العقيدة والتضحية البشرية
كان السحر والدين في المجتمعات البدائية وجهَيْن لعملةٍ واحدة، ففي منظور السحر تتحوَّل الأشياء كلها إلى رموزٍ فيصبح الشيء هو الرمز نفسه، والرمز هو الكلمة، بينما يرتبط الدين بالقدرة الخارقة للآخرين سواء أكانوا آباءً أم آلهة، وكانت المجتمعات البدائية تمارس الفعل عبر الرمز.
(١) مفهوم الدين وتطوره
يشكل الدين حجر الأساس لبناء أي مجتمع؛ فهو ضمير المجتمع وفكره، وهو المرآة التي تعكس مدى تطوُّره، ولقد اختلفت دلالات ومفاهيم الدين من مجتمع لآخر نظرًا لأن الدين من الموضوعات التي يُحيط بها الغموض وعدم الوضوح وتشتبك الآراء نحو تفسير جوهره، خاصة إذا ما تعلَّق الأمرُ بالأديان البدائية، إن صحَّتْ هذه التسمية، نظرًا لما يحيط تلك الحقبة بأسرها من ضبابيةٍ، وللتناقضات المرتبطة بالتطور الإنساني الذي يتجاوز أنماط التفكير الحالي.
فالأديان البدائية بشرية الهوى والهُويَّة، تعبِّر عن فكر ووعي الإنسان الأول بأريحيته وبساطته، الذي نسج بتصوراته البسيطة أساطير تفسِّر أسباب الحياة والوجود، وأصبحت هذه التصورات والانطباعات رؤًى مقدسة لها مفرداتها.
- (١)
الدين في مرحلة الصيد.
- (٢)
الدين في مرحلة الرعي.
- (٣)
الدين في مرحلة الزراعة.
- (٤)
الدين في مرحلة التعدين.
(١-١) الدين في مرحلة الصيد (العصر الحجري القديم)
الشامان (رجال الدين)
الدفن والعودة للرحم
الدم ورمزية اللون الأحمر
استخدم إنسان عصور ما قبل التاريخ اللون الأحمر بكثرةٍ في رسومِه وطقوس دفنه، وكان هذا اللون يرمز إلى الدم الذي هو قوة وحياة، ونجد أن الإنسان البدائي قد أعطى للدم دلالاتٍ عدة؛ ولذا كان الاعتقاد السائد بأن تقديم الأضاحي من أهم الممارسات الطقسية التي تمنع سخط وغضب الآلهة وتجدد قواهم.
(١-٢) الدين في مرحلة الرعي
(١-٣) الدين في مرحلة الزراعة
(١-٤) الدين في مرحلة التعدين (فجر التاريخ)
وبناءً على ذلك يمكن القول إن هناك حقيقةً على غايةٍ من البساطة والوضوح يتوصَّل إليها كل مَنْ يتأمَّل مسار الحياة الفكرية والروحية للبشر منذ حلول عصر الإنسان العاقل قبل مائة ألف سنة من العصر الحالي، وهي أن تاريخ الإنسان الفكري والروحي هو في المحصلة الأخيرة تاريخ دياناته وأساطيره وسجل إبداعاته الأسطورية والدينية.
(٢) المقصود بالأضحية والقربان
ورغم أن الأديان السماوية أبطلت عادة تقديم الأضاحي البشرية، إلا أن القرابين البشرية لا تزالُ تُقدَّم ربما حتى اليوم لدى العديد من أصحاب الديانات الوضعية التي تُسمَّى مجازًا «ديانات»؛ إذ تمارس في معظمها تقديم القرابين البشرية وتهتم اهتمامًا خاصًّا بالدم؛ إذ يثير الدم في النفس البشرية مشاعر غامضة، تتأرجح بين الخوف والتقديس؛ ومن ثم ارتبط الدم منذ عصور ما قبل التاريخ بقدسيةٍ ومهابةٍ جعلت منه رمزًا مقدسًا مرتبطًا بالقوة والتجدُّد والاستمرارية.
(٢-١) قرابين دموية
(٢-٢) القرابين المحروقة
(٢-٣) الأضاحي البشرية
ولقد تباينت أشكال التضحية بحسب تصوُّر تلك المعتقدات البدائية وعلاقتها بالزمان والمكان. ولعل الحسَّ الإنسانيَّ بالخطيئة وعمق الرغبة في الخلاص منها، كانا من أهمِّ الأمور المؤثِّرة على أنظمة التفكير الديني والميثولوجي الناضجة في العديد من الحضارات. وهذا ما جعل الإنسان يستعين بكهنة أو وسطاء أو بطقوس معينة، يظن أنها هي الأصلح لتقديم الأضحية البشرية لنَيْل الرضا الإلهي.
وسأحاول توضيح ذلك من خلال إلقاء الضوء على بعضٍ من تلك الممارسات لدى بعض الحضارات المختلفة وذلك لتقريب الصورة للأذهان.