شعور الراوي
أولًا: الجرح والتعديل
(١) التعريف
أما التائب من الكذب فتُقبل روايته إلا من كذب متعمدًا؛ فمن المحتمل أن يعود إلى الكذب المُتعمد بعد التوبة. أما من غلط في روايته وارتدَّ إلى الصواب عن غير قصدٍ فتُقبل روايته.
وإذا حدَّث ثقة عن ثقةٍ بحديث وأنكر الشيخ سماعه بالكلية فإنه يُشكُّ في روايته دون القدح في عدالته. ومن أخذ على الحديث أجرًا لا تُقبل روايته حتى لا تتحوَّل الرواية إلى مصدر رزقٍ فيُكثِر منها.
(٢) الألفاظ
-
(١)
ثقة أو متقن، ثَبت أو حجة، حافظ أو ضابط.
-
(٢)
صدوق، محله الصدق، لا بأس به.
-
(٣)
شيخ.
-
(٤)
صالح للحديث.
- (١)
ليس بحديث.
- (٢)
ليس بقوي.
- (٣)
ضعيف الحديث.
- (٤)
متروك الحديث.
- (٥)
كذاب ساقط.
- (أ)
صالح الحديث، أي يُكتَب حديثه للاعتبار.
- (ب)
يُكتَب حديثه ولا يُحتجُّ به؛ أي متروك الحديث.
- (جـ)
ثقة؛ أي يُكتب حديثه، مُتقِن ثَبْت، يُحتج بحديثه.
- (د)
صدق أو صدوق؛ أي محله الصدق.
- (هـ)
لا بأس به؛ أي بمعنى يُكتب حديثه وينظر فيه.
- (و)
شيخ؛ أي يكتب حديثه وينظر فيه.
- (أ)
ليس الحديث؛ أي يُكتب حديثه ويُنظر فيه اعتبارًا؛ أي كثير الخطأ.
- (ب)
ليس بقوي.
- (جـ)
ضعيف الحديث؛ أي لا يُطرح حديثه بل يُعتبر به.
- (د) متروك الحديث أو ذاهب الحديث أو كذَّاب؛ أي ساقط الحديث ولا يُكتب حديثه.٤٨
(٣) الفِرَق
ثانيًا: التأليف في الموضوع
ونظرًا لأهمية الجرح والتعديل فقد تمَّ التأليف فيه كموضوع مستقل، بل قد يؤلِّف فيه مُحدِّث واحد أكثر من كتابٍ مثل «السبكي»:
(١) «كتاب الضعفاء والمتروكين» لابن الجوزي (٥٩٧ﻫ)٦٩
وتتراوح الأحكام الموضوعية بين مجهول، متروك، ضعيف، منكر، لا بأس به، سارق، ضال، مُضل، ليس بشيء، ليس بالقوى، باطل، موضوع، غير مُستقيم، ليس بالقوي، غير صدوق، ليس به طعن، يذكر على جهة التعجُّب، لا يشتغل به، مقدوح فيه، مسروق، غير مؤتمن، غير مأمون، مجروح، مُتساهل، رجل سوء، دجال، كثير الوهم، فاحش الخطأ، ذاهب الحديث، مطعون فيه، غير معروف، لا يُحمَد. ولكلِّ حكمٍ حقل دلالي مثل مُنكر يأتي بالمناكير، انفرد بالمناكير، منكر الحديث أو موضوع، موضوع، وضَّاع، يضع الحديث، لا بأس به إلا أنه كان اختلط، ويمكن رصد هذه الأحكام ومدى تكرارها لمعرفة أي الأحكام أشهَر.
(٢) «جواب عن أسئلة في الجرح والتعديل» للمُنذري المصري (٦٥٦ﻫ)٨٣
(٣) «ذِكر مَن يُعتمد قوله في الجرح والتعديل» للذهبي (٧٤٨ﻫ)٩٠
(٤) «قاعدة في المؤرخين» لعبد الوهاب السبكي (٧٧١ﻫ)٩٢
(٥) «قاعدة الجرح والتعديل» لعبد الوهاب السبكي (٧٧١ﻫ)٩٦
(٦) «الرفع والتكميل في الجرح والتعديل» للكنوي الهندي (١٣٠٤ﻫ)١٠٢
(٧) «الجامع في الجرح والتعديل»١٠٩
ثالثًا: شروط الراوي
(١) النقل الشفاهي
وإذا تعارض الشَّفاهُ مع الكتابة يُشَكُّ في الرواية، ويُقبل ما تسكُن إليه النفس. ففي الرواية الشفاهية احتمال خطأ النسيان. وفي الرواية المكتوبة احتمال خطأ النقل. ولا تجوز الرواية مُذاكرةً لأن المذاكرة تدريب وليست كمالًا. وشروط الراوي شفاهًا وكتابة التكليف؛ وبالتالي يُستبعَد الطفل والمجنون؛ والسلام والعدل الأخلاقي، وبالتالي يُستبعَد الفاسق؛ والضبط مع استبعاد السهو، والتشدُّد في أمر الحديث وليس التساهُل، وكثرة الرواة مع الاختلاف في عددهم في كل طبقة؛ أربعة أو اثنان أو واحد.
- (١)
جواز التحمُّل قبل وجود الأهلية مثل من تحمَّل الإسلام قبل الإسلام وروى بعدَه. والسؤال هو: كيف لا يشترط لتحمُّل الحديث أهلية الرواية؟
- (٢)
كتابة الحديث في سن العشرين؛ سن العقل.
- (٣) سماع الحديث في سنِّ الصبا. ولا يتحدَّد بعمرٍ بل بالعقل والضبط. ويتراوح بين الخمس والخمس عشرة.١٢٥
ويُضاف على التعرف أسماء رواة الكتاب المُصنَّف إلى أن يصلوا إلى المُصنِّف فيتَّبِعوا لفظه من غير تغييرٍ مُمكن. إذا رَوَوا كتابًا عن شيخٍ نسبوه في أول حديث، ثم أدرجوا عليه اسمًا دون تكرار ذلك في كل حديثٍ للتسهيل. ويجوز لأهل الحديث النسخ بإسنادٍ واحد. وإذا روي الحديث بإسنادَين فلا يجوز للناقل رواية الحديث بإسنادٍ واحدٍ دون الآخر. وكذلك إذا روي عن شخصَين. ولا يجوز التصريح بالسماع وهو ما لم يحدُث. وإذا كان في السماع بعض الوهَن فيجب إظهاره دون إخفائه. والسماع المباشر أفضل من السماع غير المباشر. ولا يجوز اختصار الحديث؛ فقد يكون للمحذوف صِلة بالمُختصر. وتقديم متن الحديث على إسناده خطوة للانتقال من نقد السند إلى نقد المتن.
(٢) السماع
رابعًا: آدب الشيخ والسامع
(١) آداب الشيخ
(٢) آداب السامع
ومن الأدب مع الشيخ تعظيمه، وتوخِّي رضاه، والتوصُّل إلى الاستفادة منه، ومراجعته، والصبر على خلقه، وعدم إدخال الضجر عليه، والبداية بمشايخ البلد ثم الأقرب فالأقرب في الرحلة، وعدَم منع الحياء من التردُّد عليه والكِبر على من دُونه، وعدَم كتم العِلم، والحذَر من الحياء، والصبر على جفاء الشيخ، والتقميش والتقتيش، والانتخاب، والمعرفة والفهم مع الكتابة والحفظ، والكتب التي يقدم العناية بها، والتدرُّج في الطلب، والإتقان والمذاكرة، والتخريج والاشتغال بالتصنيف على طريقة العلماء ومعرفة أحسن التصانيف وآداب التأليف.
ويكمل الحديث بعد الرواية بالدراية، والعِلم بالمتن والسند، وحفظ الحديث بالتدريج، والإكثار من المذاكرة، وتبليغه بأحسن الطرق، والإملاء في أكمل هيئة، مُقبلًا باشًّا مفيدًا، والافتتاح بالقرآن، والتصنيف إما على أبواب الفقه أو مسانيد الصحابة، وتحسين العربية، ومن أدب القارئ حُسن الهيئة ومواجهة الشيخ وسطًا، ومراقبة فوائده، وإسماع الحاضرين، وترتيله، والأمانة في النقل، والاستعانة ببعض حُفَّاظ الوقت. واختتام مجالس الإملاء بالحكايات والنوادر والإنشادات بأسانيدها في الزهد والآداب. والأحاديث المختارة في مجالس الإملاء لا تصدم عقول الحاضرين بل تتَّجِه إلى فضائل الأعمال.
ونظرًا لأهمية الموضوع فقد تم التأليف فيه كموضوعٍ مُستقل مثل:
(أ) «الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع» للخطيب البغدادي (٤٦٣ﻫ)١٦٠
(ب) «الكفاية في علم الرواية» للخطيب البغدادي (٤٦٣ﻫ)١٧١
خامسًا: طبقات الرواة
(١) الصحابة التابعون
(٢) الأسماء والكنى والألقاب
(٣) القبائل والولدان والتوجهات السياسية
وقد دُوِّن في الموضوع مصنف خاص هو:
«الطبقات» للنسائي (٣٠٣ﻫ)٢٥٣
وهي رسالة قصيرة في طبقات الرواة دون تحديد عمر الطبقة. وقد تتعاصَر الطبقات أو تتداخل ممَّا يدل على أن الطبقة ليست فترةً زمنية تُعادل الجيل، أي حوالي الأربعين عامًا، بل تعني فئة من الرواة مُتساوية في الفضل. وهم تسع طبقات. يختلف عدد رُواتها بين أربعة وستة. يجمعها شيخ واحد، مثل الطبقة الأولى أو شيوخ مُتفرقة. والطبقة التاسعة وحدَها لها اسم «الضعفاء». ثم تأتي طبقات أخرى تحت اسم جديد «الطبقة المتروك حديثهم»، ثمانية رُواة ينقسمون إلى ثماني طبقاتٍ بين راوٍ وثلاثة رواة. وهم في العدد سبعة بالإضافة إلى آخر الطبقات. والرسالة أيضًا كلها في السند وليست في المتن، وفي الرواة وليست في المرويات.