الأسباب الثلاثة للتعاسة في العمل: قصة للرؤساء والمرءوسين

مؤسسة هنداوي مؤسسة هنداوي

دراسات حالة

حسنًا، كفانا كلام نظري. فقد حان الوقت لنرى الأمور الثلاثة قيد التطبيق.

فيما يلي مجموعة من الأمثلة عن كيف يستطيع المديرون في مختلف المهن وعلى كل المستويات أن يجعلوا حياة الموظف المهنية أكثر إرضاءً. بعض هذه الشروح مباشر نسبيًّا ومن السهل فهمه، وبعضها الآخر فريد من نوعه فعلًا، ويتطلب مزيدًا من الإبداع من جانب المدير. وأيًّا كانت الحالة، فهي كلها يسيرة على القادة الذين يتمتعون بالشجاعة والجرأة لكي يكونوا مختلفين من أجل مرءوسيهم.

المثال الأول: مسئولة التسويق

نانسي هي مسئولة التسويق في شركة برمجيات متوسطة الحجم. وهي تتبع إداريًّا الرئيس التنفيذي، وتشرف على كل شيء بدءًا من العلامة التجارية والإعلان وحتى تسويق المنتجات وتصميم موقع الشركة على الإنترنت. فلماذا قد تكون تعيسة في عملها؟

تباعد العلاقات بين العاملين

هناك احتمال لا بأس به أن يكون تباعد العلاقات بين العاملين سببًا من الأسباب. وكما هو معتاد في هذه الحالات بين كبار الموظفين التنفيذيين، فليس لدى الرئيس التنفيذي الذي تتبعه متسع من الوقت، أو ليست لديه الرغبة في الاهتمام الشخصي بحياة مرءوسيه، أولئك الذين يرى أنهم يحتاجون إلى القليل من الإشراف والدعم. غير أن عليه أن يتذكر أن كبار الموظفين التنفيذيين مثل نانسي يحتاجون — شأنهم شأن أبسط الموظفين — أن يعرفهم مديرهم ويفهمهم كبشر، مع أنهم نادرًا ما سيصرحون بذلك. هذا لا يعني أن الرئيس التنفيذي يجب أن يتحدث مع نانسي عن الطفلة التي بداخلها. ولكن يتطلب منه الأمر أن يهتم اهتمامًا حقيقيًّا بما يحدث في حياة نانسي وفي عملها أيضًا. ومع أن هذا يبدو معنويًّا أكثر مما ينبغي، فهو مهم لنانسي، وسيساعد في تحسين أدائها.

إحساس الفرد بتضاؤل دوره

قد يفقد الكثير من الموظفين التنفيذيين أمثال نانسي الشعور بأهمية عملهم. وهي الآن تحصل على ما يوفر لها حياة رغدة، وقد حققت درجة عالية من النجاح في حياتها المهنية، وغالبًا ما تتساءل عن الغرض الأكبر من عملها. ويجب أن يساعدها الرئيس التنفيذي — بوصفه رئيسها في العمل — في أن تكون هناك علاقة وثيقة بينها وبين رسالة الشركة وتأثيرها على العملاء، أو أن يمنحها شعورًا بمدى قدرتها على التأثير في حياة مرءوسيها وجعلهم أكثر نجاحًا ورضًا في حياتهم المهنية، أو كلا الأمرين. ويجب أيضًا أن يساعدها في معرفة أن ما تقوم به من عمل جيد يسهم في تحسين حياته الخاصة أو حياته المهنية.

غياب التقييم الذاتي

هذا جانب من الجوانب التي قد لا تحتاج فيها نانسي إلى كثير من العون، فلديها — مثل معظم الموظفين التنفيذيين — وفرة من البيانات، وهي تعتمد غالبًا على التحليل الكمي في إنجاز عملها. ومع ذلك فمن المحتمل تمامًا أن يكون كثير من المعايير التي تعتمد عليها بعيدًا عن المغزى الحقيقي لوظيفتها. ويجب على الرئيس التنفيذي أن يجعلها تتابع التقدم الذي تحرزه مع مرءوسيها، بالإضافة بالطبع إلى تقييم التأثير الكلي لبرامجها.

بالمناسبة نانسي لها مساعدة إدارية تُدعى جيني ….

المثال الثاني: المساعدة الإدارية

تتضمن مسئوليات جيني ترتيب المواعيد والاتصالات ومساعدة مديرتها عمومًا. وهي ليس لديها أي اتصال فعلي مباشر بعملاء الشركة، وتستهلك معظم طاقتها في حماية نانسي ممن يريدون أن يضيعوا الكثير من وقتها. وهي تشعر في بعض الأحيان بالظلم في تقييم دورها، وبالإحباط عندما تصبح أشبه بالبواب الذي يقول لا للكثير من الناس كل يوم.

تباعد العلاقات بين العاملين

في هذه الحالة، لن يكون تباعد العلاقات بين العاملين في الغالب هو المشكلة بالنسبة إلى جيني، على الرغم من احتمال ذلك. وللتغلب على ذلك يجب على مديرة جيني أن تهتم بها كإنسانة، وبالطموحات التي قد تكون لديها. تستطيع نانسي تعويض الاختيارات المحدودة في حياة جيني المهنية عن طريق إعطائها فرصًا للتنمية الذاتية، وعن طريق رعاية — نعم رعاية — العلاقة الثنائية الخاصة المميزة للعلاقة بين كل مسئول تنفيذي ومساعده.

إحساس الفرد بتضاؤل دوره

يجب أن تذكر نانسي جيني بمدى تأثير عملها في قدرتها على خدمة الشركة كمسئول تنفيذي. ويجب أيضًا أن تساعد جيني في إدراك تأثيرها في الحياة العملية لرئيستها، وكيف أن القرارات التي تتخذها مساعدة إدارية تؤثر أيضًا عليها شخصيًّا. وبالطبع حتى تتجنب نانسي أن تجعل جيني تشعر بأن نجاحها يعتمد على الحالة المزاجية لرئيستها، يجب أن تساعدها في إيجاد طريقة لتقييم مدى فعاليتها على نحو موضوعي قدر الإمكان.

غياب التقييم الذاتي

أفضل طريقة للشروع في إنشاء معيار تقييم ذاتي مناسب هو التفكير في تقييم الطرق المتعددة التي تؤثر بها جيني في حياة رئيستها في العمل، والتي بدورها تساعد الشركة. قد يتضمن ذلك مراجعة أسبوعية لمقدار الوقت المخصص للتخطيط الاستراتيجي والتفكير الإبداعي، وسرعة التواصل مع الأقسام الرئيسية داخل الشركة وتجنب الاجتماعات والمقاطعات غير الضرورية.

بالمناسبة تتولى جيني مسئولية ترتيب سفر نانسي، وغالبًا ما تحجز لها في فندق أنيق يليق برجال الأعمال ….

المثال الثالث: عامل الخدمة الليلية للغرف في فندق

كارسون هو عامل خدمة الغرف الوحيد خلال الفترة الليلية في فندق أنيق يقدم خدمات لرجال الأعمال المسافرين. وهو يتبع مدير الفترة الصباحية في المطعم، الذي لا يراه إلا نادرًا، بالإضافة إلى أن علاقته متقطعة مع مديرة الفترة المسائية. إن مسئوليات كارسون في العمل تشمل تلقي الطلبات وإعداد الطعام وتسليمه للضيوف في الفترة ما بين منتصف الليل والسادسة صباحًا. كما أنه يساعد مديرة الفترة الليلية في الكثير من المهام المكتبية، ويوفر قدرًا محدودًا من الأمن والصيانة في الفترات المتأخرة من الليل.

تباعد العلاقات بين العاملين

يعتبر هذا السبب مرشحًا جيدًا ليكون أحد العوامل في افتقار كارسون إلى الرضا الوظيفي، حيث إنه لا يتواصل بانتظام مع الموظفين الآخرين. هذا هو السبب الذي سيجعل مدير الفترة الصباحية في المطعم يبذل جهدًا إضافيًّا كي يحاول أن يتعرف على كارسون، كما يجب أن يستخدم وسائل بديلة للتواصل لكي يبقى على اتصال معه طوال الوقت. وعليه أيضًا أن يتعاون مع مديرة الفترة الليلية ليتأكد من أنها تطور علاقتها مع كارسون وتمنحه شعورًا بالانتماء.

إحساس الفرد بتضاؤل دوره

هذا سبب آخر محتمل لغياب الرضا الوظيفي. يجب على مدير كارسون أن يساعده في فهم أنه في الأوقات النادرة التي يطلب فيها النزلاء خدماته، سيكونون غالبًا في حاجة ماسة، بل وملحة جدًّا، إلى ذلك. في كثير من الأحوال، سيصل هؤلاء النزلاء في وقت متأخر نظرًا إلى تأخر الطائرة أو بسبب رحلة ليلية، أو ربما يواجهون صعوبة في النوم أو يشعرون بالمرض. ومن هنا سيكون لعامل خدمة الغرف وضع فريد لأنه سيؤثر تأثيرًا مهمًّا ومستمرًّا على راحة النزيل، بقدر أكبر مما قد يقوم به زملاؤه في الفترة الصباحية.

بالإضافة إلى هذا التأثير الذي يُحدثه كارسون على النزلاء، فهو يستطيع أن يُحدث فارقًا في الحياة اليومية للمديرة في الفترة الليلية، عن طريق مساعدتها في الأعمال المكتبية، ولكونه مصدرًا مهمًّا للصحبة في وقت الوحدة المتوقع.

غياب التقييم الذاتي

على الرغم من أن كارسون قد يحصل على إكراميات وكلمات ثناء من النزلاء، فإن معايير التقييم الأفضل متاحة لمديره في العمل. لا يعني هذا أنه يجب ألا يحصي عدد التعليقات التي يقدمها النزلاء الذين يحصلون منه على خدمة نموذجية. ولكن أيضًا يجب أن يجعل كارسون يقيس أشياء أخرى، مثل الوقت الذي يستغرقه لتسليم الطلبات وتلبية حاجات النزلاء. ويجب أيضًا أن يتابع مع مديرة الفترة الليلية — التي تعتبر إحدى عملاء كارسون الداخليين — جودة عمل كارسون.

بالمناسبة في صباح أيام السبت عندما يترك كارسون العمل، يذهب عادة إلى محل البقالة لكي يتسوق ….

المثال الرابع: عامل محل البقالة

آندي طالب في المدرسة الثانوية يبلغ من العمر ستة عشر عامًا ويعمل في المحل في العطلات الأسبوعية، فيضع البقالة في أكياس ويساعد الزبائن في حملها إلى سياراتهم. وهو يتبع مدير موظفي الخزينة.

تباعد العلاقات بين العاملين

آندي يعلم تمامًا أنه يقبع في مكان ما قرب قاع السلم الوظيفي في محل البقالة. وعلى الرغم من أن لديه علاقة جيدة نوعًا ما مع بعض موظفي الخزينة، فهو لا يشعر على الأرجح أنه يحتل مكانًا عاليًا في قائمة أولويات رئيسه في العمل. يجب على المدير أن يجد طريقة ليتواصل مع آندي عن طريق شيء ما يهمه. مثل كرة القدم. قد تكون بداية جيدة أن يبدأ معه حوارًا عن فريق سان فرانسيسكو ٤٩، أو أن يقدم له مجلة مجانية عن كرة القدم يحصل عليها من مكان بيع الصحف. وفي النهاية سيحتاج أن يقيم علاقة دائمة وحقيقية مما سيجعل آندي يشعر بالمزيد من الالتزام تجاه المحل، كما سيشعر بالحماسة أكثر بخصوص التفوق في مهنته.

إحساس الفرد بتضاؤل دوره

سيكون من السهل على آندي أن يقرر أن مهنته حقيرة وغير مهمة، وأنها مجرد وسيلة لكي يكسب بها مالًا خلال عطلة نهاية الأسبوع. فيجب على مديره أن يساعده في اكتشاف كيفية إحداث تغيير في حياة عملائه، وربما حتى في حياة موظفي الخزينة. قد يفكر آندي في القيام بشيء متفرد ليجعل العملاء يشعرون بالمزيد من المتعة وهم يخرجون من المتجر. وقد يتضمن ذلك إعطاءهم تقريرًا عن حالة الجو أو تقريرًا عن النتائج الرياضية، أو أن يسألهم سؤالًا خفيفًا، أو أن يقول لهم مقولة ملهمة. ولكن مرة أخرى إذا كان ذلك يبدو سخيفًا، فيمكنك أن تفكر مليًّا فيما إذا كان ذلك سيجعل تجربة التسوق لدى العملاء أفضل أم لا، وهل سيجعل آندي يستمتع بعمله أكثر أم لا. إن الشعور الأولي بسخافة الأمر لا يعطل كبار المديرين وكبرى الشركات عن القيام بما هو متميز وله مغزى في النهاية.

غياب التقييم الذاتي

يعتبر هذا العنصر من التحديات الصعبة الموجودة في الكثير من الوظائف الخدمية مثل وظيفة آندي. فما يجب على مديره أن يفعله هو مساعدة آندي في إيجاد بضع طرق لقياس نجاحه اليومي. ربما يتمثل ذلك في عدد المرات التي سيُضحك فيها العميل. أو ربما حتى موظفي الخزينة. أو ربما يتعلق الأمر بتقليل الوقت الذي يجب أن ينتظره الناس قبل أن تكون البقالة التي اشتروها جاهزة للحمل. أو الوقت الذي يستغرقه في جعل العملاء يتقدمون في الصف واحدًا وراء الآخر. ومهما كان المعيار المستخدم، فمن المهم أن يكون آندي قادرًا على أن يراقب نجاحه الخاص، وأن يعرف — عندما يترك نوبته في العمل — كيف كان أداؤه في هذا اليوم.

بالمناسبة، هل ذكرت لكم أن آندي يحب كرة القدم؟

المثال الخامس: المهاجم

أصبح مايكل نجم خط الهجوم في الفريق المحلي. وهو في الخامسة والعشرين من عمره، ويحصل على ٤٫٢ ملايين دولار في العام، ويعيش في منزل جميل، ويسافر إلى المباريات في طائرات مستأجرة، ويسكن في فنادق خمسة نجوم.

تباعد العلاقات بين العاملين

سيندهش الناس عندما يعلمون أن مايكل — مثله مثل الكثير من الرياضيين في فئته — يشعر بالتعاسة في عمله. وستزيد دهشتهم عندما يعرفون أن تباعد العلاقات بين العاملين يشكل جزءًا كبيرًا من هذه التعاسة. فعلى الرغم من أن مايكل مشهور ويتلقى الاهتمام والتملق من المعجبين والإعلام على حد سواء، فهو يشعر بأن مدربه لا يعرفه ولا يهتم به خارج حدود الملعب. فعندما انتقل مايكل إلى المنطقة بعد أن تمت عملية الشراء، لم يسأله المدرب عن حياته الشخصية وعن انتقاله إلى المدينة الجديدة. من الضروري أن يتحدث المدرب مع مايكل عن شيء غير إصاباته والإحصائيات الخاصة به. ويجب أن يتعرف على اهتمامات مايكل بعيدًا عن الملعب، وما الذي قد يرغب في عمله عندما يعتزل. وإلا سيشعر مايكل بأنه سلعة. سلعة غالية بالطبع، لكنها سلعة في النهاية.

إحساس الفرد بتضاؤل دوره

الكثير من الرياضيين المحترفين أمثال مايكل عادة إما يفقدون الشعور بمقدار الفارق الذي يُحدثونه في حياة الآخرين أو لا يكتسبون هذا الشعور قط. فقد يرون أنفسهم مجرد لاعبين للعبة ما، لعبة لا تؤثر في الحياة الواقعية. لذا، يجب أن يقوم مدرب مايكل بمساعدته في فهم أن اللعب الجيد يسعد الناس بالفعل. فهناك مشجعون ينفقون الكثير من دخلهم على تذاكر المباريات لكي يستطيعوا أن يشاهدوا فريقهم، وعندما يفوز هذا الفريق فهم يقضون أفضل أسبوع يمكن أن يمر بهم. ومع أن ذلك يبدو جنونًا للبعض، فإنها الحقيقة، وهي تعطي حافزًا لمايكل لكي يقدم أفضل ما عنده.

يجب أن يدرك مايكل أنه عندما يلعب بإصرار ومنافسة وروح رياضية — ويجد وقتًا لكي يمنح أحد المعجبين توقيعه الشخصي ويُظهر تقديرًا حقيقيًّا للمعجبين — فسيشعر هؤلاء بالفخر بأنفسهم وبمجتمعهم.

ومن ناحية أخرى يستطيع مايكل أيضًا أن يؤثر فيمن يعملون لصالح الفريق. فالجميع بدءًا من المدير العام مرورًا بالمدرب العام ووصولًا إلى عامل غرفة الملابس وموظف الاستقبال في الفريق سيشعرون بالمزيد من الأمان الوظيفي والإحساس بالإنجاز إذا فاز فريقهم. كما يؤثر ذلك على زوجاتهم وأطفالهم على نحو لا يمكن إهماله. فإذا لم يدرك مايكل التأثير الذي يُحدثه في حياة المعجبين والموظفين في فريقه، فسيفقد هو وفريقه مصدرًا قويًّا للتحفيز.

غياب التقييم الذاتي

قد لا يفتقد مايكل هذا السبب على نحو كبير، حيث يكون عدد مرات الفوز والخسارة مؤشرًا جيدًا نوعًا ما على مقدار النجاح في الملعب. ومع ذلك لا يتحكم مايكل في نتيجة المباراة أو الموسم، ويجب عليه الاهتمام بمعايير أخرى من أجل تقييم أدائه وسلوكه. فبعيدًا عن الملعب يمكن أن يراقب على نحو منتظم الأحداث التي تتعلق بالمعجبين والتفاعل مع الموظفين في المؤسسة الرياضية. وأيًّا كان الوضع، يحتاج مايكل طريقة ما لقياس مدى تأثيره على الناس الذين يجعلون وظيفته ذات معنى.

بالمناسبة يجدد مايكل منزله ….

المثال السادس: كبير عمال البناء

بيتر هو أحد كبار عمال البناء الثلاثة في شركة مقاولات لبناء المساكن. ولديه سبعة عشر موظفًا يعملون في ثلاث فرق عمل مختلفة لبناء وتجديد المنازل الفخمة. وهو يشعر بالرضا التام في عمله.

تباعد العلاقات بين العاملين

ليست هذه مشكلة لبيتر؛ حيث إنه يعمل لحساب هذه الشركة منذ اثنين وعشرين عامًا ولديه علاقات شخصية قوية مع رئيسه وزملائه، ويعتبرهم كلهم أصدقاءه. فهم يعرفون بيتر وزوجته جيدًا، وجميعهم يهتمون ويشاركون في نشاطاته خارج العمل.

إحساس الفرد بتضاؤل دوره

لم يكن رضا بيتر الوظيفي عاليًا دائمًا. فبعد عدة سنوات في هذه الوظيفة بدأ يفقد بعضًا من شغفه تجاه العمل الذي أحبه عندما أدرك أن الكثير من عملائه — الذين بعضهم في غاية الثراء — لم يكونوا يشعرون بقيمة ما يحصلون عليه. واضطر رئيسه في العمل إلى أن يذكره، مرات ومرات في البداية، أنه بصرف النظر عن عمله الحقيقي الذي كان يشرف عليه، فهو يؤثر في حياة مرءوسيه. فالكثير من هؤلاء الناس لم يتموا دراستهم الثانوية، أو هاجروا إلى الولايات المتحدة لكي يضمنوا لأولادهم مستقبلًا أفضل، وبيتر سيكون أكثر الناس نفعًا وأهمية لمساعدتهم في سعيهم هذا. وفي النهاية أدرك بيتر أن دوره كمدير وموجه أكثر أهمية مما يقوم به كمدير للمشروعات، على الرغم من أن الوظيفتين مرتبطتان على نحو لا يمكن الفصل بينهما.

غياب التقييم الذاتي

لم يكن قياس النجاح مشكلة كبيرة بالنسبة إلى بيتر. فقد كانت الميزانيات والجداول الزمنية معايير جيدة، وكان العملاء على قدر من السرعة في توفير معلومات عن مستوى الرضا الذي يشعرون به (على الرغم من أن عدم الرضا هو الذي يستفز زيادة سرعة المدخلات من المعلومات). وبالنسبة إلى تقييم تأثيره على الموظفين، فيفخر بيتر بنفسه وبقدرته على الاحتفاظ بعماله، وهو يراهم يشترون منازل، ويرسلون أبناءهم إلى الجامعة ويوفرون المال لمستقبلهم. وكان يشعر بالسعادة البالغة عندما يبدو عليهم الاستمتاع بالمجيء إلى العمل.

بالمناسبة ابنة بيتر هي نانسي مسئولة التسويق في شركة البرمجيات المتوسطة الحجم …