الملك نب خبر رع-أنتف
•••
السنة الثانية، الشهر الثالث، اليوم الخامس والعشرون من حكم الملك «نب خبر رع» ابن الشمس «أنتف»، الذي منح الحياة مثل إله الشمس مخلدًا؛ أمر ملكي لحامل الخاتم أمير «قفط» المسمى «منمحات»، ولابن الملك وحاكم «قفط» «قانن»، ولحامل الخاتم كاهن الإله «مين»، ولكاتب المعبد «نفر حتب ور»، ولكل جنود «قفط»، ولكل موظفي المعبد: «تأملوا إن هذا المرسوم قد صدر إليكم ليجعلكم على علم بأن جلالتي قد أرسل كاتب الخزانة المقدسة للإله «آمون»، وكذلك المسمى «سامون»، وكبير رجال المحكمة؛ ليقوموا بتحقيق في معبد «آمون» وقد جاء من أجل ذلك موظفو معبد والدي «آمون» إلى جلالتي بتقريرهم قائلين: إن مكروهًا يوشك أن يقع في هذا المعبد، وذلك أن «توتي» بن «منحوتب» لعن اسمه قد تستر على العدو، فَلْيُطرَد من معبد والدي «مين»، وَلْيُحرَم وظيفته في المعبد (هو وذريته) من ولد لولد ووارث لوارث، وَلْيصبح طريدًا من الأرض، وَلْيُحرَم نصيبه من الخبز واللحم (الذي كان دخل وظيفته)، وَلْيُجعَل اسمه منسيًّا في هذا المعبد، وذلك على حسب ما يستحقه فرد مثله قد ثار وولى وجهه نحو أعداء إلهه، وَلْتُمْحَ ذكريات اسمه في معبد «مين» وفي «الخزانة» وفي كل وثيقة أيضًا.
وأي ملك أو أي حاكم سيصفح عنه دعوت عليه أن يُحرَم التاج الأبيض، ولا يلبس التاج الأحمر، وألا يجلس على عرش «حور» الملك الحي، وألا يفوز بعطف ربتي العقاب والصل.
وأي حاكم أو موظف ينصح للفرعون بالعفو عنه أمسى أهله ومتاعه وأملاكه ملكًا لوقف والدي «مين» رب «قفط»، وكذلك يجب ألا يعين في وظيفته أي فرد من أسرته، أو أقارب والده أو والدته، بل يُعطَى حامل الخاتم والمشرف على الأملاك الفرعونية «منمحات» وظيفته على أن يُعطَى ما يخصها من خبز ولحم، وأن يثبت ذلك كتابة في معبد والدي «مين» رب «قفط»، وكذلك يكون ذلك (لنسله) من ولد لولد ووارث لوارث».
على أن ما يلفت النظر في هذا المرسوم أن هذا الفرعون على ما يظهر كان يحذر ملوك المستقبل بأنهم لن يصلوا إلى عرش الملك إذا أظهروا الرحمة مع الجاني، وذلك يوحي بأنه في هذا الوقت كان في مقدور الفرد أن يكون فرعونًا، وأن البلاد كانت في الواقع محكومة بملوك صغار، كل مستقل في مملكته، ولا شك في أن عدد هؤلاء الملوك كان أقل في هذا العهد عنه في العهد الإقطاعي الأول، يضاف إلى ذلك أن مرسوم الملك يشعر تمامًا بأنه كان في استطاعته أن يتدخل في أمور رعاياه، وإن كان يستعمل هذا الحق لكل قوة غير أن هذه القوة على ما يظهر كانت منحصرة في طرد المجرم وحرمانه أملاكه، وفي ذلك نرى منتهى الرقة والإنسانية التي كان يتحلى بها المصري، إذا وازناها بالوحشية وحب سفك الدماء والغلظة التي كانت شائعة بين الأقوام القديمة الأخرى المعاصرة.