تمهيد
(١) لم يؤثِّر في نفسي فن من فنون الشعر الغربي كما أثَّرت فيها «البالادة»؛ أي القصيدة القصصية أو القصة الغنائية. أتيح لي في سنوات الطلب أن أطَّلع على بعض نماذجها الخالدة للشاعرَين: جوته وشيللر، اللذين يمثلان الذروة التي بلغتها، سواء في مرحلة شبابهما العاصف المندفع، أو في مرحلتهما الكلاسيكية المتزنة المتوازنة. ثم تيسَّر لي على فتراتٍ متقطعة أن أقرأ بعض «البالادات» لشعراء مختلفي الميول والاتجاهات من القرنين التاسع عشر والعشرين، فأدركت بفطرتي مدى تنوع هذا الفن الشعري تنوع الحياة نفسها بكل ما فيها من حب وكره، وحزن وشجن، وسحر وخرافة، وغدر وظلم، وبؤس وتعاسة، وحلم دائم بالممكن أو بالمستحيل، وطموح لتغيير الأوضاع الظالمة بالإرادة الثورية، والرغبة في تحقيق عالم إنساني ومستقبلي خالٍ من علاقة السيد والعبد، والغني المتخم والفقير المعدم، والمستبد المتجبِّر والضحية البريئة، ولعلني قد أدركت بفطرتي أيضًا أمرًا لا يقل أهمية عما سبق، وهو أن «البالاد» مجمع فنون أدبية مختلفة تؤلِّف بين أساليبها التعبيرية وموضوعاتها وأشكالها وموادها في وحدة غنائية تنتظر دائمًا من يستمع لها وينصت لألحانها؛ ففيها السرد الذي أخذته من الملحمة والقصة والرواية، وفيها الصراع والحوار اللذان استعارتهما من الدراما، وفيها العاطفة الأسيانة والشجن العميق الرقيق اللذان يجريان مجرى الدم في عروق الشعر الغنائي، وفيها — قبل ذلك كله — نصيب موفور من التأثر بالأغنية الشعبية بتراثها العريق وأشكالها ومضامينها البسيطة المؤثرة تأثيرًا مباشرًا على الوجدان، وهو تأثير تظل محتفظة به مهما تعقَّد شكل بنائها في مقطوعات وأوزان مختلفة الأطوال، ولوازم غنائية متكررة، وحرص على الإيقاع والقافية بطرق وأساليب متعددة، أو على التخلي عنها في كثيرٍ من الأمثلة النقدية المتأخرة من الناحية الزمنية.
هناك ثلاثة أشكال طبيعية وأصيلة فقط للشعر: الشكل السردي الواضح، والشكل الحماسي المنفعل، والشكل الفعال من خلال الأشخاص، وهي تتمثل على الترتيب في الملحمة والشعر الغنائي والدراما. هذه الأساليب المختلفة للإنشاء الأدبي يمكنها أن تؤثر مجتمعة أو بطريقةٍ مستقلة؛ فنحن كثيرًا ما نجدها مجتمعة في أصغر قصيدة، وكأنما هي مجتمعة في بيضة أصلية حية، بحيث تُبرز من خلال هذا التجميع في أضيق حيزٍ ممكن أروعَ بنية أدبية على نحو ما نلمسها في «البالادات» الجديرة بأعظم التقدير عند الشعوب كافة.
والواقع أن الدافع الحقيقي وراء ازدهار البالاد — في الأدب الألماني بوجه خاص — قد جاءت «صدمته» من خارج الحدود الألمانية. ففي سنة ١٧٦٥م نشر الشاعر الإنجليزي توماس بيرسي مجموعة من ثلاثة مجلدات تضم عددًا كبيرًا من قصائد الشعر الإنجليزي والاسكتلندي القديم تحت عنوان: «الآثار المتبقية من الشعر الإنجليزي القديم». وقد تحمَّس لهذه القصائد الشعبية الأصيلة (بجانب التحمس لمجموعة مكفرسون التي ورد الحديث عنها في الهامش السابق) — بما تضمنته من تصوير حي للقوى الطبيعية الثائرة، وللشخصيات القدرية والبطولية الكبيرة — تحمس لها عدد كبير من الشعراء الشبان الذين أرادوا لقصائدهم أن تكون الضد المقابل لشعر البلاط المتكلف الذي بسط ظلاله الفقيرة المجدبة على أدب الطبقة الوسطى. وقد تأثرت «البالادات» الألمانية بالطابع المأساوي الفاجع الذي اتسمت به تلك القصائد القصصية الإنجليزية والاسكتلندية (راجع في هذه المجموعة قصيدة إدوارد التي ترجمها ونظمها الأديب وفيلسوف التاريخ هيردر (١٧٤٤–١٨٠٣م) الذي سبق أن تحدثنا عن مدى اهتمامه بالأدب الشعبي عامة، وبتلك القصائد خاصة، وكان من أوائل الذين سارعوا إلى إعادة نظم عدد منها لتكون نماذج للتعبير الصادق عن الطاقة الإبداعية الفطرية للشعوب، وللإنسان العادي البسيط)، ثم اتَّجه هؤلاء الشعراء بعد ذلك إلى اقتباس مادة قصائدهم القصصية من تراثهم القومي الزاخر بالأحداث والشخصيات والغرائب والعجائب والخرافات، مع تطعيمها في الوقت نفسه بالروح النقدية والثورية التي توشك أن تكون سمة ملازمة «للبالاد» الألمانية بدءًا من نماذجها الأولى الناضجة — عند «بيرجر» على سبيل المثال — إلى نماذجها الواقعية والنقدية الساخرة سخرية مريرة عند «هيني»، وعند بعض الشعراء «المحتجِّين» في النصف الثاني من القرن العشرين، والمعروفين بتوجههم الثوري والنقدي الحاد (مثل: بريشت وبيشر وبيرمان وفيمان وفيرتيل وفاينرت وتسيميرنج وإنستر برجر … وغيرهم).
ومن ناحيةٍ أخرى لا يمكننا أن نغفل تأثير «الرومانسة» (القصة الخيالية والشاعرية العاطفية) التي ازدهرت في إسبانيا منذ أواخر العصور الوسطى، وساعدت الشعراء الألمان على اكتشاف المنابع الحية لشعرهم الملحمي والدرامي، ووجدت عددًا كبيرًا من المترجمين والمقلدين الذين تأثروا بها في بداية الأمر إلى الحد الذي استحال معه التفرقة الدقيقة بين «الرومانسة» و«البالاد»، وذلك قبل أن تختفي الحواجز والحدود التي كانت تميز البالادة «الشمالية» — المكونة من مقطوعات ذات بيتين ينتهيان بقافية ولازمة متكررة — وبين الرومانسة «الجنوبية» ذات المقطوعات المكونة من أربعة أبيات غير مقفاة، وذلك بعد أن ظهرت أشكال وبنى جديدة للمقطوعات والأبيات والقوافي، بحيث تداخلت البالاد مع الرومانسة وأصبحا حتى القرن التاسع عشر يمثِّلان نوعًا أدبيًّا واحدًا هو القصيدة القصصية ذات الأحداث الدرامية الواضحة التي يمكن أن تعد المقابل الشعري والغنائي للأقصوصة أو القصة القصيرة في الأدب السردي.
(٣) ذكرنا فيما سبق أن «البالاد» أو القصيدة القصصية قد نشأت بداياتها الزاهرة على أيدي شعراء وأدباء مثل هيردر، وبيرجر، وأولاند، وجوته في شبابه، لكن يمكننا القول أيضًا بأنها بلغت ذروتها الناضجة في عام ١٧٩٧م، وهو الذي يصفه مؤرخو الأدب الألماني بأنه العام الكلاسيكي لبالادة جوته وشيللر. في هذا العام العجيب — أو قبله وبعده بقليل — ظهرت أعمال، أو بالأحرى كنوز خالدة، يعتز بها منجم البالادة الثري، وذلك مثل قصائد جوته القصصية «عروس كورنثه» والإله — الهندي — والراقصة، وصبي الساحر، والباحث عن كنز، وملك العفاريت (التي تجد ثلاثتها الأخيرة في هذه المجموعة واعتمدت الأخيرة — التي كتبها جوته سنة ١٧٨٢م — على بالادة شعبية دنماركية كان هيردر قد سبق أن ترجمها تحت عنوان: «ابنة ملك العفاريت»، ومثل بعض قصائد شيللر كالغوَّاص، وفارس توجنبرج، والقفاز، والضمان أو العهد، وإبيكوس، وأسراب الكركي التي تجد ثلاثتها الأخيرة في هذه المجموعة، وكلها بالادات فكرية ومثالية تؤكد استقلال الإنسان وحريته وكرامته وقدرته على مواجهة القدر الباطش بإنسانيته وإرادته وكبريائه وموقفه المثالي المتعالي والمتصارع مع عالم المادة والغرائز الوحشية من خلال «التربية الجمالية للإنسان» كما سمى إحدى رسائله الفلسفية المهمة).
ولم يتوقف كبار الشعراء الألمان، وصغارهم أيضًا، منذ عهد هذين الشاعرَين الكبيرَين، عن محاولة كتابة القصائد القصصية والدرامية التي تعالج شتَّى المضامين والمشكلات في نظم شعري ملتزم بالوزن والقافية في معظم الأحوال، أو في أشكال شعرية حرة ومتحررة منهما؛ كما نرى عند بعض الشعراء المتأخرين والمعاصرين، بحيث اتسعت هذه البالادات لموضوعات شديدة التنوع والخصوبة؛ كالحب والألم، والسحر والخرافة، والمرح والسخرية، والنقد الاجتماعي الجريء للظلم الاجتماعي والطبقي على اختلاف صوره عبر العصور، والدفاع عن حرية الإنسان وكرامته وحقه في الحياة الطيبة السعيدة.
(٥) حاولت تصنيف هذه القصائد القصصية وترتيبها في تسع مجموعات تنتظم موضوعات ومشكلات متقاربة وضعتها تحت عناوين توخَّيت فيها الشاعرية، واقتبست بعضها من ثنايا السطور، وإذا كنت ستجد عددًا كبيرًا من الشعراء الذين ذكرت أسماءهم ممثلين في هذه المجموعة بقصيدة أو أكثر، فسوف تفتقد بطبيعة الحال عددًا آخر ربما لم ترُق لي «بالاداتهم» التي أُتيح لي الاطلاع عليها، أو لم تشجعني على الاستجابة لها ونقلها إلى شواطئ لغتنا ومشاعرنا واهتماماتنا. لهذا أسارع بالاعتذار؛ لأن المجموعة التي اخترتها أو اختارتني لن تقدم رؤية كاملة ووافية للقصيدة القصصية في الأدب الألماني الغني بها غنى ملحوظًا، ولكن لعلها — فيما أرجو — أن تقدم نماذج دالة على «البالاد» وتطورها وتحولاتها خلال فترة زمنية تقرب من ثلاثة قرون، وذلك منذ أن بدأت أول ينابيعها السخية — كما سبق القول — في التدفق بفضل شعراء كبار يعدُّون اليوم أجدادها الشرعيين. ومن المألوف والمعتاد في مثل هذه المختارات المنتخبة أن يُفتقد هذا الشاعر أو ذاك، وهذه القصيدة أو تلك من القصائد التي كانت تُعد درة فريدة في عصرها وتزين كتب المطالعة في أجيالٍ سابقة، لكن الكمال مستحيل، وحسب هذه المجموعة أن تقدم للقارئ العربي عددًا من أشهر وأنضج «البالادات» الألمانية، وتعطيه فكرة طيبة عن تطورها وتحولاتها في أحد الآداب العالمية المهمة.
ولا بد أيضًا من الاعتذار مرةً أخرى والاعتراف بالحسرة التي يشعر بها كاتب هذه السطور، وهو يدعو القارئ للاطلاع — أو بالأحرى للاستماع — إلى قصائد محرومة من الوزن والقافية والإيقاعات التي تميز بها معظمها في النصوص الأصلية. وقد سبق أن قلت إن هذه القصائد القصصية لا تنفصل في أغلب الأحوال عن الغناء، وربما عن الرقص أيضًا، ولكنني لست شاعرًا كبيرًا ولا صغيرًا، لكي أعيد نظمها في لغتي، وأحافظ على الأوزان الأصلية، وأبتدع لها القوافي الملائمة، وحتى هذه المحاولة لا يضمن نجاحها ولو قُيِّض لها شاعر كبير في لغته؛ لأنها تؤدي بالضرورة إلى التصرف الشديد في ألفاظ الأصل ومعانيه وتراكيبه، ناهيك عن اضطرارها في كثيرٍ من الأحيان للنظم الجاف المصطنع وبُعْدها الحتمي عن رنين الكلمات الأصلية وعذوبة الأوزان والقوافي المرتبطة بها؛ لذلك حاولت أن أنقلها إلى العربية بأسلوبٍ يراعي روح الأصل، ويعوض عن ضياع الإيقاعات والقوافي بقدرٍ من الموسيقى الداخلية، أو من السجع والتساوق الملائم في نهايات السطور. وإذا كنت قد تصرفت تصرفًا محدودًا في بعض هذه البالادات أو في إعادة صياغة القليل منها، فإنني آمل — على كل حال — أن يتعاطف القارئ مع هذه «الكنوز»، وأن يشعر — ولو من بعيد — بجمالها وقيمتها إذا تحتَّمَ أن يغيب عنها بريق ذهبها وجواهرها، وأن يحس بشاعريتها التي أتمنى أن تعوضه قليلًا عن «شعريتها» الضائعة.
(٦) وفي النهاية لا أستطيع أن أترك القلم قبل أن أعبر عن أمل آخر كبير، وهو أن يلتفت أدباؤنا وشعراؤنا، من الشباب بوجهٍ خاص، إلى القصيدة القصصية، ويتابعوا بقدر الإمكان أفضل نماذجها سواء في الأدب الألماني أو في غيره من آداب الشعوب كافة، لا سيما في الأدبَين الإنجليزي والفرنسي وغيرهما من الآداب الغربية، وليس عندي أدنى شك في أن أدباءنا وشعراءنا سيجدون في القصيدة القصصية منبع إلهام صافٍ يمكن أن يساعدهم على الاغتراف من منابعهم التراثية الخاصة، ومن أدبهم الشعبي الغني بالكنوز. وربما حفزهم أيضًا على شق طرق جديدة تعطي للقصيدة القصصية والدرامية في أدبنا العربي الحديث ما تستحقه من حبٍّ وعنايةٍ واهتمام، وتضيف إلى نماذجها الرائعة والنادرة عند بعض رواد شعرنا الجديد نماذج أخرى لأدباء وشعراء أحدث منهم سنًّا، وربما أكثر جرأة وإقدامًا على المغامرة في خوض بحار المجهول الساحر الذي نسميه الإبداع.
أحمده سبحانه على عونه وتوفيقه، وأستغفره وأسأله الصفح عن القصور والتقصير، إليه ترجع الأمور، وإليه المصير.
عبد الغفار مكاوي
وقد ارتبطت بدايات «البالاد» الفنية في ألمانيا باسم الشاعر جلايم (١٧١٩–١٨٠٣م)، والشاعرَين هولتي وبيرجر اللذين سبق ذكرهما، واعتبرت بالادة الأخير، وهي ليونورا، أنموذجًا لهذا النوع الشعري، بيد أن العامل الأقوى في تطور البالاد يرجع إلى تأثير مجموعة بيرسي (التي تتكون من أغانٍ وقصص شعرية ترجع للقرن الخامس عشر) بالإضافة إلى مجموعة أخرى من الأغنيات الشعبية الإنجليزية والاسكتلندية (١٧٦٠م) التي نسبها مكفرسون إلى مغنٍّ خرافي جوَّال يحمل اسم «أوسيان»، وقد ثبت بعد ذلك بعشرات السنين أنها منتحلة وغير أصيلة. أثرت المجموعتان تأثيرًا هائلًا على الشعر الأوروبي بعامة؛ إذ اعتُبِرتا سجلًّا حيًّا للأدب الشعبي الأصيل، وسارع الأديب وفيلسوف التاريخ «هيردر» فكتب في سنة ١٧٧٣م عددًا من الرسائل عن أوسيان وأغاني الشعوب القديمة، فضلًا عن كتابة بعض التأملات النظرية حول المجموعتين لتأييد دعوته لإحياء الأدب والأغاني الشعبية واستلهام نماذجها الأصيلة عند الشعوب الشرقية والغربية، وتأثر به جوته الشاب فسجل — في أثناء دراسته في إستراسبورج وبتوجيه هيردر نفسه ورعايته — نصوص عشر بالادات مع ألحانها الموسيقية من منطقة الإلزاس، وأصبحت هذه النصوص بمثابة النصوص التي تُحتذى للبالاد من حيث لغتها وبساطة أسلوبها وبناء مقطوعاتها وقوافيها وغلبة الأجواء الغيبيَّة الغامضة عليها، مع النزعات العاطفية وظواهر الأرواح الخفية والقوى القدرية والعلوية التي نشرت ظلالها عليها وعلى البدايات الأولى لفن البالاد.
وغني عن الذكر أن «البالادة» كانت وما تزال متعددة الأنواع وقابلة للتطور والتغير مع تطور وتغير السياق التاريخي والاجتماعي والثقافي، فهناك بالادة القدر، والبالادة الطبيعية السحرية، وبالادة القوى الغيبية الغامضة، وكلها متأثر بروح البلاد الشمالية بضبابها وعتمتها ورعبها، وهناك بالادة النقد الاجتماعي التي تأثرت إلى حدٍّ كبيرٍ ببالادات الشاعر الفرنسي الشريد فرانسوافيون (١٤٣١–١٤٦٣م)، واتصل إنتاجها منذ هيني (١٧٩٧–١٨٥٦م)، وأولاند (١٧٨٧–١٨٦٢م)، وشاميسو (١٧٨١–١٨٣٨م) إلى بريشت وأتباعه ومقلِّديه الذين وظفوا البالادة توظيفًا سياسيًّا ونقديًّا واضحًا للدعوة لتغيير الواقع والثورة على الأوضاع الاجتماعية الفاسدة والعلاقات السياسية القائمة في أثناء الحرب العالمية الأولى، وفي ظل النازية (راجع على سبيل المثال في هذه المجموعة حكاية الجندي الميت لبريشت و«أجراس إيرفورت» لفيرتيل، و«عرس في حقل القمح» لتسيمرنج، و«أم ألمانية» لفاينرت … وغيرها) راجع كتاب البالادات الكبير، خلال ثلاثة قرون من الأدب الألماني، نشره ك. ﻫ. بيرجر وف. بيشيل-برلين، دار نشر الحياة الجديدة، ١٩٦٥م.
Bas grosse Balladenbuch, Hrsg von K. H. Berger & cw. Puschel, Berline, Neues Leben, 1965.
Formen der Literatur, Hrsg, von otto Knorrich – Stuttdart, Kroner, 1991, S. 32.