في خروج النبي من مكة واستقراره بالمدينة
قلنا في [البعثة النبوية: إسلام الأوس والخزرج]: إن المسلمين بعد أن دخل الأنصار في الإسلام فعزَّ بهم، أخذوا يهاجرون إلى المدينة، ولم يبقَ فيها إلا نفر قليل جدًّا على رأسهم الرسول وأبو بكر، وإن جماعة كفار قريش قد ائتمرت بالنبي وعزمت على قتله ذات ليلة والتخلص منه، وأنها قد اتفق رأيها أن تبعث من كل قبيلة شابًّا جَلدًا، فيضربوا النبي ضربة واحدة يقتلونه بها، فيتفرَّق دمه في القبائل، ولا يقدر بنو عبد مناف على العرب جميعًا. ولكن الله أطلع نبيَّه على أمر قريش، فلما كانت العتَّمة من ذلك الليل اجتمعوا على بابه فترصَّدوه، فلما رأى ذلك قال لعلي: «نم يا عليُّ على فراشي، واتشح ببردي الحضرمي الأخضر فنَمْ فيه؛ فإنه لا يخلص إليك شيء تكرهه، وإن أتاك ابن أبي قحافة فقُلْ له إني توجهت إلى ثَوْر فليلحق بي، وأرسل إليَّ بطعام، واستأجر لي دليلًا يدلُّني على الطريق، واشترِ لي راحلة.»
بسم الله الرحمن الرحيم
- (١)
أن الرسول يريد أن يوحِّد بين جميع سكان المدينة فيجعلهم أمة واحدة، وهذا أمر لم يكونوا يقرُّون به في الجاهلية.
- (٢)
أن الرابطة القوية التي تربط سكان المدينة هي الدين الحنيف.
- (٣)
أن لليهود من سكان المدينة وأهل ذمتها كافة الحقوق التي للمسلمين ما داموا محافظين على حقوق الذمية.
- (٤)
أن المسلمين أضحوا كيانًا واحدًا ذا شخصية موحدة في شئونها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهذا مظهر من مظاهر الوحدة لم تعرفه العرب من قبل.
- (٥)
أن المعاهدة تتضمن كثيرًا من مبادئ العدل والإنصاف والمصلحة العامة، وهذه أمور لم يعرفها العرب من قبل.