مجالس السلطان الغوري: صفحات من تاريخ مصر في القرن العاشر الهجري

مؤسسة هنداوي مؤسسة هنداوي

الروضة الثامنة في مجالس شوال

(١) من المجلس الأول

السؤال الخامس: رجل مكره على سب النبي فالأولى له أن يرتد باللسان، أو يصبر على الضرب حتى يموت؟

الجواب: قال مولانا السلطان: الأولى الصبر؛ لأن الإقرار شرط الإيمان أو شَطْره، فإذا انتفى الشرط انتفى المشروط.

وقال حضرة مولانا السلطان: لو وقعت أنا، والعياذ بالله، مجبورًا مكرهًا على سب النبي نختار الموت وما نسب النبي.

قيل عليه: قال الله تعالى: وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ، ظاهر الآية يدل على أن المختار السب؟

قلت: المراد من الآية الكريمة الرخصة في الجملة لا أن السب واجب عليه، بل الأولى ترك السب والصبر على الضرب كما ذكره النووي في الروضة.

(٢) في آخر المجلس السادس

وفي يوم الجمعة واحد وعشرين من شهر شوال انتقل قطب فلك الإرشاد، وخلاصة العُبَّاد والزهاد، شيخ الإسلام حسين جلبي من عالم الفناء إلى عالم البقاء، وفي ذلك اليوم الشريف حسين أيضًا وصل إلى رحمة الله.

(٣) من المجلس السابع

جوهرة

وفي آخر المجلس طلب مولانا السلطان الشيخ عبد الرزاق الإمام وقال: والعجب أن العلماء والصلحاء، ما عملوا الدعاء لدفع الطعن والوباء، قال الإمام: الوباء رحمة من الله تعالى ويحصل بسببها لهذه الأمة درجة الشهادة.

قال مولانا السلطان: لا شك أن المطر أيضًا رحمة من الله تعالى؛ فإذا جاوز حد الاعتدال ففي الشرع رخصة الدعاء في تلك الحالة.

(٤) من المجلس الثامن

السؤال الرابع: الفصحاء يذكرون الكلام بلا مؤكد، وإذا أنكر المخاطب يؤكدون بإن، ثم باللام، فما حكمة التأكيدات الثلاث أولًا في قوله تعالى: إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ؟

الجواب: قال مولانا السلطان: قاعدة علم البيان أن أداة التأكيد على قدر إنكار المخاطب، فالله يعلم ما تُكِنُّ صدورهم فذكره بحسب إنكارهم.

(٥) المجلس التاسع

طلعت يوم السبت سلخ شوال، وما خرج حضرة مولانا السلطان في تلك الليلة بسبب ضعف ابنه، وأمر أن يختم له الحُفَّاظ، وفرق على كل واحد دينارًا من الذهب.

وفي يوم الجمعة سادس شهر ذي القعدة، دُرَّة دَرْج الخلافة، ودُري برج اللطافة، ثمرة شجرة العدالة، وشجر ثمر الإبالة، الواصل إلى جوار رحمة الصمد (السلطان محمد) الذي تفاخرت الأرض بسبب تربته الشريفة على صوامع الفَلك، وتبختر الثرى بواسطة مقبرته اللطيفة على حظائر الملك، لمَّا سمع نداء (أجيبوا داعي الله) تلقى بسمع القبول والطاعة، وانتقل من دار غرور الدنيا إلى دار سرور العقبى في الساعة — سقى الله ثراه، وجعل الجنة مثواه.

والفقير الحقير، المعترف بالذنب والتقصير، طُعنت في ذلك اليوم، وكنت محرومًا من ملازمة العتبة الشريفة مدة أربعين يومًا، ونظمت تاريخ وفاته الشريفة باللسان التركي.

سويلمك كم أوغلي أولدي حضرة سلطان مصر
بر مؤمن أولمدي في كل أرض العامره
مالك أولدي كل دنيا بالعدالة آتَسي
كتدي أوغلي تاكه دوتسون مُلكِ دار الآخره
عقل مندن صردي تاريخ وفاتن، سويلدم
يتشر تاريخه أعلى القصور «الفاخره»١
١  أظنه أراد أن يؤرخ بكلمة «الفاخره» وحدها وحسابها ٩١٧ والوفاة سنة ٩١٦ فقد أخطأ في واحد، وكأنه لم يحسب الألف في أداة التعريف.