الأسباب الثلاثة للتعاسة في العمل: قصة للرؤساء والمرءوسين

مؤسسة هنداوي مؤسسة هنداوي

ثمن التعاسة

من المستحيل أن تقيس بدقة مقدار التعاسة لدى العاملين، ولكن خبرتي تؤكد أن الموظفين التعساء في أعمالهم أكثر من الراضين عنها. ولهذا ثمن فادح على الجانبين الاقتصادي والإنساني.

من الناحية الاقتصادية تتأثر الإنتاجية كثيرًا عندما يشعر الموظفون بعدم الرضا الوظيفي. وعواقب ذلك على الأداء المالي لشركة ما أو اقتصاد دولة ما لا يمكن إنكارها. ولكن يبدو أن التكلفة الاجتماعية للتعاسة في العمل ساحقة بشكل خاص؛ لأن لها آثارًا واسعة المدى.

يعود الموظف التعيس إلى المنزل في نهاية اليوم محبطًا وساخطًا ومرهقًا، وينشر هذا الإحباط والسخط والإرهاق فيمن حوله، سواء أكانوا الأزواج أم الأبناء أم الأصدقاء أم الغرباء في الحافلات. وحتى أكثر الناس نضجًا في انفعالاتهم، الذين يتمتعون بالوعي الذاتي، لا يستطيعون تجنب ذلك ويدَعون التعاسة تتسرب إلى بقية جوانب حياتهم.

فما نتيجة هذا التسرب؟ في بعض الحالات تكون النتيجة زيادة في الضغوط والتوتر في الحياة الأسرية وفقدان القدرة على الاستمتاع بالحياة. ومع أن هذه النتائج قد لا تبدو واضحة، فإنها تؤثر بمرور الوقت على صحة الناس العاطفية والنفسية تأثيرًا عميقًا قد يتعذر علاجه. غير أن التعاسة في العمل تؤدي في بعض الأحيان إلى مشكلات فورية وملموسة أكثر مثل إدمان المخدرات والكحوليات أو العنف.

من الصعب أن نقدر بدقة جسامة المشكلات التي تسببها الأعمال التي يشعر فيها الأفراد بالتعاسة. وفي حين أن أي وظيفة لن تكون مثالية، ولن يخلو أي مجتمع من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بالعمل، فإذا وُجدت طريقة مثالية لتقليل التعاسة في العمل دون تكلفة، أفلا تستحق أن يجري العمل بها؟

أعتقد مثلك أنها تستحق أن تُطبق. والخطوة الأولى تكمن في تفهُّم الأسباب الجوهرية للتعاسة في العمل.