قال الشيخ الإمام العالم العلامة الشيخ شهاب الدين أحمد بن
المجدي، قدَّس الله روحه ونوَّر ضريحه.
٤ الحمد لله على نعمائه وأفضاله، والصلاة والسلام على سيدنا
٥ محمد أشرف خلقه
٦ وآله وصحبه أجمعين.
٧ وبعد، فهذه رسالة لطيفة سمَّيتها بتحفة الأحباب في
نصب الباذاهنج
٨ والمحراب، نذكر ذلك في عرض مخصوص ويقاس عليه
غيره، فنقول: اعلم أن سمت القبلة بمدينة مصر حماها الله
تعالى على (لز)
٩ درجة وسمت الباذاهنج
١٠ (كرل)
١١ كلٌّ
١٢ منهما في الربع الشرقي الجنوبي، فإذا استخرجت
الجهات في الدائرة المرسومة في سطح الأفق وأبعدت عن نقطة
المشرق على المحيط في جهة الجنوب بقدر
١٣ السمتين، وعلمت في المحيط علامة، وأخرجت
١٤/ منها إلى المركز خطًّا ونفذته إلى الجهة الأخرى،
حصل سمت القبلة أو الباذاهنج،
١٥ وطرفه الذي يلي المشرق هو جهة القبلة، ثم ربع
سمت الباذاهنج
١٦ يحصل تربيعه، وكذا تصنع في غيرهما من السموت
للقبلة أو لسمت أي بلد شئت إذا كان معلومًا. والطريق الصناعي
في إخراج كلٍّ من السمتين هو أن تتخذ جسمًا صلبًا
١٧ من كدان أو رخام
١٨ أو نحو ذلك مستوي السطح الذي يرسم
١٩ عليه، ويعرف ذلك بوضع حرف المسطرة الصحيحة فينطبق
عليه في جميع الجهات، ثم تضع ذلك السطح على الأرض في موضع يمكن
وقوع شعاع الشمس عليه وقت الحاجة. وينبغي أن ترفعه
٢٠ ببنيان وتضعه مغرقًا في الطين أو الجبس، وينبغي أن
يكون السطح حينئذٍ موازيًا للأفق. ويعرف ذلك بأن تصب
٢١ في وسطه ماءً، فإن خرج من جميع الجوانب متساويًا
فهو صحيح، وإلا فيرفع المنحدر بإدخال شيء تحته، أو يدق على
الأعلى بحسب الإمكان قبل جفاف الطين أو أخذ الجبس، فإذا تحرَّر
ذلك فضع سطح المسطرة الصحيحة على وجه السطح، وضع على سطحها
شلفةً لتزن السطح من جميع جوانبه، وهو أن تدير المسطرة والشلفة
فوقها نصف دورة وتنظر إلى خيط الشلفة، ويدق
٢٢ على الموضع المرتفع؛
٢٣ أعني الجهة التي خرج الخيط عنها دقًّا لطيفًا إلى
أن يعتدل له ذلك الموضع من السطح، ثم انقل المسطرة إلى موضع
آخر من السطح،
٢٤ وافعل كذلك إلى يتحرر جميع السطح جهد الإمكان،
وينبغي أن يحمر وجه السطح بمغرة أو نحوها لتظهر فيه الخطوط
بسرعة، ثم افتح البركار فتحةً ستينية من الربع وأدِر في وسط ذلك
٢٥ السطح دائرةً، وعلم مركزها، ثم خذ ارتفاع الوقت
واعرف سمته من جداول السمت وعدِّله بفضل ما بين الارتفاعين
إن كان فيه كسر، وينبغي أن تحصل ذلك بعد أن تزيد على الارتفاع
درجةً، أو ما يتم به الكسر إلى الصحيح إن كان شرقيًّا وينقص
٢٦ منه إن كان غربيًّا فهو أبلغ إلى التحرير، وكذا
تعدُّد الأخذين للارتفاع، فإذا بلغ الارتفاع إلى ذلك القدر فهو
السمت المطلوب. نساتر حينئذٍ بظل
٢٧/خيط الشاقول مركز الدائرة ومحيطها، وعلم على
المحيط علامةً مما على جهة الشمس وسمها بالعلامة الأولى، ثم
اعرف جهة السمت الذي خرج لك، وهو أن الدرجات الجنوبية سمتها
جنوبي، وكذلك الشمالية إن كان ارتفاع الوقت أكثر من الارتفاع
الذي لا سمت له وإلا فشمال. ومعرفة الارتفاع الذي لا سمت له من
جداول السمت هو أن تفتح صفحةً من صفحات تلك الجداول وتمرَّ من
درجة الشمس تحت برجها، فإن وقع انتقال السمت في ذلك البيت، أعني
انتقاله من النقص إلى الزيادة، وهو الذي مكتوب عليه علامة
الجنوب غالبًا، فما فوق تلك الصفيحة من عدد الارتفاع هو
الارتفاع الذي لا سمت له، وإلا فخذ الصفيحة التي قبل تلك إن
وقع الانتقال أسفل، والذي بعدها إن وقع فوق، وهكذا إلى أن تجد
المطلوب، هذا إذا
٢٨ كانت علامة الانتقال في سطر الدرجة المفروضة
طولًا، وإلا فخذ الصفحة التي بعدها
٢٩ إن وقعت عن يمينك، وإلا التي قبلها وكمل
العمل إلى آخره، فإذا عرفت جهة السمت فاجمعه إلى سمت
القبلة أو الباذاهنج
٣٠ إن كان شماليًّا، وإلا فخذ الفضل هذا في
الشرقي وفي الغربي بالعكس، فإن زاد المجموع على «ص» في
الغربي فخُذ تمام الزائد، فما حصل بعد ذلك احفظه ثم استقبل
الشمس والعلامة الأولى معًا، وأبعد عنها على المحيط بقدر
المحفوظ إلى جهة اليسار إن كان الفضل لسمت الوقت، أو زاد
المجموع على «ص» وإلا إلى جهة اليمين، وعلم علامةً في المحيط
ثانيةً وصل بينهما وبين المركز بخط مستقيم فهو سمت القبلة
أو الباداهنج،
٣١ وطرفه الذي يلي المحيط هو جهة القبلة أو الباذاهنج،
٣٢ إن كان سمت الوقت شرقيًّا، أو زاد المجموع على
«ص»، وإلا فالذي يلي المركز ثم ربع سمت الباذاهنج بخط آخر يحصل
تربيعه، ويعرف ذلك بأن يتقاطعا على قوائم أو تفتح
٣٣ البركار بقدر «ص» من قوس محيط الدائرة، وضع إحدى
ساقَيه في تقاطع الخط الأول للدائرة، وتعلم برجله الأخرى
علامتين في المحيط، وتصل بينهما بقطر يحصل المطلوب.
مثاله، أردنا معرفة سمت القبلة في مدينة مصر، طلبنا عرضَي
البلدين وطولَيهما في
٤٨/جدول
٤٩ عروض البلدان وأطوالهما
٥٠ فوجدنا عرض مكة «كا» وطولها «سر»، وعرض مصر «ل»
وطولها «نه»، ففضل الطولين «يب» هذا على تقدير أن يكون عرضهما
وطولهما بغير كسر، وإلا فيعمل
٥١ بحسبه ضربنا جيب عرض بلدنا وهي «ل»، في جيب عرض
مكة وهو «كا ل ح»، فحصل «ي مه د ة»،
٥٢ قسمنا ذلك على جيب تمام عرض بلدنا وهو «نا نر مت»
فخرج «يب كد نا»، حفظنا ذلك، ثم ضربنا جيب تمام عرض مكة وهو «نو
ة ىد»
٥٣ في جيب تمام فضل الطولين منحطًّا وهو «يخ
٥٤ ما ﮐ»، فحصل «ند مر كح»، جمعناه إلى المحفوظ فبلغ
«سر يب ىط»، ضربناه في جيب تمام العرض منحطًّا فخرج «نح يب ﻫ»
وهو جيب الارتفاع قوسه «عه نو به»، تمامه «يد ﺣ مه» جيبه «ىد ﻟﻠ
٥٥ ﻣﺤ»، ثم ضربنا جيب فضل الطولين وهو «يب كح كط» في
جيب تمام عرض مكة، فحصل «يا لج مه يب»، قسمنا
٥٦ ذلك على جيب تمام الارتفاع فخرج «مر نه مح» وهو
جيب تمام السمت قوسه يكون «نجـ أ ي»، تمامه «لو نح ن» وهو السمت،
وقس على ذلك غيره إن شاء الله تعالى،
٥٧ والحمد لله رب العالمين. كان الفراغ منه بتاريخ
خامس عشر من شهر شعبان المكرم، سنة تسع عشرة وتسعمائة،
وحسبنا الله ونعم الوكيل.