الحلل السندسية في الأخبار والآثار الأندلسية (الجزء الثاني)

مؤسسة هنداوي مؤسسة هنداوي
الفصل الخامس والعشرون

من نبغ من أهل العلم من مدينة دورقة

أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن سعيد بن عبد الله بن سعيد الدورقي، يعرف بابن زرياب، لقي أبا بكر بن العربي، وكان من أهل العلم والزهد، فقيهًا مشاورًا، توفي ببلنسية ليلة الخميس منتصف رمضان سنة ٥٢٢. ذكره ابن الأبّار في التكملة. وأبو القاسم محمد بن عبد العزيز بن محمد بن سعيد بن معاوية بن داود الأنصاري، أصله من دورقة، وسكن أبوه قرطبة، وكان يقال له الدروقي، روى عن أبيه عبد العزيز وعن أبي علي الصدفي، وعن أبي بكر بن العربي، وكان من أهل الحفظ للحديث. قاله ابن الدباغ، وتوفي في حياة أبيه قبل العشرين وخمسمائة، ذكره ابن الأبار. وأبو محمد عبد العزيز بن محمد بن معاوية الأنصاري. يعرف بالدروقي الأطروش، قال ابن بشكوال: روى عن أبي بكر محمد بن مفوز، وأبي علي حسين الصدفي، وأبي عبد الله الخولاني، وسمع من جماعة من شيوخنا بقرطبة وغيرها. وكان معتنيًا بالحديث وكتبه وتقييده، حافظًا له، عارفًا بعلله وطرقه، وصحيحه وسقيمه، وأسماء رجاله، مقدمًا في جميع ذلك على أهل وقته، سمعنا منه، وأجاز لنا بلفظه ما رواه وجمعه، وكان حرج الصدر، نكد الخلق، توفي رحمه الله في ربيع الآخر سنة ٥٢٤. انتهى. قلنا: وجاء في معجم البلدان تحت اسم «دورقة» بالدال قبل الواو، ترجمة عبد العزيز هذا ولكنه كناه بأبي الأصبغ لا أبي محمد، عبد العزيز بن محمد بن سعيد بن معاوية بن داود الأنصاري الدروقي الأطروشي. وقال ياقوت: كان من أهل المعرفة بالحديث والحفظ وله تآليف، وكان عسرًا سيئ الأخلاق، قلما يصبر على خدمة أحد، وكان له ولد من أهل الفقه والمعرفة يقال له محمد بن عبد العزيز، مات قبل أبيه. قال ياقوت: وأبو زكريا يحيى بن عبد الله بن خيرة الدورقي المقري، بلغ الإسكندرية، وحضر عند أبي طاهر السلفي، وكتب عنه. انتهى ملخصًا.

ومن الغريب أن ياقوت الحموي ذكر في معجمه دروقة، بفتح أوله وثانيه، وسكون الواو. وهنا قدّم الراء على الواو، وقال إنها بلدة أو قرية بالأندلس، ينسب إليها أبو زكريا يحيى بن عبد الله بن خيرة الدروقي المقري، قال السلفي: قدم علينا الإسكندرية سنة ٥٢٩، وسألته عن مولده فقال: سنة ٤٦٤ بدروقة، وقرأت القرآن على أبي الحسين يحيى بن إبراهيم اليسّار القرطبي بمرسية، وسمعت الحديث على أبي محمد عبد الله بن محمد بن إسماعيل القاضي بسرقسطة. انتهى، ثم قال: ومات بقفط من الصعيد سنة ٥٣٠ انتهى. ثم رجع ياقوت فذكر بلدة اسمها دورقة، بتقديم الواو على الراء، وقال إنها مدينة من بطن سرقسطة، ينسب إليها جماعة، منهم أبو محمد عبد الله بن جوشن الدروقي المقرئ النحوي، كان آية في النحو، وتعليل القراءات، وله شعر حسن، وسكن شاطبة وبها توفي سنة ٥١٢. ثم ذكر ياقوت ترجمة أبي الأصبغ عبد العزيز الأطروشي، وأبي زكريا يحيى بن خيرة الدروقي، وذلك بعد أن كان ذكر ترجمة ابن خيرة المذكورة تحت اسم دروقة، لا دورقة. والحقيقة أنه لا يوجد بلدتان إحداهما دروقة، والأخرى دورقة. وإنما هي بلدة واحدة يتلفظ بعضهم باسمها بتقديم الراء على الواو، والآخرون بتقديم الواو على الراء.

والذي في الصلة لابن بشكوال، وفي التكملة لابن الأبار، هو دروقة بتقديم الراء على الواو، وهكذا يتلفظ بها الإسبانيول. وممن ينسب إليها، عدا من تقدم ذكرهم، أبو الحسن علي بن محمد بن يحيى بن أبي العافية الأنصاري الدروقي، روى عن أبي القاسم بن حبيش، وأبي القاسم السهيلي، وأحمد بن إبراهيم الدروقي. وأما محمد بن عبد الله بن جوشن المقرئ النحوي، فقد أخذ القراءات بسرقسطة عن أبي زيد بن الوراق، وأبي جعفر بن الحكم، وأخذ العربية عن أبي جعفر بن باق. وكان له معرفة بعلم الكلام، ومشاركة في الطب، وكانت وفاته سنة ٥١٤، وهو دون الأربعين، هذا ما قرأناه عنه، وياقوت يقول: إن وفاته كانت سنة ٥١٢.