الفصل الثامن
يجوب الطاغية إمبراطوريتَه بخُطًا داويةٍ، ويُسمِّيه الشعب بالمستشار الحديديِّ، فيهزأُ عن غير قصد، فبسمارك كان بالحقيقة حديديًّا في الشئون الداخلية على حين كان أمرنَ الدِّبلُمِيِّين في الصِّلات الخارجية، ومهما يكن الأمرُ فإنك ترى على رأس الأمور في الوقت الحاضر رجلًا قادرًا على القيادة، والآن لا يتطلب الألمان أكثرَ من هذا. وبسمارك لعدم ثقته بأحدٍ وعدمِ افتراضِه اتصافَ أحدٍ غيرِه بالذكاء والإخلاص؛ كان لديه من الأسبابِ الوجيهة ما يُؤمن معه بدهائه الخاصِّ وما يرتاب معه في كلِّ رجل قدير يقترب منه منافسًا، ويُسفر اجتماعُ هذه العوامل فيه عن جَعْله متشدِّدًا مستبدًّا ممسكًا بجميع الأعنَّة. وإذا ما نظرت إلى ما اتَّحد فيه من أثرة و«كُرْه للقرطاس والقلم» وبُغضٍ للبشر وحُبٍّ للشجر وعدمِ ميلٍ إلى أيِّ مشير خاص أبصرتَ ما يُثير فيه شوقًا إلى الراحة وحياة الريف والإجازات الطويلة، ويودُّ بسمارك أن يكون بهذه الإجازات الطويلة التي بلغت إحداها خمسةَ أشهُر ذات مرَّة؛ أن يعمل موظفوه في برلين كلَّ شيء بأنفسهم، والويلُ لهم إذا فعلوا أمرًا عن مبادرةٍ منهم مع ذلك، ولم يُدرك أحدٌ هذه الظاهرةَ بأحسنَ مما أدركها رون الذي كتَب يقولُ قبل أن يصير رئيسًا لوزارة بروسية:
وأولُ تجلِّي استبدادِ بسمارك كان تجاه الوزراء، ثمَّ تجاه الرَّيشتاغ، ثمَّ بلغ غايتَهُ تجاه الموظفين، حتى إنه لا يقابل الدُّوكات الحاكمين بلا تعيين موعد، حتى إنه يصدُّ الملوك، ويُنتظر أحدُ الدوكات الأعاظم في الساعة التاسعة مساءً، ويُحضر بسمارك بِزَّتَه الرسمية في الساعة الثامنة والدقيقة الخامسة والأربعين حين كان غارقًا في العمل، ويُعيد مِبْذَله القديم الذي كان يَلبسه في منزله وقت الشغل — كما هي عادته — ثمَّ يقولُ لتيدمان الذي كان يُملي عليه ما يودُّ كتابته: «لا ينبغي لأيِّ صاحبِ سموٍّ ملكيٍّ أن يظنَّ أنَّ عليَّ أن أنتظرَه أكثر من ربع ساعة»، وفيما هو يقول ذلك إذ يُنبَأُ بوصول الدوك الأكبر، وتُفتَح الأبوابُ ويجلس بسمارك الذي كان يَذرع الغرفة ممليًا ذاهبًا آيِبًا خلف منضدته في الحال، ويزعم غرَقَه بين الوثائق — كما روى تيدمان — ويقول مع كبيرِ توقير: «ظننتُ أنكم يا صاحب السموِّ الملكي لا تشرفونني بالزيارة، فنحن في الساعة التاسعة والدقيقة العشرين.» ولا يكتفي بسمارك بمجازاة الأمير على هذا النمط من الإهانة التي وجَّهها إليه أمام أحد خُلَصائه قاصدًا إذاعتها، بل كان يَهدف إلى الإفادة من ثرثرة جميع دوائر الخارجية، ويجيء ملك سكسونية ذات يوم بغير سابق ميعادٍ فيسأل البواب الذي هو بروسيٌّ خالص: «أهو مدعوٌّ؟ كلَّا؟ لا أدَعُه يدخل إذن.» وينصرف الملك، ويقبل المعاذير التي تُقدَّم إليه فيما بعد.
ويجعل بسمارك مَن يُبلِّغ وزراءه وسفراءه مدة أسابيع أنه ليس في منزله؛ وذلك لعدم حُبِّه إياهم أو لإراحة نفسه منهم، ويروي لنا لوسيوس وتيدمان نبأَ كثير من الحِيَل التي يتذرَّعون بها؛ ليحملوه على تلقِّي خبرٍ أو اتخاذِ قرار عندما يكون مَنوعًا، ويُخيَّل إلينا أننا نقرأ مذكِّرات البلاط عن طاغية جميع الروس، ولا يريد مَن هم من أصحاب الذكاء النادر أن يكونوا من أركان وزارة شكليَّة كتلك، ويزيد ارتباكُ بسمارك في إيجاد وزراء، وهو إذا وجدهم لم يَلبث أن يميل إلى الخلاص منهم؛ ولذا شبَّهه كونت نكات بدون جوان قائلًا إن المستشار يتملَّق الحسان حتى يظفر بهنَّ، فإذا فاز بهنَّ سرَّحهن بسرعة، ولا تَجده يحترم أيَّ وزير لمدة تزيد على عامين، ولا يكاد يمسك بوزير أكثر من سنتين، ولا يرى بسمارك في هذا ما هو غيرُ طبيعي، وبسمارك يَصِف هذا الوضعَ بقوله: «إذا أردتُ تناوُلَ مِلعقة حساء وجَب عليَّ أن أنال إذْنَ ثمانيةِ أغبياء قبل كلِّ شيء!» ولكن زملاءَه الذين يُؤذيهم إذا ما انحازوا إلى أعدائه تذمَّر بمرارة من إنكارهم الجميل قائلًا إنه انتشلهم من عالم الخمول.
وكلُّ زائر يورثه زَعَجًا ما لم يكن هو المتكلم، «ومَن يودَّ أن يُحدِّثَني عن أمر يجبْ عليه أن يُتمَّ حديثه في عشرين دقيقة، ويمكث معظم السفراء مدةً أطولَ من تلك طمعًا في انتزاعهم خبرًا يُدخلونه إلى تقاريرهم»، حتى إن أعلى الموظفين، حتى إن الأصدقاء المقربين، لا ينبغي لهم أن يأتوا لزيارة بلا دعوةٍ ولا ميعاد ولو كان في ملكه بالأرياف، حتى إن الإمبراطور وِلْهِلْم نفسَه لا يَحِقُّ له أن يُرسل إليه أحدًا في فارزين لإمكان عدم ترحيبه به.
ومما حدَث أن قابل الإمبراطور سفيرَه بباريس الأمير هُوهِنْلُوهِه، وأن أشار على سفيره هذا بالذهاب إلى فارزين عادًّا ذهابه هذا مساويًا لأمر، وأن أجاب الأمير هُوهِنْلُوهِه عن هذا بأنه لا يستطيع أن يذهب إليها من غير أن يدعوه بسمارك، وهنالك يسكت الإمبراطور والأمير هُنَيهةً ثم يُذعِن الإمبراطور الصبور، ولكن بسمارك إذا ما رأى تبليغَ الإمبراطور شيئًا من فارزين أرسل إليه هُوهِنْلُوهِه هذا مثلًا لإيصال ذلك إليه.
وفي كلِّ مرة يُقدِّم بسمارك استقالتَه، وقد قدَّمها ستَّ مرات، لا يستند إلى صحته وحدها فقط، بل يستند أيضًا إلى الخدمة، وإلى الإمبراطور نفسه في أكثر الأحيان، ويجده هُوهِنْلُوهِه في فارزين ذات يوم «حسَنَ الحال طيِّب المزاج»، ويعهد إليه بسمارك في أخبار الإمبراطور بأنه دائمُ المرض تَعِبُ الأعصاب، «وذلك لأن الإمبراطور لا يُعنَى بي، وهو يزعجني».
بيدَ أن المستشار ينتظر من الرَّيشتاغ عنايةً ضَنَّ المستشار بها عليه، فلما حمَل بسمارك على لاسْكر حملةً شخصيَّةً في سنة ١٨٧٩ دقَّ الرئيس الجرس بلُطف، فيقفُ بسمارك حملته ويقول: «ما هو السبب في دقِّ الجرس؟ كلُّ شيءٍ هادئٌ في القاعة!» ثمَّ يقول للوسيوس: «إنني أعلى موظفي الإمبراطورية هنا، ولستُ خاضعًا لنِير الرئيس، ولا يحقُّ للرئيس أن يقاطعني أو أن يُنذرني بالجرس، فإذا فعل شيئًا من هذا دنونا من حلِّ المجلس خُطوةً!» وهكذا يُحوِّل جميعَ أسهمه إلى نفسه، وهكذا يتعطَّش إلى القِراع مع ازدراء الآخرين، ويهاجم ريكرت الحكومة ذات مرة، فيصبُّ بسمارك جامَ غضبه قائلًا: «أجل، أيها السادة، إنكم تحملون على اشتراعنا وأعمالنا وعلى سياسة الحكومة، ومن تقصدون بهذه الحملات؟ ومن ذا الذي تهاجمونه غيري؟ ولستُ أَدَعُكم تُوجِّهون إليَّ مثل هذه الشتائم زاعمين أنكم تحملون على الدولة من غير أن أنتحل حقَّ دَفْع الأذى!»
وفي ذلك الاجتماع يُغيِّر بسمارك السببَ فينتقلُ من الشرف إلى الرياضة، ويقول لريشتر: «وإنني كرجلٍ رياضيٍّ، وعند جواز هذا التشبيه، لا أستطيع أن أردع نفسي هنا من الدفاع ضدَّ مثل تلك الحملات!» وفي يوم آخر يترجح مزاجه بين الكرامة والتواضُع، فلما قال لاسكر بعدم وجود رجلٍ قادر على فِعْل كلِّ شيء عَدَّ بسمارك هذا الكلامَ تحدِّيًا لسلطاته الخاصة، وقال مسيئًا الاقتباسَ من شيلِّر عن قَصْد: «يلوح لي أن ما يستطيع أَلْفَا أن يصنعه يستطيع شارل أن يصنع مثله، لا أكثر!» وقال ما هو في غير مصلحته في الظاهر: «ويمكن شارل أن يصنع أكثر!» ومن النادر جدًّا أن يُشير بسمارك إلى تاريخه الخاص، ولكنه قال في الرَّيشتاغ ذات مرة: «لقد بارَيتُ أوروبة مجتمعةً، ولستم أولَ مَن عاملتُه!» وفي ساعات كتلك لا يسَعُ سامعيه حتى أشدَّ أعدائه سوى الارتعاش عالمين أنه يقول الحقَّ.
وفي تلك الأيام يتدرج بسمارك إلى الشعور بأنه إمام السياسة، وهو يُعلِّم النظريين في الرَّيشتاغ «أن السياسة ليست عِلْمًا — خلافًا لما يُخيَّل إلى كثيرٍ من الأساتذة — بل هي فنٌّ، وهي بعيدةٌ من العِلم بُعْدَ النحت والتصوير منه، وقد يكونُ المرءُ ناقدًا حاذقًا من غير أن يكون متفنِّنًا، حتى إن أستاذ النقَّاد ليسنغ لا يستطيع أن يصنع مثل تمثال لاكون».
وبسمارك بعد مثل تلك المعارك في الرَّيشتاغ إذا ما أتى المائدة سيِّئَ المزاج بدَا تجهُّمه بعد الأطباق الثلاثة أو الأربعة الأولى، وهنالك يُبدي رغبةً في إلقاء خطبة كالتي كان قد ألقاها في إحدى الولائم، «وهنا يجمعنا صمتٌ طويل ووجوهٌ حائرة».
ولتلك الأهواء التي يسير معها طاغيةً ارتباطٌ في سلامة مقامه الخاصِّ، وفي الحقيقة يشابه بسمارك في ذلك أسدًا يلوح في الحين بعد الحين أنه يُطلِق الحيوان الذي أمسكَه ليقبض عليه ببراثنه العظيمة في آخر دقيقة.
تلك هي المهازئ التي يُمثِّلها بسمارك عندما يشعر بأن منصبه كمستشارٍ في خطرٍ ما، وليس بسمارك بالذي يسير في السياسة الخارجية عن هوًى لا عن نُهًى ولو في أتفه الأمور، وبسمارك لا يلبث أن يحتدم إذا ما سار أحد مرءوسيه مع الهوى في مثل هذه الأمور، ولكن بسمارك يتحامق في الشئون الخاصة بمركزه لما يعرفه من تعذُّر استبدال غيره به، وبسمارك جعل أحد النائبين لُوسْيوس وتيدمان وزيرَ دولةٍ وجعل الآخر رئيسًا لديوان مستشارية الريخ، ولوسيوس وتيدمان وحدهما هما اللذان استطاعَا بفضل لباقتهما ونشاطهما أن يعملَا تحت إمرة بسمارك عدَّة سنوات، ووزيرُ المالية شولز وُفِّق لمثل ما وُفِّقَا له فيما بعد.
ويطالب بسمارك جميعَ مستشاريه بالإيجاز إذا ما تكلموا وبالبساطة إذا ما كتبوا، ولم يكن بسمارك مَلولًا عند رجلٍ مثل تيدمان أو بوشر قادرٍ على الكلام بصرامةٍ وعلى العمل من أول الليل إلى آخره، وليُبْتَعد عن الحنوِّ في الحديث وعن الحشو في الكتابة، ويضعُ بسمارك قاعدةً لذلك في قوله الذهبيِّ: «كلَّما كانت العبارةُ بسيطةً عظُم تأثيرها.» ويقول بسمارك أيضًا: «مهما كان الأمر معقَّدًا أمكن حلُّ عقدِه بكلمات قليلة»، وعلى مَن يعمل تحت إمرته أن يكون قادرًا في عشر دقائق على إعطاء تقريرٍ عن مشروعِ قانونٍ شامل لأكثر من مائة فقرة «اقتضى إعدادها عدَّة ساعات»، وإذا أراد الإلمام بمسألةٍ اقتصادية وجد بيانها في خمس صفحات أمرًا مُطوَّلًا.
وهو يحتمل المناقضة هادئًا، وهو يعرف قيمتها بعد الصدمة الأولى، وعلينا أن نُدرك طبيعة هذا الرجل المؤلَّف من أعصاب والذي قُدَّ من «حديدٍ»، والذي إذا ما هُيِّج بَرَم حاجبَيه الكثيفَين كما يَبرم الرجل شاربَيه الطويلين، وفي مثل تلك الأيام تجدُ بين وثائق محفظة تيدمان واحدةً خاصةً بأمر بسيطٍ معدٍّ، «فإذا ما دخلتُ الغرفة فوجدتُه ينظر من النافذة متألِّمًا زاويًا ما بين عينيه تكلمت في الحال عن أمرٍ غير مهمٍّ فقال لي على العموم: يمكنُك أن تسوِّيَ الأمر كما تراه مُناسبًا، وهل لديك أمرٌ آخرُ؟» وينصرف تيدمان، ويكون الرئيس بسمارك طيِّبَ المزاج في الغد، ويستمع للتقارير ساعاتٍ كثيرةً صابرًا.
وكان بسمارك ينام إلى ساعة متأخرة من الصباح، فلا يُبدأ العمل في مكتبه حتى الظهر، ثمَّ يجدُّ عاملًا من الساعة الثانية عشرة إلى الساعة السادسة، ثم من الساعة التاسعة إلى ما بعد منتصف الليل. وبسمارك من هذه الناحية من ذوي الطبائع المسائية، وبسمارك يودُّ لذلك تأخُّرَ جلسات البرلمان كما هو الأمر في إنكلترة، «ففي المساء يكون الإنسان أطيبَ حالًا وأحسن كلامًا وأكثر تساهلًا، وفي الصباح يكون مزاجُ الإنسان من نوع آخر، فهو ينتظر من الآخرين قولًا عن أمرٍ لكي يهاجم».
وهكذا يُرِي بسمارك نفسَه في عمله الرسميِّ مستبدًّا رصينًا، وبسمارك في الأمور الأخرى يبدو جامعًا بين المحافظة على المواعيد والمجاملة الشخصية، وبسمارك لِما ليس لديه صبرٌ ولا وقتٌ لتُقاسَ عليه ثيابه كان يجب على خيَّاطه أن يصنع ذلك بعينيه، فإذا لم تكلَّل هذه الطريقة بالنجاح أخذ الخياط المسكين مثل الكتاب الآتي: «سبق أن خِطْت ثيابًا ملائمةً لي، ولكنك فقدتَ هذه العادة مع الأسف مفترضًا أنني صرتُ، مع تقدمي في السن، أنحفَ مما كنت عليه وأقصرَ غافلًا عن أن هذا لا يقع إلا نادرًا، وما أرسلتَ إليَّ منذ سنة ١٨٧٠ من ثياب فلا يُناسبني لُبْسه، وما كنت أنتظر من محلٍّ حسن الإدارة كمحلِّك أن يكون قليلَ الانتباه إلى التاريخ الطبيعي للبدن الإنساني.» وأسلوبٌ مؤنِّب كهذا هو الذي كان يستعمله تجاه مَن هم دونه إذا ما اضطُرَّ إلى التعزير.
وتبلغ عِزَّتُه ذروتها إزاء نظرائه، ولا مِراء في عدم احتماله زملاءه، فيعاملُهم بأسوأ مما يعامل به مستشاريه الصميمين الذين لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم أمامه، ويصف كثيرٌ من الوزراء ما فيه من «ترفُّع ممتنع»، ويقولون إنه يعدُّهم مساعدين عاديين، ومما كتبه وزير البحرية فون ستوش: «إنه يأذن لي في الجلوس، ويُدقِّق في عملي كما يدقِّق أحد معلِّمي المدرسة في فرْض تلميذٍ بليد عنيد، وهو ينتهرني كلما حاولتُ إبداء أقلِّ اعتراض فلا يسعني سوى السكوت والتسليم.» وهكذا يخسر الرجلُ في نصف ساعة احترامَ بسمارك إلى الأبد، ويُسيء بسمارك معاملةَ أُولِنْبُرْغ على غير حقٍّ، فيحتجُّ هذا الوزير على ذلك بشدة فيُحمل بسمارك العنيف على كتابة الكلمة الآتية، وهي: «استنبطتُ من كتابكم أنه أُسيءَ إليكم بخطأٍ أرى طلبَ الصفح عنه، وإن كنتُ سببَه غير المباشر.» فيتناقل آلُ المرسَل إليه هذا الكتاب جيلًا بعد جيلٍ، وهنالك وزراء آخرون ارتقَوا إلى مناصبهم بفضل صِلاتهم الودِّيَّة ببسمارك، فلا يُعَتِّمون أن يَفقدوا هذه الصداقةَ فيفقدوا مناصبهم تلك، وهم بعد قصيرِ وقتٍ من تعيينهم يأخذون منه كتبًا خاصة جارحة وكتبًا رسمية مبكِّتة، فلا يتمالكون أن يغدوا أعداءً أشدَّاءَ لصديقهم القديم بسمارك، فبسمارك ينتظر شكر الناس له، وهو لا يَحمد أحدًا.