صيد «بان»
الصيادُ الماهرُ يعرف أين كِناسُ الوَعل.
يُجْمِل بيكون منهجه الوسطي في العلم في الشذرة ٩٥ من الكتاب الأوَّل من «الأورجانون الجديد»، فيقول: «هناك فصيلان من الذين تناولوا العلوم: أهل التجربة وأهل الاعتقاد، أهل التجربة أشبه بالنَّمل، يجمعون ويستعملون فحسب، وأهل العقل أشبه بالعناكب، تغزل نسيجَها من ذاتها. أمَّا النحلة فتتخذ طريقًا وسطًا بين الاثنين: تستخلص مادةً من أزهار البستان والحقل، غير أنها تحوِّلها وتهضمها بقدْرتها الخاصة. وعملُ الفلسفة الحقيقي لا يختلف عن هذا: فهي لا تعتمد على قوَّتها العقلية وحدها، ولا تختزن المادة التي يقدِّمها التاريخ الطبيعي والتجارب الميكانيكية في ذاكرتها كما هي، بل تُغيِّرها وتُعْمِل فيها الفكر؛ ومِن ثَمَّ فإننا نأمل الكثير من خلال اتحاد هاتين المَلَكَتين (التجريبية والعقلية) اتِّحادًا أوثق وأصفى مما تم لهما حتى الآن.» في هذه الشذرة يتبيَّن أن بيكون كانت لديه نظرة متوازنة لاستخدام كلٍّ من المنهجين الاستقرائي والاستنباطي في البحث العلمي، رغم أن افتقاره للمعرفة الهندسية ربما أعاقه عن تحديد دور كلٍّ من المنهجين على نحوٍ دقيق، مثلما تأدَّى به التأكيد في مواضعَ أخرى من «الأورجانون» (انظر مثلًا الشذرة ٨٢) إلى الاستهانة بالمنهج الاستنباطي الذي أسمَّاه المنهج الاعتقادي (الدوجماوي)، وأن يُعوِّل تعويلًا زائدًا على المنهج التجريبي.
(١) المنطق الأرسطي والقياس
(٢) الاستقراء الأرسطي
(٣) تَدرُّجيَّة بيكون Bacon’s gradualism
(٤) احتراش١١ الحقيقة
- تنويع التجارب: بتغيير المواد وكمياتها وخصائصها وتغيير العلل الفاعلة، مثل تطعيم الغابات كما نصنع في شجر الفواكه، ومثل تركيز أشعة الشمس باستخدام العدسات، وعمل الشيء نفسه على أشعة القمر … إلخ.
- تكرار التجربة: مثل إعادة تقطير الكحول عن تقطير أول … إلخ.
- مَد التجربة: أي إجراء تجربة على مثالِ تجربةٍ أخرى مع تعديلٍ في المواد.
- نقل التجربة من الطبيعة إلى الفن: مثل إيجاد قوس قُزَح في مسقط ماء، أو من فنٍّ إلى آخَر مثل أن نصنع أداةً تعين السمع كما صُنِعَت العدسات لتعين البصر، أو من جزء فنٍّ إلى آخَر، مثل أن نستعين بوسائل العلاج وأدويته في مجال الوقاية.
- قلب التجربة: مثل الفحص عما إذا كانت البرودة تنتشر من أعلى إلى أسفل بعد أن عرفنا أن الحرارة تنتشر من أسفل إلى أعلى.
- إلغاء التجربة: أي طرد الكيفية المراد دراستها، مثال ذلك — وقد لاحظنا أن المغناطيس يجذب الحديد خلال أوساطٍ معينة — أن ننوِّع هذه الأوساط إلى أن نقع على وسطٍ أو أوساط تلغي الجاذبية.
- تطبيق التجربة: أي استخدام التجارب لاستكشاف خاصية نافعة، مثل تعيين مبلغ نقاء الهواء وسلامته في أمكنةٍ مختلفة أو فصول مختلفة بتفاوت سرعة التنفُّس.
- جمع التجارب: أي الزيادة في فاعلية مادةٍ ما بالجمع بينها وبين فاعلية مادة أخرى، مثل خفض درجة تجميد الماء بالجمع بين الثلج والنطرون (ملح البارود).
- صَدف التجربة: أي أن تُجرَى التجربة لا لتحقيق فكرة معيَّنة، بل لكونها لم تُجرَ بعد، ثم يُنْظَر في النتيجة ماذا تكون، مثل أن نُحدِث في إناءٍ مغلَقٍ الاحتراقَ الذي يحدث عادةً في الهواء.
-
(١)
قائمة الحضور: نسجِّل فيها كل الأحوال التي تظهر فيها الطبيعة (أو الظاهرة) التي ندرُسها، فمثلًا لو كُنَّا نبحث في الحرارة، فإننا نسجل حضورها في: الشمس، اللهب، دم الإنسان الحي، العدسات الحارقة … إلخ.
-
(٢)
قائمة الغياب: نسجل فيها الأحوال التي لا توجد فيها الطبيعة (أو الظاهرة)، فبالنسبة إلى الحرارة نسجل عدم وجودها في: أشعة القمر، دم الحيوان الميت … إلخ، وبمقارنة القائمتين نعرف السبب المولِّد للحرارة والذي بغيابه ينتفي وجود الحرارة.
-
(٣)
قائمة الدرجات أو المقارَنة: نسجِّل فيها كل الأحوال التي تتغيَّر فيها طبيعةٌ ما كلما تغيَّرت طبيعةٌ أخرى فتزيد كلما زادت، وتنقص كلما نقصت، مما يجعلنا نقرر أن هناك ترابطًا بينهما.
(٥) معنى «الصور» عند بيكون
بهذه الطريقة كان بيكون يتوقَّع أن يصل إلى القوانين العامة، القوانين الأدنى عمومية في البداية، ثم من عدد من هذه القوانين كان يأمل في الوصول إلى قوانينَ من الدرجة الثانية من العمومية وهكذا. وعلينا بإزاء القانون المقترَح أن نختبره بتطبيقه في ظروف جديدة، فإذا عَمِلَ في هذه الظروف يكون مؤيَّدًا بهذا القدر.
-
فهي «الفصل» الحقيقي؛ أي أنها ما يتم به التعريف.
-
وهي «الماهية» أو ما يوجد كلما وُجِدَ الشيء، وما يوجد الشيء كلما وُجِدَ.
-
وهي «القانون» أو قانون «الفعل المحض» pure act للظاهرة.١٩