البحث عن السيدة وورنكي: الدور الذي يلعبه المعلمون في حياتنا

مؤسسة هنداوي مؤسسة هنداوي

خاتمة

«تستطيع إحدانا الآن أن تحكي للأخرى عن كل الأمور التي حدثت في حياتها، خلال الفترة التي لم نلتقِ فيها، وأتمنى أن تستمر علاقتنا التي توقفت لمدة أربعين عامًا.»

باربرا وورنكي، ١٧ سبتمبر ٢٠٠٨

لم أعرف شيئًا عن السيدة وورنكي لأكثر من أربعين عامًا، قبل اجتماع شملنا في مدينة نيويورك في سبتمبر ٢٠٠٨. ولم أجلس في فصلها منذ عام ١٩٦٤؛ أي قبل أربعة وأربعين عامًا. أما الآن فأعتبرها صديقة عزيزة، ولا أكاد أذكر كيف قضيت تلك الأعوام التي لم أعرف فيها شيئًا عنها.

نحن نتبادل الرسائل الإلكترونية بانتظام، ونتحدث عن أمور حياتنا وأبنائنا وأحفادنا وآلامنا ومتاعبنا. ونناقش أخبار الرياضة؛ فالسيدة وورنكي من مشجعي فريق كابس للبيسبول، وأنا أحاول أن أبقيها على اطِّلاع بآخر أخبار فريق بانثرز في دوري كرة القدم الأمريكية، وفريق تارهيلز لكرة السلة التابع لجامعة كارولينا الشمالية. كانت السيدة وورنكي أول شخص أتصل به — بعد والدتي وأبنائي — لأخبرها بتأهلي ضمن أربعة مرشحين نهائيين لنيل لقب معلم العام على المستوى الوطني لعام ٢٠٠٩. لا يمكن للكلمات أن تصف مدى سعادتها عندما أخبرتها، فقد ظللنا نتحدث ونبكي عبر الهاتف كطفلتَين صغيرتَين في المدرسة. وسرعان ما وصلتني إحدى الصور التي التقطتها، وكانت لزهرة برتقالية مشرقة، تقبع وسط مجموعةٍ من الأزهار البيضاء الرقيقة. وقد كُتب تحتها: «من الجيد أن يظهر تميزك وسط الجموع.» يا لها من عبارة تشجيعية حماسية!

ما زلت أرسل إليها شعري، وهو تقليد بدأته في مدرسة براجتاون منذ عقود، وما زالت ترسل إليَّ تعليقاتها التي أتشوَّق لقراءتها.

كنت أرتجف من الإثارة وأنا أفتح هدية تلقيتها في الكريسماس من السيدة وورنكي. وجدت في العلبة قطعتي زينة من الخزف كلتاهما على شكل قلم رصاص، كُتب على إحداهما «السيدة وورنكي» وعلى الأخرى «السيدة المعلمة». وكانتا أول قطعتَي زينةٍ أعلقهما على شجرتي ذلك العام.

ما زلت أشعر بالسعادة — كما كنت أشعر في طفولتي — عندما أرى اسمها مكتوبًا على خطاب في صندوقي البريدي. فأنا أعرف مسبقًا محتويات الخطاب؛ سأجد صورة جميلة التقطتها كاميرا معلمتي، وستكون صورة عميقة المغزى. غالبًا ما تأتيني صور السيدة وورنكي مع بدايات الفصول (فلديَّ صور لأوراق الشجر المتساقطة في الخريف وصورة للثلوج الشتوية)، أو عند زيارتها مكانًا مميزًا. وصورتي المفضلة لمدرسة تتكون من فصل واحد يقف شامخًا وسط الصحراء.

في أول بطاقة وردتني من السيدة وورنكي بعد اجتماع شملنا — التي أرفقت بها صورة زهرتي توليب — كتبت تلك الكلمات: «شكرًا لك على ما فعلتِ، والأهم من ذلك؛ شكرًا لك على ما حققتِ.»

وردي على تلك الكلمات هو: أشكرك يا سيدة وورنكي، ليس على ما حققته، بل على ما ساعدتني في تحقيقه. فجهودك في تشكيل شخصيتي خلال الأيام الأولى في حياتي، التي تتشكل فيها شخصية المرء، آتت ثمارها، وأصبحتُ معلمة مستعدة لفعل أي شيء لترك أثر إيجابي في حياة الأطفال، مثلما فعلتِ معي في فصل مظلم في القبو. إن هذا الفصل ليس مكانًا أتذكره فحسب، بل هو جزء من شخصيتي أحمله بداخلي. وسأظل للأبد ممتنة أنني قابلتك هناك.