وسائل أخرى لتأييد مبدأ الديموقراطية
يتعذر تقسيم الأرضين في جميع الديموقراطيات تقسيمًا متساويًا، وذلك أن هنالك من الأحوال ما يجعل مثل هذا النظام وعرًا خطرًا فينافي حتى النظام، وليس من الضروري أن تسلك الطرق المتناهية دائمًا، فإذا رئي في الديموقراطية أن هذا التقسيم الذي يجب أن يحفظ الأخلاق لا يلائمها وجب أن يلجأ إلى وسائل أخرى.
وإذا ما أقيمت هيئة ثابتة تكون قاعدة الأخلاق بذاتها، إذا ما أُقيم سِنات يدخل إليه عن سِن وفضيلة واتزان وخدم، أوحى أعضاؤه، المعروضون على أعين الشعب كأصنام الآلهة، بمشاعر تحمل في صدر جميع الأسر.
ويجب أن يرتبط هذا السِّنات في النظم القديمة على الخصوص، وأن يصنع ما لا يحيد به الشعب والحكام عنها مطلقًا.
ويوجد ما يُكسب كثيرًا من جهة الأخلاق وما تُحفظ به العادات القديمة، وبما أن من النادر قيام الشعوب الفاسدة بأمور عظيمة، وبما أنها لم تنشئ مجتمعات ولم تؤسس مدنًا ولم تضع قوانين قط، وبما أن الشعوب ذات الأخلاق البسيطة الشديدة قد صنعت، بالعكس، معظم المؤسسات، فإن دعوة الناس إلى القواعد القديمة تنطوي على ردهم إلى الفضيلة غالبًا.
ثم إذا ما كانت هنالك ثورة ومنحت الدولة شكلًا جديدًا لم يمكن وقوع هذا بغير جهود وأعمال لا حد لها، وندر حدوث هذا عن فراغ وأخلاق فاسدة، حتى إن الذين صنعوا الثورة أرادوا إذاقتها، وهم لم يُوفقوا لهذا إلا بقوانين صالحة، ومن ثم كانت القوانين القديمة في الغالب إصلاحًا وكانت القوانين الجديدة اعتسافًا، وفي مجرى حكومة طويلة الأمد يسار إلى السوء بانحدار غير محسوس، فلا يرجع إلى الخير إلا بجهد.
وذلك مبدأ عام، ويجب أن ينتخب أعضاء السِّنات لآخر الحياة في سِنات أُقيم ليكون قاعدة؛ أي: مستودعًا للأخلاق، ويمكن تغيير الأعضاء في سِنات أُقيم لإعداد الأمور.
وقال أرسطو: إن الروح تشيب كالبدن، ولا تكون هذه الملاحظة صالحة إلا عن حاكم منفرد، ولا يمكن تطبيقها على أعضاء سِنات.
وكان القانون الروماني، الذي يوجب أن تكون تهمة الزنا علانية، أمرًا باهرًا في وقاية طهر الأخلاق، وكما أنه كان يُرهب النساء كان يُرهب من يجب عليهم أن يرقبوهن.
ولا شيء يحفظ الأخلاق أكثر من خضوع الشبان المتناهي للشيوخ، لما يوجبه من إلزام كل منهما، من إلزام أولئك باحترام الشيوخ، ومن إلزام هؤلاء باحترام بعضها بعضًا.
وكذلك سلطان الأب عظيم الفائدة لحفظ الطبائع، وكنا قد قلنا إنه لا يوجد في الجمهورية ما في الحكومات الأخرى من قوة زاجرة، ولذا يجب على القوانين أن تُحاول صنع ما يغني عنها، وهي تبلغ ذلك بالسلطة الأبوية.
وفي رومة زال سلطان الأب مع زوال الجمهورية، وفي الملكيات، حيث لا يُعرف ما يصنع بالأخلاق النقية جدًّا، يُراد عيش كل واحد تحت سلطان الحكام.
وفرضت قوانين رومة، التي عودت الشباب الطاعة، سن قصور طويلة، وقد نكون على خطأ باتخاذ هذه العادة، ففي الملكية لا يحتاج إلى هذا المقدار من القسر.
وقد تستلزم هذه الطاعة في الجمهورية أن يظل الأب مدى حياته صاحبًا لأموال أولاده كلما قُضِيَ في رومة، ولكن هذا ليس من روح الملكية.