لوحة زمنية بمعالم تاريخ الفلسفة
تقديم
خرجت من تجربتي المتواضعة في تعليم الفلسفة بأن الطلاب والمثقفين كثيرًا ما يخلطون بين العصور الفلسفية وتواريخ مولد الفلاسفة وموتهم، فكم وضعوا أرسطو في العصر الوسيط أو الحديث، وألقوا بكانط في غياهب العصر القديم أو الوسيط! وقد أوحى إليَّ هذا بفكره لوحة زمنية تكون أشبه بتخطيط عام أو «خارطة» تاريخية تسعف القارئ في التعرف إلى المعالم الكبرى في تاريخ الفكر الفلسفي، على نحوِ ما يلجأ السائح إلى خارطة مدينة أو بلد غريب فتطمئن نفسه إلى دليل يحميه من التيه. وغنى عن الذكر أنها تسعفه وتهديه، ولكنها لا تعفيه من الاطلاع بنفسه على هذه المعالم، وإلا اكتفى الناس بالمكوث في بيوتهم والتفرج على الخرائط! وقد استعنت على وضع هذه اللوحة بالجدول التاريخي الذي ألحقه الأستاذ «إرنست فون أستر» بكتابه المعروف عن تاريخ الفلسفة (الطبعة الخامسة عشرة، كرونر، شتوتجارت، ١٩٦٨م) واللوحة الزمنية التي ذُيِّل بها المعجم الفلسفي الذي أسسه الأستاذ هينريش شميث وأكمله ونشره في طبعته الرابعة عشرة الأستاذ جورجي شيشكوف (شتوتجارت، كرونر، ١٩٥٧م) وقد كان في نيتي أن أقتصر على الخطوط العريضة والحقائق البارزة، حتى لا تخرج اللوحة عن حجمها المحدود ولا تبعد عن هدفها المقصود. ولكن مثل هذا العمل يحمل دائمًا في طيَّاته أخطار الإغراء، فوجدتني أتوسَّع في بعض الفلاسفة الكبار، وأشحذ الذاكرة لأُفرغ ما بقي في غربالها من معلومات عن المؤلفات التي تُرجمت لهم أو وُضعت عنهم في لغتنا، مكتفيًا بذلك عن ذكر أسمائها في لغاتها الأصلية حتى لا أزيد الأمر تعقيدًا. وقد كان اعتمادي الأكبر على الذاكرة وبعض المراجع القليلة التي وجدتها بين يدي أثناء وجودي في صنعاء، ولهذا فاللوحة أبعد ما تكون عن الوفاء والاستقصاء، كما تعاني قدرًا كبيرًا من عدم التوازن بين أجزائها. ولكني أرجو أن تتاح الفرصة في المستقبل لتهذيبها واستيفائها بقدر الإمكان. وقد استعنت ببعض القواميس الفلسفية غاير ما ذكرت، وهي قاموس هيردر الفلسفي للأستاذ ماكس مولر، وقاموس المفاهيم الفلسفية للأستاذ يوهانيس هوفميستر، وقاموس لاروس الفلسفي للأستاذ ديدييه جوليا، والقاموس الفلسفي الذي نشره الأستاذان «م. روزنتال» و«ب. يودين» موسكو ١٩٦٧م كما اعتمدت اعتمادًا كبيرًا على المواد التي أضافها أستاذنا الدكتور زكي نجيب محمود عن الفلاسفة المسلمين إلى الموسوعة الفلسفية المختصرة التي تفضَّل بمراجعتها والإشراف عليها (صدرت عن سلسة الألف كتاب، العدد ٤٨١، مكتبة الأنجلو المصرية، ١٩٦٣م) وألحقت بكل شخصية بعض المراجع التي ربما يحتاج القارئ للاطلاع عليها دون أي طموح للاستقصاء كما ذكرت من قبل. ولست بحاجة للقول بإنها ليست قاموسًا فلسفيًّا بأي معنًى من المعاني، مهما شابهت القواميس من قريب أو من بعيد. وإذا كانت قد غابت عنها بعض الأسماء الهامة من علماء الكلام والمتصوفة والفلاسفة والحكماء في الشرق والغرب، أو أسقط بعضهم دون وجه حق واختصر الكلام عن بعضهم الآخر اختصارًا مخلًّا، فأرجو على كل حال ألا يحرمها هذا القصور من بعض الفائدة.
(١) الهند
(٢) الصين
كلمة «تاو» هي الكلمة الأساسية في الحكمة الصينية، وكانت في الأصل تعني «الطريق» أو «الخط المرسوم» (للأجرام السماوية) ثم أصبحت التصور الميتافيزيقي الرئيسي الدال على الوجود الحق والنظام الأبدي (يمكن مقارنتها من بعيد ﺑ «البراهمان» الهندي و«اللوجوس» اليوناني مع فروق أساسية بينها جميعًا).
-
مو تي (النصف الثاني من القرن الخامس ق.م).
-
شوانج تسي (القرن الرابع ق.م) شارح لاوتسي بأمثاله وحكاياته الشاعرية الخلَّابة.
(انظر: «الفلسفة في الشرق» لبول ماسون أورسيل وترجمة الدكتور محمد يوسف موسى، و«حكمة الصين» للأستاذ فؤاد شبل، و«الفلاسفة الكبار» لكارل ياسبرز، وقد سمعت عن ترجمة لبنانية لبعض أجزائه، و«ما قبل الفلسفة: الإنسان في مغامراته الفكرية الأولى» تأليف ﻫ/و ﻫ/أ. فرانكفورت وجون ولسون وتوركيلد جاكويسون وترجمة الأستاذ جبرا إبراهيم جبرا، بغداد ١٩٦٠م، و«الفكر الفلسفي الهندي» لسرفبالي راداكرشنا وشارلز مور وترجمة ندره اليازجي (وبه نصوص من الأوبانيشاد وبهاجفاد جيتا وغيرهما من روائع الفلسفة الهندية) دمشق، دار اليقظة العربية، ١٩٦٧م.)
(٣) الفلسفة الغربية القديمة
(٣-١) المفكرون قبل سقراط
فيثاغتورس الساموسي ينشيء مدرسته (أو فرقته السرية) في كروتون بجنوب إيطاليا. العدد هو وجود الموجود، والوجود هو الكون.
السفسطائيون: أزمة التفكير الفلسفي في الحقيقة. يمثلون «عصر التنوير» المبكر في تاريخ الغرب. وضع القيم والتقاليد والحقائق الراسخة موضع السؤال والمغالطة.
-
راجع في العربية: فجر الفلسفة اليونانية للمرحوم الدكتور أحمد فؤاد الأهواني، ربيع الفكر اليوناني للدكتور عبد الرحمن بدون، تاريخ الفلسفة اليونانية للمرحوم الأستاذ يوسف كرم، الفلسفة عند اليونان، الدكتورة أميرة حلمي مطر، تاريخ الفكر الفلسفي، الجزء الأول من طاليس إلى أفلاطون للدكتور محمد علي أبو ريان.
(٣-٢) المفكرون الكلاسيكيون
-
انظر الترجمات العربية القديمة التي يرجع الفضل لأستاذنا الدكتور عبد الرحمن بدوي في نشرها وتحقيقها (النفس والشعر والخطابة والطبيعة والمنطق) وكذلك كتابه عن أرسطو ومخطوطات أرسطو في العربية، وترجمة كتاب النفس للمرحوم الدكتور أحمد فؤاد الأهواني، وترجمات المرحوم الأستاذ لطفي السيد (عن الترجمة الفرنسية لبارتليمي سانت هيلار) للسياسة والأخلاق إلى نيقوماخوس، ونظام الاثينيين للمرحوم الدكتور طه حسين، وترجمات كتاب الشعر للأساتذة الدكاترة: شكري محمد عياد واحسان عباس وعبد الرحمن بدوي، وكتاب أورجانون أرسطو عند العرب (بالفرنسية) للأستاذ الدكتور إبراهيم بيومي مدكور والكتب المذكورة آنِفًا عن تاريخ الفلسفة اليونانية.
(٣-٣) العصر الهلينستي
(أ) الرواقية
أسسها زينون (٣٣٦–٢٦٤ق.م) من كيتيون (في قبرص) ونظمها وأضفى عليها الصورة المنهجية كريزيبوس من سولوى (حوالي ٢٨٠–٢٠٧ق.م): إمكان معرفة الحقيقة والواقع، ميتافيزيقا تؤمن بوحدة الوجود: فالعقل الإلهي المنبث في الكون يُسيِّره، الأخلاق: تهتدي بنموذج «الحكيم» الذي يتحقق فيه التجانس بين ذاته وبين العقل أو «اللوجوس» الكوني، الاتجاه للأخوة العالمية، (الكوزموبوليتية).
(ب) الرواقية الوسطى
(٣-٤) العصر الروماني
(أ) الرواقية المتأخرة أو الحديثة أو الرومانية
-
راجع الترجمة العربية القديمة في كتاب «أفلوطين عند العرب» للدكتور عبد الرحمن بدوي، والترجمة الحديثة مع دراسة لحياة أفلوطين وفلسفته في كتاب «التاسوعية الرابعة لأفلوطين» للدكتور فؤاد زكريا، وكذلك ما كتب عنه في تاريخ الفلسفة اليونانية للمرحوم الأستاذ يوسف كرم، والفلسفة عند اليونان للدكتورة أميرة مطر، وخريف الفكر اليوناني للدكتور عبد الرحمن بدوي بجانب دراسة عنه «وحيدًا مع الواحد» في «مدرسة الحكمة» لكاتب السطور.
-
تلميذ أفلوطين وصديقه السابق الذكر «فرفوريوس الصوري»، الذي عاش بين سنة ٢٣٣ إلى سنة ٣٠٠م يُؤلف مدخلًا لكتاب المقولات لأرسطو باسم «الأيساجوجي» أو إيساغوجي، وقد ظل هذا الكتاب الذي اشتهر عند العرب يُستخدم ككتاب مدرسي طوال قرون عديدة.
(٤) عصر الآباء والعصر المدرسي (مشكلة الإيمان والمعرفة والتوفيق بين الدين والفلسفة)
(٤-١) آباء الكنيسة
(٤-٢) الفلسفة المدرسية والتصوف في العصر الوسيط: ما قبل الفلسفة المدرسية
(٥) العصر المدرسي المبكر (المشكلة الأساسية: وضع الأُسس الفلسفية للإيمان المسيحي)
(٦) الفلسفة الإسلامية واليهودية
(٦-١) الكندي، أبو يوسف يعقوب بن اسحق
ولد بالكوفة (حوالي سنة ٨٠٣م) وهو من قبيلة كِندة، أي أنه من أصل عربي، ولذلك لقب بفيلسوف العرب. ألمَّ بعلوم عصره، ونزع في آرائه الكلامية نزعة المعتزلة (كالقول بالعدل والتوحيد، والبحث في قدرة الإنسان على أداء فعل ما، وهل توجد قبل الفعل أو تكون معه) مدار فلسفة الكندي هو الفلسفة الطبيعية والرياضيات التي طبقها في بحوثه في الطب والموسيقى اللذين يقومان على التناسب الهندسي. ذهب الكندي إلى أن العالم مخلوق لله، وفِعل الله في العالم إنما يكون بوسائط كثيرة، فالأعلى يؤثر فيما دونه، أما المعلول فلا يؤثر في العلة؛ لأنها أرقى منه في مرتبة الوجود، وكل ما يقع في الكون يرتبط بعضه ببعض ارتباط علة بمعلول، ونستطيع من معرفتنا بالعِلل أن نتنبأ بالمستقبل، وكل موجود في الكون يعكس سائر الموجودات كأنه مرآة لها، فإذا عرفت موجودًا واحدًا عرفت بقية العالم، وهو رأي شبيه برأي ليبنتز في الجواهر الروحية الفردة أو المونادات. والكندي ذو مذهب عقلي؛ إذ يرى أن وجود المادة مرهون بتصورها في العقل، على أن ثمة مرحلة وسْطى تقع بين العقل الإلهي والعالم المادي، وتلك هي النفس التي عنها صدرت الأفلاك كما فاضت عنها النفس الإنسانية، هذه النفس الإنسانية جوهر بسيط خالد، هبط من عالم العقل مزوَّدًا بذكريات من حياته في ذلك العالم؛ فهي من حيث جوهرها مستقلة عن مادة الجسم، لكنها مقيدة بمادة الجسم من حيث أفعالها لأن الجسم هو وسيلة الأداء. واتصال النفس بالجسم مصدر ألم لا ينقضي، فمن شاء نعيمًا مقيمًا وجب عليه أن يستغرق في تأملاته العقلية وفي طلب العلم وفي تقوى الله. جعل الكندي من سقراط مثله الأعلى في الفلسفة، وكتب عن محنته وآرائه، وحاول التوفيق بينه وبين أرسطو، على أن المأثور عن الكندي هو أنه أخذ بالفلسفة الأرسطية، فدرس ما تُرجم منها إلى العربية وحول إصلاحه وشرحه وتهذيبه، كما فعل بالكتاب المنحول لأرسطو والمسمى «أثولوجيا أرسطو طاليس» أو كتاب الميامر في الربوبية، وهو في الواقع أجزاء متفرقة من تاسوعات أفلوطين الرابعة والخامسة والسادسة، نشره الدكتور عبد الرحمن بدوي — أفلوطين عند العرب — ص١٦٤، كما ترجم الدكتور فؤاد زكريا التاسوعة الرابعة وقارنها بالترجمة العربية القديمة لعبد المسيح بن عبد الله الناعمي الحمصي (راجع رسائل الكندي الفلسفية، في جزأين ١٩٥٠–١٩٥٣م، تحقيق الدكتور محمد عبد الهادي أبو ريده، وكتاب الكندي إلى المعتصم بالله في الفلسفة الأولى تحقيق الدكتور أحمد فؤاد الأهواني، وفيلسوف العرب والمعلم الثاني للمرحوم الإمام الأكبر الشيخ مصطفى عبد الرازق، وفيلسوف العرب يعقوب بن إسحاق الكندي للأستاذ إسماعيل حقي الأميري ونقله عن العربية عباس العزاوي، بغداد ١٩٦٣م وبه قائمة مفصلة بمؤلفات الكندي، والكندي فيلسوف العرب للدكتور أحمد فؤاد الأهواني ١٩٦٤م، وتاريخ الفلسفة العربية للدكتور خليل الجر وحنا فاخوري ١٩٥٧-١٩٥٨م، وتاريخ الفلسفة في الإسلام لدى بور وترجمة الدكتور محمد عبد الهادي أبو ريده، وتاريخ العلم لجورج سارتون وترجمة العربية بإشراف الدكتور إبراهيم بيومي مدكور، ودراسات في الفلسفة الإسلامية للدكتور محمود قاسم، وفي الفلسفة الإسلامية منهج وتطبيقه للدكتور إبراهيم بيومي مدكور، ودراسات في علم الكلام والفلسفة الإسلامية للدكتور يحيى هويدي، ومناهج البحث عند مفكري الإسلام، ونشأة الفكر الفلسفي في الإسلام وكلاهما للدكتور علي سامي النشار، وتاريخ المذاهب الفلسفية لسنتلانا (نسخة مصورة بمكتبة جامعة القاهرة)، والفلسفة الإسلامية (بالإنجليزية) للدكتور أحمد فؤاد الأهواني، القاهرة، الأنجلو المصرية، ١٩٥٧م، وتاريخ الفلسفة الإسلامية لهنري كوريان، وترجمته العربية لنصير مروة وحسن قبيسي وتقديم الإمام موسى الصدر والأمير عارف تامر، بيروت ١٩٦٦م، وفلسفة الفكر الديني بين الإسلام والمسيحية للأب جورج قنواتي وجارديه وترجمة الدكتور صبحي الصالح وفريد جبر، بيروت ١٩٦٧م، دراسات في مذاهب فلاسفة المشرق (الباب الأول) وتجديد في المذاهب الفلسفية والكلامية للدكتور محمد عاطف العراقي، وتمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية للشيخ مصطفى للشيخ مصطفى عبد الرازق، وتاريخ الفلسفة الإسلامية (بالإنجليزية) لمحمد شريف، فيزبادان، هاراسوفيتس، ١٩٦٣م).
(٦-٢) الفارابي، أبو النصر محمد
لسنا نعرف كثيرًا عن حياة الفارابي، فقد كان رجلًا يخلد إلى السكينة والهدوء. وقف حياته على التأمل الفلسفي، يستظل به الملوك، ثم تزيَّا آخر الأمر بزي المتصوفة. يقال إن والد الفارابي كان قائدًا عسكريًّا ومن أصل فارسي، وأن الفارابي قد وُلد حوالي سنة ٨٧٠م في وسيج، وهي قرية صغيرة تقع في ولاية فاراب من بلاد الترك (التركستان الحالية). حصل الفارابي علومه في بغداد، ودرس بعضها على معلم مسيحي هو يوحنا بن شيلان. ألم في دراسته بالأدب والرياضيات، ومؤلفاته في الموسيقى (ومن أهمها كتاب الموسيقى الكبير) شاهد على سعة دراسية للرياضيات. ارتحل الفارابي من بغداد إلى حلب، ولعل ذلك راجع إلى الاضطرابات السياسية التي وقعت ببغداد. وفي حلب استقر في مجلس سيف الدولة، إلا في أخريات حياته حيث ترك القصر وخلا إلى نفسه بين البساتين ومظاهر الطبيعة، فما كان يرى — فيما يقول ابن خلكان — إلا عند مجتمع ماء أو مشتبك نهر، حالمًا بمدينة فاضلة تتحقق فيها للبشر على الأرض السعادة القصوى، ومات في دمشق في شهر ديسمبر عام ٩٥٠م عن ثماني عامًا. سُمي الفارابي بالمعلم الثاني، والمعلم الأول هو أرسطو، وفي ذلك يقول ابن خلدون في مقدمته: إن أرسطو سُمي بالمعلم الأول لأنه هذب وجمع ما تفرَّق من مباحث المنطق ومسائله، فأقام بناءه متماسكًا وجعله أول العلوم الحكمية وفاتحتها، وسُمي الفارابي بالمعلم الثاني لما قام به من تأليف كتاب يجمع ويهذب ما تُرجم قبله من مؤلفات أرسطو خاصة (ولعله كان يقصد كتاب فلسفة أرسطوطاليس الذي حققه ونشره — بجانب عدد آخر من كتب الفارابي — الدكتور محسن مهدي) فمنذ أيام الفارابي أُحصيت كتب أرسطو ورُتبت على صورة لم تتغير في جملتها، وصارت تفسر وتشرح على طريقة الفارابي (راجع إحصاء العلوم بتحقيق المرحوم الدكتور عثمان أمين).
حاول الفارابي أن يقيم البرهان على أن أفلاطون وأرسطو متفقان، وإذا كان يختلفان في المنهج والأسلوب وسيرة الحياة فإن مذهبهما الفلسفي واحد (الجمع بين رأيي الحكيمين أفلاطون الإلهي وأرسطو). وقد تأثَّر في ذلك تأثرًا مباشرًا بالأفلاطونية الجديدة، كما تأثر بها في كون العالم يجئ صدورًا عن الله في صورة فيض، فمرتبة تفيض عن المرتبة الأعلى منها وهكذا حتى نصل إلى أدنى المراتب.
كان الفارابي ذا نظرة شاملة تعمم أكثر مما تجرئ، فلم يكن يرضيه الوقوف عند الجزئيات، ولم يكن يحفل بالعلوم الجزئية، بل حصر جهده كله في المنطق وفيما بعد الطبيعة وفي علم الطبيعة. والفلسفة عنده — كما هي عند أرسطو — العلم بالموجودات بما هي موجودة، وهي العلم الوحيد الجامع الذي يضع أمام العقل صورة شاملة للعالم. ويذهب الفارابي إلى أن كل موجود فهو إما واجب الوجود وإما ممكن الوجود، ولا ثالث لهذين الضربين من الوجود، ولما كان الممكن لا بد أن تتقدم عليه علة تُخرجه إلى الوجود، ولما كانت العلل لا يمكن أن تتسلسل إلى غير نهاية، وكان لا بد من الانتهاء إلى موجود واجب الوجود لا علة لوجوده، وهو أزلي، وهو موجود بالفعل من جميع جهاته ولا يعتريه التغيُّر، وهو عقل محض، وخير محض، ومعقول محض، وعاقل محض، وهو البرهان على جميع الأشياء، وهو العلة الأولى لسائر الموجودات، ويحمل في ذاته البرهان على أنه يجب أن يكون واحدًا لا شريك له. ومعرفتنا بالله عن طريق الاستدلال من الموجودات التي صدرت عنه أوثق من معرفتنا به معرفة مباشرة، فمن الواحد يصدر العالم، وذاك حين يتعقل الله ذاته، وعن الله يفيض منذ الأزل وجود ثانٍ هو ما يُسمى بالعقل الأول، وهو العقل الذي يحرك الفلك الأكبر، وبعده تأتي عقول ثمانية يختلف بعضها عن بعض، برغم أن كلًّا منها كامل في ذاته، وهذه العقول الثمانية التي نيطت بها الأجرام السماوية تُضاف إلى العقل الأول فتصبح العقول تسعة، وهي كلها تؤلف المرتبة الثانية من مراتب الوجود. وفي المرتبة الثالثة يجئ العقل الفعال الذي يكون حلقة الاتصال بين العالم العلوي والعالم السفلي. وفي المرتبة الرابعة تأتي النفس، وهذا العقل الفعال وهذه النفس من شأنهما أن يتكثرا في أفراد البشر فيكون منهما بمقدار ما هنالك من بني الإنسان. وفي المرتبة الخامسة من مراتب الوجود توجد الصورة. وفي السادسة توجد المادة، ومن هاتين تتكون الأشياء؛ إذ إن كل شيء قوامه صورة ومادة. وبهذه المراتب الست تنتهي سلسلة الموجودات التي ليست ذواتها أجسامًا، مع ملاحظة أن الثلاث المراتب الأولى كائنات ليست أجسامًا. ولا هي تحل في أجسام، وأن الثلاث مراتب الأخيرة تلابس الأجسام وإن لم تكن في ذاتها أجسامًا. أما الأجسام فهي ستة أجناس: الأجسام السماوية، والحيوان الناطق، والحيوان غير الناطق، وأجسام النبات، والمعادن، والعناصر الأربعة (الماء والهواء والتراب والنار).
تأثر الفارابي في آرائه السياسية بجمهورية أفلاطون (آراء أهل المدينة الفاضلة، فلسفة أفلاطون بتحقيق روزنتال وفالزر، والسياسات المدنية، وكتاب تحصيل السعادة والتنبيه على سبيل السعادة وكلها طبعه حيدر آباد) وقال بفكرة أن يملك زمام الدولة حاكم فاضل وعادل يجمع صفات النبي والملك الفيلسوف والإمام الشيعي المعصوم، ويحقق حلمه بالمدينة الفاضلة فالأمة الفاضلة «التي تتعاون مدنها كلها على ما تنال به السعادة» لكي يتجاوزها إلى إطار الإنسانية أو «المعمورة الفاضلة» عندما تتعاون الأمم فيما بينها على بلوغ السعادة. ويختار المفكر والحكيم طريق التضحية «فلا يبالي أن يموت أو يؤثر الموت على الحياة كما فعل سقراط» لتغيير واقع المدن الظالمة والضالة الجاهلة. وتحقيق حلم العدل يجعل للفارابي مكانة ممتازة في تاريخ الفكر الطوباوي (انظر مقال الدكتور جابر عصفور عن نظرية الفن عند الفارابي بمناسبة الاحتفال بذكراه المائة بعد الألف، مجلة الكاتب، ديسمبر ١٩٧٥م، العدد ١٧٧، ص١٠–٣٥، وكذلك فيلسوف العرب والمعلم الثاني للشيخ مصطفى عبد الرازق، ومنزلة الفارابي من المدرسة الفلسفية الإسلامية (بالفرنسية) باريس ١٩٣٤م وفي الفلسفة الإسلامية منهج وتطبيقه، ومنطق أرسطو في العالم للعربي (بالفرنسية) الطبعة الثانية، المكتبة الفلسفية، فران، باريس ١٩٦٩م، والكتب الثلاثة الأخيرة للدكتور إبراهيم بيومي مدكور، ومجلة المورد، المجلد الرابع، العدد السادس، ١٩٧٥م، بغداد (عدد خاص عن الفارابي)).
(٦-٣) ابن سينا (٩٨٠–١٠٣٧م)
فيلسوف وطبيب وشاعر، وهو أكثر الفلاسفة المسلمين أصالة. أقام مذهبًا فلسفيًّا في الوحدانية يقترب إلى أقصى حدٍّ ممكن من تركيب يؤلف بين مبادئ الإسلام وتعاليم أفلاطون وأرسطو. امتزجت فيه رغبة فارسية عارمة في الحياة بسعي دائب نحو الحقيقة، فأنتجت نسقًا فلسفيًّا يتجلَّى فيه عقل مبدع ناقد مفعم بشعور ديني عميق. وابن سينا — على خلاف الفارابي الذي يدين له بالكثير، وعلى خلاف ابن رشد الذي ينحصر جهده الفلسفي الأصيل في شروحه إلى حدٍّ كبير — قد استطاع أن يصوغ «مجموعة فلسفية» بناء على دراسته لأرسطو دراسة ناقدة، مستعينًا في ذلك بمن يشايع الأفلاطونية الجديدة من الشُّراح وبالرواقيين. وكان لكتاب «الشفاء» تأثير كبير على المسلمين واليهود والمسيحيين، على الرغم من أنه قد أثار مع كتاباته الفلسفية الأخرى عداوة المتكلمين له. تمسَّك ابن سينا في ميدان «المنطق» تمسكًا صارمًا بفكرة أرسطو عن العلة والمعلول فاصطدمت جبريته المنطقية بجبريتهم الدينية، ومزج في ميدان علم النفس بين أرسطو وأفلوطين في فكرته عن خلود النفس العاقلة التي هي جوهر من حيث هي صورة، كما استعان في ميدان الميتافيزيقا (ما وراء الطبيعة) بأفلوطين وفرفوريوس الذي حاول أن يوفق بين أفلاطون وأرسطو، ووجه فكر أفلاطون وجهة تقربه من الوحدانية الدينية فمكَّن المسلمين من أن يوفِّقوا بين المعتقدات التقليدية والفكر اليوناني. وقد أحرزت فكرته عن الله الذي يتوحَّد في ذاته الوجود والماهية رواجًا واسعًا في الغرب، وخاصة على يدى موسى بن ميمون اليهودي وتوماس الأكويني المسيحي، ولكي يسد ابن سينا الفجوة بين الوحي والعقل لاذ بنزعة صوفية عقلية (في كتاب الإشارات). فالصوفي المتأمل و(العارف) الذي بلغ أعلى مرتبة من المعرفة يصل إلى الاتحاد العقلي مع الله عن طريق الإدراك الحدسي، والفلسفة العملية جزء من «ميتافيزيقا» ابن سينا؛ لأن بلوغ السعادة الإنسانية لا يتيسر إلا في مجتمع، والنبوة والشريعة لا غنى عنهما لبقاء الإنسان وسعادته. فالنبي المُشرِّع يأتي للبشرية بقانون إلهي يضمن لها الرفاهية في هذه الدنيا والسعادة في الحياة الآخرة، وقد وحَّد الفارابي النبي المشرع بالملك الفيلسوف عند أفلاطون، أما ابن سينا فيسلم للنبي بمعرفة حدسية تلقائية، وبذلك يضعه في مرتبة أعلى من الفيلسوف، والدولة الإسلامية المثلى التي تتخذ من الشريعة المحمدية دستورًا هي (في فلسفة ابن سينا) قسيمة ﻟ «جمهورية» أفلاطون التي بيَّنت للفلاسفة المسلمين — مع كتابه «القوانين» — ما للشريعة من دلالة سياسية، وزودتهم بفكرة العدالة والقانون، وهما الأساس المشترك بينهم، الذي أتاح لهم أن يحاولوا التوفيق بين العقائد الإسلامية الأساسية والأفكار الإغريقية، وهنا موضع أصالتهم بوصفهم فلاسفة دين يتخذون من الشريعة محورًا لفلسفتهم وأساسًا (ابن سينا للدكتور أحمد فؤاد الأهواني ١٩٥٨م، الفلسفة الطبيعية عند ابن سينا ودراسات في مذاهب فلاسفة المشرق للدكتور محمد عاطف العراقي، مجلة الكتاب، أبريل ١٩٥٢م، المجلد ١١ (عدد خاص عن ابن سينا)، ومؤلفات ابن سينا للأب جورج شحاتة قنواتي ١٩٥٠م، مجموعة البحوث والمحاضرات التي أُلقيت في العيد الألفي لابن سينا، القاهرة ١٩٥٢م، الإدراك الحسي عند ابن سينا للدكتور عثمان نجاتي، الشيخ الرئيس لعباس محمود العقاد، الشفاء (المنطق والخطابة والإلهيات تقديم الدكتور مدكور وتحقيق عدد من الأعلام، القاهرة ١٩٥٣م، ١٩٦٠م) والإشارات والتنبيهات، القاهرة ١٩٥٧م، والنجاة في الحكمة الطبيعية والمنطقية والإلهية، القاهرة ١٩٣٨م، وعيون الحكمة تحقيق الدكتور عبد الرحمن بدوي ١٩٥٤م، والمباحثات تحقيق الدكتور عبد الرحمن بدوي، القاهرة ١٩٤٧م (ضمن كتاب أرسطو عند العرب)، ورسالة في الحدود تحقيق جواشون، القاهرة، المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية ١٩٦٣م، وتسع رسائل في الحكمة والإلهيات، القاهرة ١٩٠٨م، والفيض الإلهي، طبعة حيدر آباد الدكن ١٣٥٣ﻫ، ومجموعة رسائل لابن سينا تحقيق الدكتور أحمد فؤاد الأهواني ١٩٥٢م، ورسالة العروس تحقيق شارل كونس (ضمن العدد الخاص من مجلة الكتاب السابق الذكر عن ابن سينا)، ومجموعة الرسائل الصوفية نشرة مهرن، ليدن ١٨٨٩م، وثورة العقل في الفلسفة العربية (الفصل الثالث)، ودراسات في مذاهب فلاسفة المشرق (الباب الثاني) للدكتور محمد عاطف العراقي، وشرح الإشارات والتنبيهات لابن سينا (لفخر الدين الرازي، القاهرة، المطبعة الخيرية ١٣٢٥ﻫ وهو في الرد على ابن سينا)، وشرح الإشارات والتنبيهات لنصير الدين الطوسي (وفيه تأييد لموقف ابن سينا، القاهرة ١٣٢٥ﻫ)، وابن سينا واليسار الأرسطي (بالألمانية) لأرنست بلوخ، وكتاب مهرجان ابن سينا، جامعة طهران، ١٩٥٦م، ومجموعة ذكرى ابن سينا من منشورات المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة ١٩٥٢م، ومادة ابن سينا بدائرة المعارف الإسلامية، مجلد ١ عدد ٤ ترجمة وتعليق الدكتور محمد ثابت الفندي، وابن سينا مؤلفاته وشروحها المحفوظة بدار الكتب المصرية للمرحوم فؤاد السيد، مؤلفات ابن سينا وفلسفته وتأثيره للدكتور جميل صليبا في دائرة المعارف للبستاني مجلد ٣ ص٢٢١، ومن أفلاطون إلى ابن سينا لجميل صليبا، دمشق ١٩٥١م، ابن سينا: الفيلسوف والعالم (بالإنجليزية) نشره وكنز، لندن، لوزاك، ١٩٥٢م وهو مجموعة محاضرات جامعة كمبردج عن ابن سينا).
(٦-٤) الغزالي، أبو حامد (١٠٥٩–١١١١م)
وُلد في طوس بخراسان، ودرس علم الكلام في نيسابور على إمام الحرمين «الجويني»، ثم قدِم على مجلس نظام الملك — وزير السلطان السلجوقي — وظل فيه حتى أُسند إليه منصب التدريس في بغداد. أخذت الشكوك تستبد به، فأقبل على دراسة الفلسفة لعلها تخرجه من شكوكه. وقد درس كتب الفلاسفة — ولا سيما الفارابي وابن سينا — ثم ألَّف كتابًا — مقاصد الفلاسفة — يلخِّص فيه مسائل الفلسفة غير متعرض لنقدها، مُرجئًا ذلك إلى كتب تالية، أهمها «تهافت الفلاسفة» الذي يعد أقسى هجوم على الفلسفة، حتى لقد تصور الناس زمنًا طويلًا أنه قضى عليها نهائيًّا أو اضطرها لاتخاذ موقف الدفاع عن نفسها. لم يلبث بعد تأليفه هذا الكتاب طويلًا في منصب التدريس ببغداد، فانقطع عنه، عاودته الشكوك، وبعد تردد طويل بين نوازع الدنيا ودواعي الآخرة هتف به هاتف باطني فاعتزل وخلا إلى نفسه يروِّضها استعدادًا لما هو مقبل عليه (راجع المنقذ من الضلال!) وانتهى به الأمر إلى مغادرة بغداد حيث لبث عشر سنين متنقلًا، ينصرف إلى العبادة والتأليف. وأغلب الظن أن أكبر كتبه وهو «إحياء علوم الدين» قد أُلِّف في الشطر الأول من هذه الفترة. ذهبت به الأسفار إلى دمشق وبيت المقدس والإسكندرية ومكة والمدينة، ثم رجع إلى وطنه حيث استأنف مهنة التدريس زمنًا وجيزًا في نيسابور، حتى وافته منيته في مسقط رأسه طوس.
استعرض الغزالي مختلف التيارات في ثقافة عصره فوجد أربعة اتجاهات تتمثل في جماعات أربع هي جماعة المتكلمين الذين يؤدون مهمة المدافع عن العقيدة، ولكنهم يبنون دفاعهم على أساس التسليم أولًا بالوحي المُنزَّل، وهو دفاع أن أقنع المؤمن فهو لا يقنع غير المؤمن، وجماعة الباطنية الذين يزعمون أنهم يقتبسون علمهم من الإمام المعصوم، فكل ما يعرضونه مستند إلى النقل عن معلمهم لا إلى حجة مقنعة، وأما الفلاسفة، فعلى الرغم مما لهم من فضل في تثقيف الناس بعلوم برهانية لا سبيل إلى الشك فيها كالرياضيات والفلك والطبيعيات في بعض جوانبها التي لا تخالف الدين، إلا أنهم قد يتعرضون في سائر بحوثهم للتناقض وفساد الرأي (ومن أهم المسائل التي عُني الغزالي بإبطال رأي الفلاسفة فيها ثلاث: نظرية قِدم العالم، والقول بأن الله يعلم الكليات وحدها دون الجزئيات، وإنكار بعث الأجساد على أساس قولهم بإن الأرواح وحدها هي التي لا يجوز عليها الفناء) ثم جماعة المتصوفة الذين لا يجدون في الأقيسة العقلية أداة صالحة لمعرفة الحق، بل الأداة الصالحة عندهم هي الحدس أو الذوق الباطني ومن ثم فقد أخذ بنظرتهم دون الجماعات الثلاث الأخرى.
(مؤلفات الغزالي للدكتور عبد الرحمن بدوي، دراسات في مذاهب فلاسفة المشرق (الباب الثالث) للدكتور محمد عاطف العراقي، وانظر تحقيقات الدكتور سليمان دنيا ومؤلفاته عنه كالحقيقة في نظر الغزالي.)
(٦-٥) ابن باجة، أبو بكر محمد بن يحيى بن الصائغ
وُلد في سرقسطة ولا نعرف عن حياته أكثر من أنه في إشبيلية عام ١١١٨م بعد سقوط سرقسطة ثم نراه بعد ذلك في غرناطة، ثم انتقل إلى فاس حيث التحق ببلاط المرابطين، ومات عام ١١٣٨م.
كانت مؤلفات ابن باجة شروحًا للمذهب الأرسطي أقرب منها إلى أن تكون مذهبًا فلسفيًّا خاصًّا به، ومن أهم ما يلفت النظر عنده هو طريقته في بيان تكامل العقل الإنساني ومبلغ الإنسان من العلم ومكانه بين الموجودات. ويقيم ابن باجة مذهبه على أساس أن المبدأين الأساسيَين هما الهيولي والصورة، وبينما يجوز أن توجد الصورة مجردة من الهيولي، فلا يمكن للهيولي أن توجد بغير صورة، والصور تتدرج في تسلسل صاعد، فأدناها هي الصورة الهيولانية التي تتصل بالمادة، وأعلاها هي صورة العقل المفارق. والعقل الإنساني في تطوره وتكامله إنما يصعد في هذا السلم المتدرج من أدناه إلى أعلاه، فيبدأ بإدراك الصور الماثلة في الأجسام المادية، فإدراك تصورات النفس التي هي مرحلة وسطى بين الحس والعقل، ثم إدراك العقل الإنساني في ذاته، فالعقل الفعال الذي هو في مرتبة تعلو على مرتبة العقل الإنساني، ثم إدراك عقول الأفلاك، حتى يعلو إلى حيث يدرك العقل الأول وهو الله. وهكذا يتم الصعود مسترشدًا، لا بالتصوف، بل بالفلسفة التأملية، أي إن العقل الإنساني يصل إلى كماله بالمعرفة العقلية، والنظر العقلي هو السعادة العظمى. ولابن باجة كتاب مشهور هو «تدبير المتوحد» (وقد نشره مع عدد من رسائله الدكتور ماجد فخري، بيروت ١٩٦٨م) يقول فيه إن الحياة الإنسانية التي تجئ وفقًا لإملاء العقل لا تتحقق إلا إذا اعتزل الإنسان حياة المجتمع أحيانًا، ويجوز للحكماء أن يؤلفوا من أنفسهم جماعات صغيرة أو كبيرة ليعيشوا حياتهم العقلية الرفيعة بمعزل عن شواغل العامة (انظر رسالة الاتصال تحقيق الدكتور أحمد فؤاد الأهواني، نُشرت مع تلخيص كتاب النفس لابن رشد، ١٩٥٠م. وتجدها مع مجموعة رسائل ابن باجة الإلهية (نشرة الدكتور ماجد فخري السابقة الذكر)).
(٦-٦) ابن طفيل أبو بكر محمد بن عبد الملك بن طفيل القيسي
وُلد في قادس — إحدى المدن الصغيرة بالأندلس — ومات في مراكش عام ١١٨٥م. أراد ابن طفيل أن يمزج العلم اليوناني بحكمة أهل الشرق لعله يخرج برأي مبتكر في الكون، وقد اهتم — كما اهتم ابن باجة — بالعلاقة بين الفرد والمجتمع، لكن على حين كان ابن باجة يكتفي من عزلة أصحاب الفكر عن سواد المجتمع وشواغل الدنيا بأن يلتقي جماعة المفكرين معًا في مجتمع صغير يربط بينهم، ذهب ابن طفيل إلى ما هو أبعد من ذلك؛ إذ وصل بتحليله إلى الفرد الواحد باعتباره النواة التي نشأ عنها المجتمع، ويتضح ذلك من قصته الفلسفية الرائعة «حي بن يقظان» (راجع نشرة أحمد أمين، ١٩٤٩م، دار المعارف بالقاهرة) التي يقسمها قسمين: يصور في أولهما المجتمع الإنساني بما تواضع عليه من عُرف، ويصور في ثانيهما فردًا واحدًا يتركه للفطرة ينمو نموًّا عقليًّا حتى يصير فيلسوفًا كاملًا في مستطاعه وحده أن يعرف الطبيعة بمشاهداته، وأن يعرف الله وأن يعرف نفسه بالتفكير.
(الميتافيزيقا في فلسفة ابن طفيل للدكتور محمد عاطف العراقي، دار المعارف بالقاهرة، ١٩٧٩م، الكتاب الرابع من سلسلة العقل والتجديد.)
(٦-٧) ابن رشد، أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد (١١٢٦–١١٩٨م)
فيلسوف وفقيه وقاضٍ وطبيب. وُلد في قرطبة بإسبانيا، وتُوفي في مراكش، أما في الغرب فإن أشهر ما يُعرف به هو أنه شارح أرسطو، وقد ساعدت شروحه الأرسطية على فهم المعلِّم الأول، ونشرت نفوذه في الغرب بين اليهود والمسيحيين، وأدت إلى قيام المدرسة الرشدية (التي أدانتها الكنيسة وحاربها ألبير الأكبر وتوماس الأكويني، وإن كانت قد أثَّرت تأثيرًا كبيرًا في فرنسا في القرن الثالث عشر على سيجر البراباني، وفي إيطاليا من القرن الرابع عشر حتى السادس عشر على مدرسة بادوا) ويُبدي ابن رشد في شروحه المختلفة لمؤلفات أرسطو (الملخصات والشروح المتوسطة والشروح الطويلة) بصيرة نافذة، وعرضه جلي موجز، وهو أكثر التزامًا بآراء أرسطو من الفلاسفة المسلمين الأُول. ويستحق تنفيده لهجوم الغزالي على الفلاسفة (تهافت التهافت) اهتمامًا خاصًّا، بالإضافة إلى ثلاث رسائل دينية فلسفية تنمو نموًّا جدليًّا (وأهمها فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال) وشرحه على «جمهورية» أفلاطون. وقد أخذ على عاتقه أن يُوفِّق بين الشريعة والفلسفة بأن يقرر وحدة المقصد لكل منهما في «الفصل» وبأن يقول في شرحه على «الجمهورية» إن كلا منهما للأخرى «رفيقة وأخت شقيقة». فالحقيقة واحدة لا تتجزأ، كل ما هنالك أننا نسعى إليها ونفسرها على أنحاء مختلفة، ومن هنا كانت نظرية الحقيقة المزدوجة قد نُسبت إليه خطأ، وهي إنما تنتمي إلى الرشديين اللاتين. ويجعل ابن رشد للفيلسوف وحده الحق والواجب في أن يعرض بالحجة البرهانية ما في الشريعة التي أوحى بها للنبي من معنى باطني، أما المتكلمون فيستخدمون الحُجج الجدلية ويبلبلون جماهير العوام، وأما العوام فعليهم أن يُسلِّموا بما ورد في الكتاب المُنزَّل من قصص وأمثال ومجازات بمعانيها الظاهرة. هو قبل كل شيء فيلسوف العقل والنزعة العقلية الحرة في الإسلام.
«تهافت التهافت»، القاهرة ١٩٠٣م — وله ترجمة إنجليزية قام بها فان دين برج، لندن ١٩٥٤م وأخرى ألمانية هورتن، بون ١٩١٣م — تفسير ما بعد الطبيعة، تحقيق الأب موريس بويج ١٩٣٨–١٩٥٢م، في ثلاثة مجلدات، المطبعة الكاثوليكية ببيروت، مناهج الأدلة في عقائد الملة تحقيق الدكتور محمود قاسم، رسائل ابن رشد، نشرة حيدر آباد الدكن، تلخيص كتاب النفس لأرسطو تحقيق الدكتور أحمد فؤاد الأهواني ١٩٥٠م، تلخيص ما بعد الطبيعة لأرسطو تحقيق الدكتور عثمان أمين ١٩٥٩م، تلخيص كتاب الخطابة، تلخيص كتاب الحس المحسوس (طبع مع كتاب النفس لأرسطو)، تلخيص كتاب الشعر والكتب الثلاثة الأخيرة بتحقيق الدكتور عبد الرحمن بدوي، وراجع أيضًا ابن رشد لعباس محمود العقاد ١٩٥٣م، وفجر وضحى وظُهر الإسلام لأحمد أمين، وابن رشد وفلسفته لفرح أنطون ١٩٠٣م، وتاريخ الفلسفة في الإسلام لدى بور وترجمة الدكتور محمد عبد الهادي أبو ريدة. وتاريخ الفكر الأندلسي لبالنثيا وترجمة الدكتور حسين مؤنس ١٩٥٥م، والمدخل لدراسة الفلسفة الإسلامية لليون جوتييه وترجمة الدكتور محمد يوسف موسى، وتاريخ المذاهب الفلسفية لسنتلانا وهي نسخة مصورة في مجلدين بمكتبة جامعة القاهرة، وابن رشد الفيلسوف المفترى عليه، وفي النفس والعقل لفلاسفة الإغريق والإسلام، ونظرية المعرفة عند ابن رشد وتأويلها لدى توماس الأكويني وكلها للدكتور محمود قاسم، والنزعة العقلية في فلسفة ابن رشد للدكتور محمد عاطف العراقي، وفي الفلسفة الإسلامية منهج وتطبيقه للدكتور إبراهيم بيومي مدكور، وبين الدين والفلسفة في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط للدكتور محمد يوسف موسى، المادية والمثالية في فلسفة ابن رشد للدكتور محمد عمارة، وابن رشد للأب يوحنا قمر، في جزأين، المطبعة الكاثوليكية ببيروت وابن رشد فيلسوف المغرب لعبده الحلو، بيروت، ابن رشد والرشدية لإرنست رينان وترجمة عادل زعيتر. والمجددون في الإسلام للمرحوم الأستاذ أمين الخولي، الجزء الأول ١٩٦٥م، وفي فلسفة ابن رشد، الوجود والخلود للدكتور محمد بيصار.
(٦-٨) ابن خلدون، ولي الدين عبد الرحمن بن محمد بن خلدون
وُلد بتونس عام ١٣٣٢م وتُوفي بالقاهرة عام ١٤٠٦م. حصل علومه في تونس، وبعد أن درس كل العلوم المعروفة في عصره اشتغل بخدمة الدولة حينًا، وارتحل مسافرًا حينًا آخر، وسفر لدى حكومات كثيرة في إسبانيا وإفريقية، والتقى بتيمورلنك في دمشق. هو واضع فلسفة التاريخ أو فلسفة المجتمع المبنية على تتبع الحوادث التي عِللها وكشف قوانينها. وموضوع علم التاريخ هو الحياة الاجتماعية وما يعرض فيها من ثقافة مادية وعقلية، فالتاريخ يبين أعمال الناس، وطرائق معاشهم، ومنازعاتهم، وحكوماتهم، وصناعاتهم، وعلومهم، ثم يبين كيف تزدهر المدنية قليلًا قليلًا بادئه من مبادئ بسيطة، ثم تأخذ في الزوال. وتتقلب الجماعة في صور مختلفة هي حالة البداوة، ثم القبيلة، ثم الدولة في مدينة، وعند ابن خلدون أن الدين والعصبية هما أقوى عاملين يتم بهما اتحاد الجماعة بإرادة الحاكم وبما يؤلف بين أفرادها من حاجات، فإذا ما حدث تحلل في بناء المجتمع بسبب ما قد تُحدِثه الحضارة من رَغَد وانغماس في الشهوات، ومن فقدان الناس لبأسهم الحربي وللتمسك بدينهم، ظهرت قبيلة قوية تأتي من الصحراء، أو ظهر شعب غير مترف يتمتَّع بعصبية قوية، وانقض على المدينة المُترفة ليُنشئ دولة جديدة. فشأن الدول والجماعات الكبرى هو هكذا: الجيل الأول يبني ويُؤسس، والثاني يحافظ على ما بناه الأول، والأخير يهدم، وتلك هي حال المدنيَّات كلها؛ إذ إن للمدينة والعمران البشري قوانين ثابتة. وتعد نظرية ابن خلدون «الدورية» عن نشوء «العصبيات» وازدهارها وزوالها سابقة على نظريات مشابهة عن فلسفة التاريخ عن التعاقب «الدوري» للحضارات عند فيكو ونيتشه واشبنجلر وتوينبي.
(انظر مؤلفات ابن خلدون للدكتور عبد الرحمن بدوي، والمقدمة من تحقيق الدكتور علي عبد الواحد وافي، لجنة البيان العربي، الطبعة الأولى ١٩٦٠م، وفي فلسفة التاريخ للدكتور أحمد محمود صبحي. ومقدمة ابن خلدون لساطع الحصري.)
(٦-٩) ابن ميمون (الربي موشى)
فيلسوف وطبيب يهودي إسباني، من أبرز المفكرين اليهود في العصر الوسيط الذين حاولوا التوفيق بين الفلسفة الأرسطية والدين اليهودي في مركب واحد عن طريق التأويل المجازي للتوراة والتلمود. وُلد عام ١١٣٥م في قرطبة ومات بالفسطاط عام ١٢٠٤م، كان رئيس (ناجد) الطائفة اليهودية في مصر وطبيب صلاح الدين. كان ابن ميمون أحد رواد النزعة العقلية في اللاهوت اليهودي وحاول في نظريته عن المعرفة أن يُقدم أساسًا عقلانيًّا للحقيقة الدينية.
أثرت شروحه وكتاباته — وخاصة كتابه دلالة الحائرين — تأثيرًا كبيرًا على الفكر اليهودي كله، والفلسفة المدرسية المسيحية، وبخاصة توماس الأكويني، كما أثرت على اسبينوزا. وقد اعتمدت محاولته في التوفيق بين الفلسفة الأرسطية من جهة وحَرفية الحقيقة كما وردت في العهد القديم من جهة أخرى. اعتمدت على الفلاسفة المسلمين من أمثال ابن سينا الذي يدين له بنظريته في الخلود، وابن رشد الذي استقى منه فكرته عن هوية الماهية والوجود في الله.
(انظر رد موسى بن ميمون القرطبي على جالينوس في الفلسفة والعلم الإلهي، صحَّحه يوسف شخت وماكس مايرهوف، مجلة كلية الآداب، جامعة القاهرة، مايو ١٩٣٧م، ص٧٧–٨٨.)
(٧) قمة الفلسفة المدرسية
-
المجموعة اللاهوتية، ترجم منها المطران بولس عوَّاد خمسة مجلدات بعنوان الخلاصة اللاهوتية (بيروت ١٨٨٧م وما بعدها).
-
ونقل المطران نعمة الله أبو كرم المجموعة الفلسفية إلى العربية بعنوان «مجموعة الردود على الخوارج» ونشر ترجمة المقالة الأول (جونيه، لبنان ١٩٣١م).
(عن يوسف مكرم، تاريخ الفلسفة الأوروبية في العصر الوسيط.)
أسس مذهبه الإرادي — الذي اعتمد فيه على القديس أوغسطين — المدرسة الفرنسسكانية التي نُسبت إليه في اسكتلندا. وتقوم هذه «السكوتية» على تحديد المعرفة الفلسفية لصالح الإيمان، وأسبقية الإرادة الحرة على الفهم والعقل، فالإرادة هي التي تختار الاتجاه إلى الله والتعلق به، ولهذا كانت مبدأ السعادة.
(٧-١) الفلسفة المدرسية المتأخرة
-
راجع في العربية: «تاريخ الفلسفة الأوروبية في العصر الوسيط» للأستاذ يوسف كرم، و«فلسفة العصور الوسطى» للدكتور عبد الرحمن بدوي، و«الفلسفة في العصر الوسيط» للدكتور إمام عبد الفتاح إمام (عن جيلسون)، و«نماذج من الفلسفة المسيحية» للدكتور حسن حنفي حسنين (وبه نصوص مدروسة لأوغسطين وأنسيلم والأكويني وهي على الترتيب: المعلم، وآمن كي تعقل، والوجود والماهية)، و«معالم الفكر الفلسفي في العصور الوسطى: فلسفة إسلامية ومسيحية» للأستاذ عبده فراج.
(٨) فلسفة العصر الحديث
(٨-١) عصر الانتقال
(أ) النهضة في إيطاليا
(ب) النهضة في ألمانيا
(ﺟ) استمرار الفلسفة المدرسية وتحولها
(٨-٢) الموضوع الجديد: الطبيعة
(أ) الفلسفة الطبيعية في ثوب إنساني (إنثروبولوجي)
(ب) الفلسفة الطبيعية الكونية (الكوزمولوجية)
(ﺟ) الفلسفة الطبيعية ذات النزعة الصوفية
(٨-٣) أصحاب البرامج الكبرى
(٨-٤) المذاهب الكبرى
(أ) المفكرون العظام
-
راجع عنه في العربية كتاب «ديكارت» لأستاذنا المرحوم الدكتور عثمان أمين وترجمته للتأملات و«مبادئ الفلسفة»، وكذلك ترجمة المقال عن المنهج للمرحوم الأستاذ محمود الخضيري، وديكارت للدكتور نجيب بلدي، وتاريخ الفلسفة الحديثة للأستاذ يوسف كرم، ودراسات في الفلسفة الحديثة والمعاصرة للدكتور يحيى هويدي، وتاريخ الفلسفة الغربية لراسل، الجزء الثالث من ترجمة الدكتور محمد فتحي الشنيطي.
-
راجع عنه في العربية: اسبينوزا للدكتور فؤاد زكريا، والحقيقة بحث فلسفي للدكتور نظمي لوقا، وترجمة رسالته في اللاهوت والسياسة للدكتور حسن حنفي، وتاريخ الفلسفة الحديثة للأستاذ يوسف كرم.
-
راجع عنه في العربية: جون لوك للدكتور عزمي إسلام، سلسلة نوابغ الفكر الغربي، دار المعارف بالقاهرة.
اكتشف حساب التفاضل والتكامل مستقلًّا عن نيوتن، وبدأ خطوات هامة على طريق المنطق الرمزي، وشرع في وضع «رياضة كلية» تختصر المعرفة البشرية وتستعيض بالأرقام والحساب عن الكلمات والخلافات. مهدت أفكاره لعصر التنوير، وأثر على كانط والمثالية الألمانية.
-
راجع عنه في العربية: المونادولوجيا والمبادئ العقلية للطبيعة والفضل الإلهي (ترجمة ودراسة لكاتب السطور) وتاريخ الفلسفة الحديثة للأستاذ يوسف كرم، وليبنتز للدكتور جورج طعمة.
(ب) معاصرون للمفكرين العظام
أهم مؤلفاته باللاتينية: الحقيقة (١٦٢٤م)، أسباب الأخطاء (١٦٤٥م)، ديانة الناس (١٦٤٥م)، بجانب ترجمة ذاتية ظهرت بالإنجليزية بعد موته.
-
راجع عنه في العربية: كتاب باسكال للدكتور نجيب بلدي.
(٨-٥) عصر التنوير
(أ) في إيطاليا وإنجلترا
-
راجع عنه في العربية: كتاب جورج باركلي للدكتور يحيى هويدي، سلسلة نوابغ الفكر الغربي، وكذلك ترجمته وتقديمه لمحاوراته الثلاث بين هيلاس وفيلونوس.
-
راجع في العربية كتاب «ديفيد هيوم» للدكتور زكي نجيب محمود وفلسفة هيوم والنظرية السياسية عند ديفيد هيوم ومحاورات في الدين الطبيعي لهيوم وكلها للدكتور محمد فتحي الشنيطي.
(ب) في فرنسا
-
راجع عنه في العربية: جان جاك روسو للمرحوم الدكتور محمد حسين هيكل، العقد الاجتماعي ترجمة الأستاذ عادل زعيتر، إميل أو التربية ترجمة الدكتور نظمي لوقا، اعترافات جان جاك روسو ترجمة الأستاذ محمد بدر الدين خليل.
(ﺟ) في ألمانيا
-
راجع عنه: تربية الجنس البشري من ترجمة الدكتور حسن حنفي، وكذلك ترجمة الدكتور مصطفى ماهر لمسرحيته «مينافون بارنهيلم».
(٨-٦) خصوم فلسفة التنوير
(٨-٧) المثالية الألمانية
-
راجع عنه في العربية: كانط والفلسفة النقدية للدكتور زكريا إبراهيم، كانط وفلسفته النظرية للدكتور محمود فهمي زيدان، إمانويل كَنت للدكتور عبد الرحمن بدوي، رواد المثالية للدكتور عثمان أمين، ومن ترجمات مؤلفاته: التمهيد لكل ميتافيزيقا مقبلة تريد أن تصبح علمًا للدكتورة نازلي إسماعيل، أسس ميتافيزيقا الأخلاق للدكتور محمد فتحي الشنيطي، ونفس الكتاب من ترجمة كاتب السطور «تأسيس ميتافيزيقا الأخلاق»، والسلام الدائم للدكتور عثمان أمين.
-
راجع عنه في العربية: «غاية الإنسان» ترجمة وتقديم الدكتورة فوقية حسين محمود، المثالية الألمانية، شيلنج للدكتور عبد الرحمن بدوي (به فصل عن فشته)، رواد المثالية للدكتور عثمان أمين، تاريخ الفلسفة الحديثة للأستاذ يوسف كرم.
-
راجع عنه في العربية: المثالية الألمانية، شيلنج، للدكتور عبد الرحمن بدوي.
-
راجع عنه في العربية: المنهج الجدلي عند هيجل للدكتور إمام عبد الفتاح إمام، والمنهج الجدلي بعد هيجل لنفس المؤلف (رسالة تحت الطبع)، هيجل أو المثالية المطلقة للدكتور زكريا إبراهيم، هيجل للدكتور عبد الفتاح الديدي، المثالية الألمانية، شيلنج للدكتور عبد الرحمن بدوي (وبه فصلان عن فشته وهيجل)، ومن مؤلفاته المترجمة: محاضرات في فلسفة التاريخ للدكتور إمام عبد الفتاح إمام (ظهر الجزء الأول والثاني تحت الطبع) وموسوعة العلوم الفلسفية وأصول فلسفة الحق (لنفس المترجم تحت الطبع).
(٨-٨) معاصرون للمثاليين الكبار
-
راجع عنه في العربية: الموت والعبقرية للدكتور عبد الرحمن بدوي، وثورة الشعر الحديث (الجزء الأول) لكاتب السطور.
-
من مؤلفاته: النموذج الأصلي للبشرية (١٨١١م)، معالم نسق الفلسفة ١٨٢٥–١٨٢٨م، محاضرات عن نسق الفلسفة ١٨٢٨م، محاضرات عن حقائق العلم الأساسية ١٨٢٩م.
(أ) ما بعد المثالية
الاتجاه إلى التاريخ
التحوُّل إلى النزعة المادية
مفكرون لهم دور حاسم
-
من مؤلفاته: مفهوم القلق ١٨٤٤م، فتات فلسفي ١٨٤٤م، الحاشية الختامية غير العلمية ١٨٤٦م، المرض حتى الموت ١٨٤٩م.
-
سورين كيركجار للدكتورة فوزية ميخائيل، ودراسات في الفلسفة الوجودية للدكتور عبد الرحمن بدوي، والوجودية للدكتور زكريا إبراهيم، ونيتشه وكيركجار، تاريخ محنة لكاتب هذه السطور.
كان ماركس ملتقى ثلاثة تيارات فكرية تمخَّضت عن تكوينه العقلي وكفاحه السياسي ودراساته ورحلاته ولقاءاته: الفلسفة المثالية الألمانية، والاشتراكية الفرنسية، والاقتصاد السياسي الإنجليزي. وتبدأ فلسفته من الإنسان العامل لا من الإنسان المفكر. ومذهبه يضم في وقت واحد نظرية للمعرفة تقوم على المادية الجدلية التي احتفظت — كما تقدَّم — بمبادئ المنهج الجدلي عند هيجل مع تطبيقها تطبيقًا ماديًّا وإحلال الإنسان محل المطلق، والوعي البشري مكان الوعي الإلهي، وفلسفة في التاريخ فيها تتحكم القوانين الاقتصادية (أو البنية الاقتصادية السفلية) في مسار التطور التاريخي — الاجتماعي والسياسي — كما يحركه الصراع بين الطبقات المستغلة والطبقات المستغلة، وأخيرًا نظرية اقتصادية ثورية تُفسر ظلم الاقتصاد الرأسمالي (نظرية فائض القيمة!) وتعلن عن تدمير المجتمع الرأسمالي لنفسه بنفسه وفتح الطريق لقيام دولة تسيطر عليها الطبقة العاملة.
وإذا كانت أفكار ماركس ومؤلفاته قد تُجُووِزَتْ اليوم بعض الشيء، فلا يقلل هذا من تأثيره الهائل على عصرنا كله، سواء في ميدان الاقتصاد أو نظم الحكم. وقد أدى التراجع التدريجي للصراع الطبقي منذ أواخر القرن التاسع عشر في أوروبا، والتطور الداخلي للنظم الشيوعية والرأسمالية إلى أن تصبح الماركسية قضية إيمان بمنهج خصب أكثر منها قانونًا «حتميًّا» للتاريخ. أضف إلى ذلك الاجتهادات العديدة لمراجعة النظرية الماركسية (كالماركسية الفرويدية — عند هربرت ماركوز — والطوباوية الواقعية — مبدأ الأمل عند إرنست بلوخ — والنظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت الاجتماعية الجدلية — تيودور أدورنو وماكس هوركهيمر ويورجن هابرماس — والبنيوية النظرية، عند التوسير … إلخ).
-
وليم جيمس للدكتور محمود زيدان (سلسلة نوابغ الفكر الغربي، دار المعارف بالقاهرة)، وليم جيمس للدكتور محمد فتحي الشنيطي، وبعض مشكلات الفلسفة ترجمة الدكتور الشنيطي.
- (١)
التأثر بحضارة الإغريق وفلسفتهم وأدبهم وبشوبنهور وفاجنر، وفيها تتكشَّف ماهية العالم عن التناقض المأساوي بين المبدأ الديونيزي (نسبة لديونيزيوس رب النشوة والخمر في أساطير اليونان) وهو مبدأ البطولة التراجيدية والانطلاق العبقري الخلاق، والمبدأ الأبولوني (نسبة لأبولو رب النور والفن) وهو مبدأ العقل والمنطق والاتزان الذي طغى على الروح الغربية من عهد سقراط (مولد التراجيديا من روح الموسيقى ١٨٧٢م، وتأملات في غير أوانها ١٨٧٣-١٨٧٤م).
- (٢)
مرحلة تأتي بعد القطيعة مع فاجنر والتخلص من تأثير شوبنهور وتتَّسم بالاتجاه للإنسان في واقعه في العالم، وبانقضاض «الروح الحر» على صروح التراث — الميتافيزيقا والدين والأخلاق والفن — وتعرية أصنامها «الماورائية» وأوهامها المثالية والثنائية — كالظاهرة والشيء في ذاته وهذا العالم وذاك العالم — التي تسرق من الإنسان واقعه الأرضي وتغريه بعالم آخر. وشعار هذه المرحلة هو كلمته المخيفة عن موت الله، أي انهيار بناء الميتافيزيقا الأفلاطونية، المسيحية تحت ضربات معوله الغاضب (إنساني، إنساني إلى أقصى حد ١٨٧٨–١٨٨٠م، الفجر ١٨٨١م، العلم المرح ١٨٨٢م).
- (٣)
العودة لتجربة المرحلة الأولى في صورة جديدة تمجد الحياة والعلاء بالذات، فيصبح المبدأ الديونيسي هو «إرادة القوة» (عنوان آخر مؤلفاته الذي بقي على شكل شذرات لم تتم وظهر سنة ١٩٠٦م) التي تريد ذاتها، أي تريد الحياة والمزيد من الحياة، بحيث تتجاوز نفسها في «الإنسان الأعلى» الذي سيصبح الإنسان الحالي بالقياس إليه كالقرد بالقياس إلى الإنسان! وهذا يقتضي تجريد القيم الموروثة من قيمتها (قلب القيم) بحيث يستحيل خيرًا ما كان يُعد حتى الآن شرًّا، ويُستعاض عن «أخلاق العبيد» بأخلاق السادة الذين يمهدون لمولد جيل الإنسان الأعلى (ونموذجه هو الحكيم المأساوي القديم مثل هيراقليطس والسيد النبيل من عصر النهضة مثل شيزار بورجيا وقبلهما الفنان المبدع كالطفل الأبدي) وما دام التاريخ يدور دورة أبدية بلا بداية ولا نهاية ولا مبدأ عالٍ يُوجِّهه، فلا بدَّ أن يكون المستقبل اللامتناهي هو نفسه الماضي اللامتناهي وأن تصبح اللحظة الحاضرة هي الخلود نفسه والحياة فيها هي الواجب الأسمى والسر الأكبر لإرادة القوة والعلو على الذات وخلقها في كل لحظة (فكرته أو الهامه المُحيِّر عن عودة الشبيه الأبدية التي لم يستطع توضيحها أبدًا) وبذلك يصبح عالم الصيرورة، هذا العالم هو نفسه المبدأ العالي.
تحتمل فلسفة نيتشه تفسيرات متعددة، وبعض نصوصه الشاعرية المتوهجة مسئول عمَّا تعرض له فكره الميتافيزيقي من تشويه وإساءة فهم أدى إلى نشوء نزعات لا عقلية معادية للدين ونزعات بيولوجية وعنصرية فاشية فهمت إرادة القوة عنده بمعنى إرادة العنف والبطش البربري، بينما هي إرادة العلو نحو الإنسان الذي يُبدع نفسه وقيمه وحقيقته «في اللحظة» في وجه العدم والفناء (هكذا تكلم زرادشت، الأقسام الثلاثة الأولى ١٨٨٣-١٨٨٤م والقسم الرابع ١٨٨٥م، وراء الخير والشر ١٨٨٦م).
-
نيتشه للدكتور عبد الرحمن بدوي، نيتشه للدكتور فؤاد زكريا (سلسلة نوابغ الفكر الغربي) فلسفة نيتشه للأستاذ أويجن فنك وترجمة إلياس بديوي دمشق ١٩٧٤م ومدرسة الحكمة لكاتب هذه السطور.
(٩) الكانطية الجديدة
(٩-١) جناح الكانطية الجديدة في ماربورج يتجه لبحث مشكلة المعرفة في العلوم الطبيعية
(٩-٢) جناح الكانطية الجديدة في جنوب ألمانيا (هيدلبرج وفرايبورج) يتجه لبحث مشكلة المعرفة في العلوم الإنسانية والتاريخية (أو علوم الروح والقيم)
(أ) فلسفة الحياة
الاتجاه للتاريخ
يرى دلتاي أن مهمة الفلسفة هي فهم الفلسفة في نشأتها والارتفاع أثناء ذلك فوقها (فالفلسفة هي علم العلوم أو هي تعليم عن العلم)، وهو يميز في وجهة النظر الغربية ثلاثة أنماط تعبر تعبيرًا صادقًا عن الطبيعة الإنسانية: المادية أو الوضعية، والمثالية الموضوعية، ومثالية الحرية (ومن ثم كانت النسبية الفلسفية الغالبة عليه). يستند إلى كانط في رفض الميتافيزيقا التقليدية بمعناها التصوري والثنائي (فلسفة الفلسفة ١٩٣١م) ويرى أن الإنسان لا يعرف ماهيته ويجريها إلا من خلال التاريخ الذي يعتمد كما تقدَّم على الفهم والاسترجاع الحي لأحداثه الروحية والعقلية، على نحوِ ما يفعل كاتب السيرة الذاتية الذي يُعيد إحياء حياته الماضية و «إحضارها». وقد طبَّق دلتاي هذا المنهج في دراساته لتاريخ الحياة العقلية الغربية والألمانية في عصورها وشخصياتها المختلفة. تأثرت فلسفة الوجود بفكرته عن التاريخ (أو التاريخية) وبمنهجه في تفسير النصوص.
-
من مؤلفاته: مدخل إلى علوم الروح ١٨٨٣م، أفكار عن علم نفس وصفي وتحليلي ١٨٩٤م، نشأة الهيرمينويتيك ١٩٠٠م، التجربة والأدب ١٩٠٨م، بناء العالم الخارجي في العلوم الإنسانية ١٩١٠م، من الأدب والموسيقى الألمانية ١٩٣٣م، رسائله المتبادلة مع صديقه الأمير بول يورك فون فارتنبورج (١٨٣٥–١٨٩٧م) التي نُشرت سنة ١٩٢٣م.
-
شبنجلر للدكتور عبد الرحمن بدوي، في فلسفة التاريخ للدكتور أحمد محمود صبحي.
الاتجاه للطبيعة
يرى برجسون أن التفكير يستخدم المخ استخدام الأداة، وأن العقل لا يمكنه أن يدرك غير الجانب الجامد الساكن من الطبيعة غير العضوية، ولهذا يقتصر دوره على قياسها وتحليلها واستعمالها لأغراضه العملية. أما الحياة التي هي في صميمها فعل خلاق و«ديمومة حية» فلا يدركها غير الحدس (العيان أو الوجدان) المتعاطف النافذ في أعماق موضوعه، المتحد بما فيه من تفرد حميم. والعالم أيضًا يحيا وينمو في «تطور خلَّاق» وتتفتح صوره العليا بحرية تحت تأثير «الدفعة الحيوية» الكامنة فيه. ورأيه عن «منبعَي الأخلاق والدين» يُعبر عن نفس الاتجاه المزدوج إلى إدراك الواقع، مع الاعتراف بإله متعالٍ فوق الطبيعة، ويبعد عن فلسفته كل أثر لوحدة الوجود التي نُسبت إليه خطأً. تكمن عظمة برجسون في توجيه موقف الإنسان من العالم والروح وجهة جديدة تقوم على المحبة للعالم، والثقة العميقة بالمعطى الخالص، وهبة النفس لرؤيته ومعاينته. ولعل هذا هو الذي جعل الشعراء يستجيبون لندائها (مثل الشاعرَين بيجي وكلوديل). ارتفعت أمواج الإعجاب به في عصره، ثم وُجهت إليه سهام النقد القاسي، وهو يحتل الآن مكانته «الكلاسيكية» في تاريخ الفلسفة.
-
انظر الطاقة الروحية ومنبعا الأخلاق والدين من ترجمة المرحوم الدكتور سامي الدروبي والدكتور عبد الله عبد الدايم، والمدخل إلى الميتافيزيقا ترجمة الدكتور محمد علي أبو ريان، وبرجسون للمرحوم الدكتور زكريا إبراهيم (سلسلة نوابغ الفكر الغربي، دار المعارف بالقاهرة).
يميِّز بين نظرية التنظيم أو المنطق (١٩١٢م) ونظرية الواقع أو الميتافيزيقا (١٩١٧م) فالمنطق هو نظرية المعاني، والفلسفة الطبيعية هي نظرية المعاني المتحققة في المكان والزمان والمادة، والتاريخ أو فلسفة الحضارة هي نظرية الواقع ذي الدلالة الأخلاقية والعقلية. تحمس في أواخر حياته لعلم الظواهر النفسية والروحية الخفية (الباراسيكلوجيا ١٩٣٢م).
الاتجاه إلى الحضارة والمجتمع
-
من مؤلفاته: «فلسفة المال» (١٩٠٠م)، «علم الاجتماع» (١٩٠٠م)، «مشكلات فلسفة التاريخ» (١٩١٩م)، «الحضارة الفلسفية» (١٩١١م)، «الرؤية الحيوية» (١٩١٨م)، «المشكلات الأساسية في الفلسفة» (١٩٢١م)، بالإضافة إلى كتب أخرى عديدة تصور حياة بعض أعلام الفكر والأدب والفن مثل كانط (١٩٢١م) وشوبنهور ونيتشه (١٩٢٣م) وجوته ورمبرانت.
-
من أهم مؤلفاته: «فيلهلم فون همبولت وفكرة الإنسانية» (١٩٠٩م)، «أشكال الحياة» (١٩١٤م)، «سيكلوجية الشباب» (١٩٢٤م)، «الحضارة والتربية» (١٩١٩م)، «نمط شيلر العقلي» (١٩٤١م)، «سحر النفس» (١٩٤٧م)، «أشكال الفكر عند بستالوزي» (١٩٤٧م)، «منظورات تربوية» (١٩٥١م)، «المسائل الحضارية في العصر الحاضر» (١٩٥٣م).
تأثر بهيجل ونيتشه ودلتاي وماكس شيلر والمدرسة الكانطية الجديدة — التي تعلم على يد بعض أعلامها — عارض الاتجاهات العقلانية والتجريدية من ناحية والتيارات الحيوية والبيولوجية — التي تورَّط بعضها في تأييد الحكم الشمولي المطلق — من ناحية أخرى وحاول أن يتجاوزهما معًا في نظريته عن «العقل الحي». فهذا العقل التاريخي الحي لا يملك الحقيقة المطلقة ولا يقع فريسة النزعة النسبية، وإنما يعترف بالخصائص المميزة لكل عصر على حدة والمهام والواجبات التي حمل أعباءها (فلسفة وجهة النظر أو المنظور!) ويسعى لمواجهة مطالب عصرنا الذي نعيش فيه ومعرفتها على حقيقتها ومحاولة تلمس المعنى فيما يبدو خاليًا من كل معنًى. على أن التحقيق الكامل لهذا المعنى غير ممكن، مهما حاول الإنسان — وهو بطبيعته كائن يوتوبي حالم! — أن يبلغ هذا الهدف.
-
من أهم مؤلفاته: «مهمة عصرنا» (١٩٣٠م)، «ثورة الجماهير» (١٩٣١م)، «عن الحب» (١٩٣٣م)، «كتاب المتأمل» (١٩٣٤م)، «التاريخ من حيث هو نسق» (١٩٤٣م)، «حقيقة الأزمات التاريخية» (١٩٥١م)، «تأملات عن التقنية» (١٩٤٩م)، «المثقف والآخر» (١٩٤٩م)، «ضراعة لجوته» (١٩٥١م)، «الإنسان بما هو كائن يوتوبي» (١٩٥١م)، «الإنسان والناس» (١٩٥٧م).
(ب) فلسفة الظاهريات (الفينومينولوجيا)
-
من مؤلفاته: بحوث منطقية (في جزأين ١٩٠٠م-١٩٠١م)، الفلسفة علمًا دقيقًا (ظهر ١٩١٠م في العدد الأول من مجلة لوجوس، وله ترجمة عربية تحت الطبع للدكتور محمود رجب)، أفكار عن ظاهريات خالصة وفلسفة ظاهرياتية ١٩١٣م، المنطق الصوري والمنطق الترنسندنتالي ١٩٢٩م، تأملات ديكارتية (وله ترجمة عربية للدكتورة نازلي إسماعيل).
ونُشِر بعد موته: التجربة والحكم ١٩٣٩م، خمس محاضرات عن فكرة الظاهريات. ولا يزال أرشيف هسرل بجامعة لوفين ببلجيكا يتابع نشر مخطوطاته الغزيرة التي تركها وراءه في سلسلة مؤلفات هسرل (الهسرليانا) التي ظهر منها أكثر من عشرين مجلدًا.
-
المنهج الظاهرياتي عند هسرل (رسالة دكتوراه من كلية الآداب جامعة عين شمس للدكتور محمود رجب)، دراسات في الفلسفة المعاصرة للدكتور زكريا إبراهيم، الظاهريات وأزمة العلوم الأوروبية، وفينومينولوجيا الدين عند هسرل للدكتور حسن حنفي في: قضايا معاصرة، الجزء الثاني.
كتب في علم نفس الفهم — وبخاصة مشاعر التعاطف والإحساس بالمرارة — وعلم اجتماع المعرفة بمعناه الأوسع الذي ميَّز فيه بين أنماط التفكير الديني والميتافيزيقي والعلمي حسب مواقفها من الله والعالم والقيمة والواقع، محاولًا الربط بينها وبين أشكال محددة من الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. والفلسفة في رأيه هي العلم الأسمى والأشمل بالماهيات أو هي عيان (حدس، رؤية) الماهيات. فالإنسان عندما يعرف ويُعاين إنما يواجه عوالم موضوعية ليست من خلقه، ولكل منها ماهياته وقوانينه التي تتجاوز القوانين التجريبية التي تتحكم في وجودها وظهورها وتعلو عليها. ابتعد في أواخر حياته عن الكاثوليكية واتجه إلى ميتافيزيقا تتميز بالنزعة الشخصانية ووحدة الوجود «التطورية»، محاولًا أن يضم فيها كل «العلوم البعدية» بما فيها الأنثروبولوجيا الفلسفية التي يعد أكبر مؤسسيها في العصر الحاضر. أثر على نيقولاي هارتمان وفلسفة الظاهريات نفسها والنزعة الشخصانية في فرنسا والبلاد العربية (الدكتور محمد عزيز الحبابي).
-
من مؤلفاته الأخرى: المنهج الترنسندنتالي والمنهج النفساني ١٩٠٠م، انقلاب القيم ١٩٥٥م، الأبدي في الإنسان ١٩٢١م، ماهية التعاطف وأشكاله ١٩٢٣م، كتابات في الاجتماع ونظرية وجهة النظر الكونية ١٩٢٣–١٩٢٤م، مشكلات علم اجتماع المعرفة ١٩٢٤م، أشكال المعرفة والمجتمع ١٩٢٦م، وضع الإنسان في الكون ١٩٢٧م.
-
الدكتور زكريا إبراهيم: دراسات في الفلسفة المعاصرة.
-
أهم مؤلفاته: معالم ميتافيزيقا المعرفة ١٩٢١م، الأخلاق ١٩٢٦م، مشكلة الوجود العقلي، بحوث عن تأسيس فلسفة التاريخ وعلم الروح ١٩٣٣م، حول تأسيس الأنطولوجيا ١٩٣٥م، الإمكان والواقع ١٩٣٨م، بناء العالم الواقعي، موجز النظرية العامة للمقاولات ١٩٤٠م، طرق جديدة للأنطولوجيا ١٩٤٢م، علم الجمال ١٩٥٣م، أحاديث فلسفية ١٩٥٤م.
(١٠) الفلسفية الوضعية والوضعية المنطقية
(١٠-١) النقدية التجريبية والتصورية
-
من أهم مؤلفاته: تحليل الإحساسات (١٨٨٦م) المعرفة والخطأ (١٩٠٥م).
-
أهم مؤلفاته: «نقد التجربة الخالصة» (١٨٨٨–١٨٩٠م).
-
من أهم مؤلَّفاته: «شرح نقد العقل الخالص لكانط» (١٨٨١–١٨٩٢م)، «نيتشه فيلسوفًا» (١٩٠٢م)، «فلسفة كما … لو» (١٩١١م).
(١٠-٢) الوضعية أو التجريبية المنطقية
-
أهم مؤلفاته: محكمة الحياة ١٩٠٨م، المكان والزمان في الفيزياء المعاصرة (وهو شرح لنظرية النسبية) ١٩١٧م، النظرية العامة في المعرفة ١٩١٨م، مشكلات الأخلاق ١٩٣٠م، العبارات العلمية وواقع العالم الخارجي (بالفرنسية) ١٩٣٤م، الطبيعة والحضارة ١٩٥٢م.
تطورت فلسفته المتأخرة فنبذ آراءه السابقة عن اللغة الكاملة، وبين الاستخدامات الاجتماعية — الفعلية والممكنة — للغة وسمَّى كلًّا منها لعبة لغوية، ولو عرفنا قواعد استعمال كل لعبة بطريقة صحيحة لزالت الحيرة الفلسفية.
-
بحوث منطقية وفلسفية (في حوليات الفلسفة الطبيعية ١٩٢١م) وقد ظهرت سنة ١٩٣٨م تحت عنوان رسالة منطقية فلسفية (باللغتين الألمانية والإنجليزية) نقلها للعربية الدكتور عزمي إسلام الذي ألَّف كتابًا عنه في سلسلة نوابغ الفكر الغربي، دار المعارف بالقاهرة.
-
الكتابان الأزرق والبني (١٩٥٨م)، بحوث فلسفية (١٩٥٨م)، ملاحظات على أسس الرياضة (١٩٥٦م) وقد نُشرت جميعًا بعد موته.
-
ما هو علم المنطق؟ للدكتور يحيى هويدي، دراسات في الفلسفة المعاصرة للدكتور زكريا إبراهيم.
-
من مؤلفاته: البناء المنطقي للعالم ١٩٢٨م، أشباه المشكلات في الفلسفة ١٩٢٨م، مجمل المنطق الرياضي ١٩٢٩م، البناء المنطقي للغة ١٩٣٤م، مدخل إلى علم الدلالات (السيمانطيقا) ١٩٤٨م، المعنى والضرورة ١٩٤٧م، الأسس المنطقية لنظرية الاحتمالات ١٩٥٠م، مدخل إلى المنطق الرمزي ١٩٥٤م.
-
دراسات في الفلسفة المعاصرة للدكتور زكريا إبراهيم، نحو فلسفة علمية وخرافة الميتافيزيقا للدكتور زكي نجيب محمود.
(أ) المنطق الرياضي
(ب) فلسفة الوجود
-
أهم مؤلفاته: الوجود والزمان (١٩٢٧م)، طرق مسدودة (١٩٤٩م)، مدخل إلى الميتافيزيقا (١٩٥٣م)، قانون الأساس (السبب) (١٩٥٧م)، كانط ومشكلة الميتافيزيقا (١٩٢٩م)، نظرية أفلاطون عن الحقيقة مع رسالة عن النزعة الإنسانية (١٩٤٧م)، ماهية الحقيقة (١٩٤٣م)، شروح لشعر هلدرين (١٩٤٤م)، ما الميتافيزيقا (١٩٢٩م)، ما هو التفكير؟ (١٩٥٤م)، محاضرات ومقالات (١٩٥٤م)، الهوية والخلاف (١٩٥٧م).
-
راجع عنه في العربية: دراسات في الفلسفة الوجودية للدكتور عبد الرحمن بدوي، دراسات في الفلسفة المعاصرة، والفلسفة الوجودية للمرحوم الدكتور زكريا إبراهيم، ترجمة «ما الفلسفة» وحقيقة الشعر للمرحوم الدكتور عثمان أمين، ترجمة ما الفلسفة وما الميتافيزيقا وماهية الشعر للدكتور محمود رجب والأستاذ فؤاد كامل، نداء الحقيقة لكاتب السطور مع مقدمة عن فلسفته وثلاثة نصوص: نظرية الحقيقة عند أفلاطون، ماهية الحقيقة، أليثيا (مفهوم الحقيقة عند هيراقليطس).
-
من مؤلفاته الأخرى: ماكس فيبر ١٩٣٢م، نيتشه ١٩٣٦م، ديكارت ١٩٣٧م، مشكلة الإثم (الألماني) ١٩٤٦م، نيتشه والمسيحية ١٩٤٦م، فكرة الجامعة ١٩٤٦م، الحقيقة، المنطق الفلسفي ١٩٤٧م، الإيمان الفلسفي ١٩٤٨م، أصل التاريخ وهدفه ١٩٤٩م، المدخل إلى الفلسفة ١٩٥٠م (ترجمة للعربية الدكتور محمد فتحي الشنيطي) العقل وضد العقل في عصرنا ١٩٥٠م، شلينج ١٩٥٥م، الفلاسفة الكبار ١٩٥٧م، مستقبل الإنسانية لياسبرز (للمرحوم الدكتور عثمان أمين ١٩٦٣م) ودراسات في الفلسفة المعاصرة للمرحوم الدكتور زكريا إبراهيم.
تميَّز سارتر من بقية فلاسفة الوجود بتأكيد إرادة الحياة والبقاء للجنس البشري وبنشاطه العملي والسياسي الواسع. وقد اهتم في السنوات الأخيرة بالقضية العربية، وإن كان موقفه لا يزال بعيدًا عن الوضوح والإنصاف، كما أثَّر على الحياة الثقافية العربية خصوصًا بفكرته عن الالتزام في الأدب (ما الأدب؟ ١٩٥٠م ترجمة المرحوم الدكتور محمد غنيمي هلال) وتُرجمت معظم مؤلفاته إلى العربية، وذلك بفضل دار الأدب في بيروت ومديرها الأديب الدكتور سهيل إدريس.
-
انظر: سارتر عاصفة على العصر للأستاذ مجاهد عبد المنعم مجاهد، ودراسات في الفلسفة المعاصرة للدكتور زكريا إبراهيم، ودراسات في الفلسفة الحديثة للدكتور يحيى هويدي، وبين برجسون وسارتر، أزمة الحرية، والوجود والجدل في فلسفة سارتر للدكتور حبيب الشاروني، والغير في فلسفة سارتر للأستاذ فؤاد كامل، وتعالي الأنا موجود ترجمة وتقديم الدكتور حسن حنفي، ونقد العقل الجدلي تلخيص للدكتور إمام عبد الفتاح إمام في رسالته عن المنهج الجدلي بعد هيجل (تحت الطبع) ودراسات في الفلسفة الوجودية للدكتور عبد الرحمن بدوي.
-
دراسات في الفلسفة المعاصرة للدكتور زكريا إبراهيم، دراسات في الفلسفة الحديثة والمعاصرة للدكتور يحيى هويدي.
-
تُرجمت مؤلفاته الفلسفية والروائية والقصصية والمسرحية (خصوصًا بفضل دار الآداب ببيروت) وحظيت في العالم العربي برواج وتأثير كبيرَين. انظر لكاتب السطور: ألبير كامي، محاولة لدراسة فكره الفلسفي (١٩٦٤م)، وكامي، أو التمرد لروبير لوبيه وترجمة الدكتور سهيل إدريس.
(ﺟ) الفلسفة التحليلية وفلسفة اللغة الجارية
- جلبرت رايل ١٩٠٠–١٩٧٨م: مفهوم العقل ١٩٤٩م.
- جون وزدم ١٩٠٤–؟: الفلسفة والتحليل النفسي ١٩٥٧م.
- جون أوستن ١٩١١–١٩٦٥م: العقول الأخرى.
- ستراوسون ١٩١٩–؟: الجزئيات: مقال في الميتافيزيقا الوصفية، مقدمة للنظرية المنطقية.
(د) النظرية النقدية (مدرسة فرانكفورت)
- هربرت ماركوز ؟–١٩٧٩م: الإنسان ذو البعد الواحد، إيروس والحضارة.
- تيودور أدورنو: الديالكتيك السلبي.
- ماكس هور كهيمر: الوظيفة الاجتماعية للفلسفة.
- يورجن هابرماس: المعرفة والمصلحة — مناهج العلوم الاجتماعية — النظر والعمل.
- عبد الغفار مكاوي: النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت: تمهيد وتعقيب نقدي، حوليات كلية الآداب جامعة الكويت، الكويت، ١٩٩٤م.
(ﻫ) نظرية البنية (البنيوية أو البنائية)
- فردينان دي سوسير: البنيوية اللغوية.
- كلود ليفي شتراوس: البنيوية الأنثروبولوجية.
- ميشيل فوكوه: البنيوية الثقافية أو الإبستمولوجية.
- جاك لاكان: البنيوية في التحليل النفسي.
- لويس التوسير: البنيوية الماركسية.
-
انظر مشكلة البنية للمرحوم الدكتور زكريا إبراهيم، ونظرية البنائية في النقد الأدبي للدكتور صلاح فضل.