وصول الإسلام إلى أبرشيات أنطاكية
تعاليم الإسلام
هو الله لا إله إلا هو رب العالمين، خلق السماوات والأرض وما بينهما، وقد اختار أفرادًا من خلقه واتصل بهم بالوحي، ومن هؤلاء إبراهيم وموسى وعيسى، ومحمد رسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وعلى المسلم أن يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، وعليه أن يبتعد عن الفحشاء والمنكر، وعليه أن يَعدِل ويعفو عند المقدرة، وأن يفي بالوعد، ويصبر عند الشدائد، كما عليه أن يردَّ التحية بأحسنَ منها وأن يستأنس قبل الدخول إلى بيوت الغير وأن يسلِّم على أهلها. والمؤمنون إخوة، أكرمُهم عند الله أتقاهم، وعليهم طاعة الله وطاعة الرسول وأولي الأمر منهم، ولا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق.
الإسلام والإنجيل
توجيه الجيوش إلى الشام (٦٣٣-٦٣٤)
وادي عربة
خالد بن الوليد
أجنادين وفحل
تطور في الهدف والخطة
دمشق (٦٣٥)
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما أعطى خالدُ بنُ الوليد أهلَ دمشق إذا دخلها، أعطاهم أمانًا على أنفسهم وأموالهم وكنائسهم، وسور مدينتهم لا يهدم، ولا يسكن شيء من دورهم، لهم بذلك عهد الله وذمة رسوله ﷺ والخلفاء والمؤمنين، لا يعرض لهم إلا بخير إذا أعطوا الجزية.
بعلبك وحمص
بسم الله الرحمن الرحيم
بيروت (٦٣٦)
حماة والمعرة واللاذقية (٦٣٦)
يوم اليرموك (٦٣٦)
وكان هرقل في أثناء هذا كله يسعى بنشاط بين أنطاكية والرها؛ لتجييش قوة كبيرة يتمكن بها من صد المسلمين وإنقاذ سورية الجنوبية وفلسطين والساحل، وبرغم خسارته الكبيرة في الرجال إبان الحرب الفارسية، وبرغم قلة المال في الخزينة؛ فإنه حشد في خريف السنة ٦٣٥ من الروم والأرمن والعرب بين الثلاثين والخمسين ألفًا، وأمَّر عليهم ثيودوروس تريثوريوس، وأنفذهم في ربيع السنة ٦٣٦ إلى الجنوب، وكان خالد آنئذٍ في حمص، فلما علم بقُدُوم هذا الجيش الكبير جلا عن حمص ودمشق وسائر المدن المجاورة، وجمع ما لديه من الرجال خمسة وعشرين ألفًا، وانتقى الجابية فصمد فيها فأدركه الروم وضربوه فدافع وانسحب إلى اليرموك، أحد روافد الأردن الشرقية.
أنطاكية وحلب (٦٣٨)
الجراجمة (٦٣٨)
المدينة المقدسة (٦٣٨)
قيصرية وطرابلس (٦٤٠–٦٤٤)
يوم الجابية
وغزا المسلمون وغنموا، ثم غلبوا الروم في الميادين الطلقة، فحاصروا المدن المحصنة فصالحت، واتسعت رقعة الدولة ودخل فيها ألوف مؤلفة من النصارى والمشركين واليهود، وتدفقت الأموالُ على بيت المال وكَثُرَ طُلَّابُها واختلفوا في ما أصابهم منها، وكان لا بدَّ من الدفاع عن هذه الدولة والنظر في أُمُور أهلها وسكانها، فقام عمر إلى الجابية عاصمة الغساسنة في الجولان يصحبُهُ عددٌ من الصحابة، فاستدعى كبار القادة والوجهاء وشاور؛ فقرر اتخاذ بعض الإجراءات الحربية والمالية والإدارية، وكان ذلك في أثناء السنة ٦٣٨.
قضية الجزية
وذكر المسلمون الآية: وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ، ففرضوا جزية على رءوس النصارى وخراجًا على أملاكهم.
وصالحت حلبُ على جزية تؤديها كسائرِ مدن الشام، ولكنها احتفظتْ بحصنها، وقد مَرَّ بنا كيف تنص روايةٌ من الروايات على أَنَّ المسلمين صالحوا سُكَّانَ بيت المقدس على «شيء» يؤدونه وأعطوهم ما أحاط به حصنُهُم على أن يكون للمسلمين ما كان خارجًا، وقوطع أهل اللاذقية على «خراج» يؤدونه، قَلُّوا أو كثروا!
عهدة عمر
هذا كتاب عبد الله عمر أمير المؤمنين من نصارى مدينة كذا، أنكم لَمَّا قدمتم علينا سألناكم الأمان لأنفسنا وذرارينا وأموالنا وأهل ملتنا، وشَرَطْنَا لكم على أنفسنا أن لا نُحدث في مدائننا ولا فيما حولها ديرًا ولا كنيسة ولا قلية ولا صومعة راهب، ولا نجدد ما خرب منها ولا ما كان مختطًّا منها في خُطط المسلمين في ليل ولا نهار، وأَنْ نوسع أبوابها للمارة وابن السبيل، وأن نُنزل مَنْ مَرَّ بنا من المسلمين ثلاث ليال نطعمهم، ولا نؤوي في كنائسنا ولا في منازلنا جاسوسًا، ولا نكتم غشًّا للمسلمين، ولا نعلِّم أولادنا القرآن ولا نُظهر شرعنا ولا ندعو إليه أحدًا، ولا نمنع أحدًا من ذوي قرابتنا الدخول في الإسلام إن أراد، وأن نوقر المسلمين ونقوم لهم من مجالسنا إذا أرادوا الجلوس، ولا نتشبه بهم في شيء من لباسهم من قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين ولا فرق شعر، ولا نتكلم بكلامهم ولا نكتني بكناهم، ولا نركب بالسروج ولا نتقلد السيوف، ولا نتخذ شيئًا من السلاح ولا نحمله معنا، ولا ننقش على خواتمنا بالعربية ولا نَبيع الخمور، وأن نجزَّ مقادم رءوسنا ونلزم زيَّنا حيثما كُنَّا، وأن نشد الزنانير على أوساطنا، ولا نُظهر صلبانَنا ولا كتبنا في شيء من طُرُق المسلمين ولا أسواقهم، ولا نضرب نواقيسنا في كنائسنا إلا ضربًا خفيفًا، ولا نرفع أصواتنا بالقراءة في كنائسنا في شيء من حضرة المسلمين، ولا نخرج شعانيننا ولا باعوثنا، ولا نرفع أصواتنا مع موتانا، ولا نُظهر النيران في شيء من طرق المسلمين ولا أسواقهم، ولا نجاورهم بموتانا، ولا نتخذ من الرقيق ما جرى عليه سهام المسلمين ولا نتطلع إلى منازلهم.
الكنائس والأديار
خروج النصارى
اليعاقبة والمسلمون
البطريرك مقدونيوس (٦٢٨–٦٤٠)
البطريرك جاورجيوس الأول (٦٤٠–٦٥٥)
واستمر العداء بين الروم والمسلمين، وأنفذ الرومُ حملة على مصر وحملة غيرها على أنطاكية (٦٤٦)، وركب المسلمون البحرَ وهجموا على قبرص (٦٤٩) واحتلوا جزيرة أرواد (٦٥٠) وانتصروا على أسطول الروم في «ذات الصواري» (٦٥٥)، فلم يتمكن جاورجيوس الأول خلف مقدونيوس من الوصول إلى أنطاكية والإقامة فيها، فبقي في القسطنطينية حتى وفاته في السنة ٦٥٥.
مجمع اللاتران (٦٤٩)
وتُوفي هرقل في السنة ٦٤١ وتولى العرش بعده في آنٍ واحدٍ كل مِن ولدَيه قسطنطين الثاني وهرقلون على أن يحكما بإشراف الفسيلسة مرتينة زوجة هرقل الثانية ووالدة هرقلون، وتُوفي قسطنطين الثاني في السنة ٦٤١ مسمومًا، فاتُّهمت مرتينة بقتل ابن ضرتها، وتمرد الجند وأكرهوا مرتينة على إشراك قسطنطين الثالث ابن قسطنطين الثاني في الحكم، ثم قطع لسان مرتينة وجدع أنف ابنها ونُفيا إلى رودوس، وتولى الحكم قسطنطين الثالث (٦٤١–٦٦٨).
وكان هرقل قد أصدر في سنة ٦٣٨ الإكثيسيس الذي أوجب به القول بالمشيئة الواحدة، وكان بيروس قد خلف سرجيوس على السدة المسكونية (٦٣٨) واضطرَّ أَنْ يتنازل على أثر هياج الشعب في العاصمة ضد مرتينة ربيبته، فهاجر إلى إفريقية، وكان قد قام بينه وبين مكسيموس المعترف جدالٌ علني (٦٤٥) انتهى باقتناع بيروس ورجوعه عن بدعة القول بالمشيئة الواحدة.
وانقضى أجلُ ثيودوروس الأول في الثالث عشر من أيار سنة ٦٤٩ فخلفه على السدة الرومانية مرتينوس الأول (٦٤٩–٦٥٣)، وكان مرتينوس قد مثَّل السدة الرومانية في القسطنطينية مدةً مِنَ الزمن وخَبَرَ رجالَها، فلم يرَ فائدة في المفاوضة. فلما تسلَّم عكاز الرعاية دعا إلى اللاتران عددًا كبيرًا من الأساقفة للنظر في أمر البدعة الجديدة، ولبَّى هذه الدعوة مائة وخمسة أساقفة معظمهم من إيطالية وبعضهم من إفريقية، ووصل اسطفانوس أسقف دورة في فلسطين، فاشترك في أعمال هذا المجمع، وحضر الجلسات عددٌ من القساوسة والرهبان اليونانيين المقيمين في رومة آنئذٍ، وكان بين هؤلاء يوحنا رئيس دير القديس سابا الفلسطيني وجاورجيوس رئيس دير قيليقي في رومة.
مرتينوس وأنطاكية وأوروشليم
ويلاحظ هنا أن هذه الرسائل التي صدرتْ في السنة ٦٤٩ اعتبَرت مقدونيوس مستمرًّا في رئاسة الكنيسة الأنطاكية، وهو أمرٌ ذو بال يوجب بحثًا دقيقًا في تعيين السنوات التي ترأس فيها كل من مقدونيوس وجاورجيوس ومكاريوس كنيسة أنطاكية.
استشهاد مرتينوس ومكسيموس
لنكرمن أيها المؤمنون بالتسابيح الواجبة محب الثالوث مكسيموس العظيم الذي علم بالإيمان علانية بأن يمجد المسيح بطبيعتين ومشيئتين وفعلين هاتفين السلام عليك يا كاروز الإيمان.
تقارب ومهادنة
Theophanes, Chron., a 6129; Michel le Syrien, II, 425-426; Eutichius, Annales, P. G., Vol. 111, Col. 1099; Vincent et Abel, Jerusalem Nouvelle, II, 930–932.