلا بقدر ما تُسهم به هذه السلعة في تجديد إنتاج قوة العمل.١
•••
يمكننا الآن التقدم منهجيًّا خطوةً فكرية إلى الأمام؛ كي نتعرف إلى خط سير القيمة الزائدة. هل يُعاد ضخها في عروق الاقتصاد القومي المنتج لها؟ وبالتالي: التنمية المستقلة المعتمدة على الذات! أم تتسرب إلى الخارج كي تغذِّي مصانع ومؤسسات الأجزاء المتقدمة من النظام الرأسمالي العالمي المعاصر والتي تنتج السلع والخدمات التي تعتمد عليها الأجزاء المتخلفة في سبيل تجديدها لإنتاجها الاجتماعي؟ وبالتالي: الانتقال من التخلف إلى التبعية! في سبيل تقديم إجابة سوف نتخذ من الاقتصاد المصري والاقتصاد العربي نموذجَين.