في أي الأحوال يجب أن تُتَّبع القوانين الدينية في الأنكحة، وفي أي الأحوال يجب أن تُتبع القوانين المدنية فيها
مما يحدث في جميع البلدان وفي جميع الأزمان أن يتدخل الدين في الأنكحة، فمنذ أن عُدَّ بعض الأمور أنه رجس أو منكر مع ضرورته رُجع إلى الدين لتسويغه في حال وإنكاره في الأحوال الأخرى.
وبما أن الأنكحة أكثر الأعمال البشرية استدعاء لعناية المجتمع من ناحية أخرى فقد وجب تنظيمها بالقوانين المدنية.
وإن كل شيء خاص بطبيعة النكاح وشكله وأسلوب عقده وما يُسفِر عنه من نسل، وإن كل شيء علم الأمم أنه موضع بركة خاصة، وإن كل شيء كان خاضعًا لبعض النعم العليا وإن لم يرتبط في ذلك دائمًا، أمور تُرَدُّ إلى نابض الدين.
وإما نتائج هذا القِرَان من حيث الأموال والمنافع المتبادَلة، وكل ما يتعلق بالأسرة الجديدة، وما نشأت عنه، وما يلزم أن ينشأ، فأمور خاصة بالقوانين المدنية.
وبما أن من أعظم أهداف الزواج نزع جميع رِيَب القِرَانات المُحَرَّمة فإن الدين يَسِمُه بطابعه، وتضيف القوانين المدنية إليه سمتها، وذلك لينطوي على جميع ما يمكن من الصحة، وهكذا، يمكن القوانين المدنية أن تقتضي شروطًا، فضلًا عن التي يقتضيها الدين ليكون الزواج صحيحًا.
والذي يجعل هذا السلطان للقوانين المدنية هو السمات المضافة، لا السمات المتناقضة، ويتطلب قانون الدين بعض الطقوس، وتتطلب القوانين المدنية موافقة الآباء، وهي تستلزم في ذلك شيئًا زائدًا، ولكن من غير أن تستلزم شيئًا مناقضًا.
ومما تقدم يُرَى أن على القانون الديني أن يُقرر: هل يكون العقد ممتنع الحل أو لا، وذلك لأن قوانين الدين إذا ما قالت بامتناع الحل وقالت القوانين المدنية بإمكان الفصم وُجِدَ أمران متناقضان.
ومما يحدث أحيانًا ألا تكون الصفات الموسومة التي تَسِمُ القوانين المدنية بها النكاح ضرورية إطلاقًا، وذلك كصفات النكاح الذي اكتفت القوانين بمجازاة من يَعْقِده بدلًا من أن يُفسَخ.