ما حدث لكَنْدِيد بين البُلغار
ويقولان: «آه أيها السيد، اجلس حول المائدة، لن نطيق وجود رجلٍ مثلك يُعوِزه المال، فضلًا عن أننا لا نكلفك بدفع شيءٍ، فقد خُلِق الناس؛ ليتعاونوا»، ويقول كَنْدِيد: «الحقُّ كما تقولان، وهذا الذي كان السيد بنْغلُوس يقوله لي دائمًا، وأرى كل شيءٍ على أحسن ما يكون»، ويَرْجوان أن يقبل منهما بعض الدراهم فيأخذها، ويريد أن يُعْطِيَ سندًا بذلك، فلا يوافَق على هذا مطلقًا.
ويجلس الجميع حول المائدة، ويُسأل: «ألا تحب حبًّا رقيقًا؟» ويجيب: «وَيْ! أجلْ، أُحبُّ الآنسة كُونِيغُونْد حبًّا رقيقًا.» ويقول له أحد ذَيْنك السيدين: «لا، إننا نسألك عن حبك لملك البلغار حبًّا رقيقًا»، ويقول: «كلَّا؛ لأنني لم أرَه قطُّ.»
– «كيف؟! هو أكثر الملوك فتنةً، فيجب أن يُشرب نَخْبه.»
– «وَيْ! سمعًا وطاعةً أيها السيدان»، ويَشرب، ويُقال له: «كفى، أنت الآن سَنَد البلغار وحاميهم وبطلهم، وقد نلت حظًّا، وضمِنتَ مجدًا.»
وتُقيَّد رجلاه بالحديد حالًا، ويؤتى به إلى الكتيبة، ويؤمَر بالالتفات يمينًا وشمالًا، وبرفع المِدكِّ ووضعه، وبتسديد البندقية وإطلاق النار، ومضاعفة الخَطْو، ويُضرَب بالعصا ثلاثين مرةً. وفي الغد يتحسَّن في التدريب قليلًا فلا يتلقَّى غير عشرين ضربةً، ويتلقَّى عشر ضرباتٍ فقط بعد يومين، فيعُدُّه رفقاؤه من الأعاجيب.
بُهِت كَنْدِيد ولم يكشف جيدًا بَعْدُ كيف أنه بطلٌ. ويَعِنُّ له في يومٍ من الربيع أن يتنزَّه، وأن يمضي قُدُمًا معتقدًا أن استخدام الإنسان لساقيه كما يروقه امتيازٌ للنوع البشري كما هو امتيازٌ للنوع الحيواني، ولم يَكَد يسير فرسخين حتى أدركه أربعة أبطالٍ، يبلغ طول الواحد منهم ستَّ أقدامٍ، فأَوْثَقُوه وأتوا به إلى سجنٍ مُظْلمٍ.
وتُعَصَّب عيناه، ويُقعَد على ركبتيه، ويمرُّ ملك البلغار في تلك الدقيقة، ويسأل عن جناية المحكوم عليه بالموت، ويُدْرِك الملك — بما فُطِرَ عليه من عبقريةٍ عظيمةٍ، وبما عَلِم عن كَنْدِيد — أنه فتًى من علماء ما بعد الطبيعة، جاهلٌ كل الجهل لأمور هذه الدنيا، فيعفو عنه برأفةٍ تُحْمَد له في جميع الصحف وعلى مَرِّ القرون.
ويُشفى كَنْدِيد في ثلاثة أسابيع على يد جرَّاحٍ جريء، استعمل ما نصَّ عليه ذيسقوريذس من مراهم، ويكتسي قليل جلدٍ، ويستطيع المشي في وقتٍ سار فيه ملك البلغار لمقاتلة الآبار.