الفصل الثامن والعشرون
استئناف الامتناع عن إحقاق الحق
يُستأنَف الامتناع عن إحقاق الحق إذا ما سُوِّفَ، أو اجتُنِب، أو رُفِض، العدل بين
الخصوم في محكمة السنيور.
ومع أنه كان للكونت في الجيل الثاني عِدَّة موظفين تابعين خاضعين له شخصيًّا فإن
القضاء لم يكن هكذا، فقد كان هؤلاء الموظفون في محاكمهم الجنائية يحكمون حكمًا مبرمًا
كالكونت نفسه، والفرق كل الفرق كان في قسمة القضاء، ومن ذلك أن الكونت
١ كان يستطيع الحكم بالإعدام وأن يقضي في أمر الحرية وفي رد الأموال، وأن
قائد المئة كان لا يستطيع ذلك.
وكان يوجد لذات السبب علل سامية
٢ محفوظة للملك، وهذه هي التي كانت تُهم النظام السياسي مباشرة، وكان هذا حال
المناقشات التي تقع بين الأساقفة والشمامسة والكونتات وغيرهم من العظماء فيَحكْمُ
الملوك فيها مع أكابر الڨَسَّالات.
٣
ولا يقوم على أساس قول بعض المؤلفين أنه كان يُستأنف من الكونت إلى مبعوث الملك،
فقد
كان كل من الكونت والمبعوث يتساويان قضاء واستقلالًا،
٤ وكان يقوم كل ما بينهما من فرق
٥ على عَقْد المبعوث مجلسَه القضائي في أربعة أشهر من السنة وعلى عقد الكونت
مجلسه القضائي في الأشهر الثمانية الأخرى.
وإذا حُكِم على بعضهم
٦ في مجلس قضائي
٧ وطلب أن يقاضَى ثانية وخسر مرة أخرى دفع غرامة خمسة أفلس أو تَلَقَّى خمس
عشرة ضربة من يد القضاة الذين كانوا قد حكموا في القضية.
وإذا لم يشعر الكونتات أو مبعوثو الملك بأنهم من القوة ما يُخضِعون الكبراء معه للحق
حملوهم على تقديم ضمان
٨ بالمثول أمام محكمة الملك، وكان هذا للحكم في القضية، لا لإعادة الحكم
فيها، وأجد في مرسوم مِسَّ
٩ الملكي سَنَّ مبدأ استئناف الحكم الزائف إلى محكمة الملك وإبطال أنواع
الاستئنافات الأخرى والعقاب عليها.
وإذا لم يُذعَن
١٠ لحكم أعضاء القضاء المعروفين بالإشُوڨِن
١١ ولم يُعتَرض عليه وُضِع في السجن حتى يُذعَن، وإذا ما اعتُرِض عليه سيق مع
حرس أمين أمام الملك، ونُوقِشت القضية في محكمته.
ولم يكن استئناف الامتناع عن إحقاق الحق موضع بحث قط، وذلك لاستبعاد وجود عادة الشكوى
في تلك الأزمنة من عدم اكتراث الكُونتات وغيرهم من أصحاب الحق في القضاء لفتح محاكمهم،
وللتذمر،
١٢ بالعكس، من الإكثار من ذلك، وتجد كل شيء حافلًا بالمراسيم التي تَحظُر على
الكونتات وغيرهم من رجال القضاء جعل أكثر من ثلاث دَورات قضائية في السنة، ولذا كان يجب
أن يُقَوَّم إهمالهم أقل مما كان يجب أن يُوقَف نشاطهم.
ولكن لما قامت سنيوريات صغيرة وظهرت درجات مختلفة للڨسَّالِيَّات أسفر إهمال بعض
الڨسالات فتح محاكمهم عن تلك الأنواع من الاستئناف،
١٣ وذلك إلى ما يؤديه هذا من أخذ السنيور السزران غرامات عظيمة.
وبما أن عادة المبارزة القضائية قد انتشرت بالتدريج وُجِد من الأمكنة والأحوال
والأزمنة ما صار يصعب فيه جمع الأقران، ومن ثم أُهْمِل إحقاق الحق، ومن ثم قُبِل مبدأ
استئناف الامتناع عن إحقاق الحق، وقد عُدَّت هذه الأنواع من الاستئناف نقاطًا مهمة في
تاريخنا في الغالب، وذلك لأن معظم حروب ذلك الزمن نشأت عن نقض الحق السياسي، كما أن
حروب أيامنا تنشأ، عادة، عن سبب، أو عن ذريعة، نَقْض حقوق الأمم.
ويروي بومانوار
١٤ أنه لا صراع، مطلقًا، عند الامتناع عن إحقاق الحق، وإليك الأسباب، فما كان
ليمكن أن يُدعَى السنيور نفسه للمبارزة لما يجب من احترام شخصه، وما كان ليُمكن أن
يُدْعى أقران السنيور لوضوح الأمر ولما لم يجب غير عَدِّ أيام الدعوات أو التأخيرات
الأخرى، ولم يكن هنالك حكم قط، ولم يكن ليُزَيَّف غير الحكم، ثم إن جرم الأقران يسيء
السنيور كما يسيء الخصم، وقد كان من مخالفة النظام وجود بِرَاز بين السنيور
وأقرانه.
ولكن
١٥ بما أن البينة أمام محكمة السزران كانت تُقام بالشهود في موضوع الامتناع عن
إحقاق الحق فإنه كان من الممكن أن يُدعى الشهود إلى المبارزة، فبذلك كان لا يؤذَى
السنيور ولا تُؤذى محكمته.
- (١)
إذا نجم الامتناع عن إحقاق الحق عن رجال السنيور أو أقرانه الذين
سَوَّفُوا أمر القيام بالعدل أو الذين اجتنبوا إصدار الحكم بعد التأجيلات
الماضية دُعِيَ أقران السنيور أمام السزران عن امتناع عن إحقاق الحق، وهم
إذا ما غُلِبوا دَفَعُوا غرامة إلى سنيورهم،
١٦ وما كان هذا السنيور ليقدم عونًا إلى رجاله، وهو، على العكس،
كان يحجُز عليهم إقطاعتهم حتى يدفع كل واحد منهم غرامة ستين ليرة
إليه.
- (٢)
إذا كان الامتناع عن إحقاق الحق قد صدر عن السنيور رُفع الأمر إلى
السنيور السزران، ويقع هذا الامتناع عند عدم وجود رجال كافين في محكمته
لوضع الحكم، أو عند عدم جمعه رجاله، أو عند عدم إقامته مقامَه من يجمعهم،
ولكن الخصم،
١٧ لا السنيور، هو الذي يُجلَب في اليوم المعين عن احترام لهذا
السنيور.
ويدعو السنيور محكمته إلى محكمة السزران، فإذا ما كسب قضية الامتناع
أعيدت القضية إليه ودُفعت إليه غرامة ستين ليرة،
١٨ غير أن قضية الامتناع إذا ما أُثبِتَت كان جزاؤه منعَه من
الحكم في القضية المخاصم فيها،
١٩ ويُحكَم في الأساس مِن قِبَل محكمة السزران، والحق أن الشكوى
من الامتناع لم تُرفع إلا من أجل هذا.
- (٣)
إذا خُوصم
٢٠ في محكمة سنيورِه ضده، وهذا كان لا يقع إلا في قضايا الإقطاع،
أُخطِر السنيور،
٢١ بعد مرور جميع المُهل، أمام أناس خيار، أُخطِر من قِبَل ولي
الأمر الذي يجب أن يُستأذَن منه، وما كان ليجلَب بواسطة الأقران لأن
الأقران لا يستطيعون جلب سنيورهم، ولكنهم كانوا يستطيعون أن
يجلُبوا
٢٢ باسم سنيورهم هذا.
ومما كان يحدث أحيانًا
٢٣ أن يَعقُب استئناف الامتناع عن إحقاق الحق استئناف لحكم زائف عندما يكون
السنيور قد وضع هذا الحكم على الرغم من الامتناع.
وكان يُحكَم على الڨَسَّال
٢٤ الذي يقاضي سنيوره بلا داعٍ، ولامتناع عن إحقاق الحق، بأن يدفع له غرامة
على مراده.
وكان أهل غاند
٢٥ قد قاضوا كونت فلاندر أمام الملك لامتناعه عن إحقاق الحق، وذلك لأنه ماطل
في إصدار حكم لهم في محكمته، ومما وُجِد أنه اتخذ من المُهَل ما هو أقل ما تمنحه عادة
البلد، فَرُدَّ الغانديون إليه، فقبض من أموالهم ما قيمته ستون ألف ليرة، ويعودون إلى
محكمة الملك لتخفيف هذه الغرامة، ويُقضَى بأنه كان يمكن الكونت أن يأخذ هذه الغرامة وما
هو أكثر منها، أيضًا، إذا أراد، وقد حضر بومانوار هذه الأحكام.
ولا كلام حول استئناف الامتناع عن إحقاق الحق في القضايا التي كان يمكن السنيور أن
يقيمها على الفَسَّال في أمر بدنه وشرفه، أو في أمر الأموال التي ليست من الإقطاع، ما
دام لا يُحكم في محكمة السنيور، بل في محكمة متبوع هذا، وما دام الناس غير ذوي حق في
نَيْل حكم حول بَدَن سنيورهم كما قال ديفونتين.
٢٦
وقد سعيتُ في إبداء فكر واضح حول هذه الأمور التي بدت في مؤلفات تلك الأزمنة من
التعقيد والغموض ما يعدِل معه استخراجها من بؤرة التباسها اكتشافها في الحقيقة.
هوامش