النسق الاستنباطي في المنطق الميجاري-الرواقي
تمهيد
والسؤال الآن، هل يمكن وضع المنطق الميجاري-الرواقي في صورة نسق استنباطي؟
كما اهتم الرواقيون أيضًا بدراسة العلاقات القائمة بين دوالِّ الصدق، وذلك عن طريق إمكانية تعريف الروابط بواسطة روابط أخرى، مما يدل على أنه يوجد عندهم محاولة لبناء نسق أكسيومي من هذه الروابط.
ولذلك سوف ندرس في هذا البحث إرهاصات النسق الاستنباطي في المنطق الميجاري-الرواقي، لنبين كيف كان الميجاريون والرواقيون أول من أدخلوا النسق الاستنباطي في المنطق قبل المناطقة الرمزيين في العصور الحديثة.
وأما عن المنهج الذي اعتمد عليه الباحث في إعداد هذا البحث عن إرهاصات النسق الاستنباطي في المنطق الميجاري-الرواقي، فهو المنهج التحليلي المقارن، الذي يعتمد على تحليل النصوص تحليلًا دقيقًا واستنباط واستخلاص كل ما تشمله من آراء وأفكار، مع المقارنة بين آراء الرواقيين والمناطقة المحدثين ليتضح لنا تباعًا مدى ما طرأ على الفكرة من تطور وازدهار.
وسبيلنا الآن هو عرض عناصر النسق الاستنباطي في المنطق الميجاري-الرواقي، وذلك فيما يلي:
أولًا: التعريفات
- (أ) فأما فيلون، فقد عرف القضية الشرطية، بأنها تصدق حين يصدق مقدمها وتاليها، أو حين يكذب مقدمها وتاليها، أو يكذب مقدمها ويصدق تاليها. بينما تكذب في حالة واحدة، وهي إذا صدق مقدمها وكذب تاليها. وقد صاغ فيلون هذه القواعد الأربع كما يذكر «سكستوس إمبيريقوس» على النحو التالي: «تصدق الشرطية حينما تبدأ بصدق وتنتهي بصدق، مثل: إذا كانت الشمس طالعة، كان النهار موجودًا. وتكون صادقة أيضًا إذا بدأت بكذب وانتهت بكذب مثل: إذا طارت الأرض، فالأرض لها أجنحة، وبالمثل فإن الشرطية تكون صادقة أيضًا إذا بدأت بكذب وانتهت بصدق مثل: إذا طارت الأرض، فالأرض موجودة. بينما تكذب الشرطية في حالة إذا ما بدأت بصدق وانتهت بكذب مثل: إذا كانت الأرض موجودة، فلها أجنحة.»١٦من هذا النص يتضح لنا أن فيلون كان يرى أن هناك شروطًا ضرورية لكي تكون القضية الشرطية صادقة، فاللزوم يكون صحيحًا عندما لا يبدأ بالصدق لينتهي بالكذب، وعلى هذا تكون هناك ثلاثة أشكال يكون فيها اللزوم صحيحًا، وشكل واحد يكون فيه باطلًا. فيكون صحيحًا عندما يبدأ بالصدق وينتهي بالصدق. ويكون باطلًا فقط عندما يبدأ بالصدق وينتهي بالكذب. وبهذا يكون فيلون قد استبق المناطقة الرمزيين في دالة الصدق Truth Function وقائمة الصدق Truth Table دون استخدام هذه التعبيرات؛١٧ حيث إن عامل هذه الدالة هو ثابت اللزوم، والذي يعبر عنه في المنطق الرمزي الحديث بالرمز () والذي يقرأ (تلزم أو يلزم عنها أو تؤدي إلى أو تقضي)، وهو يربط بين قضيتين ابتدائيتين مكونًا منهما قضية لزومية، يتوقف صدقها على صدق التالي مع صدق المقدم، دون أن يشترك صدق المقدم مع صدق التالي، وعلى كذب المقدم مع كذب التالي. كما يتوقف صدقها أيضًا مع كذب المقدم مع صدق التالي. في حين تكون كاذبة إذا صدق المقدم وكذب التالي.ومن ناحية أخرى، نلاحظ مع بعض الباحثين معادلة اللزوم الفيلوني باللزوم المادي عند «هويتهد» و«رسل»، وذلك في نسقها المسمى بنسق «البرنكيبيا»، والذي يسمح بهاتين القاعدتين:
- القاعدة الأولى: ق. . (ك ق)
- القاعدة الثانية: ق. . (ق ك)
وتعنى القاعدة الأولى أن الحكم الصادق يلزم من أي حكم آخر، بينما القاعدة الثانية أن الحكم الكاذب يلزم أي حكم آخر.١٨ - (ب) وأما بالنسبة للتعريف الثاني للزوم، فهو تعريف «ديدور»؛ وفيه يعارض التصور الفيلوني للزوم؛ لأنه قد ينشأ عنه أن يكون اللزوم نفسه تارة صحيحًا، وتارة باطلًا حسب الفترة الزمنية، إذ سيظهر على مر الزمان تبدلات موقعية، مثل أن يكون السابق صادقًا واللاحق كاذبًا. ولهذا اقترح ديدور تعريفًا أعقد وأدق من التعريف الفيلوني للزوم، فبدلًا من القول: إن اللزوم يكون صحيحًا عندما لا يبدأ بالصدق لينتهي بالكذب، فإننا نقول: إن اللزوم يكون صحيحًا عندما «ما لا يمكن أن يبدأ بالصدق لينتهي بالكذب» أو «عندما ما لا تكون ولا يمكن أن تكون القضية الشرطية مشتملة على مقدم صادق وتالٍ كاذب.»١٩ومن ناحية أخرى، فإن ديدور إنما أراد بهذا التعريف أن يستخلص من المنطق معنى معارضًا تمامًا للمعنى الذي كان يتمسك به فيلون، حيث هدف ديدور إلى توجيه المنطق شطر الصورية.٢٠
- (جـ) وأما بخصوص التعريف الثالث للزوم، فهو تعريف «كريسبوس»، وفيه يرى أن الشرطية تكون صادقة «متى كان نقيض تاليها لا يتفق مع مقدمها»،٢١ ولما كان عدم الاتفاق يعني هنا الاستحالة، فإن تعريف «كريسبوس» قد يبدو معارضًا لتعريف (فيلون وديدور)، وذلك لأن نقيض تالي قضية فيلون قد يتفق وقد لا يتفق مع مقدمها، كما أن نقيض تالي قضية ديدور قد يتفق مع مقدمها.وإذا كان «كريسبوس» قد عرف الشرطية الصادقة، بأنها التي لا يتفق نقيض تاليها مع مقدمها، فإنه بذلك — كما يرى بعض الباحثين — يكون قد وصل تعريف «دي مورجان» للزوم عن طريق العطف والنفي. ومن ناحية أخرى يقترب برأيه في الارتباط الضروري بين المقدم والتالي من «المشائيين الأرسطيين» الذين حاولوا التعبير عن قضايا اللزوم بالقضايا الشرطية مؤكدين أنه إذا لزمت قضية أخرى، كان من الممكن دائمًا أن تكون قضية شرطية صادقة من الأولى كمقدم ومن الثانية كتالٍ. ومصدر هذه الفكرة هو أرسطو نفسه، حين صاغ مبادئ ضروب القياس صياغة شرطية، وذلك حين عبر عن لزوم المقدمات للنتائج تعبيرًا شرطيًّا.٢٢وعلاوة على ذلك فإن تعريف كريسبوس للشرطية الصادقة يماثل إلى حد كبير تعريف «لويس» Lewis للزوم الدقيق strict implication، حيث عرف «لويس» اللزوم الدقيق — كما يذكر «ديمتريو» — على النحو التالي: «إنه من المستحيل أن تكون ق صادقة وك كاذبة»، حيث إن هذا التعريف في رأيه يقوم على علاقة مفهومية بين القضيتين ق، ك على نحو يرتبطان معًا بتصور الضرورة necessity، وهذا ما يسميه «لويس» (اللزوم الدقيق)، وقد استخدم «لويس» بعض الرموز لتمييز فكرة اللزوم الدقيق عنده عن فكرة اللزوم المادي عند (رسل) وهذه الرموز «» ويدل على المستحيل، «-» ويدل على النفي، «€» ويدل على اللزوم الدقيق، ووفقًا لهذه الرموز الثلاثة فإن التعريف يكون كالآتي:ق € ك (ق ك) تعريف ويعني ما يلي:أنه من المستحيل أن تكون ق صادقة، ك كاذبة٢٣تلك هي أهم التعريفات التي ناقشها (فيلون، وديدور، وكريسبوس) في تعريف معنى اللزوم، على أن هناك تعريفًا آخر له يمكن تسميته مع «ماتيس»: اللزوم بالمعنى الضمني، وهو ما وصفه عن بعض المؤرخين على النحو التالي: «تصدق القضية الشرطية في حالة ما إذا كان تاليها متضمنًا بالقوة في مقدمها»،٢٤ وبمقتضى هذا التعريف كان ينظر للصيغة «إذا كان الأول كان الأول» على أنها كاذبة. إن الشيء لا يمكنه أن يكون متضمَّنًا في ذاته.٢٥
- المعنى الأول: معنى استبعادي Exclusive يستبعد فيه أحد الطرفين صدق الطرف الآخر، فأحد الطرفين فقط يجب أن يكون صادقًا، إذ الطرفان بمثابة قضيتين متضادتين، إذا صدقت إحداهما كذبت الأخرى، ولكن كذب إحداهما لا يستبق كذب الأخرى، لأن الشرط الأساسي لكي يكون فصلٌ من هذا النوع الذي يسمى بفعل المتضادات صادقًا؛ أن يكون أحد طرفيه على الأقل كاذبًا.
- المعنى الثاني: معنى غير استبعادي Non-Exclusive لا يستبعد فيه صدق أحد طرفي الفصل الطرف الآخر، إذ الطرفان بمثابة قضيتين داخلتين تحت التضاد، إذا كذبت إحداهما صدقت الأخرى، ولكن صدق إحداهما لا يستبعد صدق الأخرى، لأن الشرط الأساس لكي يكون فصلٌ من هذا النوع الذي يسمى بالفصل الضعيف أو بفصل ما تحت التضاد صادقًا أن يكون أحد طرفيه على الأقل صادقًا.
- (١) النفي التناقضي، ويكون بوضع أداة النفي «ليس» في البداية، حيث ألح الرواقيون بشدة على ضرورة وضع أداة النفي ليس في بداية القضية.٣٧
- (٢) النفي البسيط، وهو الذي يجمع بين أداة نفي مثل: لا أحد، ومحمول، ومثال ذلك: «لا أحد يمشي».٣٨
- (٣) النفي الحرماني، وهو الذي يكون فيه الموضوع مقيدًا بحدٍّ منفي، ومثاله: «هذا لا إنساني».٣٩
- (٤) النفي المزدوج، وهو الذي يجمع بين أداتي نفي، مثل «لا لا يوم».٤٠
- (١)
إذا كان الأول كان الثاني، تكافئ: ليس معًا الأول وليس الثاني.
وباستخدام لغة المنطق الرمزي الحديث يكون التعريف كالآتي:ق ك (ق ك)وقد أجمع معظم مؤرخي المنطق المعاصرين على أن هذا التعريف ينسب صراحة إلى «كريسبوس» من جانب «شيشرون» وذلك في كتابه عن القدر Defeta؛ حيث قدم «كريسبوس» هذا المثال ليعبر عنه: «إذا كان شخص ما قد ولد في أيام الكوكب الشعرَى فإنه لا يموت غرقًا في البحر، تكافئ: ليس معًا في أن يكون شخص ما قد ولد في أيام الكوكب الشعرى ولا يموت غرقًا في البحر».٤١ - (٢)
إما الأول أو الثاني، تكافئ: إذا كان ليس الأول، فإنه الثاني.
وباستخدام لغة المنطق الرمزي الحديث يكون التعريف كالآتي:ق ك ق كوهذا التعريف ذكره معظم مؤرخي المنطق المعاصرين نقلًا عن «جالينوس»، وذلك من خلال هذا المثال: «إما أن تكون الدنيا نهارًا أو ليلًا، تكافئ: إذا كانت الدنيا ليست نهارًا فإنها ليل».٤٢ - (٣)
إما الأول أو الثاني، تكافئ: أن الأول لا يكافئ الثاني.
وباستخدام لغة المنطق الرمزي الحديث يكون التعريف كالآتي:ق ك قوهذا التعريف ذكره «ماتيس» و«بوشنسكي» نقلًا عن «جالينوس» من خلال هذا المثال: «إما أن تكون الدنيا نهارًا أو ليلًا، تكافئ أن النهار لا يكافئ الليل».٤٣ - (٤)
إما الأول أو الثاني، يكافئ: إذا كان الأول كان ليس الثاني، وإذا كان ليس الثاني كان الأول.
وباستخدام لغة المنطق الرمزي الحديث يكون التعريف كالآتي:ق ك ق ك قوهذا التعريف كما يذكر بوشنسكي كان فرضية رواقية.٤٤
وإذا كان من البديهي أن التعريفات في النسق الاستنباطي لا يبرهَن عليها لأنها بمثابة الإعلان الذي يصرح فيه واضع النسق بأنه سوف يستخدم الصيغتين على أنهما متكافئتان، إلا أننا مع ذلك يمكننا أن نتبين أن التعريفات التي قدمها الرواقيون يمكن البرهنة على صحتها، وذلك مما يتضح من قائمة الصدق التالية:
-
(١)
أن القيم الواردة في العمودين رقم ٣، ٧ الخاصتين بالدالتين: (ق ك)، (ق ك) متناظرة؛ بحيث إذا صدقت إحداهما اقترن ذلك بصدق الأخرى، وإذا كذبت إحداهما، اقترن ذلك بكذب الأخرى، إذن فالدالتان متكافئتان.
-
(٢)
يمكن البرهنة على صحة صيغة التكافؤ بتحويلها إلى عبارتي لزوم بالتبادل، وبالبرهنة على صحة عبارتي اللزوم، فيتم بالتالي البرهنة على صيغة التكافؤ، وذلك كما يلي:ق ك (ق ك) [(ق ك) (ق ك)] [ (ق ك) (ق ك)].
أولًا:
بما أن العمود رقم (٨) الخاص بالاستدلال لا يحتوي إلا على قيم صادقة فقط، إذن فالاستدلال صحيح.
ثانيًا:
إذن العمود رقم (٨) الخاص بالاستدلال لا يحتوي إلا على قيم صادقة فقط، إذن فالاستدلال صحيح.
وأما بالنسبة لتطبيق طريقة البرهان باستخدام قائمة الصدق على التعريف الثاني فيكون كالآتي:
بمقارنة القيم الواردة في العمود رقم (٣) الخاص بالشطر الأيمن في الصيغة السابقة، بقيم الشطر الأيسر الواردة في العمود رقم (٦)، نتبين أنها متناظرة؛ بمعنى أنه كلما كانت صيغة الشطر الأيمن صادقة، صدقت الأخرى، وأنه كلما كذبت، كذبت الأخرى أيضًا، إذن فالتكافؤ أو التعريف صحيح.
أولًا:
بما أن العمود رقم (٧) الخاص بالاستدلال لا يحتوي إلا على قيم صادقة فقط، إذن فاستدلال صحيح.
ثانيًا:
إذن فالعمود رقم (٧) الخاص بالاستدلال لا يحتوي إلا على قيم صادقة فقط، إذن فالاستدلال صحيح.
وأما تطبيق طريقة البرهان باستخدام قائمة الصدق على التعريف الثالث فيكون كالآتي:
بمقارنة القيم الواردة في العمود (٣) الخاص بالشطر الأيمن في الصيغة السابقة، بقيم الشطر الأيسر الواردة في العمود رقم (٦)، نتبين أنها متناظرة، بمعنى أنه كلما كانت صيغة الشطر الأيمن صادقة، صدقت الأخرى، وأنه كلما كذبت، كذبت الأخرى أيضًا، إذن فالتكافؤ أو التعريف صحيح.
أولًا:
بما أن العمود رقم (٧) الخاص بالاستدلال لا يحتوي إلا على قيم صادقة فقط، إذن الاستدلال صادق دائمًا، إذن الاستدلال صحيح.
ثانيًا:
إذن فالعمود رقم (٧) الخاص بالاستدلال لا يحتوي إلا على قيم صادقة فقط، إذن فالاستدلال صحيح.
وأما عن تطبيق طريقة البرهان باستخدام قائمة الصدق على التعريف الثالث فيكون كآلاتي:
بمقارنة القيم الواردة في العمود (٣) الخاص بالشطر الأيمن في الصيغة السابقة، بقيم الشطر الأيسر الواردة في العمود (٦)، يتبين أنها متناظرة، بمعنى أنه كلما كانت صيغة الشطر الأيمن صادقة، صدقت الأخرى، وأنه كلما كذبت، كذبت الأخرى أيضًا، إذن فالتكافؤ والتعريف صحيح.
أولًا:
بما أن العمود رقم (٧) الخاص بالاستدلال لا يحتوي إلا على قيم صادقة فقط، إذن فالاستدلال صحيح.
ثانيًا:
إذن فالعمود رقم (٧) الخاص بالاستدلال لا يحتوي إلا على قيم صادقة فقط، إذن فالاستدلال صحيح.
وأما عن تطبيق طريقة البرهان باستخدام قائمة الصدق على التعريف الرابع فيكون كآلاتي:
بمقارنة القيم الواردة في العمود (٣) الخاص بالشطر الأيمن في الصيغة السابقة، بقيم الشطر الأيسر الواردة في العمود رقم (٦)، نتبين أنها متناظرة، بمعنى أنه كلما كانت صيغة الشطر الأيمن صادقة، صدقت الأخرى، وأنه كلما كذبت، كذبت الأخرى أيضًا، إذن فالتكافؤ أو التعريف صحيح.
وبما أن التكافؤ يفيد التلازم بين شطري صيغة التكافؤ كما أوضحنا في التعريفات السابقة، إذن فنحن يمكننا مباشرة التوصل في هذا التعريف إلى صيغتي اللزوم المتبادلتين الصحيحتين التاليتين:
أولًا:
بما أن العمود رقم (٧) الخاص بالاستدلال لا يحتوي إلا على قيم صادقة فقط، إذن فالاستدلال صادق دائمًا، إذن فالاستدلال صحيح.
ثانيا:
بما أن العمود رقم (٧) الخاص بالاستدلال لا يحتوي إلا على قيم صادقة فقط، إذن فالاستدلال صحيح.
ثانيًا: اللامبرهنات
-
(١)
إذا كان الأول، كان الثاني، ولكن الأول، إذن الثاني
وهذا الضرب يطلق عليه الرواقيون صورة الإثبات بالإثبات modus ponendo ponens وهو عبارة عن قياس شرطي متصل مثبت يتألف من مقدمة شرطية متصلة (لزومية) وأخرى حملية ونتيجة حملية، وقد جاءت المقدمة الحملية مثبتة لمقدم القضية اللزومية، كما جاءت النتيجة مثبتة لتالي تلك القضية.ويمكن التعبير عن ذلك باستخدام لغة المنطق الرمزي الحديث، وذلك على النحو التالي:ق ك ق ك -
(٢)
إذا كان الأول، كان الثاني، ولكن ليس الثاني، إذن ليس الأول.
وهذا الضرب يطلق عليه الرواقيون صورة النفي بالنفي modus tollendo tollens، وهو عبارة عن قياس شرطي متصل منفي يتألف من مقدمة متصلة (لزومية) وأخرى حملية، ونتيجة حملية، وقد جاءت المقدمة الحملية منكرة لتالي الكبرى، وجاءت النتيجة منكرة لمقدم القضية نفسها. ويمكن التعبير عن ذلك باستخدام لغة المنطق الرمزي الحديث، وذلك على النحو التالي:ق ك ك ق -
(٣)
ليس معًا الأول والثاني، ولكن الأول، إذن ليس الثاني
وهذا الضرب يطلق عليه الرواقيون صورة النفي بالإثبات modus ponendo tollens؛ وهو عبارة عن قياس شرطي منفصل بالمعنى القوي بعد أن رد (كريسبوس) الانفصال إلى عطف بواسطة النفي التناقضي، وهو يتألف من مقدمة شرطية عطفية يكون مقدمها نفيًا لأحد البديلين، ثم مقدمة حملية مثبتة لمقدم القضية العطفية ونتيجة نافية لتالي تلك القضيةوبلغة المنطق الرمزي الحديث يكون كالآتي:(ق ك) ق ك -
(٤)
إما أن يكون الأول والثاني، ولكن الأول؛ إذن ليس الثاني
وهذا الضرب يطلق عليه الرواقيون صورة النفي بالنفي modus ponendo tollens؛ وهو عبارة عن قياس شرطي منفصل بالمعنى القوي، حيث يتألف من مقدمة شرطية منفصلة كمقدمة كبرى وقضية حملية كمقدمة صغرى مثبتة لمقدم القضية الكبرى، ونتيجة حملية منكرة لتالي تلك القضية ويمكن التعبير عنه بلغة المنطق الرمزي الحديث على النحو التالي:ق ك ق ك -
(٥)
إما أن يكون الأول أو الثاني، ولكن ليس الثاني، إذن الأول
وهذا الضرب يطلق عليه الرواقيون صورة الإثبات بالنفي modus tollendo ponens؛ وهو عبارة عن قياس شرطي منفصل بالمعنى الضعيف، حيث يتألف من مقدمة شرطية منفصلة كمقدمة كبرى ومقدمة حملية كمقدمة صغرى منكرة لتالي الكبرى ونتيجة حملية مثبتة لمقدم القضية نفسها.ويمكن التعبير عنها بلغة المنطق الرمزي الحديث وذلك على النحو التالي:ق ك ك قوقد اعتقد كريسبوس أن هذه الضروب الخمس مكتملة؛ أي كافية لاشتقاق كافة النتائج المطلوبة، كما أنها مستقلة independent؛ أي منفصلة الواحدة منها عن الأخرى «فلا تقبل الرد»، كما أنها أولية بمعنى أنه لا توجد صور أخرى سابقة عليها في عملية الاستدلال، ولا تقبل البرهان، بمعنى أنها حقائق منطقية Logical truth.٤٨
البرهان:
-
(أ)
إذن العمود رقم (٧) الخاص بالاستدلال لا يحتوي إلا على قيم صادقة، إذن فالاستدلال صحيح.
-
(ب)
أو بما أن صدق المقدمة في العمود رقم (٥) قد اقترن بصدق النتيجة في العمود رقم (٣)؛ وذلك في الصف الأول، وبما أنه لا توجد أية حالة تصدق فيها المقدمة وتكذب النتيجة، إذن فالاستدلال صحيح.
-
(أ)
إذن العمود رقم (٧) الخاص بالاستدلال لا يحتوي إلا على قيم صادقة، إذن فالاستدلال صحيح.
-
(ب)
أو بما أن صدق المقدمة في العمود رقم (٥) قد اقترن بصدق النتيجة في العمود رقم (٣) وذلك في الصف الأول، وبما أنه لا توجد أية حالة تصدق فيها المقدمة وتكذب النتيجة، إذن فالاستدلال صحيح.
البرهان:
-
(أ)
إذن العمود رقم (٨) الخاص بالاستدلال لا يحتوي إلا على قيم صادقة، إذن فالاستدلال صحيح.
-
(ب)
أو بما أن صدق المقدمة في العمود رقم (٦) قد اقترن بصدق النتيجة في العمود رقم (٤) وذلك في الصف الأول، وبما أنه لا توجد أية حالة تصدق فيها المقدمة وتكذب النتيجة، إذن فالاستدلال صحيح.
وأما عن اللامبرهنة رقم (٤) وهي:
البرهان:
-
(أ)
إذن العمود رقم (٧) الخاص بالاستدلال لا يحتوي إلا على قيم صادقة، إذن فالاستدلال صحيح.
-
(ب)
أو بما أن صدق المقدمة في العمود رقم (٥) قد اقترن بصدق النتيجة في العمود رقم (٣) وذلك في الصف الأول، وبما أنه لا توجد أية حالة تصدق فيها المقدمة وتكذب النتيجة، إذن فالاستدلال صحيح.
البرهان:
إذن العمود رقم (٧) الخاص بالاستدلال لا يحتوي إلا على قيم صادقة، إذن فالاستدلال صحيح.
أو بما أن صدق المقدمة في العمود رقم (٥) قد اقترن بصدق النتيجة في العمود رقم (٣) وذلك في الصف الأول، وبما أنه لا توجد أية حالة تصدق فيها المقدمة وتكذب النتيجة، إذن فالاستدلال صحيح.
تلك هي البراهين الخاصة باللامبرهنات، وهي تبين أن اللامبرهنات عند الرواقيين تخضع لقانون تحصيل الحاصل على نحو ما ذهب إليه أصحاب الأنساق المعاصرة وبخاصة نسق برتراندرسل.
ثالثًا: المبرهنات
والسؤال الآن: كيف حاول الرواقيون رد المبرهنات إلى اللامبرهنات؟
يذكر المؤرخون أن كريسبوس كان يتبع في رد المبرهنات إلى اللامبرهنات أربع قواعد منطقية عامة وهي على النحو التالي:
-
القاعدة الأولى: ويذكرها «وليم نيل» نقلًا عن «جالينوس»
«والإسكندر الأفروديسي»؛ حيث تقول: إنه إذا تضمنت
قضيتان قضية ثالثة، فإن أيًّا منها مع نفي الثالثة
يتضمنان نفي القضية الباقية، وهذا المبدأ الذي
استخدمه أرسطو في الرد غير المباشر.٥٠وهذه القاعدة على حد تعبير (بوشنسكي) مشابهة لما يلي:٥١ق ك ل ل ك ق
أو
ق ك ل ق ل ك -
القاعدة الثانية: فقد ضاعت، وربما تكون هي مبدأ التحليل، الذي
يؤكد كما يذكر (سكستوس إمبيريكوس) أن «وجود
النتيجة في المقدمات التي تصدر عنها وجودًا بالقوة».٥٢وهذا يعني أن القاعدة مناظرة على حد تعبير بوشنسكي لما يلي:٥٣ق ق ك ق ك
-
القاعدة الثالثة: ويذكرها «وليم نيل» و«بوشنسكي» نقلًا عن جالينوس
والإسكندر الأفروديسي، حيث تقول القاعدة: «إذا
تضمنت قضيتان قضية ثالثة، وأثبت إحدى هاتين
القضيتين ببعض المقدمات، فإن القضية الأخرى، وهذه
المقدمات مما تتضمن النتيجة الأصلية».٥٤ونجد هذه القاعدة يصوغها بوشنسكي بلغة المنطق الرمزي الحديث على النحو التالي:ق ك ل س ق س ك ل
أو
ق ك ل س ك ق س ل -
القاعدة الرابعة: فقد ضاعت أيضًا وربما نكون مبدأ الاشتراط الذي
يسمح لنا بأخذ القضية على مقدمها لقضية شرطية
جديدة لها نفس تالي القضية الأصلية وهذه القاعدة
يصوغها بوشنسكي على النحو التالي:٥٥إن القول: إن (ك) تقبل الاستنباط من ف [إنما يتكافأ مع القول: (ق ك)؛ حيث إن المقصود هنا هو اللزوم الديدوري.
وقد حفظ لنا المؤرخون بعض هذه المبرهنات أو النظريات التي أقاموا البرهان عليها، واستخدموها في تحليل الاستدلالات الأكثر تعقيدًا، ومن هذه النظريات أو المبرهنات أو الاستدلالات التي تقوم على اللامبرهنات الخمس ما يلي:
المبرهنة رقم (١)
ويمكن أن نعبر عن هذه المبرهنة بلغة المنطق الرمزي الحديث على النحو التالي:
-
(١)
ق ك ل
-
(٢)
ل
-
(٣)
ق
-
(٤)
ك
البرهان:
يمكن استنباط هذه المبرهنة من اللامبرهنة الثانية والثالثة، وذلك على النحو التالي:
-
(١)
ق ك ل قضية شرطية مركبة
-
(٢)
ل قضية حملية
-
(٣)
(ق ك) من ١، ٢ نصل إلى ٣ وهي نفس اللامبرهنة الثالثة
-
(٤)
ق قضية حملية
-
(٥)
ك من ٣، ٤ نصل إلى ٥ وهي نفس اللامبرهنة الثانية
ويمكن توضيح البرهان الخاص بهذا الاستدلال عند الرواقيين بطريقة أكثر تفصيلًا، وذلك على النحو التالي:
وباستخدام طريقة قوائم الصدق لإثبات صحة تلك المبرهنة، يتم ذلك على مرحلتين:
أولًا:
-
(أ)
إذن جميع القيم الواردة في العمود رقم (٧) الخاص بالاستدلال هي الصدق الدائم، إذن فالاستدلال صحيح.
-
(ب)
أو بما أنه كلما صدقت المقدمة في العمود رقم (٣) صدقت معها النتيجة في العمود رقم (٥)، وبما أنه لا نجد أية حالة في القائمة تصدق فيها المقدمة مع كذب النتيجة، إذن فهذا يعني لأن صدق المقدمة يستلزم دائمًا صدق النتيجة، إذن الاستدلال صحيح.
ثانيًا
إذن جميع القيم الواردة في العمود رقم (٨) الخاص بالاستدلال هي الصدق الدائم، إذن فالاستدلال صحيح.
وهو المطلوب إثباته.
المبرهنة رقم (٢)
وبلغة المنطق الرمزي الحديث يكون الاستدلال كالآتي:
-
(١)
ق ك ل
-
(٢)
ق
-
(٣)
ك
-
(٤)
ل
البرهان:
يمكن استنباط هذه المبرهنة من اللامبرهنة رقم (٥) وذلك على النحو التالي:
-
(١)
ق ك قضية مركبة مشتقة من رقم (١)
-
(٢)
ق قضية حملية (٢)
-
(٣)
ك من ١، ٢ نصل إلى ٣ (اللامبرهنة ٥)
-
(٤)
ك ل قضية مركبة مشتقة من رقم (٢)
-
(٥)
ك قضية حملية
-
(٦)
ل من ٣، ٤ نصل إلى ٥ (اللامبرهنة الخامسة)
البرهان:
يمكن توضيح البرهان الخاص بالرواقيين بطريقة أكثر تفصيلًا، وذلك على النحو التالي.
وهو المطلوب إثباته.
كما يمكن إثبات صحة هذه المبرهنة باستخدام قائمة الصدق التالية:
-
(١)
إذن جميع القيم الواردة في العمود رقم (٨) الخاص بالاستدلال هي الصدق الدائم، إذن فالاستدلال صحيح.
-
(٢)
وبما أنه كلما صدقت المقدمة في العمود رقم (١) صدقت معها النتيجة في العمود رقم (٤) صدقت معها النتيجة في العمود رقم (٦)، وبما أنه لا نجد أية حالة في القائمة تصدق فيها المقدمة مع كذب النتيجة، إذن فهذا يعني أن صدق المقدمة يستلزم دائمًا صدق النتيجة. إذن فالاستدلال صحيح.
المبرهنة رقم (٣)
وبلغة المنطق الرمزي الحديث يكون الاستدلال كالآتي:
-
(١)
ق ق
-
(٢)
ق
-
(٣)
ق
البرهان:
-
(١)
يمكن استنباط هذه المبرهنة مباشرة من اللامبرهنة الرابعة، وذلك على النحو التالي: بوضع القضية (ق ق) مع القضية (ق) في صورة استدلال نصل من خلال هذا الاستدلال إلى نفس اللامبرهنة الرابعة.
-
(٢)
كما يمكن استنباط هذه المبرهنة باستخدام قائمة الصدق التالية:
-
(أ)
إذن جميع القيم الواردة في العمود رقم (٨) الخاص بالاستدلال هي الصدق الدائم. إذن فالاستدلال صحيح.
-
(ب)
أو بما أنه كلما صدقت المقدمة في العمود رقم (٣)، صدقت معها النتيجة في العمود رقم (٥) وبما أنه لا نجد أية حالة في القائمة تصدق فيها المقدمة مع كذب النتيجة، إذن فهذا يعني أن صدق المقدمة يستلزم دائمًا صدق النتيجة. إذن فالاستدلال صحيح.
المبرهنة رقم (٤)
وبلغة المنطق الرمزي يكون الاستدلال على النحو التالي:
-
(١)
ق (ق) ك
-
(٢)
ق
-
(٣)
إذن ك
-
(١)
يمكن استنباط هذه المبرهنة مباشرة من اللامبرهنة الأولى، وذلك بجعل المقدمة المركبة ق (ق) ك مشتقة من القضية (ق ك). أما القضية (ق)، (ك) فإنها مشتقة من نفس اللامبرهنة.
-
(٢)
كما يمكن إثبات صحة هذه المبرهنة باستخدام قائمة الصدق التالية:
-
(أ)
إذن جميع القيم الواردة في العمود رقم (٧) الخاص بالاستدلال هي الصدق الدائم، فالاستدلال صحيح.
-
(ب)
أو بما انه كلما صدقت المقدمة في العمود رقم (٣) صدقت معها النتيجة في العمود رقم (٥) وبما أنه لا نجد أية حالة في القائمة تصدق فيها المقدمة مع كذب النتيجة، إذن فهذا يعني أن صدق المقدمة يستلزم دائمًا صدق النتيجة. إذن فالاستدلال صحيح.
المبرهنة رقم (٥)
وبلغة المنطق الرمزي الحديث يكون الاستدلال كالآتي:
-
(١)
ق ق
-
(٢)
ق
-
(٣)
إذن ق
البرهان:
-
(١)
يمكن استنباط هذه المبرهنة مباشرة من اللامبرهنة الخامسة، وذلك بجعل القضية المركبة (ق ق) مشتقة من القضية (ق ك)، أما القضية الحملية ( ق) ذات النفي المزدوج فهي تساوي نفس القضية (ق) وبالتالي تكون النتيجة (ق) مشتقة من نفس اللامبرهنة.
-
(٢)
كما يمكن إثبات صحة هذه المبرهنة باستخدام قائمة الصدق التالية:
-
(أ)
إذن جميع القيم الواردة في العمود رقم (٨) الخاص بالاستدلال هي الصدق الدائم، إذن فالاستدلال صحيح.
-
(ب)
أو بما أنه كلما صدقت المقدمة في العمود رقم (٣) صدقت معها النتيجة في العمود رقم (٥)، وبما أنه لا نجد أية حالة في القائمة تصدق فيها المقدمة مع كذب النتيجة، إذن فهذا يعني أن صدق المقدمة يستلزم دائمًا صدق النتيجة. إذن فالاستدلال صحيح.
المبرهنة رقم (٦)
- (١) ق ق
- (٢) ق ق
- (٣) ق
البرهان:
هذه المبرهنة مشتقة من اللامبرهنة الثانية والأولى، وذلك على النحو التالي:
-
(١)
ق ق قضية مركبة (الكبرى)
-
(٢)
ق مقدم القضية الصغرى
-
(٣)
ق من ٢، ١ نصل إلى ٣ وهي نفس اللامبرهنة الثانية
-
(٤)
ق ق قضية مركبة (الكبرى)
-
(٥)
ق تالي القضية الصغرى
-
(٦)
ق من ٥، ٤ نصل إلى ٦ وهي نفس اللامبرهنة الأولى
وهو المطلوب إثباته
البرهان:
ويمكن توضح البرهان الخاص بهذا الاستدلال عند الرواقيين بطريقة أكثر تفصيلًا وذلك على النحو التالي:
-
(١)
بوضع القضية المركبة (ق ق) مع مقدم القضية الصغرى ( ق) في صورة استدلال نصل إلى (ق) وهي نفس اللامبرهنة الثانية، وإذا وضعنا القضية المركبة (الكبرى) (ق ق) مرة أخرى مع تالي القضية الصغرى (ق) في صورة استدلال نصل إلى (ق) وهي نفس اللامبرهنة الأولى.
وهو المطلوب إثباته.
-
(٢)
كما يمكن إثبات صحة هذه المبرهنة باستخدام قائمة الصدق التالية:
-
(أ)
إذن جميع القيم الواردة في العمود رقم (٩) الخاص بالاستدلال هي الصدق الدائم. إذن فالاستدلال صحيح.
-
(ب)
أو بما أنه صدقت المقدمة في العمودين رقم (٣)، (٦) صدقت معها النتيجة في العمود رقم (٧)، وبما أنه لا نجد أية حالة تصدق فيها المقدمة مع كذب النتيجة، إذن فهذا يعني أن صدق المقدمة يستلزم دائمًا صدق النتيجة. إذن فالاستدلال صحيح.
المبرهنة رقم (٧)
وبلغة المنطق الرمزي الحديث يكون الاستدلال كالآتي:
-
(١)
ق ق
-
(٢)
ق
-
(٣)
ق
البرهان:
-
(أ)
هذه المبرهنة مشتقة مباشرة من اللامبرهنة الأولى، وذلك بوضع القضية (ق ق) بدلًا من (ق ك) مع القضية الحملية (ق) نصل بالاستدلال إلى القضية (ق) وهي نفس اللامبرهنة الأولى.
-
(ب)
كما يمكن إثبات صحة هذا الاستدلال بواسطة قائمة الصدق التالية:
-
(أ)
إذن جميع القيم الواردة في العمود رقم (٧) الخاص بالاستدلال هي الصدق الدائم. إذن فالاستدلال صحيح.
-
(ب)
أو بما أنه كلما صدقت في العمود رقم (٣) صدقت معها النتيجة في العمود رقم (٥)، وبما أنه لا نجد أية حالة تصدق فيها المقدمة مع كذب النتيجة، إذن فهذا يعني أن صدق المقدمة يستلزم دائمًا صدق النتيجة. إذن فالاستدلال صحيح.
-
(أ)
المبرهنة رقم (٨)
- (١) ق ك ل
- (٢) ك
- (٣) ل
- (٤) ق
البرهان:
- (١) ق ك ل قضية كبرى
- (٢) ك قضية صغرى
- (٣) ق ك من ١، ٢ نصل إلى ٣
- (٤) ل قضية صغرى
- (٥) ق من ٤، ٣ نصل إلى ٥ وهي نفس اللامبرهنات الثانية.
وهو المطلوب إثباته.
البرهان:
ويمكن توضيح البرهان الخاص بهذا الاستدلال عند الرواقيين وذلك على النحو التالي:
-
(١)
بوضع القضية الكبرى (ق ك ل) مع القضية الحملية ( ك) في صورة استدلال فتكون النتيجة (ق ك) وكذلك بوضع النتيجة (ق ك) كمقدمة أو قضية كبرى مع القضية الحملية ( ل) في صورة استدلال تكون النتيجة ( ق) وهي نفس اللامبرهنات الثانية.
وهو المطلوب إثباته.
-
(٢)
كما يمكن وضع الاستدلال في صيغة استدلال يكون كالآتي:
-
(أ)
إذن جميع القيم الواردة في العمود رقم (٩) الخاص بالاستدلال هي الصدق الدائم. إذن فالاستدلال صحيح
-
(ب)
أو بما أنه كلما صدقت المقدمة في العمودين (١)، (٢) صدقت معها النتيجة في العمود رقم (٣)، وبما أنه إذا صدقت المقدمة في الأعمدة (٤)، (٥)، (٦) صدقت النتيجة في العمود رقم (٧)، وبما أنه لا توجد أية حالة تصدق المقدمات وتكذب النتائج، إذن فالاستدلال صحيح.
المبرهنة رقم (٩)
- (١) ق ك
- (٢) ق ك
- (٣) ق
البرهان:
- (١) ق ك قضية مركبة
- (٢) ق مقدم القضية (ق ك)
- (٣)
ك من ١، ٢ نصل إلى ٣ وهي نفس اللامبرهنات الأولى
- (٤) ق ك قضية مركبة (الكبرى)
- (٥) ك تالي القضية الصغرى
- (٦) ق من ٥، ٤ نصل إلى ٦ وهي نفس اللامبرهنات الثانية.
وهو المطلوب إثباته.
البرهان:
ويمكن توضيح البرهان الخاص بهذا الاستدلال عند الرواقيين بطريقة أكثر تفصيلًا وذلك على النحو التالي:
-
(أ)
بوضع القضية المركبة (ق ك) مع (ق) مقدم القضية المركبة (ق ك) في صورة استدلال نصل إلى القضية (ك) وهي نفس اللامبرهنة الأولى. وإذا وضعنا نفس القضية المركبة (ق ك) مع ( ك) [تالي القضية المركبة (ق ك) في صورة استدلال نصل إلى القضية ( ق) وهي نفس اللامبرهنة الثانية. وهو المطلوب إثباته.
-
(ب)
كما يمكن إثبات صحة هذه المبرهنة باستخدام قائمة الصدق التالية:
إذن جميع القيم الواردة في العمود رقم (٩) الخاص بالاستدلال هي الصدق الدائم. إذن فالاستدلال صحيح.
أو بما أنه كلما صدقت المقدمة في العمودين (٣)، (٦) صدقت معها النتيجة في العمود رقم (٧)، وبما أنه لا نجد أية حالة تصدق فيها المقدمة مع كذب النتيجة، إذن فهذا يعني أن صدق المقدمة يستلزم دائمًا صدق النتيجة، إذن فالاستدلال صحيح.
تلك هي بعض الأمثلة عن المبرهنات عند الرواقيين، وهي كثيرة، حيث تحتوي كتابات المؤرخين القدماء والمحدثين على عدد كبير لا بأس به، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مدى اهتمام الرواقيين بالاستدلالات المنطقية اهتمامًا عظيمًا بقصد الوصول إلى أعلى درجة من الصورية.
تعقيب
لعله قد اتضح لنا خلال هذا البحث كيف استطاع الرواقيون أن يقدموا أول نسق استنباطي متكامل لمنطق القضايا المركبة قبل المناطقة المحدثين بمئات السنين، وذلك حين أدركوا ضرورة التخلي عن لغة الحديث في الكتابة المنطقية كي يكون المنطق صوريًّا (تجريديًّا) إلى أبعد حد، فاصطنعوا الرموز بمنأى عن الحروف الهجائية؛ كما عُنوا عناية بالغة بالثوابت المنطقية وكانوا يسمونها بالروابط.
ولم يكتفوا بذلك، بل وضعوا لرابط القضية اللزومية قواعد صدقها وكذبها قبل بيرس وفريجه ورسل. بالإضافة إلى أنهم حددوا معاني وتعريفات الروابط الأخرى، مثل: الانفصال والعطف وغيرهما.
ومن ناحية أخرى، فقد استطاع الرواقيون بعد أن عرفوا الروابط أن يضعوا بعد ذلك مقدمات أولية لكي يستنبطوا منها قضايا أخرى، وقد أحصى كريسبوس خمس صور أو مخططات لتلك المقدمات لكي يبدءوا منها البرهان على نظريات منطقية، وقد أعطانا المؤرخون أمثلة لا حصر لها على تلك النظريات تبين أنهم نجحوا نجاحًا عظيمًا في بناء أول نسق استنباطي لتلك النظريات.
ولكن بالرغم من هذا النجاح، فإن الرواقيين يعاب عليهم في أنهم لم يضعوا قائمة اللامعرفات وقواعد الاستدلال صريحة منذ البدء، مما أدى إلى أنهم في البرهنة على نظرياتهم المنطقية، قد عجزوا عن استخدام قاعدة الاستبدال الموحد والاستبدال بالتعريف، وإن كانوا أحيانًّا ما يستخدمون قاعدة التحليل، الأمر الذي جعل أصحاب الأنساق المعاصرة بعد البحث في الهندسة الإقليدية أن يتنبهوا لذلك.
قائمه بالرموز المستخدمة في البحث
-
(١)
«» رمز يشير إلى ثابت اللزوم.
-
(٢)
«» رمز يشير إلى ثابت الفصل الضعيف.
-
(٣)
«» رمز يشير إلى ثابت الفصل القوي.
-
(٤)
«» رمز يشير إلى ثابت العطف.
-
(٥)
«» رمز يشير إلى ثابت التكافؤ.
-
(٦)
«€» رمز يشير إلى المتغيرات.
-
(٧)
«» رمز يشير إلى النفي.
-
(٨)
«ق، ك، ل، س» رموز تشير إلى المتغيرات القضوية.
-
(٩)
«ص، ك» رموز تشير إلى احتمالات الصدق والكذب.
قائمة المصادر والمراجع العربية والأجنبية
(أ) قائمة المصادر والمراجع العربية
-
(١)
ألفريد تارسكي: مقدمة للمنطق ولمناهج البحث في العلوم الاستدلالية، ترجمة: د. عزمي إسلام، الهيئة المصرية العامة للكتاب والنشر القاهرة،١٩٧٠م.
-
(٢)
د. إسماعيل عبد العزيز: نظرية الموجهات المنطقية «دراسة تحليلية في منطق الجهة»، دار الثقافة للنشر والتوزيع، القاهرة، ١٩٩٣م.
-
(٣)
د. إسماعيل عبد العزيز: المفارقات المنطقية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، القاهرة، ١٩٩٣م.
-
(٤)
بوشنسكي: المنطق الصوري القديم، ترجمة: د. إسماعيل عبد العزيز، دار الثقافة للنشر والتوزيع، القاهرة، ١٩٩٦م.
-
(٥)
د. حسن عبد الحميد، ود. محمد مهران: في فلسفة العلوم ومناهج البحث، مكتبة سعيد رأفت، القاهرة، ١٩٧٨م.
-
(٦)
د. عثمان أمين: الفلسفة الرواقية، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، ١٩٧١م.
-
(٧)
د. محمود فهمي زيدان: المنطق الرمزي «نشأته وتطوره»، مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، ١٩٧٩م.
-
(٨)
محمد السرياقوسي: التعريف بالمنطق الرياضي، الإسكندرية، ١٩٧٨م.
-
(٩)
يان لوكاشيفتش: نظرية المنطق الأرسطي من وجهة المنطق الصوري الحديث، ترجمة: د. عبد الحميد صبرة، منشأة المعارف، الإسكندرية، ١٩٦١م.
(ب) قائمة المصادر والمراجع الأجنبية
-
(1)
Anton Dumitriu, History of Logic, Volume (1, VI), Abacus Press, 1977.
-
(2)
Benson Mates, Stoic Logic, University of California Press, Berkeley and Los Angeles, 1961.
-
(3)
Bochenski, A History of Logic, University of Notre Dame Press, Indiana.
-
(4)
Cicero, Topica, Volume 2, Trans. by H. M. Hubbell William Heinemann Ltd., London, 1976.
-
(5)
Diogenes Laertius, Lives of Eminent Philosophers, Volume VII, Trans. by D. Hicks, M. S., Harvard University Press, Massachusetts, Cambridge, 1972.
-
(6)
John Corcoran, Ancient Logic and Its Modern Interpretations, D. Reidel Publishing Company, Dordrecht – Holland, Boston – U. S. A., 1974.
-
(7)
Sextus Empiricus, Adversus Mathematicos, Harvard University Press, Massachusetts, Cambridge, 1957.
-
(8)
Outlines of Pyrrhonism, Harvard University Press, Massachusetts, Cambridge, 1976.
-
(9)
W. Kneale, M. Kneale, The Development of Logic, Clarendon Press, Oxford, 1966.
وانظر أيضًا: د. إسماعيل عبد العزيز: المفارقات المنطقية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، القاهرة، ١٩٩٣م، ص٤٢.