الفصل العاشر
القوانين ذات الصلة بقناعة الشعوب
بالعرق
١ يتبدد قسم الدم المائي كثيرًا في البلاد الحارة، فيجب أن يعوض منه بسائل
مماثل إذن، والماء ذو استعمال عجيب هنالك، والمشروبات القوية هنالك تجمد كريات
٢ الدم التي تبقى بعد تبدد الأقسام المائية.
ويبخر القسم المائي بالعرق قليلًا في البلاد الباردة، وهو يظل وافرًا، ويمكن إذن،
استعمال المشروبات الروحية من غير أن يجمد الدم، والدم هنالك مملوء سوائل، ويمكن أن
تكون المشروبات القوية التي تمنح الدم حركة سائغة هنالك.
وإن شريعة محمد التي تحظر شرب الخمر هي قانون إقليم جزيرة العرب إذن، ثم إن الماء
قبل
محمد كان شراب العرب العام، وكذلك القانون الذي كان يحرم على القرطاجيين
٣ شرب الخمر هو قانون الإقليم، والحق أن إقليم ذينك البلدين واحد
تقريبًا.
وقانون مثل هذا لا يكون صالحًا في البلاد الباردة حيث الإقليم يحمل على شيء من ثمل
الأمة الذي هو غير ثمل الشخص كما يلوح، والثمل يوجد في جميع الأرض على نسبة البرد
ورطوبة الإقليم، ومُرُّوا من خط الاستواء حتى قطبنا لتروا أن الثمل يزيد مع درجات
العرض، ومروا من خط الاستواء إلى القطب المعاكس تجدوا الثمل يسير نحو الجنوب
٤ كما يسير من هذه الناحية نحو الشمال.
ومن الطبيعي في البلد الذي تكون الخمر فيه مخالفة للإقليم، ومن ثم للصحة، أن يُجازَى
على الإفراط في الشرب بأشد مما يُجازَى عليه في البلد الذي يكون للثمل فيه نتائج سيئة
قليلة في الشخص والمجتمع، والذي لا يؤدي الثمل فيه إلى جعل الناس حماقًا مطلقًا، بل
يجعلهم أغبياء، وهكذا فإن القوانين
٥ التي عاقبت الإنسان السكران على الإثم الذي اقترفه وعلى الخمار لم تكن
لتطبق على غير الثمل الشخصي، لا على الثمل القومي، ويشرب الألماني عن عادة، ويشرب
الإسپاني عن خيار.
وفي البلاد الحارة يؤدي ارتخاء النسائج إلى ترشح السوائل كثيرًا، غير أن تبدد الأجزاء
الجامدة يكون أقل من ذلك، ولا يتطرق البِلَى، مطلقًا، إلى النسائج التي ليس لها غير عمل
ضعيف جدًّا، ونابض قليل، وإنما تحتاج إلى قليل من السائل المغذي لتعويضها، ولا يؤكل غير
قليل هنالك إذن.
وتلك هي الاحتياجات المختلفة في مختلف الأقاليم التي أوجبت مختلف طرز الحياة، وهذه
الطرز المختلفة للحياة أوجبت مختلف أنواع القوانين، وإذا كان تواصل الناس في الأمة
كثيرًا أصبح لا معدل عن بعض القوانين، ولا بد من قوانين أخرى لدى شعب لا يتواصل فيه
مطلقًا.
هوامش