تمهيد
جاء ذكر البعثة التي أنفذها والي مصر إلى البحر الأبيض أو النيل الأبيض في المجموعة الدورية للجمعية الجغرافية (كراسة شهر يوليو سنة ١٨٤٠) وكنت منذ زمن طويل أترقب وصول نص الرحلة الرسمية لها لأذيعها على قراء هذه المجموعة، وإني لموقنٌ بأنني أحسنت عملًا بنشر ما بعث به إليَّ حضرة أرتين بك المترجم والكاتم الأول لأسرار سمو الوالي من ترجمة تلك الرحلة التي يؤخذ منها أن البعثة أُلِّفت من ٤٠٠ رجل تحت قيادة ضابط مصري بقصد الاستكشاف والاستطلاع، وأنها كانت الأولى من نوعها. أما جريدة الملحوظات التي تلي كتاب الرحلة، فموضوعة في قالب الجرائد التي يحررها الأوروبيون يوميًّا من هذا القبيل.
هذا، وقد لبثت رحلة القبودان سليم مذ غادر الخرطوم ١٣٥ يومًا، وتحتوي روايتها بيانات جمة عن مجرى البحر الأبيض وروافده والسكان النازلين بضفتيه والحاصلات الطبيعية المشهودة فيهما. وهي صالحة — ولا بد أن تبقى كذلك — لأن تكون قاعدة للاستكشافات الآتية؛ لذا نحيي فيها فاتحة الاستكشافات الجديدة التي تعدنا بإنجازها عبقرية محمد علي لصالح علم الجغرافيا والروابط التجارية.