نوادر العُشَّاق

مؤسسة هنداوي مؤسسة هنداوي

المهدي والرجل

دخل أحدهم إلى مقصورة إحدى جواري المهدي، فلما كان خارجًا اعترضهُ الحاجب وشكاه إلى أمير المؤمنين فأمر بإحضاره وسأله عن دخوله وكيف كان وما شأنه؟ فقال: إن هذه الجارية كانت لوالدتي وكان بيني وبينها ألفة، فلما بيعت لأمير المؤمنين صرت إلى الباب متعرضًا لها، فآذنته في الدخول، فدخلت على أحد أمرين: إما أن أراها فأشتفي من ألم البعاد أو أُقتل فأستريح من هذه الحياة، فأمر المهدي بإحضار سياط ونصبِه بينهما، ثم ضربه عشرين سوطًا ورفع عنه الضرب، وقال: ما أصنع بتعذيبك ولست بتاركك حيًّا ولا تاركها، يا غلام، سيف ونطع، فلما أُتي بذلك وأجلس الغلام في النطع، قال: يا أمير المؤمنين قبل أن يحل بي الهلاك وهو دون حقي اسمع مني ما أقول، قال: هات، فأنشأ يقول:

ولقد ذكرت والسياط تنوشني
عند الإمام وساعدي مغلولُ
ولقد ذكرتك والذي أنا عبده
والسيف بين ذوائبي مسلولُ

فأطرق المهدي وتغرغرت عيناه بالدموع، ثم قال: يا غلام خلِّ السيف جانبًا وحل قيوده وأخرجه مع من يُحبها من هذا المكان.