مقدمة الدكتور داود جلبي
هذا كتاب فريد في بابه؛ حوى جميع ألوان الأطعمة التي كانت مستعملة على عهد العباسيين، ألَّفه رجل عراقي قبل سقوط بغداد ﺑ ٣٣ سنة، ولقد أجاد كل الإجادة في بيان صورة تهيئة كل لون بعبارة متقنة، كأنه يصِف كيفية عمل كيماوي، وبه يُستدل على مدنية راقية وترف عظيم في ذلك العهد.
تم كتاب الطبيخ والحمد لله دائمًا، كتبه لنفسه محمد بن الحسن بن محمد بن الكريم الكاتب البغدادي المفتقر إلى رحمة الله جل وعلا، في العشر الأخير من ذي الحجة سنة ٦٢٣ للهجرة.
وجدت نسخته الأصلية اتفاقًا في خزانة كتب جامع آيا صوفية في إستنبول، وقد أشغلت ٥٤ ورقة، طولها ٢٠ وعرضها ١٤ سنتيمترًا، في كل صفحة منها ١٥ سطرًا، كُتبت بخط نسخي على ورق ثخين.
لم أجد ترجمة للمؤلِّف في كتب التراجم، ولا أظنه من الأدباء، عباراته لا بأس بها، غير أنه لا يطابق أحيانًا بين الصفة والموصوف والضمير والمضمر والعدد والمعدود من جهة التذكير والتأنيث، وله بعض أغلاط لغوية ونحوية أخرى، صححت كثيرًا منها.
في النسخة الأصلية حواشٍ صغيرة على هامش الصفحات كتبها أناس مجهولون، أغلبها عبارة عن بعض جمل نُقلت من منهاج البيان، نظرت فيها فوجدت معظمها لا فائدة منه فأهملته، وأثبتُّ قليلًا منها بين عضادتين في متن الكتاب تتميمًا للفائدة.
أما الحواشي التي في أسفل بعض صفحات هذا الكتاب فهي لي، أظنها لا تخلو من فائدة.
جربت بعض الأطعمة التي وصفها الكتاب فوجدتها نفيسة جدًّا، وإني لا أستبعد عودة كثير من هذه الألوان المهجورة إلى مطابخنا ومطاعمنا فنتذوقها كما تذوَّقها أجدادنا المُترَفون.