العهد الفينيقي
(١) التعايش الأمازيغي الفينيقي
أسَّس الفينيقيون مدينة الجزائر (إيكوسيم) حوالي القرن ٦ق.م، وينسب بعض المؤرخين تسميتها للدلالة على العشرين من حاشية هرقل، وقيل: نسبة إلى «جزيرة النورس» عندما حوَّلها الفينيقيون إلى ميناء تجاري هام باقتراح من «هارودين» تحت حكم يوبا الأول.
(٢) ثورة النوميديين على قرطاجة
لم تستمر العلاقة الحميمة بين السكان المحليين والفينيقيين طويلًا؛ فبعدما تأسَّست قرطاجة وانفصلت عن فينيقيا وأصبحت قوة عسكرية في المنطقة ومركز إشعاع فكري وثقافي واقتصادي وسياسي، ظهرت بوادر الغلظة على السكان الأصليين وسوء معاملتهم وإثقال كاهلهم بالضرائب، فثار النوميديون على قرطاجة وقاموا بثورات أبرزها التي وقعت سنة ٣٩٦ق.م و٣٧٩ق.م تحت إمرة الإغريق تمهيدًا للحروب البونيقية الأولى (٣٦٣–٢٤١ق.م).
(٣) ماسينيسا الملك النوميدي (وُلد سنة ٢٣٨ق.م، وتوفي سنة ١٤٨ق.م)
كان ماسينيسا أعظم ملوك البربر شأنًا وأكبرهم سلطانًا، من العائلة الماسيلية حكمت أربعة أجيال، واشتهر بالقوة ورجاحة العقل وسداد الرأي في الحكم.
ازدهرت نوميديا الموحَّدة في عهد ماسينيسا وأصبحت أنموذجًا في الصناعة الحربية وفي التمويل الذاتي من المحاصيل الزراعية، وأضحت تصدِّر القمح والشعير وموادَّ أخرى لروما، وامتد نفوذها من طبرقة شرقًا حتى نهر ملوية غربًا. ازدهرت الحياة الفكرية والثقافية والاجتماعية في ظل النظام السياسي الذي رسمه ماسينيسا لنوميديا، وتعزَّز استقلالها، مما أثار هواجس ومخاوف روما، وأجبرها على التخلُّص من ماسينيسا. تُوفي ماسينيسا سنة ١٤٩ق.م بسيرتا قسنطينة.
أسفرت الحروب البونيقية الثالثة (١٤٩–١٤٦ق.م) عن سقوط قرطاجة سنة ١٤٦ق.م، واستطاعت روما بذلك احتلال إفريقية.