تناقض في أخلاق بعض شعوب الجنوب
وإن الطبيعة التي منحت هذه الشعوب ضعفًا تكون به هيابة منحتها، أيضًا، خيالًا بالغًا من الشدة ما يطرقها معه بإفراط، وكما أن دقة الأعضاء هذه تجعلها تخشى الموت تؤدي، أيضًا، إلى جعلها تخشى ألف شيء أكثر من الموت، وهذا الإحساس القوي نفسه هو الذي يجعلها تفر من جميع الأخطار ويجعلها تقتحمها أيضًا.
وكما أن التربية الصالحة ألزم للأولاد مما لذوي الرشاد تحتاج شعوب هذه الأقاليم إلى مشترع حكيم أكثر من احتياج شعوب إقليمنا إليه، وكلما طرق الإنسان بسهولة وقوة وجب وقوع هذا بما يلائم، فلا تتقبل الأوهام، ويسار بالعقل.
وكانت شعوب شمال أوروبة في زمن الرومان تعيش بلا صناعات وتربية، وبلا قوانين تقريبًا، وهي، مع ذلك، قد استطاعت، بفضل استقامة رشدها المدينة به للنسائج الغليظة في تلك الأقاليم، أن تبقى على حالها، مع حكمة عجيبة، ضد السلطة الرومانية إلى أن خرجت من غابها لتقضي عليها.