علامات الحكومة الصالحة
إذن، عندما يُسْأَل إطلاقًا عن أصلح حكومة يوضع سؤال معضل كغير محدد، وإن شئت فقل إن لهذا السؤال حلولًا صالحة كثيرة كثرة التراكيب الممكنة في أوضاع الشعوب المطلقة والنسبية.
ولكنه إذا ما سئل عن العلامة التي يمكن أن يُعْرَف بها كون أحد الشعوب محكومًا فيه حكمًا صالحًا أو سيئًا اختلف الأمر وأمكن حل المسألة الواقعية.
ومع ذلك فإنها لا تحل مطلقًا؛ وذلك لأن كل واحد يرغب في حلها على شاكلته، ويثني الرعايا على الراحة العامة، ويمتدح المواطنون حرية الأفراد، فيُفَضِّل أحدهم ضمان التصرفات ويفضل الآخر ضمان الأشخاص، ويرى أحدهم أن أصلح الحكومات أشدها ويذهب الآخر إلى أن أصلحها ألينها، ويود هذا أن يعاقب على الجرائم، ويود ذاك منع وقوعها، ويجد أحدهم أن من الجميل أن يخشى من الجيران، ويحبُّ الآخر أن يُجْهَلَ من قِبَلِهم، ويُسَرُّ أحدهم بتداول النقد ويتطلب الآخر أن يحوز الشعب خبزًا، حتى إنه إذا ما اتُّفِقَ حول هذه النقاط وما ماثلها فهل يعني هذا تقدمنا أكثرَ من قبل؟ وبما أنه يعوز المقادير الأدبية قياس دقيق فإذا ما اتفق على العلامة فكيف يتفق على التقدير؟