تصدير
إن أي عالم نفس معاصر، منذ الحرب العالمية الثانية فصاعدًا، سيُدهش دهشة شديدة، بل سيُصدم؛ إذ يجد زملاء له منكبِّين على دراسة منظومة دينية «صوفية» مثل بوذية زن، وإنَّه ليُدهش أكثر؛ إذ يجد أن معظم الذين شاركوا في هذه الحلقة ليسوا «مهتمين» وحسب، بل ومعنيون بعمق بهذا الموضوع، وقد اكتشفوا أن الأسبوع الذي قضوه مع الدكتور سوزوكي وأفكاره قد ترك لديهم انطباعًا مؤثرًا ومحفِّزًا إلى أبعد حد، إن لم نقل أكثر من ذلك.
ولكي نوجز أسباب هذا التأثير باختصار، فإنها تتمثَّل في تطور نظرية التحليل النفسي، والتغيرات الحاصلة في المناخ الفكري والروحي في العالم الغربي، وكذلك في أعمال الدكتور سوزوكي الذي عرَّف العالم الغربي على بوذية زن من خلال كتبه، ومحاضراته، وشخصيته.
وما يميِّز محاضرات الدكتور سوزوكي المنشورة هنا عن كتاباته الأخرى، هو أنها معنيَّة بصورةٍ خاصة ونوعية بمشاكل سيكولوجية مثل اللاوعي والذات، فضلًا عن أنها تخاطب جماعةً صغيرة من المحللين النفسانيين، وعلماء النفس الذين اطَّلع الدكتور سوزوكي على تساؤلاتهم واهتماماتهم من خلال المناقشات والأحاديث التي دارت في الأسبوع الكامل الذي قضاه معهم. وبالنتيجة فإن هذه المحاضرات هي ذات قيمة خاصة — كما أعتقد — بالنسبة للأطباء النفسانيين، وعلماء النفس، ولكثير من المثقفين المهتمين بمشكلة الإنسان، ومع أن قراءتها «ليست سهلة» إلا أنها تأخذ بيد القارئ لفهم بوذية زن إلى حدٍّ يمكنه من أن يكون قادرًا على المتابعة بنفسه.