مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على جميع الأنبياء والمرسلين، أما بعدُ …
وإنني وفاءً بالوعد وضعت هذه الرسالة المختصرة التي لو سلكت في كل مبحث منها مسلك التطويل والتفصيل لوجدت للقول مجالًا ذا سعة، غير أني رأيت الاختصار والإجمال أولى بمثل هذا المقام، وعلم الله أني لم أخض غمار هذا البحث إلَّا بعد ما حاولت الإعراض كثيرًا عما بات يتردد صداه في الآذان من صوت البُهت الصادر عن فريق القائلين بقيام الإسلام بالسيف إيهامًا وتغريرًا، وإخال أن في هذا ما يمهد لي العذر عند إخواني في الوطنية من أي مذهب كانوا على وضع هذه الرسالة التي لم أقصد بها إلَّا إقناع معشر لو اعتبروا بالحكمة المأثورة عن المسيح عيسى عليه الصلاة والسلام، وهي قوله: «لماذا تنظر إلى القذي في عين أخيك ولا تفطن للخشبة التي في عينيك» لكفونا مؤنة الأخذ والرد، ولكن أبى الحق إلَّا الظهور والسلام.
وقد قسمت هذه الرسالة إلى خمسة فصول: الفصل الأول: حاجة البشر إلى الاجتماع وأن دعامته الدين، الفصل الثاني: ترقي الشرائع بترقي الإنسان، الفصل الثالث: القوة في الشرائع، الفصل الرابع: مشروعية الجهاد في الشرائع الإلهية، الفصل الخامس: كيفية قيام الشرائع وانتشارها بين البشر، وفيها مطالب، فأرجو ممن يطلع عليها أن لا يحمل كلامي على غير محمل الإخلاص في خدمة الحق، وأن يسبل ذيل المعذرة على ما يراه فيها من خطأ ربما أدَّاني إليه قِصر باعي، وإنما هي كلمة حق لم يسعها الصدر فباح بها اللسان، وها أنا أشرع ببيان المقصود، وبالله المستعان.