تحليل السند
أولًا: هل يكفي نقد السند؟
وقد تطورت المؤلفات في علم الرواية قبل أن تستقر في علم مصطلح الحديث على النحو الآتي:
(١) «مسائل أبي جعفر محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن شيوخه» (٢٩٧ﻫ)٦
(٢) «تسمية فقهاء الأمصار من الصحابة فمن بعدهم» للنسائي (٣٠٣ﻫ)٩
لم يكتب أصحاب الإصحاحات الكبرى فقط إصحاحاتهم بل كتبوا رسائل تُبشر بعلم مصطلح الحديث وموضوعاته المتفرقة؛ فهم أصحاب مجموعات وأصحاب بدايات الدراسات النظرية في علم الحديث. فقد كتب النسائي عدة رسائل في علم الحديث، مثل هذه الرسالة، وهي مجرد رصدٍ لأسماء الرواة مُوزَّعين جغرافيًّا طبقًا للأمصار: المدينة والكوفة والبصرة والشام ومصر وخراسان، جمعًا بين المدن والأقاليم، والأمصار والطبقات، والصحابة والتابعين. وهي أقرب إلى التاريخ منها إلى الحديث. وتُبين أهمية السند على المتن، والراوي على المروي دون جرحٍ أو تعديل.
(٣) «المزكيات وهي الفوائد المُنتخبة الغرائب العوالي» للمزكي النيسابوري (٣٦٢ﻫ) انتقاء وتخريج الدارقطني (٣٨٥ﻫ)١٠
(٤) «الأوائل السُّنبلية وذيلها» لمحمد سعيد سنبل المكي (١١٧٥ﻫ)١٨
وهو كتاب في طُرق الرواية وأسانيدها واسمها وإجازتها. وهي مُجرَّد مادة منقولة من القدماء دون أي مقدمة نظرية أو تحديد الهدف من الكتاب. يعتمد على الآيات والأحاديث، وهو استمرار للتراث الشفاهي بالرغم من التدوين القديم والطباعة الحديثة. ويتضمَّن استذكار الاثنين والسبعين حديثًا من مصادر مُتعددة؛ إصحاحات أو سُنن أو مسانيد أو جوامع أو آثار أو مُصنفات أو معاجم أو تواريخ أو مُستخرجات أو أمالي أو مُختصرات أو من أجزاء.
(٥) «العجالية المكية في أسانيد الشيخ محمد سعيد سنبل إلى مُؤلفي الكتب الحديثية المذكورة في أوائله السنبلية» تخريج علم الدين الفاداني (١٤١٢ﻫ)١٩
وهي دراسة على أسانيد شيخٍ راوٍ لعدة أحاديث من مصادر متعددة؛ فقد أصبح الحديث عالَمًا مُستقلًّا بذاته وليس بواعث على الفعل أو توجُّهات السلوك. يغلب سنده على متنه، وروايته على مَرويه. يتكرَّر دون أن يتجدد، ويعيش في الماضي ولا ينتقل إلى الحاضر بالرغم مما يزيد على ألف عام. ويُراجع طرُق روايات أحد الرواة، محمد سعيد سنبل من مصادره في الإصحاحات أو السنن أو المسانيد أو المُوطآت أو الآثار أو المُستخرجات أو الكتب أو المُصنَّفات أو المعاجم أو المُستدرَكات أو الجوامع.
(٦) «الأجوبة الفاضلة للأسئلة العشرة الكاملة» للكنوي الهندي (١٣٠٤ﻫ)٢٠
(٧) «ضوابط الرواية عند المُحدثين» للصديق بشير نصر٣١
ثانيًا: معرفة أسماء الرواة
(أ) من سؤالات أبي بكر أحمد بن محمد بن هانئ الأثرم (بعد ٢٦٠ﻫ) أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل (٢٤١ﻫ)٣٧
(ب) «المُؤتلِف والمختلف في أسماء نقلة الحديث وأسماء آبائهم وأجدادهم» للأزدي المصري (٤٠٩ﻫ)٤٢
(ﺟ) «غنية المُلتمِس إيضاح الملتبس» لأحمد الخطيب (٤٦٣ﻫ)٤٤
(د) «التمييز والفصل بين المُتفِق في الخط والنقط والشكل» لابن باطيش (٦٥٥ﻫ)٤٩
(ﻫ) «الإفصاح عن المعجم من إيضاح الغامض والمُبهم» لابن القسطلاني (٦٨٦ﻫ)٥٣
(و) «المتكلمون في الرجال» للسخاوي (٩٠٢ﻫ)٥٧
ثالثًا: تطوُّر التأليف في علم مصطلح الحديث
وتنقسم المُصنفات في علم مصطلح الحديث إلى مصنفاتٍ جزئية ومصنفات كلية شاملة. الأولى تتناول بعض موضوعاته مثل السند أو الراوي. والثانية تتناول العلم كله. وهو ما حدث أيضًا في علوم القرآن.
(١) المصنفات الجزئية
(أ) «بهجة المُنتفع، شرح جزءٍ في علوم الحديث في بيان المُتصل والمرسل والموقوف والمنقطع» للداني المقرئ (٤٤٤ﻫ)٦١
(ب) «جامع التحصيل في أحكام المراسيل» لابن كيكلدي العلائي (٧٦١ﻫ)٦٤
(٢) المُصنفات الكلية
(أ) «معرفة علوم الحديث» للنيسابوري (٤٠٥ﻫ)٧٦
ويضم اثنين وخمسين نوعًا. تدور معظمها حول المحاور الثلاثة الرئيسية للخبر: السند والمتن والراوي. معظمها في السند والراوي، وأقلُّها في المتن. وتأتي أهمية الإسناد من الأحاديث المروية في شرحه، وهو نوع من الأمانة في النقل، وتتداخل مصطلحاته باستثناء فروقٍ دقيقة مثل المسلسل والمُعنعن والمُتصل في مقابل المنقطع والمقطوع والمرفوع … ونظرًا لأهمية الرواة في عِلم الجرح والتعديل تكثُر أسماء الأعلام.
(ب) «مُقدمة في علوم الحديث» لابن الصلاح (٦٤٢ﻫ)٨٣
(ﺟ) «المختصر في علم أصول الحديث النبوي» لابن النفيس (٦٨٧ﻫ)٩٤
(د) «الاقتراح في بيان الاصطلاح، وما أضيف إلى ذلك من الأحاديث المعدودة من الصحاح» لابن دقيق العيد (٧٠٢ﻫ)٩٨
(ﻫ) «علم الحديث» لابن تيمية (٧٢٨ﻫ)١٠٩
(و) «رسوم التحديث في علوم الحديث» للجعبري (٧٣٢ﻫ)١١٦
(ز) «الكافي في علوم الحديث» للتبريزي (٧٤٦ﻫ)١٢٠
(ﺣ) «شرح اختصار علوم الحديث» لابن كثير (٧٧٤ﻫ)١٢٧
وفي كل علمٍ نَقلي نصٌّ عمدة؛ في علوم القرآن «البرهان» للزركشي (٧٩٤ﻫ) و«الإتقان» للسيوطي (٩١١ﻫ)؛ وفي علوم الحديث «الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث» لابن كثير (٧٧٤ﻫ). فالمادة تتكرَّر، ولا يمكن إحصاء كل المُصنفات في علم الحديث المطبوع والمخطوط والمفقود؛ فالكيف المحصور يُغني عن الكمِّ غير المحصور. ونظرًا لأن نصَّ النيسابوري وابن الصلاح وابن النفيس على نفس المستوى من التنظير، فإنه يمكن اعتبارها نصوصًا عُمدة، خاصة أنها تتشابَهُ في تعريفاتها.
(ط) «فن أصول مصطلح الحديث» للشريف الجرجاني (٨١٦ﻫ)١٣٦
(ي) «تنقيح الأنظار في معرفة علوم الآثار» لمحمد بن إبراهيم الوزير (٨٤٠ﻫ)١٤٤
(ك) «الموقظة في عِلم مصطلح الحديث» للذهبي (٧٤٨ﻫ)١٥٢
(ل) «نخبة الفِكَر في مصطلح أهل الأثر» لابن حجر العسقلاني (٨٥٢ﻫ)١٦٠
(م) «قفو الأثر في صفو علوم الأثر» لابن الحنبلي (٩٧١ﻫ)١٦٣
(ن) «بُلغة الأريب في مصطلح آثار الحبيب» لمُرتضى الزبيدي (١٢٠٥ﻫ)١٦٧
(س) «قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث» للقاسمي (١٣٣٢ﻫ)١٧٠
(ع) «قواعد في علوم الحديث» للتهانوي (١٣٩٤ﻫ)١٧٣
(ف) «الإيضاح لمباحث الاصطلاح» للشهيد حسن البنا (١٩٤٩م)١٨٥
رابعًا: طرق السند
طبقًا لمدى اتصاله بالرسول، السند على أنواع: المُسند والموقوف والمُدلَّس.
(١) المُسنَد
(أ) المسلسل
(ب) المعنعن
(ﺟ) المتصل
(د) الموصول
(ﻫ) المرفوع
(٢) الموقوف
(أ) المُنقطع
(ب) المقطوع
(ﺟ) المرسل
(د) المطلق
(ﻫ) المُعضل
(٣) المدلس
(أ) الشاذ
(ب) المنكر
(ﺟ) المُعلَّل
(د) المردود
(ﻫ) المتروك
(و) المضطرب
(ز) المقلوب
(ﺣ) المبهم
(ط) المهمل
(ي) الاعتبارات والمتابعات والشواهد
خامسًا: التواتر والآحاد
(١) التأليف في الموضوع
وقد بدأ التمييز بين المُتواتر والآحاد في عدَّة مؤلفات أهمها:
(أ) «الآحاد والمثاني» للشيباني (٢٨٧ﻫ)٢٧١
(ب) «تسمية من لم يروِ عنه غير رجلٍ واحد» (٣٠٣ﻫ)٢٧٣
وهي رسالة قصيرة في الرواة، في الراوي الواحد مصدر عدة روايات، مُقابلة بالروايتَين أو الثلاث أو الكثرة من الرُّواة موضوع التأليف فيما بعد. يحتوي على مجرد أسماء أعلام للرواة دون جرح أو تعديل، دون متون. وهم خمسة وعشرون راويًا. مجرد أسماء دون ذكر لتواريخهم أو قبائلهم أو آبائهم أو كنياتهم. ويذكر أسماء من رَوَوا عنهم، وهو واحد فقط. وخبر الواحد اصطلاحًا ليس هو الذي رواه واحد فقط؛ فقد يكون رواه أكثر من واحد، بل هو الذي ينقص أحد شروط التواتر.
(ﺟ) «نظم المُتناثر من الحديث المتواتر» للكتاني (١٣٢٣ﻫ)٢٧٤
(٢) نظرية الخبر
(أ) ألفاظ الرواية
قبل تحليل الخبر تظهر ألفاظ الرواية، وهي على مراتب، من المباشر إلى اللامباشر، ومن القول إلى الفعل، ومن السماع إلى الرواية، ومن شهادة الفرد إلى شهادة الجماعة. جعلها علماء أصول الفقه خمسة، وعلماء الحديث سبعة.
-
(١)
السماع المباشر بألفاظ «سمعت»، «قال لي الرسول»، «شافهني»، «أخبرني»، «أنبأني» دون وساطة.
-
(٢)
السماع عن واسطة مثل «قال الرسول»، «أنبأ»، «حدَّث».
-
(٣)
السماع عن الرسول مما لا ينفي الواسطة وهو مثل المرتبة الثانية.
-
(٤)
السماع «من السنة» ويحتمل الواسطة، وتحول من القول إلى الفعل.
-
(٥)
«كنَّا نفعل» أي في زمن الرسول، وهو فعل لا قول، جماعة لا فرد.
-
(٦)
«أمر الرسول»، «نهي الرسول» دون قول الرسول المباشر أو لِمن يتوجَّه الأمر والنهي. وقد يكون الأمر نهيًا، والنهي أمرًا. وقد تكون حالة خاصة، وليست حالة عامة. وهي مرتبة ضعيفة.
-
(٧)
«أمرَنا»، «حرَّم علينا». وهو أضعف لإدخال الجماعة كطرفٍ في الخطاب دون معرفة هل هي جماعة خاصة أم عامة؟٢٨١
(٣) شروط التواتر والآحاد
(أ) شروط التواتر
-
(١)
أن يكون السامع من أهل العِلم، ولا يكون مجنونًا ولا غافلًا ولا سكيرًا ولا طفلًا. وهو شرط بديهي لكل العلوم وليس للتواتر فقط. العقل شرط الفَهم عند السامع؛ وبالتالي يقين المُخبر عند سامعه وليس عند راويه أو مُبلغه.
-
(٢)
ألا يكون لديه عِلم ضروري بثبوت المُخبَر عنه، وإلَّا لما أفاده الخبر بالعِلم أو أن تكون لديه شبهة مانعة كما هو الحال عند الشيعة بالنسبة لبعض أخبار أهل السنة الخاصة بأفضلية الشيخين، وللسنة بالنسبة لبعض أخبار الشيعة الخاصة بالإمامة. فالخبر يُعطي علمًا جديدًا وإلا كان تحصيل حاصلٍ وتكرارًا.
-
(٣)
أن يكون المُخبَر عنه مُمكنًا وهو الاتفاق مع العقل والواقع. وهو أقرب إلى شروط علم أصول الفقه؛ فلا إخبار عن مُستحيل أو خارق للعادة؛ وبالتالي تنتفي أخبار المُعجزات.
-
(٤)
أن يكون الإخبار عن حسٍّ يقيني دون تشبيهٍ كما يُخبر النصارى عن الصَّلب. وهو شرط في عِلم أصول الفقه؛ فلا إخبار عن خيالٍ أو رواية لحلمٍ أو رؤية.
-
(٥)
أن يكون الخبر عن مشاهدة وليس عن حقائق نظرية أو عقائد مثل حدوث العالَم؛ فالإخبار عن حوادث ووقائع.
-
(٦)
أن يكون المُخبَر جازمًا بما أخبر به غير ظانٍّ وإلا لما أفاد القطع للسامع، وفاقد الشيء لا يُعطيه، وهو ما يمنع قبول أخبار الرواة النصارى واليهود، مع أنه يمكن الفصل بين الخبر واعتقاد المُخبِر لِما يُسمَّى بالحياد والموضوعية والأمانة التاريخية؛ فالصدق لا يرويه إلا صادق.٢٨٧
-
(٧)
أن يكون المُخبِر موثوقًا به دون إكراهٍ أو مُلاعنة، وهو شرط الراوي في خبر الواحد في عِلم أصول الفقه، وهو المحور الثالث في الخبر.
-
(٨)
أن يبلُغ المُخبرون من الكثرة بحيث يمتنع تواطؤهم على الكذب، سبعون وهو العدد الذي اختاره موسى من قومه، وأربعون لأنه العدد الذي تنعقد به الجمعة، وعشرون لذكره في القرآن.٢٨٨ وعشرة وهو عدد النقباء، وخمسة، وأربعة … إلخ. ولكل عددٍ تبرير، إنما هو العدد الذي يحصل به اليقين بصدَد الخبر دون تحديده، وقد يختلف من حالة إلى حالة. وهو شرط العدد الكافي في عِلم أصول الفقه. وهو شرط فيما يتعلَّق بالسند.
-
(٩)
استواء الأطراف والوسط، وهو تجانس الرواية في الزمان في درجة الانتشار ضدَّ مؤامرتي الصمت والذيوع في عِلم أصول الفقه، وهو شرط يتعلق بالسند.
-
(١٠)
اختلاف أنساب المُخبرين، وهو شرط استقلال الرواة في عِلم أصول الفقه، وهو شرط يتعلق بالسند.٢٨٩
(ب) خبر الواحد
(ﺟ) التعارُض والتراجيح
سادسًا: مناهج النقل الكتابي
(١) طرق نقل الحديث
(أ) السماع
(ب) القراءة على الشيخ
وهو العرض والسماع حفظًا أو مِن كتاب في ثقافةٍ تقوم على الحفظ والنقل. والأفضل حفظ الشيخ نسخته أو تكون من النسخة بيده. ولا يشترط تفسير الشيخ بما قرئ عليه نطقًا بل يَكفي سكوته وإقراره. ولو كان السامع بمُفرده قال «حدثني» أو مع جماعة فيقول «حدَّثنا». والسؤال هو: هل يجوز للناسخ أن يتدخَّل ويقول «حدثني» أو «حدثنا» أو يكفي أن يقول «حضرت»؟ فالحضور لمن يفهم ومن لا يفهم، والقارئ أفضل من السامع لأنه يتحقَّق من القراءة. والسامع أفضل في فَهم المعنى والتركيز عليه، وله عدة صور:
-
(١)
إذا كان أصل الشيخ بيد غيره موثوق به فلا حرج، وإذا كان الشيخ لا يحفظ ما يكتُب فإنه أضعف من الحفظ. ولا يجوز التبديل في الكتب المصنفة، والإجازة والمناولة.٣٠٩
-
(٢)
إذا قال السامع «أخبرني» والشيخ ساكت، كانت القراءة مقبولةً أو «حدَّثني». ولفظ «أخبرَنا» أقل يقينًا لعدم تحديد السامع.
-
(٣)
ويجوز «حدَّثنا» إذا كان بحضور الجمع.
-
(٤)
من ينسخ وقت القراءة يُقلِّل الانتباه.
-
(٥)
من يُحدِّث وقت القراءة أيضًا يقلل الانتباه.
-
(٦)
يجوز السماع من وراء حجاب.
-
(٧)
بعد السماع لا يجوز منع الشيخ من روايته.٣١٠
(ﺟ) الإجازة
-
(١)
إجازة مُعيَّن في مُعيَّن.
-
(٢)
إجازة مُعيَّن في غير مُعيَّن.
-
(٣)
إجازة غير مُعيَّن لمعيَّن.
-
(٤)
إجازة مجهول لمجهولٍ أو غير مُعيَّن لغير مُعيَّن.
-
(٥)
الإجازة لمعدوم مثل الطفل الصغير والجنين.
-
(٦)
إجازة ما لم يسمعه المُجيز ولم يتحمَّله أصلًا ليرويه المُجاز له إذا تحمَّله المجيز بعد ذلك. وهي الإجازة بما سيتحمَّل سواءً في المستقبل أو على الإطلاق.٣١٣
-
(٧)
إجازة المجاز خاصة إذا كان المُجيز عالمًا أو كاتبًا.
وقد تمَّ التأليف في أحد الموضوعات التفصيلية للإجازة وهو.
«الإجازة للمعدوم والمجهول» للخطيب البغدادي (٤٦٣ﻫ)٣١٤
وبالرغم من أن مفهومَي المعدوم والمجهول فلسفيَّان إلا أن الإجازة مفهوم في عِلمي الحديث وأصول الفقه، في طرُق التعلُّم والنقل الشفاهي. وهي رسالة في علم مصطلح الحديث بعد أن تكوَّن من قبل، نظرية خالصة، لا تعتمد على شواهد نقلية من القرآن أو الحديث أو الشعر. والإجازة عند علماء الحديث نوع من أنواع التحمُّل الثمانية. والتحمُّل هو أخذ الحديث وتلقِّيه وروايته عن الشيخ. وطرُق التحمُّل ثمانية: السماع، القراءة، الإجازة، المناولة، الكتابة، الإعلام، الوصية، الوجادة. وهي مصدر العِلم، وهي عدة أقسام: الإجازة لمُعيَّن في مُعين، إجازة مُعين لغيره، إجازة غير المُعين بوصف العموم، إجازة المجهول للمجهول، الإجازة للمعدوم، إجازة ما لم يسمعه المُجيز، إجازة المجاز.
(د) المناولة
وهي نوعان:
-
(١)
المناولة المقرونة بالإجازة إما على الإطلاق أو جزئيًّا أو يناول الشيخ الطالب كتابه ويُجيز له روايته.
-
(٢)
المناولة المُجردة عن الإجازة.
(ﻫ) المكاتبة
(و) الإعلام
(ز) الوصية
(ع) الوجادة
(٢) تداخل النقل الشفاهي والنقل الكتابي
-
(أ)
قبول رواية الضرير الذي لم يحفظ من فم مَن حدَّثه بل استعان بالمأمونين في ضبط سماعه وحفظ كتابه.
-
(ب)
عدم قبول رواية كتاب سمِعه من نسخةٍ غير التي سمِعها ولا مُقابلة بها بل فعل ذلك الشيخ.
-
(جـ)
إذا اختلف الحفظ عن المكتوب تتمُّ المراجعة على السماع أو على الكتابة.
-
(د)
إذا نسيَ الراوي سماعه ووجدَه في كتابه تُقبَل الرواية، ولا تُقبَل بمُرجِّح آخر.
-
(هـ)
الرواية بالمعنى جائزة إذا كان الراوي خبيرًا بالألفاظ ومعانيها، وغير جائزة إن لم يكن كذلك.
-
(و)
التنبيه على الرواية بالمعنى بلفظ «أو كما قال».
-
(ز)
عدم جواز اختصار الحديث ورواية بعضه دون البعض. ويجوز في حالة النقل بالمعنى.
-
(ﺣ)
عدم جواز رواية حديثٍ بقراءة لحَّان أو مُصحِّف حتى لا يتدخَّلا في المعنى عن طريق الألفاظ صوتًا أو كتابة.
-
(ط)
عدم جواز وقوع لحنٍ أو تحريف في الرواية وإلا لا تقبل.
-
(ي)
جواز زيادة الساقط إن لم يتغيَّر المعنى.
-
(ك)
رواية حديث من اثنَين مُتطابقَين في المعنى دون اللفظ يحتاج إلى مُرجحٍ آخر في الإسناد.
-
(ل)
عدم جواز زيادة نسب فوق الشيخ من رجال الإسناد حتى لا تزداد الثقة فيه.
-
(م)
عدم جواز حذف «قال» من رجال الإسناد.
-
(ن)
ذكر السند الواحد للحديث احترازًا.
-
(س)
جواز تقديم المتن على السند أو بعضه.
-
(ع)
جواز الرواية لحديثٍ بإسنادٍ واحد بالرغم من وجود إسنادين، والأفضل عدم الجواز لضرورة مُطابقة الإسنادين.
-
(ف)
ذِكر المتن كله وليس جزء منه.
-
(ص)
عدم جواز تغيير النبي إلى الرسول أو العكس حتى لا يختلف المعنى.
-
(ق)
ذكر الصيغة التي بها بعض الوهن في الرواية.
-
(ر)
ذكر المجروح في الإسناد للتنبيه.
-
(ش)
عدم الجمع بين حديثين من شيخَين والإبقاء على تفرُّد كلٍّ منهما بحديثه.
وشروط الرواية شفاهًا أو كتابةً أربعة:
-
(أ)
حفظ فنِّ الحديث وسندِه ممَّا يتطلب سلامة الحفظ في الرواية الشفاهية.٣٢٣
-
(ب)
رؤية كتاب صحيح أو بالسماع، وتكون الرواية عن الكاتب بعد إجازته في الرواية الكتابية.
-
(جـ)
جواز الرواية لغير الحافظ من كتاب يُقابل عليه الحافظ، والوثوق بصحته. وإذا تعارَض الحفظ مع القراءة فالأولوية للحفظ والإعلان على الخلاف بين القراءة والكتابة. وإذا خالفَه آخر يُعلن عنه.
-
(د)
جواز الرواية بالمعنى إذا لم يُخِل بشيء٣٢٤ ويجوز للعجمي التفسير.
-
(هـ)
ولا يجوز تفريق النسخة المُدرجة وتجديد الإسناد في أوَّلها لمتونها للصلة الوثيقة بين السند والمتن، واشتراط القدماء صحَّة المتن بصحة السند.٣٢٥
(٣) كتابة الحديث
(أ) التصحيفات في المتون
(ب) التصحيح والتضبيب والتمريض
(٤) آداب الكتابة
-
(أ)
ضبط الإسناد والمتن وإيضاح التشكيل مع الاعتناء بأسماء البلاد الأعجمية والعربية، وتكبير الخط، ووضع علامات الإهمال والإعجام، وعدم استعمال اصطلاحات خاصة، ووضع دائرة للفصل يبن كل حديثين، والأدب في كتابة الأسماء المُعينة والصلاة على النبي.
-
(ب)
المقابلة بأصل السماع، والكشف عن الإشكال وضبطه سواء في اللفظ أو في المعنى، والتضبيب وكتابة الصواب في الحاشية، وعدم رواية اللفظ المُحتمل لا صوابًا ولا خطأ، والتصحيح والتمريض.