البحث عن السيدة وورنكي: الدور الذي يلعبه المعلمون في حياتنا

مؤسسة هنداوي مؤسسة هنداوي

تقديم

بقلم دونالين ميلر

إن شهرة سيندي ريجزبي تسبقها؛ فهي صاحبة لقب معلم العام في ولاية كارولينا الشمالية، وإحدى المرشحين النهائيين للحصول على لقب معلم العام على المستوى الوطني، وخبرتها تزيد عن عشرين عامًا في التدريس، وهي معلمة موهوبة وقديرة. لقد تعرفت على سيندي أثناء عملنا في شبكة قادة المعلمين. وعندما قرأت المقالات الحماسية التي نشرتها على الإنترنت حول العمل مع الطلاب، ألهمني منهجها العملي في التدريس.

تمزج سيندي بمهارة شغفها ومنطقها السليم وخبرتها وعاطفتها تجاه التلاميذ، لتقدِّم لنا هنا قصةً آسرة. ومع أن مهاراتها في التدريس تطوَّرت مع مرور السنين بالتجربة والخطأ، فإنها تؤمن أن الدروس التي تعلَّمتها منذ نصف قرن تقريبًا في فصل السيدة باربرا وورنكي، رسمَت أول خطوات قطعتها نحو إتقان التدريس. فبعد أن التحقت سيندي بالصف الأول الابتدائي بدَت البداية صعبة؛ إذ وجدت نفسها في فصلٍ مزدحمٍ مع معلمةٍ بدا أنها تكره الأطفال، ثم نُقلت سيندي وبعض التلاميذ الآخرين إلى فصل معلمة جديدة، وكان الفصل غرفةً في قبو تزحف الديدان على حيطانها. ولم يخطر ببال سيندي آنذاك أن هذا المكان سيصبح أحد أماكنها المفضلة.

أشاعت السيدة وورنكي جوًّا من الحب والسعادة في تلك البيئة التعليمية، التي شعر فيها كل طفل أنه مميز. وزرعت في سيندي البذور الأولى لحب القراءة والكتابة، وشجعتها على نَظْم الشعر وقدمت لها الكتب لتقرأها. آمنت السيدة وورنكي بقدرات تلاميذها، وأكدت لهم — بأقوالها وأفعالها — أنها تثق في قدرتهم على تحقيق الكثير، وظلت تشجعهم. وفور أن أصبحَت سيندي معلمة، بدأت دروس الحب والقبول التي تعلمتها من السيدة وورنكي تحدِّد معالم منهجها في التدريس. تقول سيندي: «بدأت أدرك أن قبول جميع تلاميذي، بعيدًا عن الصعاب التي يواجهونها يوميًّا في حياتهم، سيكون سر نجاحي في تعليمهم.»

قرأت كتبًا عديدة كتبها «معلمون بارعون»، يبدو أن لديهم طريقة سحرية في قيادة الفصول، وتصميم طريقة التدريس، وتشجيع الأطفال. لكن رحلتي في التدريس لم تكن سلسة، بل كانت فوضوية. فلم يكن بمقدوري قط أن أحقق نتائج عظيمة كالتي حققها هؤلاء المعلمون، مما دعاني كثيرًا للشعور بقلة براعتي، والتشكيك في قدراتي.

أشكر سيندي؛ فقد أثبتت لنا أن التدريس أمر فوضوي وساحر في الوقت نفسه. فمن خلال قصصها التي تدور حول تلاميذ يعانون مشكلات شخصية قاهرة، وفصول دراسية قديمة بها أقل قدر من الأدوات، ومعلمة شابة مثالية تملؤها الحماسة، تكشف لنا أن التدريس الناجح يكمن في حب التلاميذ، ومساعدتهم على إدراك مكانتهم واحترام ذاتهم. وهي تؤمن أن كل شخص منا حظي يومًا بمعلمة مثل السيدة وورنكي، أي، معلمة مميزة تركت أثرًا في حياته، وتناشدنا أن نصبح جميعًا السيدة وورنكي لنغير حياة تلاميذنا. نحن «نستطيع» أن نحدث فارقًا؛ فيمكننا أن نؤثر في حياة تلاميذنا بوسائل قد لا تخطر لنا ببال.

غيَّرت السيدة باربرا وورنكي حياة الصغيرة سيندي كول في الصف الأول؛ ومن ثَم غيرت حياة كل تلاميذ سيندي ريجزبي. وأنا أقرأ هذه القصة الملهِمة تذكرت أساتذتي المميزين الذين غيروا حياتي. إن سيندي لا تكتفي بإقناعنا بدور التدريس في تغيير حياة الناس، بل تذكرنا أيضًا أن هذا التغيير هو جوهر عملية التدريس. وقد شعرت بعد الانتهاء من قراءة هذا الكتاب بالحماس الشديد، والاستعداد التام للتدريس لأيام كثيرة قادمة.